Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 30
الربع رقم 2
quran-border  وكذلك اعثرنا عليهم ليعلموا ان وعد الله حق وان الساعة لا ريب فيها اذ يتنازعون بينهم امرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي اعلم بعدتهم ما يعلمهم الا قليل فلا تمار فيهم الا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم احدا ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله واذكر ربك اذا نسيت وقل عسى ان يهدين ربي لاقرب من هذا رشدا ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا قل الله اعلم بما لبثوا له غيب السماوات والارض ابصر به واسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه احدا واتل ما اوحي اليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا
Page Number

1

{وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21)} أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وكذلك أعثرنا عليهم} قال: أطلعنا. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: دعا الملك شيوخاً من قومه فسألهم عن أمرهم فقالوا: كان ملك يدعى دقيوس، وإن فتية فُقِدُوا في زمانه، وأنه كتب أسماءهم في الصخرة التي كانت عند باب بالمدينة. فدعا بالصخرة فقرأها فإذا فيها أسماؤهم، ففرح الملك فرحاً شديداً وقال: هؤلاء قوم كانوا قد ماتوا فبعثوا، ففشا فيهم أن الله يبعث الموتى. فذلك قوله: {وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها} فقال الملك: لأتخذن عند هؤلاء القوم الصالحين مسجداً، فلأعبدن الله فيه حتى أموت. فذلك قوله: {قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً}. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {قال الذين غلبوا على أمرهم} قال: هم الأمراء، أو قال: السلاطين. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: بنى عليهم الملك بيعة فكتب في أعلاها أبناء الأراكنة أبناء الدهاقين.

{سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)} أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {سيقولون ثلاثة} قال: اليهود {ويقولون خمسة} قال: النصارى. وأخرج ابن أبي حاتم وعبد الرزاق، عن قتادة في قوله: {رجما بالغيب} قال: قذفا بالظن. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مسعود رضي الله عنه في قوله: {ما يعلمهم إلا قليل} قال: إنا من القليل، كانوا سبعة. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن سعد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق، عن ابن عباس في قوله: {ما يعلمهم إلا قليل} قال: إنا من القليل، كانوا سبعة. وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ما يعلمهم إلا قليل} قال: أنا من القليل، مكسلمينا وتمليخا، وهو المبعوث بالورق إلى المدينة، ومرطوس ونينونس ودردوتس وكفاشطهواس ومنطفوا سيسوس، وهو الراعي. والكلب اسمه قطمير، دون الكردي وفوق القبطي الألطم فوق القبطي. قال أبو عبد الرحمن: بلغني أن من كتب هذه الأسماء في شيء وطرحه في حريق سكن الحريق. وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: كل شي في القرآن قليل، وإلا قليل فهو دون العشرة. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فلا تمار فيهم} يقول: حسبك ما قصصت عليك. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهراً} قال: يقول: إلا ما أظهرنا لك من أمرهم {ولا تستفت فيهم منهم أحداً} قال: يقول لا تسأل اليهود عن أصحاب الكهف، إلا ما قد أخبرناك من أمرهم. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {فلا تُمارِ فيهم} الآية. قال: حسبك ما قصصنا عليك. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس في قوله: {ولا تستفت فيهم منهم أحداً} قال: اليهود. والله أعلم.

{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)} أخرج ابن المنذرعن مجاهد، أن قريشاً اجتمعت فقالوا: «يا محمد، قد رغبت عن ديننا ودين آبائنا، فما هذا الدين الذي جئت به؟ قال: هذا دين جئت به من الرحمن. فقالوا: إنا لا نعرف الرحمن، إلا رحمن اليمامة- يعنون مسيلمة الكذاب- ثم كاتبوا اليهود فقالوا: قد نبغ فينا رجل يزعم أنه نبي، وقد رغب عن ديننا ودين آبائنا، ويزعم أن الذي جاء به من الرحمن. قلنا: لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، وهو أمين لا يخون.. وفيّ لا يغدر.. صدوق لا يكذب، وهو في حسب وثروة من قومه، فاكتبوا إلينا بأشياء نسأله عنها. فاجتمعت يهود فقالوا: إن هذا لوصفه وزمانه الذي يخرج فيه. فكتبوا إلى قريش: أن سلوه عن أمر أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين، وعن الروح. فإن يكن الذي أتاكم به من الرحمن، فإن الرحمن هو الله عز وجل، وإن يكن من رحمن اليمامة فينقطع. فلما أتى ذلك قريشاً أتى الظفر في أنفسها فقالوا: يا محمد، قد رغبت عن ديننا ودين آبائك... فحدثنا عن أمر أصحاب الكهف وذي القرنين والروح. قال: ائتوني غداً. ولم يستثن، فمكث جبريل عنه ما شاء الله لا يأتيه، ثم أتاه فقال: سألوني عن أشياء لم يكن عندي بها علم فأجيب حتى شق ذلك عليّ. قال: ألم ترنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة؟- وكان في البيت جرو كلب- ونزلت {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشداً} من علم الذي سألتموني عنه أن يأتي قبل غد؟ ونزل ما ذكر من أصحاب الكهف ونزل {ويسألونك عن الروح...} [ الإسراء: 85] الآية». وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف على يمين فمضى له أربعون ليلة، فأنزل الله: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} واستثنى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أربعين ليلة. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه، عن ابن عباس أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة، ثم قرأ {واذكر ربك إذا نسيت} قال: إذا ذكرت. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، عن ابن عباس في هذه الآية قال: إذا نسيت أن تقول لشيء؛ إني أفعله، فنسيت أن تقول إن شاء الله، فقل إذا ذكرت: إن شاء الله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن أبي العالية في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} قال: تستثني إذا ذكرت. وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في رجل حلف ونسي أن يستثني، قال له: ثنياه إلى شهر، وقرأ {واذكر ربك إذا نسيت}. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء أنه قال: من حلف على يمين فله الثنيا حلب ناقة. وكان طاوس يقول: ما دام في مجلسه. وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال: يستثني ما دام في كلامه. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} قال: إذا نسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت. قال: هي خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لأحدنا أن يستثني إلا في صلة يمينه. وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر قال: كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه، وإذا كان غير موصول فهو حانث. وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف فقال: إن شاء الله. فإن شاء مضى، وإن شاء رجع غير حانث». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله. فقال له الملك: قل إن شاء الله، فلم يقل. فطاف فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان». قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لو قال إن شاء الله، لم يحنث وكان دركاً لحاجته». وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان، عن عكرمة في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} قال: إذا غضبت. وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات، عن الحسن في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} قال: إذا لم تقل إن شاء الله. وأخرج البيهقي من طريق المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبا الحارث، عن رجل من أهل الكوفة كان يقرأ القرآن في الآية قال: إذا نسي الإنسان أن يقول إن شاء الله، فتوبته من ذلك أن يقول: {عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشداً}.

18:23

{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِع مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)} أخرج الخطيب في تاريخه عن حكيم بن عقال قال: سمعت عثمان بن عفان يقرأ: {ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين} منوّنة. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس قال: إن الرجل ليفسر الآية يرى أنها كذلك، فيهوي أبعد ما بين السماء والأرض، ثم تلا {ولبثوا في كهفهم...} الآية. ثم قال: كم لبث القوم؟ قالوا: ثلاثمائة وتسع سنين. قال: لو كانوا لبثوا كذلك، لم يقل الله: {قل الله أعلم بما لبثوا} ولكنه حكى مقالة القوم فقال: {سيقولون ثَلاَثَة} إلى قوله: {رجماً بالغيب} وأخبر أنهم لا يعلمون قال: سيقولون {ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً}. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في حرف ابن مسعود {وقالوا لبثوا في كهفهم} الآية. يعني، إنما قاله الناس. ألا ترى أنه قال: {قل الله أعلم بما لبثوا}. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً} قال: هذا قول أهل الكتاب، فرد الله عليهم {قل الله أعلم بما لبثوا}. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك قال: لما نزلت هذه الآية {في كهفهم ثَلاَثمائَة} قيل: يا رسول الله، أياماً، أم شهوراً، أم سنين؟ فأنزل الله: {سنين وازدادوا تسعاً}. وأخرج ابن مردويه من وجه آخر، عن الضحاك عن ابن عباس موصولاً. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً} يقول: عدد ما لبثوا. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {أبصر به وأسمع} قال: الله يقوله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أبصر به وأسمع} قال: لا أحد أبصر من الله ولا أسمع تبارك وتعالى. والله أعلم بالصواب والحمد لله وحده.

18:25

{وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)} أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {ملتحداً} قال: ملجأ. وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {ولن تجد من دونه ملتحداً} ما الملتحد؟ قال: المدخل في الأرض، قال فيه خصيب الضمري: يا لهف نفسي ولهف غير محدثه *** عليّ وما عن قضاء الله ملتحد وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان، عن سلمان قال: جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عيينة بن بدر، والأقرع بن حابس، فقالوا: يا رسول الله، لو جلست في صدر المجلس وتغيبت عن هؤلاء وأرواح جبابهم- يعنون سلمان، وأبا ذر وفقراء المسلمين، وكانت عليهم جباب الصفوف- جالسناك أو حادثناك وأخذنا عنك، فأنزل الله: {واتل ما أوحي إليك من كتاب رَبك} إلى قوله: {أعتدنا للظالمين ناراً} يهددهم بالنار. وأخرج أبو الشيخ عن سلمان قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمسهم حتى أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله، فقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي، معكم المحيا والممات». وأخرج عبد بن حميد عن سلمان قال: نزلت هذه الآية فيّ وفي رجل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم- ومعي شن خوص- فوضع مرفقه في صدري فقال: تَنَحَّ. حتى ألقاني على البساط، ثم قال: يا محمد، إنا ليمنعنا كثيراً من أمرك هذا وضرباؤه، أن ترى لي قدماً وسواداً، فلو نَحّيْتَهُمْ إذا دخلنا عليك، فإذا خرجنا أذنت لهم إذا شئت. فلما خرج أنزل الله: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم} إلى قوله: {وكان أمره فرطاً}. وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه، «عن عبد الرحمن بن سهل بن حنيف قال: نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بعض أبياته {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} فخرج يلتمسهم فوجد قوماً يذكرون الله، فيهم ثائر الرأس وجاف الجلد وذو الثوب الواحد، فلما رآهم جلس معهم وقال: الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أصبر نفسي معهم». وأخرج البزار عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: «جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقرأ سورة الحجر وسورة الكهف، فسكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا المجلس الذي أمرت أن أصبر نفسي معهم». وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عمر بن ذر، عن أبيه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى نفر من أصحابه- منهم عبد الله بن رواحة- يذكرهم بالله، فلما رآه عبدالله سكت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذكّر أصحابك. فقال: يا رسول الله، أنت أحق. فقال: أما إنكم الملأ الذين أمرني أن أصبر نفسي معهم، ثم تلا {واصبر نفسك} الآية». وأخرج الطبراني في الصغير وابن مردويه من طريق عمر بن ذر: حدثني مجاهد عن ابن عباس قال: «مر النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن رواحة وهو يذكر أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنكم للملأ الذين أمرني الله أن أصبر نفسي معهم. ثم تلا {واصبر نفسك} الآية. قال: إنه ما جلس عدتكم إلا جلس معه عدتهم جليسهم من الملائكة، إن سبّحوا الله سبحوه، وإن حَمَدوا الله حمدوه، وإن كبّروا الله كبروه... يصعدون إلى الرب وهو أعلم فيقولون: ربنا، إن عبادك سبحوك فسبحنا، وكبروك فكبرنا، وحمدوك فحمدنا. فيقول ربنا: يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لهم. فيقولون: فيهم فلان الخطاء. فيقول: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم». وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قاصّ يقص، فأمسك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قصّ، فلأن أقعد غدوة إلى أن تشرق الشمس، أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب». وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وأبو نصر السجزي في الإبانة، «عن أبي سعيد قال: أتى علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ناس من ضعفة المسلمين، ورجل يقرأ علينا القرآن ويدعو لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم، ثم قال: بشر فقراء المسلمين بالنور التام يوم القيامة، يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، مقدار خمسمائة عام. هؤلاء في الجنة يتنعمون وهؤلاء يحاسبون». وأخرج أحمد في الزهد، عن ثابت قال: «كان سلمان في عصابة يذكرون الله، فمر النبي فكفوا فقال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: نذكر الله. قال: فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها. ثم قال: الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم». وأخرج أحمد عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه، إلا ناداهم منادٍ من السماء أن: قوموا مغفوراً لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات». وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن نافع قال: أخبرني عبد الله بن عمر في هذه الآية {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم} أنهم الذين يشهدون الصلوات المكتوبة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده في قوله: {واصبر نفسَكَ} الآية. قال: نزلت في صلاة الصبح وصلاة العصر. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبيدالله بن عبدالله بن عدي بن الخيار في هذه الآية قال: هم الذين يقرأون القرآن. وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} قال: نزلت في أمية بن خلف، وذلك أنه دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمر كرهه الله من طرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة، فأنزل الله: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} يعني، من ختمنا على قلبه، يعني التوحيد {واتبع هواه} يعني الشرك {وكان أمره فرطاً} يعني فرطا في أمر الله وجهالة بالله. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن بريدة قال: دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم حار وعنده سلمان عليه جبة من صوف، فثار منه ريح العرق في الصوف، فقال عيينة: يا محمد، إذا نحن أتيناك فأخرج هذا وضرباءه من عندك؛ لا يؤذونا؛ فإذا خرجنا فأنت وهم أعلم. فأنزل الله: {ولا تطع من أغفلنا قلبه} الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال: «حدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تصدى لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال له، فأنزل الله: {ولا تطع من أغفلنا قَلبَه} الآية. فرجع إلى أصحابه وخلى عن أمية، فوجد سلمان يذكرهم فقال: الحمد لله الذي لم أفارق الدنيا حتى أراني أقواماً من أمتي أمرني أن أصبر نفسي معهم». وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مغيرة، عن إبراهيم في قوله: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: هم أهل الذكر. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر من طريق منصور، عن إبراهيم في قوله: {واصبر نفسَكَ} الآية. قال: لا تطردهم عن الذكر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن أبي جعفر في الآية قال: أمر أن يصبر نفسه مع أصحابه يعلمهم القرآن. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {مع الذين يدعون ربهم} قال: يعبدون ربهم. وقوله: {ولا تعد عيناك عنهم} يقول: لا تتعداهم إلى غيرهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هاشم في الآية قال: كانوا يتفاضلون في الحلال والحرام. وأخرج الحكيم الترمذي، عن سعيد بن جبير في قوله: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: المفاضلة في الحلال والحرام. وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن إبراهيم ومجاهد {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: الصلوات الخمس. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: نزلت {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} في عيينة بن حصن؛ قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لقد آذاني ريح سلمان الفارسي، فاجعل لنا مجلساً معك لا يجامعنا فيه، واجعل لهم مجلساً منك لا نجامعهم فيه. فنزلت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {وكان أمره فرطاً} قال: ضياعاً. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وقل الحق من ربكم} قال: الحق هو القرآن. وأخرج حنيش في الاستقامة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} يقول: من شاء الله له الإيمان آمن، ومن شاء الله له الكفر كفر، وهو قوله: {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين} [ التكوير: 29]. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال: هذا تهديد ووعيد. وأخرج ابن أبي حاتم عن رباح بن زياد قال: سألت عمر بن حبيب عن قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال: حدثني داود بن نافع أن مجاهداً كان يقول: فليس بمعجزي وعيد من الله. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {أحاط بهم سرادقها} قال: حائط من نار. وأخرج أحمد والترمذي وابن أبي الدنيا في صفة النار، وابن جرير وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السرادق النار أربعة جدر كافة، كل جدار منها أربعون سنة». وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه، وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن يعلى بن أمية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن البحر من جهنم ثم تلا {ناراً أحاط بهم سرادقها}». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، عن قتادة أن الأحنف بن قيس كان لا ينام في السرادق ويقول: لم يذكر السرادق إلا لأهل النار. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {بماء كالمهل}، قال: كعكر الزيت، فإذا أقرب إليه سقطت فروة وجهه فيه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {كالمهل} يقول: أسود كعكر الزيت. وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عطية قال: سئل ابن عباس عن المهل قال: ماء غليظ كدردي الزيت. وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير، عن سعيد بن جبير في قوله: {كالمهل} قال: كدردي الزيت. وأخرج عبد بن حميد عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: المهل، دردي الزيت. وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك في قوله: {كالمهل} قال: المهل، دردي الزيت. وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، عن ابن مسعود أنه سئل عن المهل فدعا بذهب وفضة، فإذا به قلما ذاب. قال: هذا أشبه شيء بالمهل الذي هو شراب أهل النار، ولونه لون السماء، غير أن شراب أهل النار أشد حراً من هذا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {كالمهل} قال: القيح والدم أسود كعكر الزيت. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {كالمهل} قال: أسود، وهي سوداء وأهلها سود. وأخرج ابن المنذر عن خصيف قال: المهل، النحاس إذا أذيب فهو أشد حراً من النار. وأخرج عبد بن حميد عن الحكم في قوله: {كالمهل} قال: مثل الفضة إذا أذيبت. وأخرج عبد بن حميد، عن سعيد بن جبير في قوله: {كالمهل} قال: أشد ما يكون حراً. وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال: هل تدرون ما المهل؟ مهل الزيت: يعني آخره. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {وساءت مرتفقاً} قال: مجتمعاً. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وساءت مرتفقاً} قال: منزلاً. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وساءت مرتفقاً} قال: عليها مرتفقون على الحميم حين يشربون، والإرتفاق هو المتكأ.