Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 29
الربع رقم 4
quran-border  وان كادوا ليستفزونك من الارض ليخرجوك منها واذا لا يلبثون خلافك الا قليلا سنة من قد ارسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقران الفجر ان قران الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا وقل رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا وننزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا واذا انعمنا على الانسان اعرض وناى بجانبه واذا مسه الشر كان يئوسا قل كل يعمل على شاكلته فربكم اعلم بمن هو اهدى سبيلا ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا ولئن شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا
Page Number

1

{وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: كانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يسكنون الشام، فمالك والمدينة؟ فَهَمَّ أن يشخص فأنزل الله تعالى {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض} الآية. وأخرج ابن جرير عن حضرمي رضي الله عنه، أنه بلغه أن بعض اليهود قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أرض الأنبياء أرض الشام، وإن هذه ليست بأرض الأنبياء. فأنزل الله تعالى {وإن كادوا ليستفزونك...} الآية. وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر، عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه: أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: «إن كنت نبياً فالْحَقْ بالشام، فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا فغزا غزوة تبوك لا يريد إلا الشام، فلما بلغ تبوك أنزل الله عليه آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض...} إلى قوله: {تحويلاً} فأمره بالرجوع إلى المدينة وقال: فيها محياك وفيها مماتك وفيها تبعث. وقال له جبريل عليه السلام: سل ربك... فإن لكل نبي مسألة. فقال: ما تأمرني أن أسأل؟ قال: {قل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً} فهؤلاء نزلن عليه في رجعته من تبوك». وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض} قال: همّ أهل مكة بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة وقد فعلوا بعد ذلك فأهلكهم الله تعالى يوم بدر، ولم يلبثوا بعده إلا قليلاً حتى أهلكهم الله يوم بدر، وكذلك كانت سنة الله تعالى في الرسل عليهم الصلاة والسلام إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإذاً لا يلبثون خلافَكَ إلا قليلاً} قال: يعني بالقليل يوم أخذهم ببدر، فكان ذلك هو القليل الذي كان كثيراً بعده. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: القليل ثمانية عشر شهراً. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه من طرق، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دلوك الشمس: غروبها. تقول العرب: إذا غربت الشمس: دلكت الشمس. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن علي رضي الله عنه قال: دلوكها، غروبها. وأخرج ابن مردويه «عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} قال: لزوال الشمس». وأخرج البزار وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي بسند ضعيف، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: {دلوك الشمس} زوالها. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: {دلوك الشمس} زياغها بعد نصف النهار. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دلوكها، زوالها. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لدلوك الشمس} قال: إذا فاء الفيء. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل عليه السلام لدلوك الشمس حين زالت فصلى بي الظهر». وأخرج ابن جرير عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس، ثم تلا {أقم الصلاة لدلوك الشمس}. وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وابن مردويه، عن مجاهد رضي الله عنه قال: كنت أقود مولاي قيس بن السائب فيقول لي: أدلكت الشمس؟ فإذا قلت نعم، صلى الظهر. وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر عند دلوك الشمس. وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {إلى غسق الليل} قال: العشاء الآخرة. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {غسق الليل} اجتماع الليل وظلمته. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: {غسق الليل} بدو الليل. وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {إلى غسق الليل} قال: ما الغسق؟ قال: دخول الليل بظلمته. قال فيه زهير بن أبي سلمى: ظلت تجوب يداها وهي لاهبة *** حتى إذا جنح الإظلام في الغسق وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال: {دلوك الشمس} حين تزيغ. و {غسق الليل} غروب الشمس. وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {دلوك الشمس} إذا زالت عن بطن السماء و {غسق الليل} غروب الشمس. والله سبحانه أعلم. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وقرآن الفجر} قال: صلاة الصبح. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه {وقرآن الفجر} قال: صلاة الفجر. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله: {إن قرآن الفجر كان مشهوداً} قال: تشهده الملائكة والجن. وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً} قال: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار تجتمع فيها. وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر» ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: اقرؤوا إن شئتم {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً}. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والطبراني، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: يتدارك الحرسان من ملائكة الله تعالى، حارس الليل وحارس النهار عند صلاة الصبح، اقرؤوا إن شئتم {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً} ثم قال: تنزل ملائكة الليل وملائكة النهار. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير والطبراني وابن مردويه، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن قرآن الفجر كان مشهوداً} قال: «يشهده الله وملائكة الليل وملائكة النهار». وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه {إن قرآن الفجر كان مشهوداً} قال: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار. وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم عن أبيه قال: دخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه المسجد لصلاة الفجر، فإذا قوم قد أسندوا ظهورهم إلى القبلة فقال: نحّوا عن القبلة... لا تحولوا بين الملائكة وصلاتها، فإن هاتين الركعتين صلاة الملائكة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة، عن علقمة والأسود رضي الله عنهما قال: التهجد بعد نومة. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: نسخ قيام الليل إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {نافلة لك} يعني، خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم أمر بقيام الليل وكتب عليه. وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في سننه، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث هن عليّ فرائض وهن لكم سنة: الوتر والسواك وقيام الليل». وأخرج ابن جرير وابن المنذر ومحمد بن نصر والبيهقي في الدلائل، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {نافة لك} قال: لم تكن النافلة لأحد إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، خاصة من أجل أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما عمل من عمل مع المكتوب فهو نافلة له سوى المكتوب من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب فهي نوافل له وزيادة، والناس يعملون ما سوى المكتوب في كفارة ذنوبهم فليس للناس نوافل، إنما هي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه مثله. وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه مثله. وأخرج محمد بن نصر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك} قال: لا تكون نافلة الليل إلا للنبي صلى الله عليه وسلم. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ومحمد بن نصر، عن قتادة رضي الله عنه {نافلة لك} قال: تطوّعاً وفضيلة لك. وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن أبي أمامة رضي الله عنه في قوله: {نافلة لك} قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم نافلة ولكم فضيلة. وفي لفظ إنما كانت النافلة خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج الطيالسي وابن نصر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في تاريخه، عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال: إذا توضأ الرجل المسلم فأحسن الوضوء، فإن قعد- قعد مغفوراً له، وإن قام يصلي كانت له فضيلة. قيل له: نافلة؟ قال: إنما النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم، كيف يكون له نافلة وهو يسعى في الخطايا والذنوب!؟ ولكن فضيلة. وأخرج سعيد بن منصور والبخاري وابن جرير وابن مردويه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاء كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان، اشفع لنا. حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود. وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} وسئل عنه قال: هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي. وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المقام المحمود، الشفاعة». وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} قال: مقام الشفاعة. وأخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود فقال: «هو الشفاعة». وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه، عن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تَلٍّ، ويكسوني ربي حلة خضراء ثم يؤذن لي أن أقول ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود». وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق علي بن حسين قال: أخبرني رجل من أهل العلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تمد الأرض يوم القيامة مدّ الأديم ولا يكون لبشر من بني آدم فيها إلا موضع قدمه، ثم أدعى أول الناس فأخر ساجداً، ثم يؤذن لي فأقول: يا رب، أخبرني هذا لجبريل وجبريل عن يمين الرحمن، والله ما رآه جبريل قط قبلها أنك أرسلته إلي. وجبريل عليه السلام ساكت لا يتكلم حتى يقول الرب: صدقت... ثم يؤذن لي في الشفاعة فأقول: أي رب، عبادك عبدوك في أطراف الأرض. فذلك المقام المحمود». وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه والبيهقي في البعث والخطيب في المتفق والمفترق، عن حذيفة رضي الله عنه قال: يجمع الناس في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر حفاة عراة كما خلقوا قياماً، لا تكلم نفس إلا بإذنه ينادي: يا محمد، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك والشرّ لَيْسَ إليك، والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك وإليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت. فهذا المقام المحمود. وأخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم عليه السلام فيقول: لَسْتُ بصاحب ذلك، ثم موسى عليه السلام فيقول: كذلك، ثم محمد صلى الله عليه وسلم فيشفع، فيقضي الله بين الخلائق فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة»فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الجمع كلهم. وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأقوم المقام المحمود. قيل: وما المقام المحمود؟ قال: ذلك إذا جيء بكم حفاة عراة غرلاً، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام، فيقول: اكسوا خليلي. فيؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما، ثم يقعد مستقبل العرش. ثم أوتَى بكسوة فألبسها فأقوم عن يمينه مقاماً لا يقومه أحد، فيغبطني به الأولون والآخرون، ثم يفتح نهر من الكوثر إلى الحوض». وأخرج ابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: ما المقام المحمود الذي ذكر لك ربك؟ قال: «يحشر الله الناس يوم القيامة عراة غرلاً، كهيئتكم يوم ولدتم... هالهم الفزع الأكبر وكظمهم الكرب العظيم، وبلغ الرشح أفواههم وبلغ بهم الجهد والشدة، فأكون أول مدعى وأول معطى، ثم يدعى إبراهيم عليه السلام قد كسي ثوبين أبيضين من ثياب الجنة، ثم يؤمر فيجلس في قبل الكرسي. ثم أقوم عن يمين العرش... فما من الخلائق قائم غيري، فأتكلم فيسمعون وأشهد فيصدقون». وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} قال: «يجلسه على السرير». وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ- آدم فمن سواه- إلا تحت لوائي، وأنا أوّل من تَنْشَقُّ عنه الأرض ولا فخر... فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم عليه السلام فيقولون: أنت أبونا فاشفع لنا إلى ربك. فيقول: إني أذنبت ذنباً أهبطت منه إلى الأرض، ولكن ائتوا نوحاً. فيأتون نوحاً فيقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقول: ائتوا موسى. فيأتون موسى عليه الصلاة والسلام فيقول: إني قتلت نفساً، ولكن ائتوا عيسى. فيأتون عيسى عليه السلام فيقول: إني عُبِدْتُ من دون الله، ولكن ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم. فيأتوني فأنطلق معهم فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها، فيقال: من هذا؟ فأقول: محمد. فيفتحون لي ويقولون: مرحباً. فأخرّ ساجداً فيلهمني الله عز وجل من الثناء والحمد والمجد، فيقال: ارفع رأسك... سل تُعْطَ، واشفع تُشَفّعْ، وقل يسمع لقولك. فهو المقام المحمود الذي قال الله: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً}». وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه في قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} قال: يخرج الله قوماً من النار من أهل الإيمان والقبلة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، فذلك المقام المحمود. وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أنه ذكر حديث الجهنّميّين فقيل له: ما هذا الذي تحدث والله تعالى يقول: {إنك من تدخل النار فقد أخزيته} [ آل عمران: 192] {وكلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها} [ السجدة: 20] فقال: هل تقرأ القرآن؟ قال: نعم. قال: فهل سمعت فيه بالمقام المحمود؟ قال: نعم. قال: فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم الذي يخرج الله به من يخرج. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: يأذن الله تعالى في الشفاعة، فيقوم روح القدس جبريل عليه السلام، ثم يقوم إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام، ثم يقوم عيسى أو موسى عليهما السلام، ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم واقفاً ليشفع، لا يشفع أحد بعده أكثر مما شفع، وهو المقام المحمود الذي قال الله: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً}. وأخرج ابن مردويه، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سألتم الله فاسألوه أن يبعثني المقام المحمود الذي وعدني». وأخرج البخاري عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حَلّتْ له شفاعتي يوم القيامة». وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان رضي الله عنه قال: يقال له: سل تعطه- يعني النبي صلى الله عليه وسلم- واشفع تشفع، وادع تجب. فيرفع رأسه فيقول: أمتي. مرتين أو ثلاثاً، فقال سلمان رضي الله عنه: يشفع في كل من في قلبه مثقال حبة حنطة من إيمان أو مثقال شعيرة من إيمان أو مثقال حبة خردل من إيمان. قال سلمان رضي الله عنه: فذلكم المقام المحمود. وأخرج الديلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «قيل: يا رسول الله، ما المقام المحمود؟ قال: ذلك يوم ينزل الله تعالى عن عرشه، فيئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه». وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} قال: يجلسه بينه وبين جبريل عليه السلام، ويشفع لأمته. فذلك المقام المحمود. وأخرج الديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} قال: يجلسني معه على السرير». وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خيِّر بين أن يكون عبداً نبياً أو ملكاً نبياً، فأومأ إليه جبريل عليه السلام أن تواضع، فاختار أن يكون عبداً نبياً. فأعطى به النبي صلى الله عليه وسلم ثنتين: أنه أول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع. فكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود. وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} قال: يجلسه معه على عرشه.

17:76

17:76

17:76

{وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80)} أخرج أحمد والترمذي وصححه، وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل والضياء في المختارة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، ثم أمر بالهجرة فأنزل الله تعالى {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً}. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وقل رب أدخلني مدخل صدق...} الآية. قال: أخرجه الله من مكة {مخرج صدق} وأدخله المدينة {مدخل صدق} قال: وعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل سلطاناً نصيراً لكتاب الله تعالى وحدوده وفرائضه وإقامة كتاب الله تعالى، فإن السلطان عزة من الله تعالى جعلها بين عباده، ولولا ذلك لغار بعضهم على بعض وأكل شديدهم ضعيفهم. وأخرج الخطيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: والله لما يزع الله بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن. وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة، عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في الآية قال: جعل الله {مدخل صدق} المدينة {ومخرج صدق} مكة و {سلطاناً نصيراً} الأنصار. وأخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قرأ «أدخلني مَدْخَلَ صدق وأخرجني مَخْرَجَ صدق» بفتح الميم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أدخلني مدخل صدق} يعني، الموت {وأخرجني مخرج صدق} يعني، الحياة بعد الموت.

{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)} وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول البيت ستون وثلثمائة نصب، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: {جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً} {وجاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} [ سبأ: 49]. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن المنذر، عن جابر رضي الله عنه قال: «دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وحول البيت ثلثمائة وستون صنماً فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكبت لوجهها وقال: {جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً}». وأخرج الطبراني في الصغير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى الكعبة ثلثمائة وستون صنماً، فشد لهم إبليس أقدامها بالرصاص، فجاء ومعه قضيب فجعل يهوي به إلى كل صنم منها فيخرّ لوجهه فيقول: {جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً} حتى مر عليها كلها». وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إن الباطل كان زهوقاً} قال: ذاهباً. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وقل جاء الحق} قال: القرآن {وزهق الباطل} قال: هلك، وهو الشيطان. وفي قوله: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة} قال: الله تعالى جعل هذا القرآن {شفاء ورحمة للمؤمنين} إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه {ولا يزيد الظالمين إلا خساراً} لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه. وأخرج ابن عساكر عن أويس القرني رضي الله عنه قال: لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، قضاء الله الذي قضى {شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً}.

17:81

{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84)} أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ونأى بجانبه} قال: تباعد منا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كان يؤوساً} قال: قنوطاً. وفي قوله: {قل كل يعمل على شاكلته} قال: على ناحيته. وأخرج هناد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {على شاكلته} قال: على نيته.

17:83

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ويسألونك عن الروح} قال: يهود يسألونه. وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خرب المدينة وهو متكئ على عسيب، فمر بقوم من اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح. وقال بعضهم: لا تسألوه. فسألوه فقالوا: يا محمد، ما الروح؟ فما زال يتوكأ على العسيب، وظننت أنه يوحى إليه فأنزل الله: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً}. وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن المنذر وابن حبان وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئاً نسأل هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، فسألوه فنزلت {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} قالوا: أوتينا علماً كثيراً: أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيراً كثيراً. فأنزل الله تعالى {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً} [ الكهف: 109]. وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: «أخبرنا، ما الروح؟ وكيف تعذب الروح التي في الجسد؟ وإنما الروح من الله ولم يكن نزل عليه فيه شيء فلم يجر إليهم شيئاً، فأتاه جبريل عليه السلام فقال له: {قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقالوا: من جاءك بهذا؟ قال: جبريل. قالوا: والله ما قاله لك إلا عدوّ لنا. فأنزل الله تعالى {قل من كان عدوّا لجبريل...} [ البقرة: 97] الآية». وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد، وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: {ويسألونك عن الروح} قال: هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه، لكل وجه منها سبعون ألف لسان... لكل لسان منها سبعون ألف لغة، يسبح الله تعالى بتلك اللغات، يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكاً يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ويسألونك عن الروح} قال: هو ملك واحد له عشرة آلاف جناح، جناحان منهما ما بين المشرق والمغرب له ألف وجه، لكل وجه لسان وعينان وشفتان يسبحان الله تعالى إلى يوم القيامة. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الروح أمر من أمر الله، وخلق من خلق الله وصورهم على صور بني آدم، وما ينزل من السماء من ملك إلا ومعه واحد من الروح. ثم تلا {يوم يقوم الروح والملائكة صفاً} [ النبأ: 38]. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن عكرمة رضي الله عنه قال: سئل ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} لا تنال هذه المنزلة، فلا تزيدوا عليها. قولوا كما قال الله وعلّم نبيه صلى الله عليه وسلم {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً}. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عبد الله بن بريدة رضي الله عنه قال: لقد قبض النبي صلى الله عليه وسلم وما يعلم الروح. وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن زياد، أنه بلغه أن رجلين اختلفا في هذه الآية {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} فقال أحدهما: إنما أريد بها أهل الكتاب وقال الآخر: بل إنه محمد صلى الله عليه وسلم. فانطلق أحدهما إلى ابن مسعود رضي الله عنه فسأله فقال: ألست تقرأ سورة البقرة؟ فقال: بلى. فقال: وأي العلم ليس في سورة البقرة؟ إنما أريد بها أهل الكتاب. وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ويسألونك عن الروح} قال: {الروح} ملك. وأخرج ابن عساكر، عن عبد الرحمن بن عبد الله ابن أم الحكم الثقفي رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض سكك المدينة، إذ عرض له اليهود فقالوا: يا محمد، ما الروح؟ وبيده عسيب نخل فاعتمد عليه- ورفع راسه إلى السماء- ثم قال: {ويسألونك عن الروح....} إلى قوله: {قليلاً} قال ابن عساكر: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم الثقفي قيل إن له صحبة. وأخرج ابن الأنباري في كتاب الأضداد، عن مجاهد رضي الله عنه قال: {الروح} خلق مع الملائكة لا يراهم الملائكة، كما لا ترون أنتم الملائكة. {الروح} حرف استأثر الله تعالى بعلمه ولم يطلع عليه أحداً من خلقه. وهو قوله تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}. وأخرج أبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه قال: الإنس والجن عشرة أجزاء: فالانس جزء، والجن تسعة أجزاء. والملائكة والجن عشرة أجزاء: فالجن من ذلك جزء، والملائكة تسعة. والملائكة والروح عشرة أجزاء: فالملائكة من ذلك جزء، والروح تسعة أجزاء. والروح والكروبيون عشرة أجزاء: فالروح من ذلك جزء، والكروبيون تسعة أجزاء. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير، عن عطاء بن يسار قال: نزلت بمكة {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} «فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، أتاه أحبار اليهود فقالوا: يا محمد، ألم يبلغنا أنك تقول: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} أفعنيتنا أم قومك؟ قال: كلاًّ قد عنيت. قالوا: فإنك تتلو أنا أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي في علم الله قليل، وقد آتاكم الله ما عملتم به انتفعتم» فأنزل الله: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام...} [ لقمان: 27] إلى قوله: {إن الله سميع بصير} [ لقمان: 28]. وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {وما أوتيتم من العلم} قال: يا محمد، والناس أجمعون. وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} يعني اليهود.

{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87)} أخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس قال: «لما قدم وفد اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم فقالوا: أبيت اللعن: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله... !! إنما يقال هذا للملك ولست ملكاً... أنا محمد بن عبد الله. فقالوا: إنا لا ندعوك باسمك. قال: فأنا أبو القاسم. فقالوا: يا أبا القاسم، انا قد خبأنا لك خبيئاً. فقال: سبحان الله... ! إنما يفعل هذا بالكاهن، والكاهن والمتكهن والكهانة في النار. فقال له أحدهم: فمن يشهد لك أنك رسول الله؟ فضرب بيده إلى حفنة حصا فأخذها فقال: هذا يشهد أني رسول الله فسبّحْنَ في يده فقلن: نشهد أنك رسول الله. فقالوا له: أسمعنا بعض ما أنزل عليك. فقرأ {والصافات صفاً} حتى انتهى إلى قوله: {فأتبعه شهاب ثاقب} [ الصافات: 1-10] فإنه لساكن ما ينبض منه عرق، وإن دموعه لتسبقه إلى لحيته، فقالوا له: إنا نراك تبكي... ! أمن خوف الذي بعثك تبكي!؟ قال: بل من خوف الذي بعثني أبكي، إنه بعثني على طريق مثل حد السيف، إن زغت عنه هلكت. ثم قرأ {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلاً}». وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن مسعود قال: إن هذا القرآن سيرفع. قيل: كيف يرفع وقد أثبته الله في قلوبنا وأثبتناه في المصاحف... !؟ قال: يسرى عليه في ليلة واحدة فلا يترك منه آية في قلب ولا مصحف إلا رفعت، فتصبحون وليس فيكم منه شيء. ثم قرأ {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك}. وأخرج ابن أبي داود في المصاحف، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ليسريَنَّ على القرآن في ليلة فلا يترك آية في مصحف أحد إلا رفعت. وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: يسرى على القرآن ليلاً فيذهب به من أجواف الرجال، فلا يبقى في الأرض منه شيء. وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: اقرؤوا القرآن قبل أن يرفع، فإنه لا تقوم الساعة حتى يرفع. قالوا: هذه المصاحف ترفع، فكيف بما في صدور الناس.... !؟ قال: يعدى عليه ليلاً فيرفع من صدورهم، فيصبحون فيقولون: لكأنا كنا نعلم شيئاً، ثم يقعون في الشعر. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُدرس الإسلام كما يدرس وشْيُ الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صدقة ولا نسك. ويسرى على كتاب الله في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية ويبقى الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آبائنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها». وأخرج الخطيب في تاريخه، عن حذيفة رضي الله عنه قال: يوشك أن يدرس الإسلام كما يدرس وَشْي الثوب، ويقرأ الناس القرآن لا يجدون له حلاوة، فيبيتون ليلة فيصبحون وقد أسري بالقرآن وما قبله من كتاب، حتى ينتزع من قلب شيخ كبير وعجوز كبير، فلا يعرفون وقت صلاة ولا صيام ولا نسك.... حتى يقول القائل منهم: إنا سمعنا الناس يقولون: لا إله إلا الله، فنحن نقول لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي داود وابن أبي حاتم، عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال: يسرى على القران في ليلة فيقوم المتهجدون في ساعاتهم فلا يقدرون على شيء، فيفزعون إلى مصاحفهم فلا يقدرون عليها، فيخرج بعضهم إلى بعض فيلتقون فيخبر بعضهم بعضاً بما قد لقوا. وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي الناس زمان يُرْسَلُ إلى القرآن ويرفع من الأرض». وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل، له دوي حول العرش كدوي النحل، يقول: أُتْلَى ولا يُعْمَلُ بي. وأخرج محمد بن نصر، عن الليث بن سعد رضي الله عنه قال: إنما يرفع القرآن حين يقبل الناس على الكتب ويكبّون عليها ويتركون القرآن. وأخرج الديلمي في مسند الفردوس، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أطيعوني ما دمت بين أظهركم، فإن ذهبت فعليكم بكتاب الله... أحلوا حلاله وحرّموا حرامه، فإنه سيأتي على الناس زمان يسرى على القرآن في ليلة فَيُنْسَخُ من القلوب والمصاحف». وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: يسرى على كتاب الله فيرفع إلى السماء، فلا يبقى على الأرض من القرآن ولا من التوراة والإنجيل والزبور، فينزع من قلوب الرجال فيصبحون في الصلاة لا يدرون ما هم فيه. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمي، عن حذيفة وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يسرى على كتاب الله ليلاً فيصبح الناس ليس في الأرض ولا في جوف مسلم منه آية». وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يرفع الذِكْرُ والقرآن». وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما قالا: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس، ما هذه الكتب التي بلغني أنكم تكتبونها مع كتاب الله؟ يوشك أن يغضب الله لكتابه فَيُسْرَى عليه ليلاً لا يترك في قلب ولا ورق منه حرفاً إلا ذهب به. فقيل: يا رسول الله، فكيف بالمؤمنين والمؤمنات؟ قال: من أراد الله به خيراً أبقى في قلبه لا إله إلا الله». وأخرج ابن أبي حاتم من طريق القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه عن جده قال: يسرى على القرآن في جوف الليل، يجيء جبريل عليه السلام فيذهب به، ثم قرأ {ولئن شئنا لنذهبن...} الآية.