{فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)} {بِمَكْرِهِنَّ} إنكارهن، أو أسرَّت إليهن حبها له فَأَذعْنه، {وَأَعْتَدَتْ} من الإعتاد، أو العدوان {مُتَّكَئاً} مجلساً، أو النمارق والوسائد التي يتكأ عليها، أو الطعام من قولهم: اتكأنا عند فلان أي طعمنا عنده لأنهم كانوا يعدون المتكأ للمدعو إلى الطعام فسمي به الطعام توسعاً والمراد به هنا البزماورد، أو الأترج «ع» «والمتك» مجفف الأترج، أو كل ما يحز بالسكين، أو عام في كل الطعام. {أَكْبَرْنَهُ} أعظمنه «ع»، أو وجدن شبابه في الحسن والجمال كبيراً، أو حِضْنَ، والمرأة إذا جزعت أو خارت حاضت والإكبار الحيض، قال: نأتي النساء على أطهارهن ولا *** نأتي النساء إذا أكبرن إكباراً {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ} حتى بانت، أو جرحنها حتى دميت. {حَاشَ لِلَّهِ} معاذ الله أو سبحان الله. مأخوذ من المراقبة، ما أحاشي في هذا الأمر أحداً أني ما أراقبه، أو من قولهم: كنت في حشا فلان أي ناحيته، فحاشى فلاناً أي أعزله في حشا وهو الناحية {بَشَراً} أهل للمباشرة، أو من جملة البشر لما علمن من عفته إذ لو كان بشراً لأطاعها، أو شبهنه بالملائكة حسناً وجمالاً {كَرِيمٌ} مبالغة في تفضيله في جنس الملائكة. |
|
{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33)} {أَصْبُ} أتابع، أو أميل، قال: إلى هند صبا قلبي *** وهند مثلها يصبى {الأَيَاتِ} قدِّ القميص وقطع الأيدي، أو ما ظهر من عفته وجماله {حِينٍ} هنا ستة أشهر، أو سبع سنين، أو زمان غير محدود، قالت لزوجها: قد فضحني هذا العبد العبراني، وقال: إني راودته عن نفسي فإما أن تطلقني حتى أعتذر وإما أن تحبسه كما حبستني فحبسه. |
|
{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)} {الأَيَاتِ} قدِّ القميص وقطع الأيدي، أو ما ظهر من عفته وجماله {حِينٍ} هنا ستة أشهر، أو سبع سنين، أو زمان غير محدود، قالت لزوجها: قد فضحني هذا العبد العبراني، وقال: إني راودته عن نفسي فإما أن تطلقني حتى أعتذر وإما أن تحبسه كما حبستني فحبسه. |
{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)} {فَتَيَانِ} عبدان والعبد يسمى فتى صغيراً كان أو كبيراً، كان أحدهما على طعام الملك الأكبر «الوليد بن الريان» والآخر ساقية فاتُّهما بسمه، فلما دخلا معه سألاه عن علمه فقال: عابر، فسألاه عن رؤياهما صدقاً منهما، أو كذباً ليجربا علمه فلما أجابهما قالا: كنا نلعب فقال: {قُضِيَ الأمر} الآية [يوسف: 41]، أو كان المصلوب كاذباً والآخر صادقاً. {خَمْراً} عنباً سماه بما يؤول إليه، أو أهل عمان يسمون العنب خمراً. {الْمُحْسِنِينَ} قالوه لأنه كان يعود مريضهم ويعزي حزينهم ويوسع على من ضاق مكانه منهم، أو كان يأمرهم بالصبر ويعدهم بالأجر، أو كان لا يرد عذر معتذر ويقضي حق غيره ولا يقضي حق نفسه، أو ممن أحسن العلم، أو نراك من المحسنين إن نبأتنا بتأويل هذه الرؤيا. |
{قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37)} {تُرْزَقَانِهِ} لا يأتيكما في النوم إلا نبأتكما بتأويله في اليقظة قبل إتيانه، أو لا يأتيكما في اليقظة إلا أخبرتكما به لأنه كان يخبر عن الغيب كعيسى، أو كان الملك إذا أراد قتل إنسان أرسل إليه طعاماً معروفاً فكره يوسف تعبيرها لئلا يحزنه فوعده بتأويلها عند وصول الطعام إليه فلما ألح عليه عبّرها له، قاله ابن جريج {ذَلِكُمَا} تأويل الرؤيا، وعدل عن العبارة إلى قوله: {تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ} لما مكان في عبارتها من الكراهة، ورغبهما في طاعة الله تعالى. |