Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 2
الربع رقم 2
quran-border  قل ان كانت لكم الدار الاخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين ولن يتمنوه ابدا بما قدمت ايديهم والله عليم بالظالمين ولتجدنهم احرص الناس على حياة ومن الذين اشركوا يود احدهم لو يعمر الف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب ان يعمر والله بصير بما يعملون قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فان الله عدو للكافرين ولقد انزلنا اليك ايات بينات وما يكفر بها الا الفاسقون اوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل اكثرهم لا يؤمنون ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كانهم لا يعلمون
Page Number

1

{قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدار الآخرة عِندَ الله خَالِصَةً} خاصة بكم كما قلتم: {لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا} ونصبها على الحال من الدار. {مّن دُونِ الناس} سائرهم، واللام للجنس، أو المسلمين واللام للعهد {فَتَمَنَّوُاْ الموت إِن كُنْتُمْ صادقين} لأن من أيقن أنه من أهل الجنة اشتاقها، وأحب التخلص إليها من الدار ذات الشوائب، كما قال عليّ رضي الله تعالى عنه: لا أبالي سقطت على الموت، أو سقط الموت علي، وقال عمار رضي الله تعالى عنه بصفين: الآن ألاقي الأحبة محمداً وحزبه، وقال حذيفة رضي الله عنه حين اختصر: جاء حبيب على فاقة لا أفلح من ندم أي: على التمني، سيما إذا علم أنها سالمة له لا يشاركه فيها غيره.

{وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من موجبات النار، كالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن، وتحريف التوراة. ولما كانت اليد العاملة مختصة بالإنسان، آلة لقدرته بها عامة صنائعه ومنها أكثر منافعه، عبر بها عن النفس تارة والقدرة أخرى، وهذه الجملة إخبار بالغيب وكان كما أخبر، لأنهم لو تمنوا لنقل واشتهر، فإن التمني ليس من عمل القلب ليخفى، بل هو أن يقول: ليت لي كذا، ولو كان بالقلب لقالوا: تمنينا. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه، وما بقي على وجه الأرض يهودي» {والله عَلِيمٌ بالظالمين} تهديد لهم وتنبيه على أنهم ظالمون في دعوى ما ليس لهم، ونفيه عمن هو لهم.

{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس على حياة} من وجد بعقله الجاري مجرى علم، ومفعولاه هم وأحرص الناس، وتنكير حياة لأنه أريد بها فرد من أفرادها وهي: الحياة المتطاولة، وقرئ باللام. {وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ} محمول على المعنى وكأنه قال: أحرص من الناس على الحياة ومن الذين أشركوا. وإفراده بالذكر للمبالغة، فإن حرصهم شديد إذ لم يعرفوا إلا الحياة العاجلة، والزيادة في التوبيخ والتقريع، فإنهم لما زاد حرصهم وهم مقرون بالجزاء على حرص المنكرين دل ذلك على علمهم بأنهم صائرون إلى النار، ويجوز أن يراد وأحرص من الذين أشركوا، فحذف أحرص لدلالة الأول عليه، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف صفته {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ} على أنه أريد بالذين أشركوا اليهود لأنهم قالوا: {عُزَيْرٌ ابن الله} أي: ومنهم ناس يود أحدهم، وهو على الأولين بيان لزيادة حرصهم على طريق الاستئناف. {لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} حكاية لودادتهم، ولو بمعنى ليت وكان أصله: لو أعمر، فأجرى على الغيبة لقوله: يود، كقولك حلف بالله ليفعلن {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العذاب أَن يُعَمَّرَ} الضمير لأحدهم، وأن يعمر فاعل مزحزحه، أي وما أحدهم بمن يزحزحه من العذاب تعميره، أو لما دل عليه يعمر. وأن يعمر بدل منه. أو منهم، وأن يعمر موضحه وأصل سنة سنوة لقولهم سنوات. وقيل سنهة كجبهة لقولهم سانهته وتسنهت النخلة إذا أتت عليها السنون، والزحزحة التبعيد {والله بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} فيجازيهم.

{قُلْ مَن كَانَ عَدُوّا لِّجِبْرِيلَ} نزل في عبد الله بن صوريا، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن ينزل عليه بالوحي؟ فقال: جبريل، فقال: ذاك عدونا عادانا مراراً، وأشدَّها أنه أنزل على نبينا أن بيت المقدس سيخربه بختنصر، فبعثنا من يقتله فرآه ببابل فدفع عنه جبريل. وقال: إن كان ربكم أمره بهلاككم فلا يسلطكم عليه وإلا فيم تقتلونه؟. وقيل: دخل عمر رضي الله تعالى عنه مدارس اليهود يوماً، فسألهم عن جبريل فقالوا: ذاك عدونا يطلع محمداً على أسرارنا وإنه صاحب كل خسف وعذاب، وميكائيل صاحب الخصب والسلام، فقال: وما منزلتهما من الله؟ قالوا: جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وبينهما عداوة، فقال؛ لئن كانا كما تقولون فليسا بعدوين ولأنتم أكفر من الحمير، ومن كان عدو أحدهما فهو عدو الله. ثم رجع عمر فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فقال عليه الصلاة والسلام: «لقد وافقك ربك يا عمر» وفي جبريل ثمان لغات قرئ بهن أربع في: المشهور {جبرئل} كسلسبيل قراءة حمزة والكسائي، و{جبريل} بكسر الراء وحذف الهمزة قراءة ابن كثير، و{جبرئل} كجحمرش قراءة عاصم برواية أبي بكر، و{جبريل} كقنديل قراءة الباقين. وأربع في الشواذ: {جبرائيل} كجبراعيل، و{جبريل} و{جبرين} ومنع صرفه للعجمة، والتعريف، ومعناه عبد الله. {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ} البارز الأول لجبريل، والثاني للقرآن، وإضماره غير مذكور يدل على فخامة شأنه كأنه لتعينه وفرط شهرته لم يحتج إلى سبق ذكره. {على قَلْبِكَ} فإنه القابل الأول للوحي، ومحل الفهم والحفظ، وكان حقه على قلبي لكنه جاء على حكاية كلام الله تعالى كأنه قال: قل ما تكلمت به. {بِإِذُنِ الله} بأمره، أو تيسيره حال من فاعله نزله. {مُصَدّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وبشرى لِلْمُؤْمِنِينَ} أحوال من مفعوله، والظاهر أن جواب الشرط {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ}، والمعنى من عادى منهم جبريل فقد خلع ربقة الإنصاف، أو كفر بما معه من الكتاب بمعاداته إياه لنزوله عليك بالوحي، لأنه نزل كتاباً مصدقاً للكتب المتقدمة، فحذف الجواب وأقيم علته مقامه، أو من عاداه فالسبب في عداوته أنه نزله عليك. وقيل محذوف مثل: فليمت غيظاً، أو فهو عدو لي وأنا عدو له. كما قال:

{مَن كَانَ عَدُوّا لّلَّهِ وَمَلئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وميكال فَإِنَّ الله عَدُوٌّ للكافرين} أراد بعداوة الله مخالفته عناداً، أو معاداة المقربين من عباده، وصدر الكلام بذكره تفخيماً لشأنهم كقوله تعالى: {والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} وأفرد الملكين بالذكر لفضلهما كأنهما من جنس آخر، والتنبيه على أن معاداة الواحد والكل سواء في الكفر واستجلاب العداوة من الله تعالى، وأن من عادى أحدهم فكأنه عادى الجميع، إذ الموجب لعداوتهم ومحبتهم على الحقيقة واحد، ولأن المحاجة كانت فيهما. ووضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على أنه تعالى عاداهم لكفرهم، وأن عداوة الملائكة والرسل كفر. وقرأ نافع {ميكائل} كميكاعل، وأبو عمرو ويعقوب وعاصم برواية حفص {ميكال} كميعاد، والباقون {ميكائيل} بالهمزة والياء بعدها. وقرئ: {ميكئل} كميكعل، و{ميكئيل} كميكعيل، وميكايل.

{قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدار الآخرة عِندَ الله خَالِصَةً} خاصة بكم كما قلتم: {لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا} ونصبها على الحال من الدار. {مّن دُونِ الناس} سائرهم، واللام للجنس، أو المسلمين واللام للعهد {فَتَمَنَّوُاْ الموت إِن كُنْتُمْ صادقين} لأن من أيقن أنه من أهل الجنة اشتاقها، وأحب التخلص إليها من الدار ذات الشوائب، كما قال عليّ رضي الله تعالى عنه: لا أبالي سقطت على الموت، أو سقط الموت علي، وقال عمار رضي الله تعالى عنه بصفين: الآن ألاقي الأحبة محمداً وحزبه، وقال حذيفة رضي الله عنه حين اختصر: جاء حبيب على فاقة لا أفلح من ندم أي: على التمني، سيما إذا علم أنها سالمة له لا يشاركه فيها غيره.

2:99

2:99