Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 25
الربع رقم 3
quran-border  فلما ان جاء البشير القاه على وجهه فارتد بصيرا قال الم اقل لكم اني اعلم من الله ما لا تعلمون قالوا يا ابانا استغفر لنا ذنوبنا انا كنا خاطئين قال سوف استغفر لكم ربي انه هو الغفور الرحيم فلما دخلوا على يوسف اوى اليه ابويه وقال ادخلوا مصر ان شاء الله امنين ورفع ابويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا ابت هذا تاويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد احسن بي اذ اخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد ان نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي ان ربي لطيف لما يشاء انه هو العليم الحكيم رب قد اتيتني من الملك وعلمتني من تاويل الاحاديث فاطر السماوات والارض انت وليي في الدنيا والاخرة توفني مسلما والحقني بالصالحين ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك وما كنت لديهم اذ اجمعوا امرهم وهم يمكرون وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين
Page Number

1

{فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96)} أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه} قال: البريد. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن الضحاك رضي الله عنه مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فلما أن جاء البشير} قال: البشير، يهودا بن يعقوب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن سفيان رضي الله عنه قال: البشير، هو يهودا. قال: وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ: {وجاء البشير من بين يدي العير}. وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن رضي الله عنه قال: لما جاء البشير إلى يعقوب عليه السلام، قال: ما وجدت عندنا شيئاً، وما اختبزنا منذ سبعة أيام. ولكن هوّن الله عليك سكرة الموت. وأخرج عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد، عن لقمان الحنفي رضي الله عنه قال: بلغنا أن يعقوب عليه السلام، لما أتاه البشير قال له: ما أدري ما أثيبك اليوم، ولكن هوّن الله عليك سكرات الموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه قال: لما أن جاء البشير إلى يعقوب عليه السلام فألقى عليه القميص، قال: على أي دين خلفت عليه يوسف عليه السلام؟ قال: على الإِسلام. قال: الآن تمت النعمة.

{قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)} أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في قوله: {سأستغفر لكم ربي} قال: إن يعقوب عليه السلام أخر بنيه إلى السَحَر. وأخرج ابن المنذر وابن مردويه، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {سأستغفر لكم ربي} قال: أخرهم إلى السَحَرِ، وكان يصلي بالسحر. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: لم أخر يعقوب بنيه في الاستغفار؟!... قال: أخرهم إلى السحر؛ لأن دعاء السحر مستجاب». وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «في قصة قول أخي يعقوب لبنيه {سوف أستغفر لكم ربي} يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة». وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال جاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «بأبي أنت وأمي، تفلت هذا القرآن من صدري. فما أجدني أقدر عليه؟... فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا الحسن، أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، وينفع الله بهن من علمته، ويثبت ما تعلمت في صدرك؟... قال: أجل يا رسول الله، فعلمني. قال: إذا كانت ليلة الجمعة، فإن استطعت أن تقوم ثلث الليل الأخير، فإنه ساعة مشهودة، والدعاء فيها مستجاب. وقد قال أخي يعقوب لبنيه {سوف أستغفر لكم ربي} يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة، فإن لم تستطع، فقم في وسطها، فإن لم تستطع، فقم في أولها، فصل أربع ركعات، تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة، وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد، فاحمد الله وأحسن الثناء على الله، وصلّ عليّ وعلى سائر النبيين، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات، ولإِخوانك الذين سبقوك بالإِيمان، ثم قل في آخر ذلك: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبداً ما أبقيتني، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السموات والأرض، ذا الجلال والإِكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله، يا رحمن، بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني. اللهم بديع السموات والأرض، ذا الجلال والإِكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا ألله، يا رحمن، بجلالك ونور وجهك أن تنوّر بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تغسل به بدني، فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. يا أبا الحسن، تفعل ذلك ثلاث جمع، أو خمساً أو سبعاً، بإِذن الله تعالى، والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمناً قط» قال ابن عباس- رضي الله عنهما- فوالله ما مكث علي رضي الله عنه إلا خمساً أو سبعاً، حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس، قال: «يا رسول الله، إني كنت فيما خلا لا آخذ الأربع آيات ونحوهن، فإذا قرأتهن على نفسي تفلتن، وأنا أتعلم اليوم أربعين آية ونحوها، فإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني، ولقد كنت أسمع الحديث، فإذا رددته تفلت. وأنا اليوم أسمع الأحاديث، فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفاً. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: مؤمن ورب الكعبة أبا الحسن...». وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن عمرو بن قيس رضي الله عنه في قوله: {سأستغفر لكم ربي} قال: في صلاة الليل. وأخرج ابن جرير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن الله لما جمع ليعقوب عليه السلام شمله ببنيه وأقر عينه، خلا ولده نجيا. فقال بعضهم لبعض: ألستم قد علمتم ما صنعتم وما لقي منكم الشيخ؟ فجلسوا بين يديه ويوسف إلى جنب أبيه قاعد، قالوا: يا أبانا، أتيناك في أمر لم نأتك في مثله قط، ونزل بنا أمر لم ينزل بنا مثله، حتى حركوه- والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أرحم البرية- فقال: ما لكم يا بني؟؟؟... قالوا: ألست قد علمت ما كان منا إليك، وما كان منا إلى أخينا يوسف؟ قالا بلى. قالوا: يا بني؟ قالوا: نريد أن تدعو الله، فإذا جاءك من عند الله بأنه قد عفا، قرت أعيننا واطمأنت قلوبنا. وإلا، فلا قرة عين في الدنيا لنا أبداً. قال: فقام الشيخ فاستقبل القبلة، وقام يوسف خلف أبيه، وقاموا خلفهما أذلة خاشعين. فدعا وأمن يوسف، فلم يجب فيهم عشرين سنة، حتى إذا كان رأس العشرين، نزل جبريل عليه السلام على يعقوب عليه السلام فقال: إن الله بعثني أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك، وإنه قد عفا عما صنعوا، وإنه قد اعتقد مواثيقهم من بعدك على النبوّة. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال: لما جمع الله ليعقوب عليه السلام بنيه، قال ليوسف: حدثني، ما صنع بك اخوتك؟ قال: فابتدأ يحدثه، فغشي عليه جزعاً. فقال: يا أبت، إن هذا من أهون ما صنعوا بي، فقال لهم يعقوب عليه السلام: يا بني، أما لكم موقف بين يدي الله تخافون أن يسألكم عما صنعتم؟ قالوا يا أبانا، قد كان ذاك فاستغفر لنا، قال: وقد كان الله تبارك وتعالى عود يعقوب عليه السلام، إذا سأله حاجة أن يعطيها إياه في أول يوم أو في الثاني أو الثالث لا محالة- فقال: إذا كان السحر، فأفيضوا عليكم من الماء، ثم البسوا ثيابكم التي تصونوها، ثم هلموا إلي: ففعلوا فجاؤوا، فقام يعقوب أمامهم ويوسف عليه السلام خلفه، وهم خلف يوسف إلى أن طلعت الشمس لم تنزل عليهم التوبة، ثم اليوم الثاني، ثم اليوم الثالث، فلما كانت الليلة الرابعة، ناموا، فجاءهم يعقوب عليه السلام فقال: يا بني، تنامون والله عليكم ساخط؟! فقوموا. فقام وقاموا عشرين سنة يطلبون إلى الله الحاجة، فأوحى الله إلى يعقوب عليه السلام: إني قد تبت عليهم وقبلت توبتهم. قال: يا رب، النبوّة قال: قد أخذت ميثاقهم في النبيين. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عائشة قال: ما تيب على ولد يعقوب إلا بعد عشرين سنة، وكان أبوهم بين أيديهم فما تيب عليهم، حتى نزل جبريل عليه السلام فعلمه هذا الدعاء «يا رجاء المؤمنين، لا تقطع رجاءنا، يا غياث المؤمنين، أغثنا. يا مانع المؤمنين، امنعنا. يا مجيب التائبين، تب علينا». قال: فأخره إلى السحر فدعا به، فتيب عليهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن الليث بن سعد، أن يعقوب وإخوة يوسف، أقاموا عشرين سنة يطلبون فيما فعل إخوة يوسف بيوسف، لا يقبل ذلك منهم، حتى لقي جبريل يعقوب فعلمه هذا الدعاء: يا رجاء المؤمنين، لا تخيب رجائي، ويا غوث المؤمنين؛ أغثني. ويا عون المؤمنين، أعني. يا حبيب التوّابين، تب علي. فاستجيب لهم. وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {سوف أستغفر لكم ربي...} إلى قوله: {إن شاء الله آمنين} قال يوسف: أستغفر لكم ربي إن شاء الله. وبين هذا وبين ذاك ما بينه قال: وهذا من تقديم القرآن وتأخيره. قال أبو عبيد: ذهب ابن جريج إلى أن الاستثناء في قوله: {إن شاء الله} من كلام يعقوب عليه السلام، حين قال ادخلوا مصر. وأخرج ابن جرير عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال: ما قص الله علينا نبأهم يعيرهم بذلك إنهم أنبياء من أهل الجنة، ولكن قص علينا نبأهم لئلا يقنط عبده.

12:97

{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)} أخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال: دخل يعقوب عليه السلام مصر في ملك يوسف عليه السلام، وهو ابن مائة وثمانين سنة، وعاش في ملكه ثلاثين سنة. ومات يوسف عليه السلام وهو ابن مائة وعشرين سنة. قال أبو هريرة رضي الله عنه وبلغني أنه كان عمر إبراهيم خليل الله مائة وخمسة وتسعين سنة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {آوى إليه أبويه} قال: أبوه وأمه ضمهما. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه رضي الله عنه في قوله: {ورفع أبويه على العرش} قال: أبوه وخالته، وكانت توفيت أم يوسف في نفاس أخيه بنيامين. وأخرج أبو الشيخ عن سفيان بن عيينة {ورفع أبويه} قال: كانت الخالة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي اله عنهما- في قوله: {ورفع أبويه على العرش} قال: السرير. وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ورفع أبويه على العرش} قال: السرير. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {ورفع أبويه على العرش} قال: مجلسه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه في قوله: {وخروا له سجداً} قال: كان تحية من كان قبلكم السجود، بها يحيي بعضهم بعضاً، وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة، كرامة من الله عجلها لهم ونعمة منه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {وخروا له سجداً} قال: ذلك السجود تشرفة، كما سجدت الملائكة عليهم السلام تشرفة لآدم عليه السلام، وليس بسجود عبادة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {وخروا له سجداً} قال: بلغنا أن أبويه واخوته سجدوا ليوسف عليه السلام إيماء برؤوسهم، كهيئة الأعاجم، وكانت تلك تحيتهم كما يصنع ذلك ناس اليوم. وأخرج ابن جرير عن الضحاك وسفيان- رضي الله عنهما- قالا: كانت تلك تحيتهم. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم والبيهقي في شعب الإِيمان، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: كان بين رؤيا يوسف عليه السلام وبين تأويلها، أربعون سنة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وأبو الشيخ والبيهقي، عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال: كان بين رؤيا يوسف عليه السلام وتأويلها. أربعون سنة. وإليه ينتهي أقصى الرؤيا. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال: بينهما خمسة وثلاثون عاماً. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن الحسن رضي الله عنه قال: كان بين الرؤيا والتأويل ثمانون سنة. وأخرج ابن جرير والحاكم وابن مردويه، عن الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال: كان بين فراق يوسف بن يعقوب إلى أن التقيا، ثمانون سنة. وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه قال: كان بينهما سبع وسبعون سنة. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه، عن الحسن رضي الله عنه أن يوسف عليه السلام ألقي في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة، ولقي أباه بعد ثمانين سنة، وعاش بعد ذلك ثلاثاً وعشرين سنة، ومات وهو ابن مائة وعشرين سنة. وأخرج ابن مردويه عن زياد يرفعه قال: لبث يوسف عليه السلام في العبودية، بضعة وعشرين سنة. وأخرج عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد، عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان بين فراق يوسف يعقوب عليهما السلام إلى أن لقيه، سبعون سنة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن علي بن أبي طلحة رضي الله عنه في قوله: {وجاء بكم من البدو} قال: كان يعقوب وبنوه بأرض كنعان، أهل مواش وبرية. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وجاء بكم من البدو} قال: كانوا أهل بادية وماشية، وبلغنا أن بينهم يومئذ ثمانين فرسخاً، وقد كان فارقه قبل ذلك ببضع وسبعين سنة. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إن ربي لطيف لما يشاء} قال: لطف بيوسف وصنع له حين أخرجه من السجن، وجاء بأهله من البدو، ونزع من قلبه نزغ الشيطان، وتحريشه على اخوته. وأخرج أبو الشيخ عن ثابت البناني رضي الله عنه قال: لما قدم يعقوب على يوسف عليه السلام، تلقاه يوسف عليه السلام على العجل، ولبس حلية الملوك، وتلقاه فرعون إكراماً ليوسف، فقال يوسف لأبيه: إن فرعون قد أكرمنا، فقل له فقال يعقوب: لقد بوركت يا فرعون. وأخرج أبو الشيخ عن سفيان الثوري رضي الله عنه قال: لما التقى يوسف ويعقوب، عانق كل واحد منهما صاحبه وبكى. فقال يوسف: يا أبت، بكيت علي حتى ذهب بصرك، ألم تعلم أن القيامة تجمعنا؟ قال: بلى يا بني، ولكن خشيت أن يسلب دينك فيحال بيني وبينك. وأخرج أبو الشيخ عن ثابت البناني رضي الله عنه قال: لما حضر يعقوب عليه السلام الموت قال: ليوسف عليه السلام. إني أسألك خصلتين وأعطيك خصلتين: أسألك أن تعفو عن اخوتك ولا تعاقبهم بما صنعوا بك، وأسألك إذا أنا متّ أن تحملني فتدفنني مع آبائي إبراهيم واسحق وأعطيك أن تغمضني عند الموت، وأن ادخل ابنين لك في الأسباط، فلما وضع يوسف عليه السلام يده على وجه أبيه ليغمضه، فتح عينيه ثم قال: يا بني، إن هذا من الأبناء للآباء عند الله عظيم. وأخرج أبو الشيخ عن أبي بكر بن عياش- رضي الله عنهما- قال: لما مات يعقوب النبي عليه السلام، أقيم عليه النوائح أربعة أشهر. وأخرج أحمد في الزهد عن مالك بن دينار رضي الله عنه أن يعقوب عليه السلام، قال لما ثقل لابنه يوسف عليه السلام: أدخل يدك تحت صلبي، فاحلف لي برب يعقوب لتدفنني مع آبائي، فإني قد اشركتهم في العمل، فاشركني معهم في قبورهم. فلما توفي يعقوب عليه السلام، فعل ذلك يوسف حتى أتى به أرض كنعان فدفنه معهم.

12:99

{رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)} أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الأعمش رضي الله عنه قال: لما قال يوسف عليه السلام {رب قد آتيتني من الملك....} إلى قوله: {توفني مسلماً وألحقني بالصالحين} شكر الله له ذلك، فزاد في عمره ثمانين عاماً. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن جريج، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في الآية قال: اشتاق إلى لقاء الله، وأحب أن يلحق به وبآبائه، فدعا الله أن يتوفاه وأن يلحقه بهم. قال ابن عباس- رضي الله عنهما- ولم يسأل نبي قط الموت غير يوسف عليه السلام، فقال: {رب قد آتيتني من الملك...} الآية. قال ابن جريج رضي الله عنه وأنا أقول: في بعض القرآن من الأنبياء من قال توفني. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: ما سأل نبي الوفاة غير يوسف. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {توفني مسلماً وألحقني بالصالحين} يقول: توفني على طاعتك، واغفر لي إذا توفيتني. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {وألحقني بالصالحين} قال: يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {توفني مسلماً وألحقني بالصالحين} قال: يعني أهل الجنة. وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: لما أوتي يوسف عليه السلام من الملك ما أوتي، تاقت نفسه إلى آبائه قال: {رب قد آتيتني من الملك...} إلى قوله: {وألحقني بالصالحين} قال: بآبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب. وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة قال: لما قدم على يوسف أبوه واخوته وجمع الله شمله وأقر عينيه- وهو يومئذ مغموس في نعيم من الدنيا- اشتاق إلى آبائه الصالحين: إبراهيم وإسحق ويعقوب، فسأل الله القبض، ولم يتمن الموت أحد قط، نبي ولا غيره إلا يوسف. وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن عبد العزيز رضي الله عنه أن يوسف عليه السلام، لما حضرته الوفاة قال: يا اخوتاه، إني لم انتصر من أحد ظلمني في الدنيا، وإني كنت أحب أن أظهر الحسنة وأخفي السيئة، فذلك زادي من الدنيا. يا اخوتاه، إني أشركت آبائي في أعمالهم، فأشركوني معهم في قبورهم، وأخذ عليهم الميثاق، فلم يفعلوا حتى بعث الله موسى عليه السلام، فسأل عن قبره، فلم يجد أحداً يخبره إلا امرأة يقال لها شارخ بنت شيرا بن يعقوب، فقالت: أدلك عليه على أن أشترط عليه. قال ذاك لك، قالت: أصير شابة كلما كبرت. قال: ذاك لك. قالت: وأكون معك في درجتك يوم القيامة. فكأنه امتنع، فأمر أن يمضي لها ذلك ففعل، فدلته عليه فأخرجه، فكانت كلما كانت بنت خمسين سنة، صارت مثل ابنة ثلاثين سنة. حتى عمرت عمر نسرين ألف وستمائة سنة، أو ألف وأربعمائة سنة، حتى أدركها سليمان بن داود عليه السلام فتزوجها. وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم، عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: إن الله حين أمر موسى عليه السلام بالسير ببني إسرائيل، أمره أن يحتمل معه عظام يوسف عليه السلام، وأن لا يخلفها بأرض مصر، وأن يسير بها معه حتى يضعها بالأرض المقدسة، فسأل موسى عليه السلام عمن يعرف موضع قبره، فما وجد إلا عجوزاً من بني إسرائيل، فقالت: يا نبي الله، إني أعرف مكانه، إن أنت أخرجتني معك ولم تخلفني بأرض مصر، دللتك عليه. قال: أفعل. وقد كان موسى وعد بني إسرائيل أن يسير بهم إذا طلع الفجر، فدعا ربه أن يؤخر طلوعه حتى يفرغ من أمر يوسف، ففعل. فخرجت به العجوز حتى أرته إياه في ناحية من النيل في الماء، فاستخرجه موسى عليه السلام صندوقاً من مرمر فاحتمله.

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)} أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون} قال: هم بنو يعقوب، إذ يمكرون بيوسف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه {وما كنت لديهم} يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، يقول {ما كنت لديهم} وهم يلقونه في غيابة الجب {وهم يمكرون} بيوسف. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه {وكأين من آية} قال: كم من آية في السماء، يعني شمسها وقمرها ونجومها وسحابها. وفي الأرض، ما فيها من الخلق والأنهار والجبال والمدائن والقصور. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة قال في مصحف عبد الله {وكأين من آية في السموات والأرض يمشون عليها} والسماء والأرض آيتان عظيمتان. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: سلهم من خلقهم، ومن خلق السموات والأرض؟؟... فيقولون: الله. فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، عن عطاء رضي الله عنه في قوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: كانوا يعلمون إن الله ربهم وهو خالقهم وهو رازقهم، وكانوا مع ذلك يشركون. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: إيمانهم، قولهم الله خلقنا وهو يرزقنا ويميتنا. فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره. وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: كانوا يشركون به في تلبيتهم، يقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: ذاك المنافق، يعمل بالرياء وهو مشرك بعمله.

12:102