Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 25
الربع رقم 1
quran-border  وما ابرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي ان ربي غفور رحيم وقال الملك ائتوني به استخلصه لنفسي فلما كلمه قال انك اليوم لدينا مكين امين قال اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم وكذلك مكنا ليوسف في الارض يتبوا منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع اجر المحسنين ولاجر الاخرة خير للذين امنوا وكانوا يتقون وجاء اخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني باخ لكم من ابيكم الا ترون اني اوفي الكيل وانا خير المنزلين فان لم تاتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون قالوا سنراود عنه اباه وانا لفاعلون وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها اذا انقلبوا الى اهلهم لعلهم يرجعون فلما رجعوا الى ابيهم قالوا يا ابانا منع منا الكيل فارسل معنا اخانا نكتل وانا له لحافظون
Page Number

1

{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)} {وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِى} لأن راودته، لأن النفس باعثة على السوء إذا غلبت الشهوة، قالته امرأة العزيز، أو قال يوسف بعد ظهور صدقه {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} العزيز أني لم أخنه في زوجته، فقالت امرأة العزيز: ولا حين حللت السراويل، فقال: {وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِى}، أو غمزه جبريل عليه السلام فقال: ولا حين هممت، فقال: {وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِى} «ع» أو قال الملك الذي مع يوسف: اذكر ما هممت به، فقال: {وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِى} قاله الحسن رضي الله تعالى عنه، أو قال العزيز {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} يوسف {أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} وأغفل عن مجازاته على أمانته {وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِى} من سوء الظن به.

{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)} {أَسْتَخْلِصْهُ} لما علم الملك الأكبر أمانته طلب استخدامه في خاص خدمته {مَكِينٌ} وجيه، أو متمكن في الرفعة والمنزلة {أَمِينٌ} آمن لا يخاف العواقب، أو ثقة مأمون، أو حافظ {فَلَمَّا كَلَّمَهُ} استدل بكلامه على عقله، وبعفته على أمانته.

{قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)} {خَزَآئِنِ} الأموال، أو الطعام، أو الخزائن: الرجال، لأن الأقوال والأفعال مخزونة فيهم، وهذا تعمق مخالف للظاهر، وهذا مجوز لطلب الولاية لمن هو أهل لها، فإن كان المولى ظالماً جاز تقلد الولاية منهم إذا عمل الوالي بالحق لأن يوسف قبل من فرعون، أو لا يجوز ذلك لما فيه من تولي الظالمين ومعونتهم بالتزكية وتنفيذ أعمالهم، وإنما قبل يوسف من الملك ولاية ملكه الخاص به، أو كان فرعون يوسف صالحاً وكان فرعون موسى طاغياً، والأصح أن ما جاز لأهله توليه من غير اجتهاد في تنفيذه جازت ولايته من الظالم كالزكوات المنصوصة، وما لا يجوز أن ينفردوا به كأموال الفيء لا يجوز توليه من الظالم، وما يجوز أن يتولاه أهله وللاجتهاد فيه مدخل كالقضاء فإن كان حكماً بين متراضيين أو توسطا بين مجبورين جاز، وإن كان إلزام إجبار لم يجز. {حَفِيظٌ} لما استودعتني. {عَلِيمٌ} بما وليتني، أو {حَفِيظٌ} بالكتاب، {عَلِيمٌ} بالحساب، وهو أول من كتب في القراطيس، أو {حَفِيظٌ} للحساب {عَلِيمٌ} بالألسن أو {حَفِيظٌ} بما وليتني، {عَلِيمٌ} بسني المجاعة، فيه دليل على جواز تزكية النفس عند حاجة تدعو إلى ذلك.

{وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56)} {مَكَّنَّا لِيُوسُفَ} استخلفه الوليد على عمل أطيفر وعزله، قال مجاهد: وأسلم على يده، قال «ع»: ملك بعد سنة ونصف. ثم مات أطيفر فزوجه الملك بامرأته راعيل فوجدها يوسف عذراء، وولدت له ولدين، أفرائيم وميشا، ومن زعم أنها زليخا قال لم يتزوجها يوسف، ولما رأته في موكبه بكت ثم قالت الحمد لله الذي جعل الملوك بالمعصية عبيداً والحمد لله الذي جعل العبيد بالطاعة ملوكاً فضمها إليه فكانت من عياله حتى ماتت ولم يتزوجها. {يَتَبَوَّأُ} يتخذ من أرض مصر منزلاً حيث شاء، أو يصنع في الدنيا ما يشاء لتفويض الأمر إليه. {بِرَحْمَتِنَا} نعمة الدنيا، {وَلا نُضِيعُ} ثواب {الْمُحْسِنِينَ} في الآخرة، أو كلاهما في الدنيا، أو كلاهما في الآخرة، ونال يوسف ذلك ثواباً على بلواه، أو تفضلاً من الله تعالى وثوابه باقٍ في الآخرة بحاله.

{وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)} {وَلأَجْرُ الأَخِرَةِ خَيْرٌ} من أجر الدنيا لأنه دائم وأجر الدنيا منقطع، أو خير ليوسف من التشاغل بملك الدنيا لما فيه من التبعة.

{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58)} {فَعَرَفَهُمْ} من غير تعريف، أو ما عرفهم حتى تعرفوا إليه، أو عرفهم بلسانهم العبراني، قال «ع»: لما عبر أبوهم بهم فلسطين فنزل وراء النهر سموا عبرانيين. وجاءوا ليمتاروا في سني القحط التي ذكرها يوسف في عبارته فدخلوا عليه لأنه كان يتولى بيع الطعام لعزته. {مُنكِرُونَ} لانهم فارقوه صغيراً فكبر، وفقيراً فاستغنى، وباعوه عبداً فصار ملكاً.

{وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59)} {بِجَهَازِهِم} كال لكل واحد منهم بعيراً بعدتهم. {ائْتُونِى بِأَخٍ لَّكُمْ} خلا بهم وقال قد ارتبت بكم وأخشى أن تكونوا عيوناً فأخبروني من أنتم؟ فذكروا حالهم وحال أبيهم وأخوتهم يوسف وبنيامين، فقال: أئتوني بهذا الأخ يظهر أنه يستبرىء بذلك أحوالهم، أو ذكروا له أنه أحب إلى أبيهم منهم فأظهر لهم محبة رؤيته {الْمُنزِلِينَ} المضيفين من النزل وهو الطعام، أو خير من نزلتم عليه من المنزل وهو الدار، وطلب منهم رهينة حتى يرجعوا فرهنوا شمعون، واختاره لأنه كان يوم الجب أجملهم قولاً ورأياً.

{قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61)} {سَنُرَاوِدُ} المراودة: الاجتهاد في الطلب مأخوذ من الإرادة {لَفَاعِلُونَ} العود بأخيهم، أو المراودة وطلب أخاه وإن كان فيه إحزان أبيه لجواز أن يكون أمر بذلك ابتلاء ومحنة أو لتتضاعف له المسرة برجوع الابنين، أو ليتنبه أبوه على حاله، أو ليقدم سرور أخيه بلقائه قبل إخوته لميله إليه.

{وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62)} {لفتيته} الذين كالوا الطعام، أو غلمانه {بِضَاعَتَهُمْ} الورق التي اشتروا بها الطعام، أو ثمانية جُرُب فيها سويق المقل.

{فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)} {رَجَعُواْ إِلَى أَبِيهِمْ} بالعربات من فلسطين، أو بالأولاج من ناحية الشعب أسفل من حِسمى، وكانوا بادية أهل إبل وشاء {مُنِعَ} سيمنع {نَكْتَلْ} أي إن أرسلته أمكننا أن نعود فنكتال.