{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)} {سُبْحَانَ}: تنزيه الله تعالى من السوء، أو براءة الله تعالى من السوء. وهو تعظيم لا يصلح لغير الله. أخذ من السبح في التعظيم وهو الجري فيه، وقيل هو هنا تعجيب أي اعجبوا للذي أسرى، لما كان مشاهدة العجب سبباً للتسبيح صار التسبيح تعجباً. ويطلق التسبيح على الصلاة، وعلى الاستثناء {لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ} [القلم: 28]، وعلى النور «سبحات وجهه»، وعلى التنزيه، سئل الرسول صلى الله عليه سلم عن التسبيح فقال: «إنزاه الله تعالى على السوء» {بِعَبْدِهِ} محمد صلى الله عليه وسلم. والسرى سير الليل. {الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الحرم كله، أو المسجد نفسه، سرت روحه وجسده فصلى في بيت المقدس بالأنبياء ثم عرج إلى السماء ثم رجع إلى المسجد الحرام فصلى به الصبح آخر ليلته، أو لم يدخل القدس ولم ينزل عن البراق حتى عرج به ثم عاد إلى مكة، أو أسرى بروحه دون جسده فكنت رؤيا من الله تعالى صادقة: {الأَقْصَا} لبعده من المسجد الحرام. {بَارَكْنَا} بالثمار ومجرى الأنهار، أو بمن جُعل حوله من الأنبياء والصالحين {مِنْ ءَايَاتِنَا} عجائبنا، أو من أريهم من الأنبياء حتى وصفهم واحداً واحداً {السَّمِيعُ} لتصديقهم بالإسراء وتكذيبهم {الْبَصِيرُ} بما فعل من الإسراء والمعراج. |
{وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2)} {وَكِيلاً}:، شريكاً، أو رباً يتوكلون عليه في أمورهم، أو كفيلاً بأمورهم. |
{ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)} {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا}: هم موسى وبنو إسرائيل: {شَكُوراً} نوح يحمد ربه على الطعام، أو لا يستجد ثوباً إلا حمد الله على لبسه. |
{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)} {وَقَضَيْنَآ} أخبرنا {لَتُفْسِدُنَّ} بقتل الناس وأخذ أموالهم وتخريب ديارهم. {عُلُوّاً}: بالاستطالة والغلبة. |
{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5)} {بَعَثْنَا} خلينا بينكم وبينهم خذلاناً بظلمكم، أو أمرناهم بقتالكم {عِبَاداً} جالوت إلى أن قتله داود «ع» أو بختنصر، أو سنحاريب أو العمالقة وكانوا كفاراً، أو قوم من أهل فارس يتحسسون أخبارهم. {فَجَاسُواْ} مشوا وترددوا بين الدور والمساكن «ع»، أو قتلوهم بين الدور والمساكن قال: ومنا الذي لا قى بسيف محمد *** فجاس به الأعداء عرض العساكر أو طلبوا، أو نزلوا. |
{ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)} {الْكَرَّةَ}: الظفر بهم بقتل جالوت، أو غزو ملك بابل فاستنقذوا ما بيده من الأسرى والأموال، أو أطلق لهم ملك بابل الأسرى والأموال. {وَأَمْدَدْنَاكُم} جدد عليهم النعمة فبقوا بها مائة وعشرين سنة، وبعث فيهم أنبياء. |
{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} {لأِنفُسِكُمْ}: ثواب إحسانكم {وَإِنْ أَسَأْتُمْ} عاد العقاب عليكم، رغّب في الإحسان وحذر من الإساءة. {وَعْدُ الأَخِرَةِ}: بعث عليهم بختنصر، أو انطياخوس الرومي ملك نينوي {الْمَسْجِدَ}: بيت المقدس. يتبروا: يهلكوا ويدمروا، أو يهدموا ويخربوا. |