{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)} {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} تعظيمه، أو طاعته نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقال: «الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر معهم» {يَدْعُونَ} رغبة ورهبة، أو يحافظون على صلاة الجماعة، أو الصلوات المكتوبة «ع». وخص عمل النهار، لأن عمل النهار إذا كان لله تعالى فعمل الليل أولى، {وَلا تَعْدُ} لا تتجاوزهم بالنظر إلى أهل الدنيا طلباً لزينتها {وَلا تُطِعْ} قال عيينة بن حصن للرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم لقد آذاني ريح سلمان الفارسي، فاجعل لنا مجلساً منك لا يجامعونا فيه ولهم مجلساً لا نجامعهم فيه فنزلت {أَغْفَلْنَا} جعلناه غافلاً، أو وجدناه غافلاً {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} في طلبه التمييز على غيره، أو في شهواته وأفعاله {فُرُطاً} ضياعاً أو متروكاً، أو ندماً، أو سرفاً وإفراطاً، أو سريعاً، أفرط أسرف وفرَّط قصَّر. |
{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)} {فَمَن شَآءَ} الله فليؤمن {وَمَن شَآءَ} الله فليكفر، أو تهديد ووعيد أو المعنى لا تنفعون الله بإيمانكم ولا تضرونه بكفركم، أو من شاء أن يعرض نفسه للجنة بالإيمان ومن شاء أن يعرضها للنار بالكفر {سُرَادِقُهَا} حائطها الذي يحيط بها، أو دخانها ولهبها قبل وصوله إليها {ظِلٍّ ذِى ثَلاَثِ شُعَبٍ} [المرسلات: 30] أو البحر المحيط بالدنيا مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم سرادق: فارسي معرب أصله سرادر {بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ} القيح والدم، أو كدُري الزيت، أو كل شيء أذيب حتى انماع، أو الذي انتهى حره وسماه إغاثة لاقترانه بالاستغاثة {مُرْتَفَقاً} مجتمعاً من المرافقة، أو منزلاً من الارتفاق أو المتكأ مضاف إلى المرفق، أو من الرفق. |
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)} {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ} قال أعرابي للرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: أخبرني عن هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ}، فقال: ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة الذين هم وقوف أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم أجمعين فأعلم قومك أن هذه الآية نزلت فيهم. |
{أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)} {سُندُسٍ} ما لطف من الديباج، أو رق منه واحده سندسة، {وَإِسْتَبْرَقٍ} الديباج المنسوج بالذهب، أو ما غلظ منه، فارسي معرب أصله استبرة وهو الشديد {الأَرَآئِكِ} الحجال، أو الفرش في الحجال، أو السرير في الحجال. |
|
{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33)} {أُكُلَهَا} ثمرها وزرعها {وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً} فجره بينهما ليكون أقل مؤنة من سوقه إليهما وأكثر ريعاً، وهما رجلان ورثا عن أبيهما ثمانية آلاف دينار فأخذ المؤمن حقه منها فتقرب به إلى الله عز وجل وأخذ الكافر حقه فاشترى به ضياعاً منها هاتان الجنتان ولم يتقرب إلى الله تعالى بشيء منها فأفضى أمره إلى ما ذكره الله تعالى أو مثل ضُرب لهذه الأمة ليزهدوا في الدنيا ويرغبوا في الآخرة وليس خبر عن حال تقدمت. |
{وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)} {ثَمَرٌ} بالفتح والضم واحد هو الذهب والفضة لإثمارهما، أو المال الكثير من صنوف الأموال «ع»، لأن تثميره أكثر، أو الأصل الذي له نماء، لأن النماء تثمير، أو بالفتح جمع ثمرة وبالضم جمع ثمار، أو بالفتح ما كان نماؤه من أصله وبالضم ما كان نماؤه من غيره، أو بالفتح ثمار النخل خاصة وبالضم جميع الأموال، أو بالضم الأصل وبالفتح الفرع، وهذا ثمر الجنتين المذكورتين عند الجمهور، أو ثمر تملكه من غيره دون أصوله «ع». |