Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 26
الربع رقم 4
quran-border  واتاكم من كل ما سالتموه وان تعدوا نعمت الله لا تحصوها ان الانسان لظلوم كفار واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد امنا واجنبني وبني ان نعبد الاصنام رب انهن اضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فانه مني ومن عصاني فانك غفور رحيم ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ربنا انك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الارض ولا في السماء الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحاق ان ربي لسميع الدعاء رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار
Page Number

1

14:28

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)} أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبنيَّ أن نعبد الأصنام} قال: فاستجاب الله تعالى لإِبراهيم عليه السلام دعوته في ولده، فلم يعبد أحد من ولده صنماً بعد دعوته، وجعل هذا البلد آمناً، ورزق أهله من الثمرات، وجعله إماماً، وجعل من ذريته من يقيم الصلاة، وتقبل دعاءه، وأراه مناسكه وتاب عليه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {رب إنهن أضللن كثيراً من الناس} قال: الأصنام {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} قال: اسمعوا إلى قول خليل الله إبراهيم عليه السلام، لا والله ما كانوا لعانين ولا طعانين. قال: وكان يقال: إن من أشرار عباد الله كل لعان. قال: وقال نبي الله ابن مريم عليه السلام {إن تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} [ المائدة: 118]. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني دعوت للعرب، فقلت: اللهم من لقيك منهم مؤمناً موقناً بك مصدقاً بلقائك، فاغفر له أيام حياته. وهي دعوة أبينا إبراهيم، ولواء الحمد بيدي يوم القيامة، ومن أقرب الناس إلى لوائي يومئذ العرب». وأخرج أبو نعيم في الدلائل، عن عقيل بن أبي طالب، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاه الستة النفر من الأنصار، جلس إليهم عند جمرة العقبة، فدعاهم إلى الله وإلى عبادته والمؤازرة على دينه، فسألوه أن يعرض عليهم ما أوحيَ إليه، فقرأ من سورة إبراهيم {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبني أن نعبد الأصنام...} إلى آخر السورة. فرق القوم وأخبتوا حين سمعوا منه ما سمعوا وأجابوه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن إبراهيم التيمي قال: من يأمن البلاء بعد قول إبراهيم {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام}؟. وأخرج عن سفيان بن عيينة قال: لم يعبد أحد من ولد إسماعيل الأصنام لقوله: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} قيل: فكيف لم يدخل ولد إسحاق وسائر ولد إبراهيم؟ قال: لأنه دعا لأهل هذا البلد أن لا يعبدوا الأصنام ودعا لهم بالأمن. فقال: {اجعل هذا البلد آمناً} ولم يدع لجميع البلدان بذلك. وقال: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} فيه وقد خص أهله وقال: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة}.

{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)} أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة} شهادة أن لا إله إلا الله {كشجرة طيبة} وهو المؤمن {أصلها ثابت} يقول: لا إله إلا الله {ثابت} في قول المؤمن {وفرعها في السماء} يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء {ومثل كلمة خبيثة} وهي الشرك {كشجرة خبيثة} وهي الكافر {اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} يقول: الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر، ولا برهان له ولا يقبل الله مع الشرك عملاً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً...} الآية. قال: يعني بالشجرة الطيبة، المؤمن. ويعني بالأصل الثابت في الأرض وبالفرع في السماء، يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم، فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} يقول: يذكر الله كل ساعة من الليل والنهار. وفي قوله: {ومثل كلمة خبيثة} قال: ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر، يقول: إن الشجرة الخبيثة {اجتثت} من فوق الأرض {ما لها من قرار} يعني أن الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد إلى الله تعالى، فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء، يقول: ليس له عمل صالح في الدنيا ولا في الآخرة. وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله: {كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت} في الأرض، وكذلك كان يقرؤها. قال: ذلك المؤمن ضرب مثله. قال: الاخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له {أصلها ثابت} قال: أصل عمله ثابت في الأرض {وفرعها في السماء} قال: ذكره في السماء {تؤتي أكلها كل حين} قال: يصعد عمله أوّل النهار وآخره {ومثل كلمة خبيثة} قال: هذا الكافر، ليس له عمل في الأرض ولا ذكر في السماء {اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} قال: أعمالهم يحملون أوزارهم على ظهورهم. وأخرج ابن جرير، عن عطية العوفي في قوله: {ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة} قال: ذلك مثل المؤمن، لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إليه {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة} قال: ذلك مثل الكافر، لا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح. وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {كشجرة طيبة...} إلى قوله: {تؤتي أكلها كل حين} قال: تجتمع ثمرتها كل حين. وهذا مثل المؤمن، يعمل كل حين وكل ساعة من النهار وكل ساعة من الليل، وفي الشتاء وفي الصيف بطاعة الله. قال: وضرب الله مثل الكافر {كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} يقول: ليس لها أصل ولا فرع، وليست لها ثمرة وليست فيها منفعة. كذلك الكافر، ليس يعمل خيراً ولا يقوله، ولم يجعل الله تعالى فيه بركة ولا منفعة له. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: إن الله جعل طاعته نوراً، ومعصيته ظلمة. إن الإِيمان في الدنيا هو النور يوم القيامة، ثم إنه لا خير في قول ولا عمل ليس له أصل ولا فرع، وإنه قد ضرب مثل الإِيمان فقال: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة...} إلى قوله: {وفرعها في السماء} وإنما هي الأمثال في الإِيمان والكفر. فذكر أن العبد المؤمن المخلص، هو الشجرة. إنما ثبت أصله في الأرض وبلغ فرعه في السماء. إن الأصل الثابت، الاخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له، ثم إن الفرع، هي الحسنة. ثم يصعد عمله أول النهار وآخره، فهي {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} ثم هي أربعة أعمال إذا جمعها العبد: الاخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له، وخشيته وحبه وذكره. إذا جمع ذلك فلا تضره الفتن. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه أن رجلاً قال: «يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور. فقال: أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا، فركب بعضها إلى بعض، أكان يبلغ السماء؟... أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ تقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله عشر مرات في دبر كل صلاة. فذلك أصله في الأرض وفرعه في السماء». وأخرج الترمذي النسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه، عن أنس رضي الله عنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من بسر، فقال: «{مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة...} حتى بلغ {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} قال: هي النخلة {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة...} حتى بلغ {ما لها من قرار} قال: هي الحنظلة». وأخرج عبد الرزاق والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والرامهرمزي في الأمثال، عن شعيب بن الحجاب رضي الله عنه قال: كنا عند أنس فأتينا بطبق عليه رطب، فقال أنس رضي الله عنه لأبي العالية رضي الله عنه كل يا أبا العالية، فإن هذا من الشجرة التي ذكر الله في كتابه {ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة ثابت أصلها} قال: هكذا قرأها يومئذ أنس. قال الترمذي- رضي الله عنه-: هذا الموقوف أصح. وأخرج أحمد وابن مردويه بسند جيد، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {كشجرة طيبة} قال: «هي التي لا ينقص ورقها. هي النخلة». وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أخبروني بشجرة مثل الرجل المسلم، لا يتحات ورقها ولا ولا، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها» قال عبد الله- رضي الله عنه-: فوقع في نفسي أنها النخلة، فأردت أن أقول: هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم. وثم أبو بكر وعمر- رضي الله عنهما- فلما لم يتكلما بشيء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي النخلة». وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: لما نزلت هذه الآية {ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتدرون أي شجرة هذه؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هي النخلة. قال عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- فقلت: والذي أنزل عليك الكتاب بالحق لقد وقع في نفسي أنها النخلة، ولكني كنت أصغر القوم، لم أحب أن أتكلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك: ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير». وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هل تدرون ما الشجرة الطيبة؟ قال ابن عمر- رضي الله عنهما-: فأردت أن أقول هي النخلة، فمنعني مكان عمر. فقالوا: الله ورسوله أعلم. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة». وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن ابن مسعود في قوله: {كشجرة طيبة} قال: هي النخلة. وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {كشجرة طيبة} قال: هي النخلة {تؤتي أكلها كل حين} قال: بكرة وعشية. وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {كشجرة طيبة} قال: هي النخلة. وقوله: {كشجرة خبيثة} قال: هي الحنظلة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والرامهرمزي، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {كشجرة طيبة} قال: هي النخلة، لا يزال فيها شيء ينتفع به، إما ثمرة وإما حطب. قال: وكذلك الكلمة الطيبة، تنفع صاحبها في الدنيا والآخرة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {تؤتي أكلها كل حين} قال: كل ساعة، بالليل والنهار، والشتاء والصيف. وذلك مثل المؤمن، يطيع ربه بالليل والنهار والشتاء والصيف. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- {تؤتي أكلها} قال: يكون أخضر، ثم يكون أصفر. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {تؤتي أكلها كل حين} قال جذاذ النخل. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- {تؤتي أكلها كل حين} قال: تطعم في كل ستة أشهر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه أنه سئل عن رجل حلف أن لا يصنع كذا وكذا إلى حين، فقال: إن من الحين حيناً يدرك، ومن الحين حيناً لا يدرك. فالحين الذي لا يدرك، قوله: {ولتعلمن نبأه بعد حين} [ ص: 88] والحين، الذي يدرك {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} وذلك من حين تصرم النخلة إلى حين تطلع، وذلك ستة أشهر. وأخرج ابو عبيد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني حلفت أن لا أكلم أخي حيناً. فقال ابن عباس- رضي الله عنهما-: أوقتَّ شيئاً. قال: لا. قال: فإن الله تعالى يقول {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} فالحين، سنة. وأخرج البيهقي في سننه، عن علي رضي الله عنه قال: الحين ستة أشهر. وأخرج البيهقي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: الحين قد يكون غدوة وعشية. وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه سئل عن رجل حلف لا يكلم أخاه حيناً. قال: الحين، ستة اشهر. ثم ذكر النخلة ما بين حملها إلى صرامها ستة أشهر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق عكرمة قال: قال ابن عباس- رضي الله عنهما- الحين، حينان: حين يعرف، وحين لا يعرف. فأما الحين الذي لا يعرف، فقوله: {ولتعلمن نبأه بعد حين} [ ص: 88] وأما الحين الذي يعرف، فقوله: {تؤتي أكلها كل حين} وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كل حين} قال: كل سنة. وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال: أرسل إليّ عمر بن عبد العزيز فقال: يا مولى ابن عباس، إني حلفت أن لا أفعل كذا وكذا حيناً، فما الحين الذي يعرف به؟ فقلت: إن من الحين حيناً لا يدرك، ومن الحين حين يدرك. فأما الحين الذي لا يدرك، فقول الله: {هل أتى على الإِنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً} [ الإِنسان: 1] والله ما ندري كم أتى له إلى أن خلق، وأما الذي يدرك، فقوله: {تؤتي أكلها كل حين} فهو ما بين العام إلى العام المقبل، فقال: أصبت يا مولى ابن عباس، ما أحسن ما قلت!... وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، عن سعيد بن المسيب قال: الحين يكون شهرين والنخلة إنما يكون حملها شهرين. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه {تؤتي أكلها كل حين} قال: تؤكل ثمرتها في الشتاء والصيف. وأخرج البيهقي عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {تؤتي أكلها كل حين} قال: في كل سبعة أشهر. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {تؤتي أكلها كل حين} قال: هو شجر جوز الهند، لا يتعطل من ثمرة، يحمل في كل شهر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {كشجرة طيبة} قال: هي شجرة في الجنة. وفي قوله: {كشجرة خبيثة} قال: هذا مثل ضربه الله، لم يخلق الله هذه الشجرة على وجه الأرض. وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قلب العباد ظهراً وبطناً، فكان خير العرب قريشاً. وهي الشجرة المباركة التي قال الله في كتابه {مثل كلمة طيبة} يعني القرآن {كشجرة طيبة} يعني بها قريشاً {أصلها ثابت} يقول: أصلها كبير {وفرعها في السماء} يقول: الشرف الذي شرفهم الله بالإِسلام الذي هداهم الله له وجعلهم من أهله». وأخرج ابن مردويه من طريق حيان بن شعبة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله: {كشجرة خبيثة} قال: الشريان. قلت لأنس: وما الشريان؟ قال: الحنظل. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر حميد بن زياد الخراط في الآية قال: الشجرة الخبيثة، التي تجعل في المسكر. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قعد ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا هذه الآية {اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} فقالوا: «يا رسول الله، نراه الكمأة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين. والعجوة من الجنة، وهي شفاء من السم». وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {اجتثت من فوق الأرض} قال: استؤصلت من فوق الأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه قال: اعقلوا عن الله الأمثال. وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه: أن رجلاً لقي رجلاً من أهل العلم فقال: ما تقول في الكلمة الخبيثة؟ فقال: ما أعلم لها في الأرض مستقراً ولا في السماء مصعداً، إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافي بها القيامة. وأخرج ابن جرير من طريق قتادة رضي الله عنه، عن أبي العالية: أن رجلاً خالجت الريح رداءه فلعنها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنها؛ فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة على صاحبها».

{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)} أخرج الواقدي وابن عساكر من طريق عامر بن سعد، عن أبيه قال: كانت سارة عليها السلام تحت إبراهيم عليه السلام، فمكثت معه دهراً لا ترزق منه ولداً، فلما رأت ذلك وهبت له هاجر، أمة لها قبطية. فولدت له إسماعيل عليه السلام، فغارت من ذلك سارة رضي الله عنها فوجدت في نفسها وعتبت على هاجر، فحلفت أن تقطع منها ثلاثة أشراف، فقال لها إبراهيم عليه السلام: هل لك أن تبري يمينك؟ فقالت: كيف أصنع؟ قال: اثقبي أذنيها واخفضيها، والخفض هو الختان. ففعلت ذلك بها، فوضعت هاجر رضي الله عنها في أذنيها قرطين، فازدادت بهما حسناً. فقالت سارة رضي الله عنها: أراني إنما زدتها جمالاً، فلم تقاره على كونه معها وَوَجَدَ بها إبراهيم عليه السلام وجداً شديداً فنقلها إلى مكة، فكان يزورها في كل يوم من الشام على البراق من شغفه بها وقلة صبره عنها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع} قال: اسكن إسماعيل وأمه مكة. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن إبراهيم عليه السلام قال: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} لو قال: فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم، لغلبتكم عليه الترك والروم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} قال: لو قال أفئدة الناس تهوي إليهم، لازدحمت عليه فارس والروم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم، عن الحكم قال: سألت عكرمة وطاوساً وعطاء بن أبي رباح عن هذه الآية فقالوا: البيت تهوي إليه قلوبهم يأتونه. وفي لفظ قالوا: هواهم إلى مكة أن يحجوا. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} قال: تنزع إليهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن محمد بن مسلم الطائفي؛ أن إبراهيم عليه السلام لما دعا للحرم وارزق أهله من الثمرات، نقل الله الطائف من فلسطين. وأخرج ابن أبي حاتم عن الزهري رضي الله عنه قال: إن الله تعالى نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف، لدعوة إبراهيم عليه السلام. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة {بواد غير ذي زرع} قال: مكة. لم يكن بها زرع يومئذ. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم} وأنه بيت طهره الله من السوء وجعله قبلة وجعله حرمه، اختاره نبي الله إبراهيم عليه السلام لولده. وقد ذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال في خطبته: إن هذا البيت أول من وليه، ناس من [طسم] فعصوا فيه واستخفوا بحقه واستحلوا حرمته، فأهلكهم الله. ثم وليه من جرهم فعصوا فيه واستخفوا بحقه واستحلوا حرمته، فأهلكهم الله، ثم وليتموه معاشر قريش... فلا تعصوا ولا تستخفوا بحقه ولا تستحلوا حرمته، وصلاة فيه أفضل من مائة صلاة بغيره، والمعاصي فيه على قدر ذلك. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} قال: إن إبراهيم سأل الله أن يجعل أناساً من الناس يهوون سكنى مكة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} يقول: خذ بقلوب الناس إليهم، فإنه حيث يهوي القلب يذهب الجسد، فلذلك ليس من مؤمن إلا وقلبه معلق بحب الكعبة. قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو أن إبراهيم عليه السلام حين دعا قال: اجعل افئدة الناس تهوي إليهم، لازدحمت عليه اليهود والنصارى. ولكنه خص حين قال: {أفئدة من الناس} فجعل ذلك أفئدة المؤمنين. وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الشعب بسند حسن، عن ابن عباس قال: لو كان إبراهيم عليه السلام قال: فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم، لحجه اليهود والنصارى والناس كلهم، ولكنه قال: {أفئدة من الناس} فخص به المؤمنين. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة: «اللهم بارك لهم في صاعهم ومدهم، واجعل أفئدة الناس تهوي إليهم».

{رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)} أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ربنا إنك تعلم ما نخفي} من حب إسماعيل وأمه {وما نعلن} قال: وما نظهر من الجفاء لهما. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحق} قال: هذا بعد ذاك بحين. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: بشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومائة سنة. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} قال: فلن يزال من ذرية إبراهيم عليه السلام ناس على الفطرة يعبدون الله تعالى حتى تقوم الساعة. وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه قال: ما يسرني بنصيبي من دعوة نوح وإبراهيم للمؤمنين والمؤمنات حمر النعم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق، عن ميمون بن مهران رضي الله عنه في قوله: {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون} قال: هي تعزية للمظلوم ووعيد للظالم. وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كان في بني إسرائيل رجل عقيم لا يولد له ولد، فكان يخرج... فإذا رأى غلاماً من غلمان بني إسرائيل عليه حلى، يخدعه حتى يدخله فيقتله ويلقيه في مطمورة له. فبينما هو كذلك، إذ لقي غلامين أخوين عليهما حلى لهما فأدخلهما فقتلهما وطرحهما في مطمورة له، وكانت له امرأة مسلمة تنهاه عن ذلك فتقول له: إني أحذرك النقمة من الله تعالى. وكان يقول: لو أن الله آخذني على شيء آخذني يوم فعلت كذا وكذا. فتقول إن صاعك لم يمتلئ بعد، ولو قد امتلأ صاعك أُخِذْت. فلما قتل الغلامين الأخوين، خرج أبوهما يطلبهما فلم يجد أحداً يخبره عنهما، فأتى نبياً من أنبياء بني إسرائيل فذكر ذلك له، فقال له النبي عليه السلام: هل كانت لهما لعبة يلعبان بها؟ قال: نعم... كان لهما جرْوٌ، فأتى بالجرو فوضع النبي عليه السلام خاتمه بين عينيه، ثم خلى سبيله وقال له: أول دار يدخلها من بني إسرائيل فيها تبيان، فأقبل الجرو يتخلل الدور به حتى دخل داراً، فدخلوا خلفه فوجدوا الغلامين مقتولين مع غلام قد قتله وطرحهم في المطمورة، فانطلقوا به إلى النبي عليه السلام فأمر به أن يصلب. فلما وضع على خشبته أتته امرأته فقالت: يا فلان، قد كنت أحذرك هذا اليوم وأخبرك أن الله تعالى غير تاركك، وأنت تقول: لو أن الله آخذني على شيء آخذني يوم فعلت كذا وكذا، فأخبرتك أن صاعك بعد لم يمتلئ. .. ألا وإن صاعك هذا... ألا وأن امتلأ. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} قال: شخصت فيه والله أبصارهم، فلا ترتد إليهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مهطعين} قال: يعني بالاهطاع النظر من غير أن تطرف {مقنعي رؤوسهم} قال: الاقناع رفع رؤوسهم {لا يرتد إليهم طرفهم} قال: شاخصة أبصارهم {وأفئدتهم هواء} ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه {مهطعين} قال: مديمي النظر. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة {مُهْطِعِين} قال: مسرعين. وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {مُهْطِعِين} ما المهطع؟ قال: الناظر. قال فيه الشاعر: إذا دعانا فأهطعنا لدعوته *** داع سميع فلفونا وساقونا قال: فأخبرني عن قوله: {مقنعي رؤوسهم} ما المقنع؟ قال: الرافع رأسه. قال فيه كعب بن زهير: هجان وحمر مقنعات رؤوسها *** وأصفر مشمول من الزهر فاقع وأخرج ابن الأنباري عن تميم بن حذام رضي الله عنه في قوله: {مهطعين} قال: هو التجميح، والعرب تقول للرجل إذا قبض ما بين عينيه: لقد جمح. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {مقنعي رؤوسهم} قال: رافعي رؤوسهم، يجيئون وهم ينظرون {لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء} تمور في أجوافهم إلى حلوقهم، ليس لها مكان تستقر فيه. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وأفئدتهم هواء} قال: ليس فيها شيء، خرجت من صدورهم فشبت في حلوقهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مرة رضي الله عنه {وأفئدتهم هواء} قال: متخرقة لا تعي شيئاً. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح رضي الله عنه قال: يحشر الناس هكذا، ووضع رأسه وأمسك بيمينه على شماله عند صدره.

14:38

14:38

14:38

14:38