Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 31
الربع رقم 2
quran-border  يا يحيى خذ الكتاب بقوة واتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا واذكر في الكتاب مريم اذ انتبذت من اهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا قال انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا قالت انى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم اك بغيا قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله اية للناس ورحمة منا وكان امرا مقضيا فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فاجاءها المخاض الى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا فناداها من تحتها الا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا
Page Number

1

{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)} أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} قال: بجد {وآتيناه الحكم صبياً} قال: الفهم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله: {خذ الكتاب بقوة} يقول: اعمل بما فيه من فرائضه. وأخرج ابن المنذر، عن مالك بن دينار قال: سألنا عكرمة عن قوله: {وآتيناه الحكم صبياً} قال: اللب. وأخرج أبو نعيم وابن مردويه والديلمي، عن ابن عباس، «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وآتيناه الحكم صبياً} قال: أعطي الفهم والعبادة وهو ابن سبع سنين». وأخرج عبد الله بن أحمد في زائد الزهد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {وآتيناه الحكم صبياً} قال: وهو ابن ثلاث سنين. وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم والخرائطي وابن عساكر، عن معمر بن راشد في قوله: {وآتيناه الحكم صبياً} قال: بلغني أن الصبيان قالوا ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب، قال: ما للعب خلقت. فهو قوله: {وآتيناه الحكم صبياً}. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد من طريق معمر، عن قتادة قال: جاء الغلمان إلى يحيى بن زكريا فقال: ما للعب خلقت. قال: فأنزل الله: {وآتيناه الحكم صبياً}. وأخرجه ابن عساكر، عن معاذ بن جبل مرفوعاً. وأخرج الحاكم في تاريخه من طريق سهل بن سعيد عن الضحاك، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال الغلمان ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب، فقال يحيى: ما للعب خلقنا! اذهبوا نصلي. فهو قول الله: {وآتيناه الحكم صبياً}. وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ القرآن قبل أن يحتلم، فقد أوتي الحكم صبياً». وأخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفاً. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والزجاجي في أماليه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة، عن ابن عباس في قوله: {وحناناً} قال: لا أدري ما هو، إلا أني أظنه تعطف الله على خلقه بالرحمة. وأخرج ابن جرير، عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس عن قوله: {وحناناً} فلم يجر فيها شيئاً. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وحناناً من لدنا} قال: رحمة من عندنا. وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله: {وحناناً من لدنا} قال: رحمة من عندنا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت طرفة بن العبد البكري وهو يقول: أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا *** حنانيك بعض لشر أهون من بعض وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد {وحناناً من لدنا} قال: تعطفاً من ربه عليه. وأخرج عبد بن حميد، عن الحسن {وحناناً من لدنا} قال: الرحمة. وأخرج عبد بن حميد، عن الربيع {وحناناً من لدنا} قال: {رحمة من عندنا} لا يملك عطاءها أحد غيرنا. وأخرج الحكيم الترمذي، عن سعيد الجهني في قوله: {وحناناً من لدنا} قال: الحنان المحبب. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة {وحناناً من لدنا} قال: رحمة من عندنا {وزكاة} قال صدقة. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {وزكاة} قال: بركة. وفي قوله: {وكان تقياً} قال: طهر فلم يعمل بذنب. وأخرج ابن أبي حاتم، عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله: {وكان تقياً} قال: لم يعصه ولم يهم بها. وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {ولم يكن جباراً عصياً} قال: كان سعيد بن المسيب يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم «ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب، إلا يحيى بن زكريا» قال قتادة: وقال الحسن: قال النبي صلى الله عليه وسلم «ما أذنب يحيى بن زكريا قط ولا هم بامرأة». وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر، عن ابن عباس في قوله: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} قال: ذكره الله برحمته منه حيث دعاه {إذ نادى ربه نداء خفياً} يعني دعا ربه {دعاء خفياً} في الليل، لا يسمع أحداً، أو يسمع أذنيه. فقال: {رب إني وهن العظم مني} يعني ضعف العظم مني {واشتعل الرأس شيباً} يعني غلب البياض السواد {ولم أكن بدعائك رب شقياً} أي لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى، فتخيبني فيما بقي، فكما لم أشق بدعائي فيما مضى، فكذلك لا أشقى فيما بقي، عوّدتني الإجابة من نفسك. {وإني خفت الموالي من ورائي} فلم يبق لي وارث، وخفت العصبة أن ترثني {فهب لي من لدنك ولياً} يعني من عندك ولداً {يرثني} يعني يرث محرابي، وعصاي وبرنس العربان، وقلمي الذي أكتب به الوحي {ويرث من آل يعقوب} النبوّة {واجعله رب رضياً} يعني مرضياً عندك زاكياً بالعمل، فاستجاب الله له، فكان قد دخل في السن هو وامرأته. فبينا هو قائم يصلي في المحراب، حيث يذبح القربان، إذا هو برجل عليه البياض حياله، وهو جبريل فقال: {يا زكريا إن الله يبشرك بغلام اسمه يحيى} هو اسم من أسماء الله، اشتق من حي سماه الله فوق عرشه {لم نجعل له من قبل سميا} لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولد له {هل تعلم له سميا} يعني هل تعلم له ولداً، ولم يكن لزكريا قبله ولد، ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى قال: وكان اسمه حياً، فلما وهب الله لسارة إسحق، فكان اسمها يسارة، ويسارة من النساء التي لا تلد، وسارة من النساء: الطالقة الرحم التي تلد فسماها الله سارة وحول الياء من سارة إلى حي فسماه يحيى، فقال: {رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقراً} خاف أنها لا تلد. قال: {كذلك قال ربك} {يا زكريا هو عليّ هين وقد خلقتك من قبل} أن أهب لك يحيى {ولم تك شيئاً} وكذلك أقدر على أن أخلق من الكبير والعاقر. وذلك أن إبليس أتاه فقال: يا زكريا، دعاؤك كان خفياً فأجبت بصوت رفيع، وبشرت بصوت عال، ذلك صوت من الشيطان، ليس من جبريل، ولا من ربك. {قال رب اجعل لي آية} حتى أعرف أن هذه البشرى منك. {قال آيتك أَلا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً} يعني صحيحاً من غير خرس. فحاضت زوجته، فلما طهرت طاف عليها فاستحملت، فأصبح لا يتكلم وكان إذا أراد التسبيح والصلاة أطلق الله لسانه فإذا أراد أن يكلم الناس؛ اعتقل لسانه فلا يستطيع أن يتكلم، وكانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال: {أَنى يكون لي غلام} فخاف أن يكون الصوت من غير الله {فخرج على قومه من المحراب} يعني من مصلاه الذي كان يصلي فيه. فأوحى إليهم بكتاب كتبه بيده {أن سبحوا بكرة وعشياً} يعني صلوا صلاة الغداة والعصر، فولد له يحيى على ما بشره الله نبياً تقياً صالحاً {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} يعني بجد وطاعة واجتهاد وشكر وبالعمل بما فيه {وآتيناه الحكم} يعني الفهم {صبياً} صغيراً وذلك أنه مر على صبية أتراب له، يلعبون على شاطئ نهر بطين وبماء، فقالوا: يا يحيى تعالَ حتى نلعب، فقال: سبحان الله! أو للعب خلقنا؟! {وحناناً} يعني ورحمة {منا} وعطفاً {وزكاة} يعني وصدقة على زكريا {وكان تقياً} يعني مطهراً مطيعاً لله {وبراً بوالديه} كان لا يعصيهما {ولم يكن جباراً} يعني قتال النفس التي حرم الله قتلها {عصياً} يعني عاصياً لربه. {وسلام عليه} يعني حين سلم الله عليه {يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً}. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن القاسم قال: قال مالك: بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام ابنا خالة، وكان حملهما جميعاً معاً، فبلغني أن أم يحيى، قالت لمريم: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك. قال مالك: أرى ذلك لتفضيل الله عيسى، لأن الله جعله يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، ولم يكن ليحيى عيشة إلا عشب الأرض، وإن كان ليبكي من خشية الله، حتى لو كان على خده القار لأذابه، ولقد كان الدمع اتخذ في وجهه مجرى. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن خزيمة والدارقطني في الأفراد وأبو نصر السجزي في الإبانة والطبراني، عن ابن عباس قال: «كنا في حلقة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم نتذاكر فضائل الأنبياء، فذكرنا نوحاً وطول عبادته، وذكرنا إبراهيم وموسى وعيسى فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تذاكرون بينكم فذكرنا له، فقال: أما إنه لا ينبغي أن يكون أحد خيراً من يحيى بن زكريا أما سمعتم الله كيف وصفه في القرآن {يا يحيى خذ الكتاب بقوّة} إلى قوله: {وكان تقياً} لم يعمل سيئة قط ولم يهم بها». وأخرج ابن عساكر عن ابن شهاب: «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوماً وهم يتذاكرون فضل الأنبياء فقال قائل: موسى كلمه الله تكليماً، وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته، وقال قائل: إبراهيم خليل الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين الشهيد ابن الشهيد يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب يحيى بن زكريا». وأخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والحاكم وابن مردويه، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ، أو هم بخطيئة، إلا يحيى بن زكريا، لم يهم بخطيئة ولم يعملها». وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم والحاكم عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب، إلا ما كان من يحيى بن زكريا». وأخرج أحمد في الزهد وابن عساكر، عن يحيى بن جعدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يحيى بن زكريا، ما هم بخطيئة ولا حاكت في صدره امرأة». وأخرج ابن عساكر عن ضمرة بن حبيب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بعلت النساء عن ولد ينبغي له أن يقول: أنا أفضل من يحيى بن زكريا لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها». وأخرج ابن عساكر عن علي بن أبي طلحة رفعه قال: ما ارتكض في النساء من جنين ينبغي له أن يقول: أنا أفضل من يحيى بن زكريا، لأنه لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها. وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن الحسن قال: إن عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى: استغفر لي أنت خير مني فقال له عيسى: بل أنت خير مني، سلم الله عليك، وسلمت أنا على نفسي، فعرف والله فضلها. وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والحاكم والضياء، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحسن والحسين سيداً شباب أهل الجنة- إلا ابني الخالة- عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا». وأخرج الحاكم من طريق سمرة، عن كعب قال: كان يحيى لا يقرب النساء ولا يشتهيهن، وكان شاباً حسن الوجه، لين الجناح، قليل الشعر، قصير الأصابع، طويل الأنف، أقرن الحاجبين، رقيق الصوت، كثير العبادة، قوياً في الطاعة. وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه وابن عساكر، عن أبي بن كعب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن من هوان الدنيا على الله، أن يحيى بن زكريا قتلته امرأة». وأخرج الحاكم عن عبد الله بن الزبير قال: من أنكر البلاء، فإني لا أنكره، لقد ذكر لي أنما قتل يحيى بن زكريا في زانية. وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريقه: أنا أبو يعقوب الكوفي، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به رأى زكريا في السماء فسلم عليه فقال له: «يا أبا يحيى، خبرني عن قتلك كيف كان؟ ولم قتلك بنو إسرائيل؟ قال: يا محمد، إن يحيى كان خير أهل زمانه، وكان أجملهم وأصبحهم وجهاً، وكان كما قال الله: {سيداً وحصوراً} وكان لا يحتاج إلى النساء، فهويته امرأة ملك بني إسرائيل وكانت بغية فأرسلت إليه، وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها، وأجمعت على قتل يحيى، وَلَهُم عيد يجتمعون في كل عام، وكانت سنة الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب، فخرج الملك للعيد فقامت امرأته فشيعته، وكان بها معجباً، ولم تكن تسأله فيما مضى، فلما أن شيعته قال الملك: سليني فما تسأليني شيئاً إلا أعطيتك، قالت: أريد دم يحيى بن زكريا. قال لها: سليني غيره. قالت: هو ذاك. قال: هو لك، فبعثت جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي، وأنا إلى جانبه أصلي، فذبح في طست، وحمل رأسه ودمه إليها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فما بلغ من صبرك؟ قال: ما انفتلت من صلاتي، فلما حمل رأسه إليها ووضع بين يديها،- فلما أمسوا- خسف الله بالملك وأهل بيته وحشمه، فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل: لقد غضب إله زكريا لزكريا، فتعالوا حتى نغضب لملكنا، فنقتل زكريا، فخرجوا في طلبي ليقتلوني، فجاءني النذير، فهربت منهم وإبليس أمامهم يدلهم علي: فلما أن تخوفت أن لا أعجزهم، عرضت لي شجرة فنادتني فقالت: إلي إلي، وانصدعت لي، فدخلت فيها، وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي، والتأمت الشجرة وبقي طرف ردائي خارجاً من الشجرة، وجاء بنو إسرائيل، فقال إبليس: أما رأيتموه دخل هذه الشجرة! هذا طرف ردائه دخل به الشجرة، فقالوا: نحرق هذه الشجرة، فقال إبليس: شقوه بالمنشار شقاً. قال: فشققت مع الشجرة بالمنشار. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا زكريا، هل وجدت له مساً أو وَجعاً؟ قال: لا، إنما وجدت تلك الشجرة جعل الله روحي فيها». وأخرج ابن عساكر، عن وهب بن منبه «أن زكريا هرب ودخل جوف شجرة، فوضع على الشجرة المنشار وقطع بنصفين، فلما وقع المنشار على ظهره أنَّ، فأوحى الله يا زكريا إما أن تكف عن أنينك، أو أقلب الأرض ومن عليها فسكت حتى قطع نصفين». وأخرج أحمد في الزهد وابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال: كان طعام يحيى بن زكريا الجراد وقلوب الشجر، وكان يقول: من أنعم منك يا يحيى؟ طعامك الجراد وقلوب الشجر. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن عساكر، عن أبي إدريس الخولاني وابن المبارك وأحمد في الزهد وأبو نعيم، عن مجاهد قالا: كان طعم يحيى بن زكريا العشب، وإن كان ليبكي من خشية الله، حتى لو كان القار على عينه لأحرقه! ولقد كانت الدموع اتخذت مجرى في وجهه. وأخرج ابن عساكر، عن يونس بن ميسرة قال: مر يحيى بن زكريا على دينار فقال: قبح هذا الوجه يا دينار، يا عبد العبيد، ومعبد الأحرار. وأخرج البيهقي في سننه، عن مجاهد قال: سأل يحيى بن زكريا ربه؟ قال: رب، اجعلني أسلم على ألسنة الناس، ولا يقولون فيّ إلا خيراً. فأوحى الله إليه: يا يحيى لم أجعل هذا لي، فكيف أجعله لك؟. وأخرج أحمد والبيهقي في الشعب وابن عساكر، عن ثابت البناني قال: بلغنا أن إبليس ظهر ليحيى بن زكريا، فرأى عليه معاليق من كل شيء، فقال له يحيى: ما هذه؟! قال: هذه الشهوات التي أصيب بها بنو آدم. قال له يحيى: هل لي فيها شيء؟ قال: لا. قال: فهل تصيب مني شيئاً؟ قال: ربما شبعت، فثقلناك عن الصلاة والذكر. قال: هل غيره؟ قال: لا. قال: لا جرم، لا أشبع أبداً. وأخرج ابن عساكر من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي قال: كان ملك مات وترك امرأته وابنته، فورث ملكه أخوه، فأراد أن يتزوج امرأة أخيه، فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك، وكانت الملوك في ذلك الزمان يعلمون بأمر الأنبياء، فقال له: لا تتزوّجها فإنها بغي، فبلغ المرأة ذلك، فقالت: ليقتلن يحيى أو ليخرجن من ملكه. فعمدت إلى ابنتها فصيغتها، ثم قالت اذهبي إلى عمك عند الملأ، فإنه إذا رآك سيدعوك، ويجلسك في حجره ويقول: سليني ما شئت، فإنك لن تسأليني شيئاً إلا أعطيتك، فإذا قال لك قولي: فقولي لا أسألك شيئاً إلا رأس يحيى، وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رؤوس الملأ، ثم لم يمض له، نزع من ملكه. ففعلت ذلك، فجعل يأتيه الموت من قتله يحيى، وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه، فاختار ملكه، فقتله، فساخت بأمها الأرض. قال ابن جدعان: فحدثت بهذا الحديث ابن المسيب، فقال: أما أخبرك كيف كان قتل زكريا؟ قلت: لا. قال: إن زكريا حيث قتل ابنه، انطلق هارباً منهم، واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق، فدعته إليها فانطوت عليه، وبقيت من ثوبه هدبة تلعبها الريح، فانطلقوا إلى الشجرة فلم يجدوا أثره عندها، فنظروا تلك الهدبة، فدعوا المنشار، فقطعوا الشجرة فقطعوه فيها. وأخرج ابن عساكر عن ابن عمرو قال: التي قتلت يحيى بن زكريا امرأة ورثت الملك عن آبائها، فأتيت برأس يحيى وهي على سريرها، فقال للأرض خذيها فأخذتها وسريرها فذهب بها. وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر، عن عبد الله بن الزبير: أن ملكاً أراد أن يتزوج ابنة أخيه، فاستفتى يحيى بن زكريا؟ فقال: لا تحل لك. فسألت قتله؟ فبعث إليه- وهو في محرابه يصلي- فذبحوه، ثم حزوا رأسه وأتوا به الملك، فجعل الرأس يقول: لا يحل لك ما تريد. وأخرج ابن عساكر عن ابن شوذب قال: قال يحيى بن زكريا للذي جاء يحز رأسه: أما تعلم أني نبي؟ قال: بلى، ولكني مأمور. وأخرج الحاكم وابن عساكر، عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى محمد- صلى الله عليه وسلم- إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً وإني قاتل بابن ابنتك سبيعن ألفا وسبعين ألفاً. وأخرج ابن عساكر، عن شمر بن عطية قال: قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون نبياً منهم يحيى بن زكريا. وأخرج ابن عساكر عن قرة قال: ما بكت السماء على أحد، إلا على يحيى بن زكريا، والحسين بن علي، وحمرتها بكاؤها. وأخرج أحمد في الزهد، عن خالد بن ثابت الربعي قال: لما قتل فجرة بني إسرائيل- يحيى بن زكريا، أوحى الله إلى نبي من أنبيائهم: أن قل لبني إسرائيل «إلى متى تجترئون على أن تعصوا أمري، وتقتلوا رسلي؟ وحتى متى أضمكم في كنفي؟ كما تضم الدجاجة أولادها في كنفها، فتجترئون علي! اتقوا، لا أؤاخذاكم بكل دم كان بين ابني آدم ويحيى بن زكريا، واتقوا، أن أصرف عنكم وجهي، فإني إن صرفت عنكم وجهي لا أقبل عليكم إلى يوم القيامة». وأخرج أحمد عن سعيد بن جبير قال: لما قتل يحيى عليه السلام قال: بعض أصحابه لصاحب له: ابعث إلي بقميص نبي الله يحيى أشمه، فبعث به إليه، فإذا سداه ولحمته ليف!. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن يونس بن عبيد قال: بلغنا أنه كان رجل يجور على مملكته ويعدي عليهم، فائتمروا بقتله، فقالوا: نبي الله زكريا بين أظهرنا، فلو أتيناه فأتوا منزله، فإذا فتاة جميلة رائعة قد أشرق لها البيت حسناً، فقالوا: من أنتِ؟ قالت: امرأة زكريا. فقالوا فيما بينهم: كنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا، فإذا هو عنده امرأة من أجمل النساء، ثم إنهم رأوه في عمل عند قوم ويعمل لهم، حتى إذا حضر غداؤه قرب رغيفين، فأكل ولم يدعهم، ثم قام فعمل بقية عمله، ثم علق خفيه على عنقه والمسحاة والكساء، قال: ما حاجتكم؟ قالوا: قد جئنا لأمر، ولقد كاد يغلبنا ما رأينا، على ما جئنا له. قال: فهاتوا؟ قالوا: أتينا منزلك، فإذا امرأة جميلة رائعة! وكنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا، فقال: إني إنما تزوجت امرأة جميلة رائعة، لأكف بها بصري، وأحفظ بها فرجي، فخرج نبي الله مما قالوا. قالوا: ورأيناك قدمت رغيفين، فأكلت ولم تدعنا؟! قال: إن القوم استأجروني على عمل، فخشيت أن أضعف عن عملهم، ولو أكلتم معي لم يكفني ولم يكفكم، فخرج نبي الله مما قالوا. قالوا: ورأيناك وضعت خفيك على عنقك، والمسحاة والكساء. فقال: إن هذه الأرض جديدة، وكرهت أن أنقل تراب هذه في هذه، فخرج نبي الله مما قالوا. قالوا: إن هذا الملك يجور علينا ويظلمنا، وقد ائتمرنا لقتاله. قال: أي قوم، لا تفعلوا، فإن إزالة جبل من أصله أهون من إزالة ملك مؤجل. والله أعلم.

19:12

19:12

19:12

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)} أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {إذ انتبذت} أي انفردت {من أهلها مكاناً شرقياً} قال: قبل المشرق شاسعاً متنحياً. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً} قال: مكاناً أظلتها الشمس أن يراها أحد منهم. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: إنما اتخذت النصارى المشرق قبلةً، لأن مريم اتخذت من أهلها مكاناً شرقياً، فاتخذوا ميلاده قبلة، وإنما سجدت اليهود على حرف، حين نتق فوقهم الجبل، فجعلوا يتخوفون وهم ينظرون إليه، يتخوفون أن يقع عليهم، فسجدوا سجدة رضيها الله فاتخذوها سنة. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: إن أهل الكتاب، كتب عليهم الصلاة إلى البيت والحج إليه، وما صرفهم عنه إلا قول ربك: {فانتبذت من أهلها مكاناً شرقياً} قال: خرجت منهم مكاناً شرقياً، فصلوا قبل مطلع الشمس. وأخرج ابن عساكر من طريق داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما بلغت مريم، فإذا هي في بيتها منفصلة، إذ دخل عليها رجل بغير إذن، فخشيت أن يكون دخل عليها ليغتالها فقالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً} قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكياً} قالت: {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً} قال: {كذلك قال ربك} فجعل جبريل يردد ذلك عليها وتقول: {أنى يكون لي غلام} وتغفلها جبريل، فنفخ في جيب درعها، ونهض عنها، واستمر بها حملها، فقالت: إن خرجت نحو المغرب، فالقوم يصلون نحو المغرب، ولكن أخرج نحو المشرق، حيث لا يراني أحد، فخرجت نحو المشرق، فبينما هي تمشي، إذ جاءها المخاض، فنظرت هل تجد شيئاً تستتر به؟ فلم تر إلا جذع النخلة، فقال: أستتر بهذا الجذع من الناس. وكان تحت الجذع نهر يجري، فانضمت إلى النخلة، فلما وضعته، خر كل شيء يعبد من دون الله في مشارق الأرض ومغاربها ساجداً لوجهه. وفزع إبليس، فخرج فصعد فلم ير شيئاً ينكره، وأتى المشرق فلم ير شيئاً ينكره، وجعل لا يصبر فأتى المغرب لينظر، فلم ير شيئاً ينكره. فبينا هو يطوف إذ مر بالنخلة، فإذا هو بامرأة معها غلام قد ولدته، وإذا بالملائكة قد أحدقوا بهَا، وبابنها وبالنخلة فقال: هاهنا حدث الأمر، فمال إليهم فقال: أي شيء هذا الذي حدث؟ فكلمته الملائكة فقالوا: نبي ولد بغير ذكر. قال: أما والله لأضِلَّنَ به أكثر العالمين. أضل اليهود فكفروا به، وأضل النصارى فقالوا: هو ابن الله. قال: وناداها ملك من تحتها {قد جعل ربك تحتك سرياً} قال إبليس: ما حملت أنثى إلا بعلمي، ولا وضعته إلا على كفي، ليس هذا الغلام! لم أعلم به حين حملته أمه، ولم أعلم به حين وضعته. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر من طريق السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس وعن مرة بن مسعود- رضي الله عنهما- قالا: خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها، فلما طهرت إذ هي برجل معها {فتمثل لها بشراً} ففزعت، وقال: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً} فخرجت وعليها جلبابها فأخذ بكمها، فنفخ في جيب درعها،- وكان مشقوقاً من قدامها- فدخلت النفخة صدرها، فحملت فأتتها أختها امرأة زكريا ليلة تزورها، فلما فتحت لها الباب التزمتها، فقالت امرأة زكريا: يا مريم، أشعرت أني حبلى. قالت مريم: أشعرت أيضاً أني حبلى، فقالت امرأة زكريا: فإني وجدت ما في بطني يسجد للذي في بطنك. فذاك قوله: {مصدقاً بكلمة من الله} فولدت امرأة زكريا يحيى. ولما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة، قالت يا ليتني مت قبل هذا} الآية {فناداها} جبريل {من تحتها ألاَّ تحزني} فلما ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل: إن مريم ولدت، فلما أرادوها على الكلام، أشارت إلى عيسى فتكلم فقال: {إني عبد الله آتاني الكتاب} الآيات. فلما ولد لم يبق في الأرض صنم إلا خرَّ لوجهه. وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر، عن الضحاك رضي الله عنه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {واذكر في الكتاب مريم} يقول: قص ذكرها على اليهود والنصارى ومشركي العرب {إذ انتبذت} يعني خرجت {من أهلها مكاناً شرقياً} قال: كانت خرجت من بيت المقدس مما يلي المشرق {فاتخذت من دونهم حجاباً} وذلك أن الله لما أراد أن يبتدئها بالكرامة، ويبشرها بعيسى، وكانت قد اغتسلت من المحيض فتشرفت، وجعلت بينها وبين قومها {حجاباً} يعني جبلاً فكان الجبل بين مجلسها وبين بيت المقدس {فأرسلنا إليها روحنا} يعني جبريل {فتمثل لها بشراً} في صورة الآدميين {سوياً} يعني معتدلاً شاباً أبيض الوجه جعداً قططاً حين اخضر شاربه، فلما نظرت إليه قائماً بين يديها {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً} وذلك أنها شبهته بشاب كان يراها ويمشي معها يقال له يوسف من بني إسرائيل، وكان من خدم بيت المقدس، فخافت أن يكون الشيطان قد استزله، فمن ثم قالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً} يعني إن كنت تخاف الله. قال جبريل: وتبسم {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً} يعني لله مطيعاً من غير بشر. {قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} يعني زوجاً {ولم أك بغياً} أي مومسة. قال جبريل: {كذلك} يعني هكذا {قال ربك هو على هين} يعني خلقه من غير بشر. {ولنجعله آية للناس} يعني عبرة، والناس هنا للمؤمنين خاصة، ورحمة لمن صدق بأنه رسول الله. {وكان أمراً مقضياً} يعني كائناً أن يكون من غير بشر. فدنا جبريل فنفخ في جيبها، فدخلت النفخة جوفها، فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم والمشيمة، ووضعته كما تضع النساء، فأصابها العطش، فأجرى الله لها جدولاً من الأردن، فذلك قوله: {قد جعل ربك من تحتك سرياً} والسري، الجدول. وحمل الجذع من ساعته {رطباً جنياً} فناداها من تحتها جبريل {هزي إليك بجذع النخلة} لم يكن على رأسها سقف، وكانت قد يبست منذ دهر طويل، فأحياها الله لها وحملت، فذلك قوله: {تساقط عليك رطباً جنياً} يعني طرياً بغباره {فكلي} من الرطب {واشربي} من الجدول {وقري عيناً} بولدك. فقال: فكيف بي إذا سألوني من أين هذا؟.. قال لها جبريل: {فإما ترين} يعني فإذا رأيت {من البشر أحداً} فأعنتك في أمرك {فقولي إني نذرت للرحمن صوماً} يعني صمتاً في أمر عيسى {فلن أكلم اليوم إنسياً} في أمره. حتى يكون هو الذي يعبر عني وعن نفسه. قال: ففقدوا مريم من محرابها، فسألوا يوسف، فقال: لا علم لي بها، وأن مفتاح محرابها مع زكريا. فطلبوا زكريا وفتحوا الباب وليست فيه، فاتهموه فأخذوه ووبخوه، فقال رجل: إني رأيتها في موضع كذا، فخرجوا في طلبها، فسمعوا صوت عقيق في رأس الجذع الذي مريم من تحته، فانطلقوا إليه فذلك قول الله: {فأتت به قومها تحمله} قال ابن عباس: لما رأت بأن قومها قد أقبلوا إليها، احتملت الولد إليهم حتى تلقتهم به، فذلك قوله: {فأتت به قومها تحمله} أي لا تخاف ريبة ولا تهمة، فلما نظروا إليها شق أبوها مدرعته، وجعل التراب على رأسه، وإخوتها وآل زكريا {فقالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً} يعني عظيماً {يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً} يعني زانية. فأنَّى أتيت هذا الأمر مع هذا الأخ الصالح والأب الصالح والأم الصالحة؟! {فأشارت إليه} تقول لهم: أن كلموه، فإنه سيخبركم {فإني نذرت للرحمن صوماً} أن لا أكلمكم في أمره، فإنه سيعبر عني، فيكون لكم آية وعبرة {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً} يعني من هو في الخرق طفلاً لا ينطق، فأنطقه الله فعبر عن أمه، وكان عبرة لهم فقال: {إني عبد الله} فلما أن قالها، ابتدأ يحيى وهو ابن ثلاث سنين، فكان أول من صدق به فقال: إني أشهد أنك عبد الله ورسوله. لتصديق قول الله: {ومصدقاً بكلمة من الله} فقال عيسى: {آتاني الكتاب وجعلني نبياً} إليكم {وجعلني مباركاً أينما كنت} قال ابن عباس- رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البركة التي جعلها الله لعيسى، أنه كان معلماً مؤدباً حيثما توجه» {وأوصاني بالصلاة والزكاة} يعني وأمرني {وبراً بوالدتي} فلا أعقها. قال ابن عباس حين قال: {وبراً بوالدتي} قال: زكريا: الله أكبر! فأخذه فضمه إلى صدره، فعلموا أنه خلق من غير بشر {ولم يجعلني جباراً شقياً} يعني متعظماً سفاكاً للدم. {والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً} يقول الله: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} يعني يشكون بقوله لليهود، ثم أمسك عيسى عن الكلام حتى بلغ مبلغ الناس. وأخرج ابن أبي شيبة. عن أبي حاتم، وأبو نعيم، عن مجاهد رضي الله عنه قال: قالت مريم: كنت إذا خلوت حدثني عيسى وكلمني وهو في بطني، وإذا كنت مع الناس سبح في بطني وكبر وأنا أسمع. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حين حملت وضعت. وأخرج ابن عساكر، عن الحسن رضي الله عنه قال: بلغني أن مريم حملت لسبع أو تسع ساعات، ووضعته من يومها. وأخرج ابن عساكر من طريق عكرمة رضي الله عنه، عن ابن عباس قال: وضعت مريم لثمانية أشهر، ولذلك لا يولد مولود لثمانية أشهر إلا مات لئلا تسب مريم بعيسى. وأخرج الحاكم، عن زيد العمى قال: ولد عيسى يوما عاشوراء. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن نوف قال: كانت مريم عليها السلام فتاة بتولاً، وكان زكريا زوج أختها كفلها فكانت معه، فكان يدخل عليه يسلم عليها، فتقرب إليه فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، فدخل عليها زكريا مرة، فقربت إليه بعض ما كانت تقرب {قال يا مريم أنى لك هذا، قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، هنالك دعا زكريا ربه} [ آل عمران: 38- 39] إلى قوله: {آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا زمراً} [ آل عمران: 42] {سوياً} صحيحاً. {فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم} كتب لهم {أن سبحوا بكرة وعشياً} قال: فبينما هي جالسة في منزلها، إذا رجل قائم بين يديها قد هتك الحجب، فلما أن رأته قالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً} قال فلما ذكرت الرحمن فزع جبريل عليه السلام قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً} إلى قوله: {وكان أمراً مقضياً} فنفخ في جيبها جبريل، فحملت حتى إذا أثقلت وجعت ما يجع النساء، وكانت في بيت النبوة، فاستحيت وهربت حياء من قومها، فأخذت نحو المشرق، وأخذ قومها في طلبها، فجعلوا يسألون رأيتم فتاة كذا وكذا؟ فلا يخبرهم أحد. وأخذها {المخاض إلى جذع النخلة} فتساندت إلى النخلة قالت: {يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً} قال: حيضة من حيضة {فناداها من تحتها} قال: جبريل من أقصى الوادي {ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً} قال: جدولاً {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً} فلما قال لها جبريل: اشتد ظهرها وطابت نفسها، فقطعت سرته ولفته في خرقة وحملته، فلقي قومها راعي بقر، وهم في طلبها. قالوا: يا راعي، هل رأيت فتاة كذا وكذا؟ قال: لا ولكن رأيت الليلة من بقري شيئاً لم أره منها قط فيما خلا! قال: رأيتها باتت سجداً نحو هذا الوادي، فانطلقوا حيث وصف لهم، فلما رأتهم مريم جلست وجعلت ترضع عيسى، فجاؤوا حتى وقفوا عليها {فقالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً} قال: أمراً عظيماً {فأشارت إليه} أن كلموه، فعجبوا منها: قالوا: {كيف نكلم من كان في المهد صبياً} {قال إني عبد الله آتاني الكتاب} والمهد حجرها، فلما قالوا ذلك: ترك عيسى ثديها واتكأ على يساره ثم تكلم {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً} {وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً، وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً} قال: واختلف الناس فيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعمر بن الخطاب لم أستحب النصارى الحجب على مذابحهم؟ قال: إنما يستحب النصارى الحجب على مذابحهم ومناسكهم، لقول الله سبحانه وتعالى: {فاتخذت من دونهم حجاباً}. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله: {فأرسلنا إليها روحنا} قال: بعث الله إليها ملكاً فنفخ في جيبها، فدخل في الفرج. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فأرسلنا إليها روحنا} قال: جبريل. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن سعيد بن جبير في قوله: {فأرسلنا إليها روحنا} الآية قال: نفخ جبريل في درعها، فبلغت حيث شاء الله. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عطاء بن يسار: إن جبريل أتاها في صورة رجل فكشف الحجاب، فلما رأته تعوذت منه، فنفخ في جيب درعها فبلغت، فذكر ذلك في المدينة، فهجر زكريا وترك، وكان قبل ذلك يستفتى ويأتيه الناس، حتى إن كان ليسلم على الرجل فما يكلمه. وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي بن كعب في قوله: {فتمثل لها بشراً سوياً} قال: تمثل لها روح عيسى في صورة بشر فحملته. قال: حملت الذي خاطبها، دخل في فيها. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي وائل في قوله: {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً} قال: لقد علمت مريم أن التقي ذو نهية. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله: {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً} قال: إنما خشيت أن يكون إنما يريدها عن نفسها. {قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً} زعموا أنه نفخ في جيب درعها وكمها. وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ {لأهب لك} مهموزة بالألف، وفي قراءة عبد الله {ليهب لك} بالياء. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {غلاماً زكياً} قال: صالحاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله: {ولم أك بغياً} قال زانية. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس في قوله: {مكاناً قصياً} قال نائياً. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {مكاناً قصياً} قال: قاصياً وفي قوله: {فأجاءها المخاض} قال: ألجأها. وأخرج الطستي، عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {فأجاءها المخاض} قال: ألجأها قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول: إذا شددنا شدة صادقة *** فأجأناكم إلى سفح الجبل وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {فأجاءها المخاض} قال: اضطرها. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله: {فأجاءها المخاض} قال فأداها. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} قال: كان جذعاً يابساً. وأخرج عبد بن حميد من طريق هلال بن خباب، عن أبي عبيد الله {فأجاءها المخاض إلى جذع} نخلة يابسة قد جيء به ليبنى به بيت يقال له بيت لحم، فحركته فإذا هو نخلة. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي قدامة قال: أنبت لمريم نخلة، تعلق بها كما تعلق المرأة بالمرأة عند الولادة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله: {وكنت نسياً منسياً} قال: لم أخلق ولم أك شيئاً. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة في قوله: {وكنت نسياً منسياً} قال: حيضة ملقاة. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد في قوله: {وكنت نسياً منسياً} قال: حيضة. وأخرج عبد بن حميد، عن نوف البكالي، عن الضحاك في قوله: {وكنت نسياً منسياً} قال حيضة ملقاة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {وكنت نسياً منسياً} قال: تقول لا أعرف ولا أدري من أنا. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله: {وكنت نسياً منسياً} قال: هو السقط والله تعالى أعلم بالصواب. وأخرج أبو عبيد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن علقمة أنه قرأ {فخاطبها من تحتها}. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله: {فناداها من تحتها} قال: جبريل، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها. وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة، قال الذي ناداها هو جبريل. وأخرج عبد بن حميد، عن الضحاك وعمرو بن ميمون مثله. وأخرج ابن أبي حاتم، عن البراء {فناداها من تحتها} قال: ملك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله: {فناداها من تحتها} قال: جبريل من أسفل الوادي. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {فناداها من تحتها} قال: عيسى. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن {فناداها من تحتها} قال: هو عيسى. واخرج ابن المنذر، عن أبي بن كعب قال الذي خاطبها: هو الذي حملته في جوفها، دخل من فيها. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر، عن زر بن حبيش أنه قرأ {فناداها من تحتها}. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة {فناداها من تحتها} أي الملك من تحت النخلة. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن قال: من قرأ من تحتها فهو جبريل، ومن قرأ من تحتها، فهو عيسى. وأخرج عبد بن حميد، عن أبي بكر بن عياش قال: قرأ عاصم بن أبي النجود {فناداها من تحتها} بالنصب قال: وقال عاصم: من قرأ بالنصب فهو عيسى، ومن قرأها بالخفض، فهو جبريل. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله: {جعل ربك تحتك سرياً} قال: نبياً وهو عيسى. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن جرير بن حازم قال: سألني محمد بن عباد بن جعفر ما يقول أصحابكم في قوله؟ {قد جعل ربك تحتك سرياً} قال: فقلت له: سمعت قتادة يقول: الجدول. قال: فأخبر قتادة عني فإنما نزل القرآن بلغتنا إنه الرجل السري. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله: {قد جعل ربك تحتك سرياً} يريد نفسه أي سرى أسرى منه، قيل فالذين يقولون السري البحر قال: ليس كذلك لو كان كذلك لكان يكون إلى جنبها ولا يكون النهر تحتها. وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن النجار، عن ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن السري الذي قال الله لمريم: {قد جعل ربك تحتك سرياً} نهر، أخرجه الله لها لتشرب منه». وأخرج الطبراني في الصغير وابن مردويه، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «{قد جعل ربك تحتك سرياً} قال: النهر». وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه وابن مردويه، عن البراء في قوله: {قد جعل ربك تحتك سرياً} قال: هو الجدول، وهو النهر الصغير. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {قد جعل ربك تحتك سرياً} قال: نهر عيسى. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر، عن عثمان بن محصن قال: سئل ابن عباس عن قوله: {سرياً} قال: الجدول. أما سمعت قول الشاعر وهو يقول: سلم تر الدالي منه أزورا *** إذا يعج في السري هرهرا وأخرج ابن الأنباري في الوقف والطستي، عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {تحتك سرياً} قال: السري النهر الصغير، وهو الجدول. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت قول الشاعر: سهل الخليقة ماجد ذو نائل *** مثل السريّ تمده الأنهار وأخرج عبد بن حميد، عن الضحاك في قوله: {سريا} قال: الجدول. وأخرج عبد بن حميد، عن عمرو بن ميمون وإبراهيم النخعي مثله. وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة أن الحسن تلا هذه الآية، وإلى جنبه حميد بن عبد الرحمن الحميري {قد جعل ربك تحتك سرياً} قال: إن كان لسريا، وإن كان لكريماً فقال حميد: يا أبا سعيد، إنه الجدول فقال له: لم تزل تعجبنا مجالستك، ولكن غلبتنا عليك الأمراء. وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة قال: السري الماء. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {سرياً} قال: نهراً بالسريانية. وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله: {سرياً} قال نهراً بالقبطية. وأخرج ابن عساكر، عن سفيان بن حسين في قوله: {قد جعل ربك تحتك سرياً} قال: تلاها الحسن فقال: كان والله {سرياً} يعني عيسى- عليه السلام- فقال له خالد بن صفوان: يا أبا سعيد، إن العرب تسمي الجدول السري، فقال: صدقت.

19:16

19:16

19:16

19:16

19:16

19:16

19:16

19:16

{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)} أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {وهزي إليك بجذع النخلة} قال: حركيها. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف، عن مجاهد {وهزي إليك بجذع النخلة} قال: كانت عجوة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن البراء أنه قرأ {يساقط عليك} بالياء. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قرأ {يساقط عليك} بالياء يعني الجذع. وأخرج عبد بن حميد، عن مسروق أنه قرأ {تساقط عليك رطباً جنياً} بالتاء. وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ {تساقط} مثقلة بالتاء. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن طلحة الإيابي أنه قرأ {تساقط عليك رطباً} مثقلة. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي نهيك أنه قرأ {تسقط عليك رطباً}. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {رطباً جنياً} قال: طرياً. وأخرج الخطيب في تالي التلخيص، عن ابن عباس في قوله: {تساقط عليك رطباً جنياً} قال: بغباره. وأخرج ابن الأنباري والخطيب، عن أبي حباب مثله. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي روق قال: انتهت مريم إلى جذع ليس له رأس، فأنبت الله له رأساً، وأنبت فيه رطباً وبسراً ومدبباً وموزاً، فلما هزت النخلة، سقط عليها من جميع ما فيها. وأخرج عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد، عن أبي قدام قال: أنبتت لمريم نخلة تعلق بها كما تعلق المرأة عند الولادة. وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم وابن السني وأبو نعيم معاً في الطب النبوي والعقيلي وابن عدي وابن مردويه وابن عساكر، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام، وليس من الشجر شجرة تلقح غيرها» وقال صلى الله عليه وسلم: «أطعموا نساءكم الولَّد الرطب، فإن لم يكن رطب، فتمر فليس من الشجر شجرة أكرم من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران». وأخرج ابن عساكر، عن أبي سعيد الخدري قال: «سألنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مماذا خلقت النخلة؟ قال: خلقت النخلة والرمان والعنب من فضل طينة آدم عليه السلام». وأخرج ابن عساكر، عن سلمة بن قيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر، فإنه من كان طعامها في نفاسها التمر: خرج ولدها ولداً حليماً، فإنه كان طعام مريم، حيث ولدت عيسى، ولو علم الله طعاماً هو خير لها من التمر لأطعمها إياه». وأخرج عبد بن حميد، عن شقيق قال: لو علم الله أن شيئاً للنفساء خير من الرطب لأمر مريم به. وأخرج عبد بن حميد، عن عمرو بن ميمون قال، ليس للنفساء خير من الرطب، أو التمر وقال: إن الله قال: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً}. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر، عن الربيع بن خيثم قال: ليس للنفساء عندي دواء مثل الرطب، ولا للمريض مثل العسل. وأخرج ابن عساكر، عن الشعبي قال: كتب قيصر إلى عمر بن الخطاب أن رسلاً أتتني من قبلك، فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة لشيء من الخير! تخرج مثل أذان الحمير، ثم تشقق عن مثل اللؤلؤ الأبيض، ثم تصير مثل الزمرد الأخضر، ثم تصير مثل الياقوت الأحمر، ثم تينع وتنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل، ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم، وزاداً للمسافر، فإن لم تكن رسلي صدقتني، فلا أرى هذه الشجرة إلا من شجر الجنة، فكتب إليه عمر أن رسلك قد صدقتك، هذه الشجرة عندنا: وهي التي أنبتها الله على مريم حين نفست بعيسى.