Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 2
الربع رقم 4
quran-border  ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل ان هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به ومن يكفر به فاولئك هم الخاسرون يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني فضلتكم على العالمين واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا امنا وارزق اهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الاخر قال ومن كفر فامتعه قليلا ثم اضطره الى عذاب النار وبئس المصير
Page Number

1

{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)} أخرج الثعلبي عن ابن عباس «أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم، فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم وأيسوا منه أن يوافقهم على دينهم، فأنزل الله: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى...} الآية».

{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)} أخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله: {الذين أتيناهم الكتاب} قال: هم اليهود والنصارى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: {يتلونه حق تلاوته} قال: يحلون حلاله ويحرمون حرامه، ولا يحرفونه عن مواضعه. وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والهروي في فضائله ن ابن عباس في قوله: {يتلونه حق تلاوته} قال: يتبعونه حق اتباعه، ثم قرأ {والقمر إذا تلاها} [ الشمس: 2] يقول: اتبعها. وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب في قوله: {يتلونه حق تلاوته} قال: إذا مر بذكر الجنة سأل الله الجنة، وإذا مر بذكر النار تعوّذ بالله من النار. وأخرج الخطيب في كتاب الرواة عن مالك بسند فيه مجاهيل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {يتلونه حق تلاوته} قال: يتبعونه حق اتباعه. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير من طرق عن ابن مسعود قال: في قوله: {يتلونه حق تلاوته} قال: أنّ يحل حلاله ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزل الله ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئاً غير تأويله. وفي لفظ: يتبعونه حق اتباعه. وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله: {يتلونه حق تلاوته} قال: يتكلمونه كما أنزل الله ولا يكتمونه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} قال: منهم أصحاب محمد الذين آمنوا بآيات الله وصدقوا بها. قال: وذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: والله إن حق تلاوته أن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرفه عن مواضعه. قال: وحدثنا عن عمر بن الخطاب قال: لقد مضى بنو إسرائيل وما يعني بما تسمعون غيركم. وأخرج وكيع وابن جرير عن الحسن في قوله: {يتلونه حق تلاوته} قال: يعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه. وأخرج ابن جرير عن مجاهد {يتلونه حق تلاوته} قال: يتبعونه حق اتباعه.

2:121

2:121

{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)} أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} قال: ابتلاه الله بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد، في الرأس قص الشارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الرأس. وفي الجسد تقليم الأظفار، وحلق العانة، والختان، ونتف الابط، وغسل مكان الغائط والبول بالماء. وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم فأتمهن: فراق قومه في الله حين أمر بمفارقتهم، ومجاجته نمرود في الله حين وقفه على ما وقفه عليه من خطر الأمر الذي فيه خلافهم، وصبره على قذفهم إياه في النار ليحرفوه في الله، والهجرة بعد ذلك من وطنه وبلاده حين أمره بالخروج عنهم، وما أمره به من الضيافة والصبر عليها، وما ابتلي به من ذبح ولده. فلما مضى على ذلك كله وأخلصه البلاء قال الله له أسلم {قال أسلمت لرب العالمين} [ البقرة: 131]. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الكلمات التي ابتلى بها عشر، ست في الإِنسان وأربع في المشاعر. فأما التي في الإِنسان: فحلق العانة، ونتف الإِبط، أو الختان، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، والسواك، وغسل يوم الجمعة. والأربعة التي في المشاعر: الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، والإِفاضة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس قال: ما ابتلي أحد بهذا الدين فقام به كله إلا إبراهيم قال: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} قيل ما الكلمات؟ قال: سهام الإِسلام ثلاثون سهماً. عشر في براءة التائبون العابدون إلى آخر الآية، وعشر في أول سورة قد أفلح، وسأل سائل، والذين يصدقون بيوم الدين الآيات، وعشر في الأحزاب أن المسلمين والمسلمات إلى آخر الآية فأتمهن كلهن، فكتب له براءة قال تعالى {وإبراهيم الذي وفى} [ النجم: 37]. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم من طرق عن ابن عباس {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} قال: منهن مناسك الحج. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: الكلمات {إني جاعلك للناس إماماً} [ البقرة: 124]. {وإذ يرفع إبراهيم القواعد} [ البقرة: 127] والآيات في شأن المنسك، والمقام الذي جعل لإِبراهيم، والرزق الذي رزق ساكنو البيت، وبعث محمد في ذريتهما. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد في قوله: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} قال: ابتلى بالآيات التي بعدها. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن قال: ابتلاه بالكوكب فرضي عنه، وابتلاه بالقمر فرضي عنه، وابتلاه بالشمس فرضي عنه، وابتلاه بالهجرة فرضي عنه، وابتلاه بالختان فرضي عنه، وابتلاه بابنه فرضي عنه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فأتمهن} قال: فأدّاهن. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فطرة إبراهيم السواك». وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: من فطرة إبراهيم غسل الذكر والبراجم. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد قال: ست من فطرة إبراهيم: قص الشارب، والسواك، والفرق، وقص الأظفار، والاستنجاء، وحلق العانة، قال: ثلاثة في الرأس، وثلاثة في الجسد. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الآباط». وأخرج البخاري والنسائي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من الفطرة حلق العانة، وتقليم الأظفار، وقص الشارب». وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عشر من الفطرة: قص الشارب، واعفاء اللحية، والسواك، والاستنشاق بالماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الآباط، وحلق العانة، وانتقاض الماء يعني الاستنجاء بالماء. قال مصعب: نسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة». وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن ماجه عن عمار بن ياسر «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة المضمضة، والاستنشاق، والسواك، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الابط، والاستحداد، وغسل البراجم والانتضاح، والاختتان». وأخرج البزار والطبراني عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطهارات أربع: قص الشارب، وحلق العانة، وتقليم الأظفار، والسواك». وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس بن مالك قال: «وقَّت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب، وتقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف الإِبط، أن لا تترك أكثر من أربعين يوماً». وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس «قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لقد أبطأ عنك جبريل. فقال: ولم لا يبطىء عني وأنتم حولي لا تستنون لا تقلمون أظفاركم، ولا تقصون شواربكم، ولا تنقون براجمكم». وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عباس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص أو يأخذ من شاربه قال: لأن خليل الرحمن إبراهيم يفعله». وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والنسائي عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا». وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا المشركين، وفروا اللحى وأحفوا الشوارب». وأخرج البزار عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المجوس، جزوا الشوارب واعفوا اللحى». وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد الله بن عبد الله بن عبيد الله قال: «جاء رجل من المجوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حلق لحيته وأطال شاربه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قال: هذا في ديننا. قال: ولكن في ديننا أن تجز الشارب وأن تعفي اللحية». وأخرج البزار عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلاً وشاربه طويل فقال: «ائتوني بمقص وسواك، فجعل السواك على طرفه، ثم أخذ ما جاوز». وأخرج البزار والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإِيمان بسند حسن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقلم أظفاره ويقص شاربه يوم الجمعة قبل أن يخرج إلى الصلاة. وأخرج ابن عدي بسند ضعيف عن أنس قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن يحلق الرجل عانته كل أربعين يوماً، وأن ينتف ابطه كلما طلع، ولا يدع شاربيه يطولان، وأن يقلم أظفاره من الجمعة إلى الجمعة». وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قصوا أظافيركم فإن الشيطان يجري ما بين اللحم والظفر». وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن وابصة بن معبد قال «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى سألته عن الوسخ الذي يكون في الأظفار فقال: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك». وأخرج البزار عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما لي لا أهم ورفع أحدكم بين أنملته وظفره». وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن قيس بن حازم قال «صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة فأوهم فيها، فسأل فقال: ما لي لا أهم ورفع أحدكم بين ظفره وأنملته». وأخرج ابن ماجة والطبراني بسند ضعيف عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تسوكوا فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب، ما جاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك حتى خشيت أن يفرض علي وعلى أمتي، ولولا أني أخاف أن أشق على أمتي لفرضته لهم، وإني لأستاك حتى أني لقد خشيت أن أحفي مقادم فيَّ». وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب، ومجلاة للبصر». وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإِيمان وضعفه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم مرضاة للرب مفرحة للملائكة يزيد في الحسنات، وهو من السنة يجلو البصر، ويذهب الحفر، ويشد اللثة، ويذهب البلغم، ويطيب الفم». وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة». وأخرج أحمد بسند حسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، وعند كل وضوء بسواك». وأخرج البزار وأبو يعلى والطبراني بسند ضعيف عن عائشة قالت «ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يذكر السواك حتى خشينا أن ينزل فيه قرآن». وأخرج أحمد والحرث بن أبي أسامة والبزار وأبو يعلى وابن خزيمة والدارقطني والحاكم وصححه وأبو نعيم في كتاب السواك والبيهقي في شعب الإِيمان عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فضل الصلاة بسواك على الصلاة بغير سواك سبعون ضعفاً». وأخرج البزار والبيهقي بسند جيد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك». وأخرج أحمد وأبو يعلى بسند جيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقد أمرت بالسواك حتى ظننت أنه ينزل عليّ به قرآن أو وحي». وأخرج أحمد وأبو يعلى والطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ بالسواك. وأخرج الطبراني بسند حسن عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خفت على أضراسي». وأخرج البزار والترمذي الحكيم في نوادر الأصول عن كليح بن عبد الله الخطمي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس من سنن المرسلين: الحياء، والحلم، والحجامة، والسواك، والتعطر». وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام ليلة ولا ينتبه إلا استن». وأخرج الطبراني بسند حسن عن زيد بن خالد الجهني قال: «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته لشيء من الصلوات حتى يستاك». وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود بسند ضعيف عن عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ إلا تسوّك قبل أن يتوضأ». وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن عائشة «أنها سئلت بأي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ إذا دخل بيته؟ قالت: كان إذا دخل يبدأ بالسواك». وأخرج ابن ماجه عن علي بن أبي طالب قال: إن أفواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك. وأخرجه أبو نعيم في كتاب السواك عن علي مرفوعاً. وأخرج ابن السني وأبو نعيم معاً في الطب النبوي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن السواك ليزيد الرجل فصاحة». وأخرج ابن السني عن علي بن أبي طالب قال: قراءة القرآن والسواك يذهب البلغم. وأخرج أبو نعيم في معرفة الصحابة عن سمويه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نام ليلة حتى استن. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأبو نعيم في كتاب السواك بسند ضعيف من طريق أبي عتيق عن جابر. أنه كان ليستاك إذا أخذ مضجعه، وإذا قام من الليل، وإذا خرج إلى الصلاة. فقلت له: لقد شققت على نفسك. فقال: إن أسامة أخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك هذا السواك. وأخرج أبو نعيم بسند حسن عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يستاكوا بالأسحار». وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء». وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب». وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط بسند حسن عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم مرضاة للرب تبارك وتعالى». وأخرج أحمد بسند ضعيف عن قثم أو تمام بن عباس قال: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما لكم تأتوني قلحاً لا تسوكون، لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرضت عليهم الوضوء». وأخرج الطبراني عن جابر قال: كان السواك من أذن النبي صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب. وأخرج العقيلي في الضعفاء وأبو نعيم في السواك بسند ضعيف عن عائشة قالت «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر حمل السواك والمشط والمكحلة والقارورة والمرآة». وأخرج أبو نعيم بسند واهٍ عن رافع بن خديج مرفوعاً: «السواك واجب». وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: لقد كنا نؤمر بالسواك حتى ظننا أنه سينزل فيه. وأخرج ابن أبي شيبة عن حسان بن عطية مرفوعاً: «الوضوء شطر الإِيمان، والسواك شطر الوضوء، ولولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ركعتان يستاك فيهما العبد أفضل من سبعين ركعة لا يستاك فيها». وأخرج ابن أبي شيبة عن سليمان بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استاكوا وتنظفوا وأوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر». وأخرج ابن عدي عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتعاهد البراجم عند الوضوء لأن الوسخ إليها سريع». وأخرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول بسند فيه مجهول عن عبد الله بن بسر رفعه «قصوا أظفاركم، وادفنوا قلاماتكم، ونقوا براجمكم». وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس قال: «كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به، فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد». وأخرج ابن ماجة والبيهقي بسند جيد عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اطلى ولى عانته بيده. وأخرج البيهقي بسند ضعيف جداً عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتنور، وكان إذا كثر شعره حلقه. وأخرج أحمد والبيهقي عن شداد بن أوس رفعه «الختان سنة للرجال مكرمة للنساء». وأخرج الطبراني في مسند الشاميين وأبو الشيخ في كتاب العقيقة والبيهقي من حديث ابن عباس. مثله. وأخرج أبو داود عن عيثم بن كليب عن أبيه عن جده «أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد أسلمت- فقال له: ألق عنك شعر الكفر- يقول: احلق» قال: وأخبرني آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لآخر معه «ألق عنك شعر الكفر واختتن». وأخرج البيهقي عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أسلم فليختتن». وأخرج أحمد والطبراني عن عثمان بن أبي العاص أنه دعي إلى ختان فقال: ما كنَّا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى له. وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال: سبع من السنة في الصبي يوم السابع يسمى، ويختن، ويماط عنه الأذى، ويعق عنه، ويحلق رأسه، ويلطخ من عقيقته، ويتصدق بوزن شعر رأسه ذهباً أو فضة. وأخرج أبو الشيخ في كتاب العقيقة والبيهقي عن جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام». وأخرج البيهقي عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه. أن إبراهيم عليه السلام ختن إسحاق لسبعة أيام، وختن إسماعيل عند بلوغه. وأخرج ابن سعد عن حي بن عبد الله قال: بلغني أن إسماعيل عليه السلام اختتن وهو ابن ثلاث عشرة سنة. وأخرج أبو الشيخ في العقيقة من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه. أن إبراهيم عليه السلام أمر أن يختتن وهو حينئذ ابن ثمانين سنة، فعجل واختتن بالقدوم فاشتد عليه الوجع، فدعا ربه فأوحى إليه أنك عجلت قبل أن نأمرك بآلته قال: «يا رب كرهت أن أؤخر أمرك». وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثلاثين سنة بالقدوم». وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان إبراهيم أول من اختتن وهو ابن عشرين ومائة سنة واختتن بالقدوم، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة». وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي وصححاه من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: اختتن إبراهيم خليل الله وهو ابن عشرين ومائة سنة بالقدوم، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة. قال سعيد: وكان إبراهيم أول من اختتن وأول من رأى الشيب، فقال: يا رب ما هذا؟ قال: وقار يا إبراهيم. قال: رب زدني وقاراً. وأول من أضاف الضيف، وأول من جز شاربه، وأول من قص أظافيره، وأول من استحد. وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن إبراهيم أول من أضاف الضيف، وأول من قص الشارب، وأول من رأى الشيب، وأول من قص الأظافير، وأول من اختتن بقدومه». وأخرج البيهقي عن علي رضي الله عنه قال: كانت هاجر لسارة، فأعطت هاجر إبراهيم، فاستبق إسماعيل وإسحاق فسبقه إسماعيل فقعد في حجر إبراهيم. قالت سارة: والله لأغيرن منها ثلاثة أشراف، فخشي إبراهيم أن تجدعها أو تخرم أذنيها، فقال لها: هل لك أن تفعلي شيئاً وتبري يمينك؟ تثقبين أذنيها وتخفضينها، فكان أول الخفاض هذا. وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة قال: شكا إبراهيم عليه السلام إلى ربه ما يلقى من رداءة خلق سارة، فأوحى الله إليه يا إبراهيم أول من تسرول، وأول من فرق، وأوّل من استحد، وأول من اختتن، وأول من قرى الضيف، وأول من شاب. وأخرج وكيع عن واصل مولى ابن عيينة قال: أوحى الله إلى إبراهيم يا إبراهيم انك أكرم أهل الأرض إلي فإذا سجدت فلا تر الأرض عورتك. قال: فاتخذ سراويل. وأخرج الحاكم عن أبي أمامة قال: طلعت كف من السماء بين أصبعين من أصابعها شعرة بيضاء، فجعلت تدنو من رأس إبراهيم ثم تدنو، فالقتها في رأسه وقالت: اشعل وقاراً، ثم أوحى الله إليها أن تظهر، وكان أول من شاب واختتن، وأنزل الله على إبراهيم مما أنزل على محمد {التائبون العابدون الحامدون} [ التوبة: 112] إلى قوله: {وبشر المؤمنين} [ التوبة: 112] و {قد أفلح المؤمنون} [ المؤمنون: 1] إلى قوله: {هم فيها خالدون} [ المؤمنون: 11] و {إن المسلمين والمسلمات...} [ الأحزاب: 35] الآية. والتي في سأل، و {الذين هم على صلاتهم دائمون} [ المعارج: 23-33] إلى قوله: {قائمون} فلم يف بهذه السهام إلا إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن سعد في الطبقات عن سلمان قال: سأل إبراهيم ربه خيراً فأصبح ثلثا رأسه أبيض، فقال: ما هذا؟! فقيل له: عبرة في الدنيا ونور في الآخرة. وأخرج أحمد في الزهد عن سلمان الفارسي قال: أوى إبراهيم إلى فراشه فسأل الله أن يؤتيه خيراً، فأصبح وقد شاب ثلثا رأسه، فساءه ذلك فقيل: لا يسوءنك فإنه عبرة في الدنيا ونور لك في الآخرة، وكان أول شيب كان. وأخرج الديلمي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول من خضب بالحناء والكتم إبراهيم عليه السلام». وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن إبراهيم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم». وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم». وأخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود». وأخرج البزار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشبهوا بالأعاجم غيروا اللحى». وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف والبزار عن سعد بن إبراهيم عن أبيه قال: أول من خطب على المنبر إبراهيم عليه السلام حين أسر لوط واستأسرته الروم، فغزا إبراهيم حتى استنقذه من الروم. وأخرج ابن عساكر عن حسان بن عطية قال: أول من رتب العسكر في الحرب ميمنة وميسرة وقلباً إبراهيم عليه السلام لما سار لقتال الذين أسروا لوطا عليه السلام. وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن أبي يزيد عن رجل قد سماه قال: أوّل من عقد الألوية إبراهيم عليه السلام، بلغه أن قوماً أغاروا على لوط فسبوه، فعقد لواء وسار إليهم بعبيده ومواليه حتى أدركهم، فاستنقذه وأهله. وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الرمي عن ابن عباس قال: أوّل من عمل القسي إبراهيم عليه السلام. وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان أوّل من ضيف الضيف إبراهيم عليه السلام». وأخرج ابن سعد وابن أبي الدنيا وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإِيمان عن عكرمة قال: كان إبراهيم خليل الرحمن يكنى أبا الضيفان، وكان لقصره أربعة أبواب لكي لا يفوته أحد. وأخرج البيهقي عن عطاء قال: كان إبراهيم خليل الله عليه السلام، إذا أراد أن يتغدى طلب من يتغدى معه إلى ميل. وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان والخطيب في تاريخه والديلمي في مسند الفردوس والغسولي في جزئه المشهور واللفظ له عن تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن معانقة الرجل الرجل إذا هو لقيه؟ قال: كانت تحية الأمم. وفي لفظ: كانت تحية أهل الإِيمان وخالص ودّهم، وإن أول من عانق خليل الرحمن، فإنه خرج يوماً يرتاد لماشيته في جبال من جبال بيت المقدس إذا سمع صوت مقدس يقدس الله تعالى، فذهل عما كان يطلب فقصد قصد الصوت، فإذا هو بشيخ طوله ثمانية عشر ذراعاً أهلب يوحد الله عز وجل، فقال له إبراهيم: يا شيخ من ربك؟ قال: الذي في السماء. قال: من رب الأرض؟ قال: الذي في السماء. قال: فيها رب غيره؟ قال: ما فيها رب غيره، لا إله إلا هو وحده. قال إبراهيم: فأين قبلتك؟ قال: إلى الكعبة. فسأله عن طعامه فقال: أجمع من هذه الثمرة في الصيف فآكله في الشتاء. قال: هل بقي معك أحد من قومك؟ قال: لا. قال: أين منزلك؟ قال: تلك المغارة. قال: اعبر بنا إلى بيتك. قال: بيني وبينها واد لا يخاض. قال: فكيف تعبره؟ فقال: أمشي عليه ذاهباً وأمشي عليه عائداً. قال: فانطلق بنا فلفعل الذي ذلله لك يذلله لي. فانطلقا حتى انتهيا فمشيا جميعاً عليه كل واحد منهما يعجب من صاحبه، فلما دخلا المغارة فإذا بقبلته قبلة إبراهيم قال له إبراهيم: أي يوم خلق الله أشد؟ قال الشيخ: ذلك اليوم الذي يضع كرسيه للحساب، يوم تسعر جهنم لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلاَّ خر يهمه نفسه. قال له إبراهيم: ادع الله يا شيخ أن يؤمني وإياك من هول ذلك اليوم. قال الشيخ: وما تصنع بدعائي ولي في السماء دعوة محبوسة منذ ثلاث سنين؟ قال إبراهيم: ألا أخبرك ما حبس دعاءك قال: بلى. قال: إن الله عز وجل إذا أحب عبداً احتبس مسألته يحب صوته، ثم جعل له على كل مسألة ذخراً لا يخطر على قلب بشر، وإذا أبغض الله عبداً عجل له حاجته أو ألقى الأياس في صدره ليقبض صوته، فما دعوتك التي هي في السماء محبوسة؟ قال: مر بي هاهنا شاب في رأسه ذؤابة منذ ثلاث سنين ومعه غنم، قلت: لمن هذه؟ قال: لخليل الله إبراهيم. قلت: اللهم إن كان لك في الأرض خليل فأرنيه قبل خروجي من الدنيا. قال له إبراهيم عليه السلام: قد أجيبت دعوتك ثم اعتنقا، فيومئذ كان أصل المعانقة، وكان قبل ذلك السجود هذا لهذا وهذا لهذا، ثم جاء الصفاح مع الإِسلام فلم يسجد ولم يعانق، ولن تفترق الأصابع حتى يغفر لكل مصافح. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن كعب قال: قال إبراهيم عليه السلام: إنني ليحزنني أن لا أرى أحداً في الأرض يعبدك غيري، فأنزل الله إليه ملائكة يصلون معه ويكونون معه. وأخرج أحمد وأبو نعيم عن نوف البكالي قال: قال إبراهيم عليه السلام: يا رب إنه ليس في الأرض أحد يعبدك غيري، فأنزل الله عز وجل ثلاثة آلاف ملك فأمهم ثلاثة أيام. وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال: إبراهيم عليه السلام أول من أضاف الضيف، وأول من ثرد الثريد، وأول من رأى الشيب، وكان قد وسع عليه في المال والخدم. وأخرج ابن أبي شيبة عن السدي قال: أول من ثرد الثريد إبراهيم عليه السلام. وأخرج الديلمي عن نبيط بن شريط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أول من اتخذ الخبز المبلقس إبراهيم عليه السلام». وأخرج أحمد في الزهد عن مطرف قال: أول من راغم إبراهيم عليه السلام حين راغم قومه إلى الله بالدعاء. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف واللفظ له والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن ابن عباس قال «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أول الخلائق يلقى بثوب- يعني يوم القيامة- إبراهيم عليه السلام». وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال: يحشر الناس عراة حفاة، فأول من يلقى بثوب إبراهيم. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عبيد بن عمير قال: يحشر الناس حفاة عراة، فيقول الله: ألا أرى خليلي عرياناً، فيكسى إبراهيم عليه السلام ثوباً أبيض، فهو أول من يكسى. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن عبد الله بن الحرث قال: أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام قبطيتين، ثم يكسى النبي صلى الله عليه وسلم حلة الحيرة وهو على يمين العرش. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس قال «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا خير البرية. قال: ذاك إبراهيم». وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال: انطلق إبراهيم عليه السلام يمتار فلم يقدر على الطعام، فمر بسهلة حمراء، فأخذ منها، ثم رجع إلى أهله فقالوا: ما هذا؟ قال: حنطة حمراء، ففتحوها فوجدوها حنطة حمراء، فكان إذا زرع منها شيئاً نبتت سنبلة من أصلها إلى فرعها حباً متراكباً. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن سلمان قال: أرسل على إبراهيم عليه السلام أسدان مجوّعان، فلحساه وسجدا له. وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي بن كعب «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أرسل إلي ربي أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت عليه يا رب هوّن على أمتي، فرد على الثانية أن أقرأ على حرفين، قلت: يا رب هوّن على أمتي، فرد على الثالثة أن أقرأ على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتها مسألة فسلنيها. فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة إلى يوم يرغب إلي فيه الخلائق حتى إبراهيم». وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن كعب قال: كان إبراهيم عليه السلام يقري الضيف ويرحم المسكين وابن السبيل، فابطأت عليه الأضياف حتى أشرأب بذلك، فخرج إلى الطريق يطلب، فجلس فمر ملك الموت عليه السلام في صورة رجل، فسلم عليه فرد عليه السلام، ثم سأله من أنت؟ قال: أنا ابن السبيل قال: إنما قعدت هاهنا لمثلك، فأخذ بيده فقال له: انطلق. فذهب إلى منزله، فلما رآه إسحاق عرفه فبكى إسحق، فلما رأت سارة إسحاق يبكي بكت لبكائه، فلما رأى إبراهيم سارة تبكي فبكى لبكائها، فلما رأى ملك الموت إبراهيم يبكي بكى لبكائه ثم صعد ملك الموت، فلما ارتقى غضب إبراهيم فقال: بكيتم في وجه ضيفي حتى ذهب فقال إسحق: لا تلمني يا أبت فإني رأيت ملك الموت معك لا أرى أجلك إلا قد حضر فارث في أهلك أي أوصه، وكان لإبراهيم بيت يتعبد فيه فإذا خرج أغلقه لا يدخله غيره، فجاء إبراهيم ففتح بيته الذي يتعبد فيه فإذا هو برجل جالس فقال إبراهيم: من أدخلك، بإذن من دخلت؟! قال: بإذن رب البيت. قال: رب البيت أحق به، ثم تنحى في ناحية البيت فصلى ودعا كما كان يصنع، وصعد ملك الموت فقيل له: ما رأيت؟ قال: يا رب جئتك من عند عبدك ليس بعده في الأرض خير. قيل له: ما رأيت منه؟ قال: ما ترك خلقاً من خلقك إلا قد دعا له بخير في دينه وفي معيشته. ثم مكث إبراهيم عليه السلام ما شاء الله، ثم جاء ففتح بابه فإذا هو برجل جالس قال له: من أنت؟ قال: إنما أنا ملك الموت. قال إبراهيم: إن كنت صادقاً فأرني آية أعرف أنك ملك الموت. قال: اعرض بوجهك يا إبراهيم. قال: ثم أقبل فأراه الصورة التي يقبض بها المؤمنين، فرأى شيئاً من النور والبهاء لا يعلمه إلا الله، ثم قال: انظر فأراه الصورة التي يقبض فيها الكفار والفجار، فرعب إبراهيم عليه السلام رعباً حتى ألصق بطنه بالأرض، كادت نفس إبراهيم تخرج فقال: أعرف الذين أُمِرْتَ به فامض له. فصعد ملك الموت فقيل له: تلطف بإبراهيم، فأتاه وهو في عنب له وهو في صورة شيخ كبير لم يبق منه شيء، فلما رآه إبراهيم رحمه فأخذ مكتلاً ثم دخل عنبه فقطف من العنب في مكتله، ثم جاء فوضعه بين يديه فقال: كل... فجعل يضع ويريه أنه يأكل ويمجه على لحيته وعلى صدره، فعجب إبراهيم فقال: ما أبقت السن منك شيئاً كم أتى لك؟ فحسب مدة إبراهيم فقال: امالي كذا وكذا... فقال إبراهيم: قد أتي لي هذا إنما انتظر أن أكون مثلك اللهم اقبضني إليك، فطابت نفس إبراهيم على نفسه وقبض ملك الموت نفسه تلك الحال. وأخرج الحاكم عن الواقدي قال: ولد إبراهيم بغوطة دمشق في قرية يقال لها برزة، ومن جبل يقال له قاسيون. وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن أبي السكن الهجري قال: مات خليل الله فجأة، ومات داود فجأة، ومات سليمان بن داود فجأة، والصالحون، وهو تخفيف على المؤمن وتشديد على الكافر. وأخرج «أن ملك الموت جاء إلى إبراهيم عليه السلام ليقبض روحه، فقال إبراهيم: يا ملك الموت هل رأيت خليلاً يقبض روح خليله؟ فعرج ملك الموت إلى ربه فقال: قل له: هل رأيت خليلاً يكره لقاء خليله؟ فرجع قال: فاقبض روحي الساعة». وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير قال: «كان الله يبعث ملك الموت إلى الأنبياء عياناً، فبعثه إلى إبراهيم عليه السلام ليقبضه، فدخل دار إبراهيم في صورة رجل شاب جميل وكان إبراهيم غيوراً، فلما دخل عليه حملته الغيرة على أن قال له: يا عبد الله ما أدخلك داري؟ قال: أدخلنيها ربها. فعرف إبراهيم أن هذا الأمر حدث قال يا إبراهيم: إني أمرت بقبض روحك. قال: أمهلني يا ملك الموت حتى يدخل إسحاق فامهله، فلما دخل إسحاق قام إليه فاعتنق كل واحد منهما صاحبه، فرق لهما ملك الموت فرجع إلى ربه فقال: يا رب رأيت خليلك جزع من الموت. قال: يا ملك الموت فائت خليلي في منامه فاقبضه، فأتاه في منامه فقبضه». وأخرج أحمد في الزهد والمروزي في الجنائز عن أبي مليكة «أن إبراهيم لما لقي الله قيل له: كيف وجدت الموت؟ قال: وجدت الموت؟ قال: وجدت نفسي كأنما تنزع بالسلي. قيل له: قد يسرنا عليك الموت». وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في العزاء وابن أبي داود في البعث وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أولاد المؤمنين في جبل في الجنة، يكفلهم إبراهيم وسارة عليهما السلام حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة». وأخرج سعيد بن منصور عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن ذراري المسلمين في عصافير خضر في شجر في الجنة، يكفلهم إبراهيم عليه السلام». أما قوله تعالى: {وقال إني جاعلك للناس إماماً} الآية. أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس {قال: إني جاعلك للناس إماماً} يقتدى بدينك وهديك وسنتك {قال ومن ذريتي} إماماً لغير ذريتي {قال لا ينال عهدي الظالمين} أن يقتدى بدينهم وهديهم وسنتهم. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: هذا عند الله يوم القيامة لا ينال عهده ظالماً، فاما في الدنيا فقد نالوا عهده فوارثوا به المسلمين، وغازوهم، وناكحوهم، فلما كان يوم القيامة قصر الله عهده وكرامته على أوليائه. وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله: {إني جاعلك للناس إماما} يؤتم به ويقتدى قال إبراهيم {ومن ذريتي} فاجعل من يؤتم به ويقتدى به. وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال الله لإِبراهيم {إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي} فأبى أن يفعل، ثم {قال لا ينال عهدي الظالمين}. وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {لا ينال عهدي الظالمين} قال: لا اجعل اماماً ظالماً يقتدى به. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: يخبره أنه كائن في ذريته ظالم لا ينال عهده، ولا ينبغي له أن يوليه شيئاً من أمره. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لا ينال عهدي الظالمين} قال: ليس لظالم عليك عهد في معصية الله أن تطيعه. وأخرج وكيع وابن مردويه عن علي بن أبي طالب «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {لا ينال عهدي الظالمين} قال: لا طاعة إلا في المعروف». وأخرج عبد بن حميد عن عمران بن حصين «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا طاعة لمخلوق في معصية الله». وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال: لا طاعة مفترضة إلا لنبي.

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)} أخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله: {وإذ جعلنا البيت} قال: الكعبة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {مثابة للناس} قال: يثوبون إليه ثم يرجعون. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {مثابة للناس} قال لا يقضون منه وطراً يأتونه، ثم يرجعون إلى أهليهم، ثم يعودون إليه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء في قوله: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس} قال: يأتون إليه من كل مكان. وأخرج سفيان بن عيينة وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد في قوله: {مثابة للناس} قال: يأتون إليه لا يقضون منه وطراً أبداً، يحجون ثم يعودون {وأمنا} قال: تحريمه لا يخاف من دخله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وأمنا} قال: أمناً للناس. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله: {وأمناً} قال: أمناً من العدوان يحمل فيه السلاح، وقد كانوا في الجاهلية يتخطف الناس من حولهم وهم آمنون. أما قوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}. أخرج عبد بن حميد عن أبي إسحاق أن أصحاب عبد الله كانوا يقرأون {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قال: أمرهم أن يتخذوا. وأخرج عبد بن حميد عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: سمعت سعيد بن جبير قرأها {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} بخفض الخاء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والعدني والدارمي والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والطحاوي وابن حبان والدارقطني في الإِفراد والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب: وافقت ربي في ثلاث. قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} وقلت: يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهم البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب. واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة فقلت لهن {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن} [ التحريم: 5] فنزلت كذلك. وأخرج مسلم وابن أبي داود وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعاً، حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين، ثم قرأ {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}». وأخرج ابن ماجة وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر قال: «لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة عند مقام إبراهيم قال له عمر: يا رسول الله هذا مقام إبراهيم الذي قال الله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}؟ قال: نعم». وأخرج الطبراني والخطيب في تاريخه عن ابن عمر «أن عمر قال: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}». وأخرج عبد بن حميد والترمذي عن أنس «أن عمر قال: يا رسول الله لوصلينا خلف المقام؟ فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}». وأخرج ابن أبي داود عن مجاهد قال: كان المقام إلى لزق البيت فقال عمر بن الخطاب «يا رسول الله لو نحيته إلى البيت ليصلي إليه الناس، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}». وأخرج ابن أبي داود وابن مردويه عن مجاهد قال: قال عمر «يا رسول الله لو صلينا خلف المقام، فأنزل الله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} فكان المقام عند البيت فحوّله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضعه هذا. قال مجاهد: وقد كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن». وأخرج ابن مردويه من طريق عمر بن ميمون عن عمر «أنه مر بمقام إبراهيم فقال: يا رسول الله أليس نقوم مقام إبراهيم خليل ربنا؟ قال: بلى. قال: أفلا نتخذه مصلى؟ فلم يلبث إلا يسيراً حتى نزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}». وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والدارقطني في الإِفراد عن أبي ميسرة قال: قال عمر يا رسول الله هذا مقام خليل ربنا أفلا نتخذه مصلى؟ فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أما مقام إبراهيم الذي ذكر هاهنا فمقام إبراهيم هذا الذي في المسجد، ومقام إبراهيم بعد كثير مقام إبراهيم الحج كله. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: مقام إبراهيم الحرم كله. وأخرج ابن سعد وابن المنذر عن عائشة قالت: ألقي المقام من السماء. وأخرج ابن أبي حاتم والأزرقي عن ابن عمر قال: إن المقام ياقوتة من ياقوت الجنة محي نوره، ولولا ذلك لأضاء ما بين السماء والأرض، والركن مثل ذلك. وأخرج الترمذي وابن حبان والحاكم والبيهقي في الدلائل عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة طمس الله نورهما، ولولا ذلك لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب». وأخرج الحاكم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة». وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: الحجر مقام إبراهيم لينه الله فجعله رحمة وكان يقوم عليه ويناوله إسماعيل الحجارة. وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الركن والمقام من ياقوت الجنة، ولولا ما مسهما من خطايا بني آدم لأضاءا ما بين المشرق والمغرب، وما مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي». وأخرج البيهقي عن ابن عمر رفعه، ولولا ما مسه من انجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي، وما على وجه الأرض شيء من الجنة غيره. وأخرج الجندي في فضائل مكة عن سعيد بن المسيب قال: الركن والمقام حجران من حجارة الجنة. وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن مجاهد قال: يأتي الحجر والمقام يوم القيامة كل واحد منهما مثل أحد، لهما عينان وشفتان يناديان بأعلى أصواتهما، يشهدان لمن وافاهما بالوفاء. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن الزبير، أنه رأى قوماً يمسحون المقام فقال: لم تؤمروا بهذا، إنما أمرتم بالصلاة عنده. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والأزرقي عن قتادة {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قال: إنما أمروا أن يصلوا عنده ولم يؤمروا بمسحه، ولقد تكلفت هذه الأمة شيئاً ما تكلفته الأمم قبلها، وقد ذكر لنا بعض من رأى أثر عقبه وأصابعه، فما زالت هذه الأمة تمسحه حتى اخلولق وانماح. وأخرج الأزرقي عن نوفل بن معاوية الديلمي قال: رأيت في المنام في عهد عبد المطلب مثل المهاة قال أبو محمد الخزاعي: المهاة خرزة بيضاء. وأخرج الأزرقي عن أبي سعيد الخدري قال: سألت عبد الله بن سلام عن الأثر الذي في المقام فقال: كانت الحجارة على ما هي عليه اليوم إلا أن الله أراد أن يجعل المقام آية من آياته، فلما أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج قام على المقام، أو ارتفع المقام حتى صار أطول الجبال وأشرف على ما تحته، فقال: يا أيها الناس اجيبوا ربكم فأجابه الناس فقالوا: لبيك اللهم لبيك، فكان أثره فيه لما أراد الله، فكان ينظر عن يمينه وعن شماله اجيبوا ربكم فلما فرغ أمر بالمقام فوضعه قبله، فكان يصلي إليه مستقبل الباب فهو قبلته إلى ما شاء الله، ثم كان إسماعيل بعد يصلي إليه إلى باب الكعبة، ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر أن يصلي إلى بيت المقدس، فصلى إليه قبل أن يهاجر وبعدما هاجر، ثم أحب الله أن يصرفه إلى قبلته التي رضي لنفسه ولأنبيائه فصلى إلى الميزاب وهو بالمدينة، ثم قدم مكة فكان يصلي إلى المقام ما كان بمكة. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن مجاهد في قوله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قال: مدعى. وأخرج الأزرقي عن كثير بن أبي كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن أبيه عن جده قال: كانت السيول تدخل المسجد الحرام من باب بني شيبة الكبير قبل أن يردم عمر الردم الأعلى، فكانت السيول ربما رفعت المقام عن موضعه وربما نحته إلى وجه الكعبة حتى جاء سيل أم نهشل في خلافة عمر بن الخطاب، فاحتمل المقام من موضعه هذا فذهب به حتى وجد بأسفل مكة، فأتي به فربط إلى أستار الكعبة، وكتب في ذلك إلى عمر، فأقبل فزعاً في شهر رمضان وقد عفى موضعه وعفاه السيل، فدعا عمر بالناس فقال: أنشد الله عبداً علم في هذا المقام. فقال المطلب بن أبي وداعة: أنا يا أمير المؤمنين عندي ذلك، قد كنت أخشى عليه هذا فأخذت قدره من موضعه إلى الركن، ومن موضعه إلى باب الحجر، ومن موضعه إلى زمزم بمقاط وهو عندي في البيت. فقال له عمر: فاجلس عندي وارسل إليه. فجلس عنده وأرسل فأتي بها، فمدها فوجدها مستوية إلى موضعه هذا، فسأل الناس وشاورهم فقالوا: نعم، هذا موضعه. فلما استثبت ذلك عمر وحق عنده أمر به، فاعلم ببناء ربضه تحت المقام ثم حوّله، فهو في مكانه هذا إلى اليوم. وأخرج الأزرقي من طريق سفيان بن عيينة عن حبيب بن الأشرس قال: كان سيل أم نهشل قبل أن يعمل عمر الردم بأعلى مكة، فاحتمل المقام من مكانه فلم يدر أين موضعه، فلما قدم عمر بن الخطاب سأل من يعلم موضعه؟ فقال عبد المطلب بن أبي وداعة: أنا يا أمير المؤمنين قد كنت قدرته وذرعته بمقاط وتخوّفت عليه هذا من الحجر إليه، ومن الركن إليه، ومن وجه الكعبة. فقال: ائت به. فجاء به فوضعه في موضعه هذا وعمل عمر الردم، عند ذلك قال سفيان: فذلك الذي حدثنا هشام بن عروة عن أبيه، أن المقام كان عند سقع البيت، فاما موضعه الذي هو موضعه فموضعه الآن، وأما ما يقول الناس: إنه كان هنالك موضعه فلا. وأخرج الأزرقي عن ابن أبي مليكة قال: موضع المقام هذا هو الذي به اليوم، هو موضعه في الجاهلية، وفي عهد النبي، وأبي بكر وعمر، إلا أن السيل ذهب به في خلافة عمر، فجعل في وجه الكعبة حتى قدم عمر فرده بمحضر الناس. وأخرج البيهقي في سننه عن عائشة. أن المقام كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم زمان أبي بكر ملتصقاً بالبيت، ثم أخره عمر بن الخطاب. وأخرج ابن سعد عن مجاهد. قال عمر بن الخطاب: من له علم بموضع المقام حيث كان؟ فقال أبو وداعة بن صبيرة السهمي: عندي يا أمير المؤمنين قدرته إلى الباب، وقدرته إلى ركن الحجر، وقدرته إلى الركن الأسود، وقدرته إلى زمزم. فقال عمر: هاته. فأخذه عمر فرده إلى موضعه اليوم للمقدار الذي جاء به أبو وداعة. وأخرج الحميدي وابن النجار عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طاف بالبيت سبعاً، وصلى خلف المقام ركعتين، وشرب من ماء زمزم، غفرت له ذنوبه كلها بالغة ما بلغت». وأخرج الأزرقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء يريد الطواف بالبيت أقبل يخوض الرحمة فإذا دخله غمرته، ثم لا يرفع قدماً ولا يضع قدماً إلا كتب الله له بكل قدم خمسمائة حسنة، وحط عنه خمسمائة سيئة، ورفعت له خمسمائة درجة، فإذا فرغ من طوافه فأتى مقام إبراهيم، فصلى ركعتين، دبر المقام خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وكتب له أجر عتق عشر رقاب من ولد إسماعيل، واستقبله ملك على الركن فقال له: استأنف العمل فيما بقي فقد كفيت ما مضى وشفع في سبعين من أهل بيته». وأخرج أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام، يعني يوم الفتح. وأخرج البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين. وأخرج الأزرقي عن طلق بن حبيب قال: كنا جلوساً مع عبد الله بن عمرو بن العاص في الحجر، إذ قلص الظل وقامت المجالس، إذا نحن ببريق ايم طلع من هذا الباب- يعني من باب بني شيبة، والأيم الحية الذكر- فاشرأبت له أعين الناس، فطاف بالبيت سبعاً وصلى ركعتين وراء المقام، فقمنا إليه فقلنا: أيها المعتمر قد قضى الله نسكك، وأن بأرضنا عبيداً وسفهاء وإنما نخشى عليك منهم، فكوّم برأسه كومة بطحاء فوضع ذنبه عليها فسما بالسماء حتى ما نراه. وأخرج الأزرقي عن أبي الطفيل قال: كانت امرأة من الجن في الجاهلية تسكن ذا طوى، وكان لها ابن ولم يكن لها ولد غيره، فكانت تحبه حباً شديداً، وكان شريفاً في قومه فتزوّج وأتى زوجته، فلما كان يوم سابعه قال لأمه: يا أماه إني أحب أن أطوف بالكعبة سبعاً نهاراً. قالت له أمه: أي بني إني أخاف عليك سفهاء قريش فقال: أرجو السلامة. فأذنت له فولى في صورة جان، فمضى نحو الطواف، فطاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين ثم أقبل منقلباً، فعرض له شاب من بني سهم فقتله، فثارت بمكة غبرة حتى لم يبصر لها الجبال. قال أبو الطفيل: بلغنا أنه إنما تثور تلك الغبرة عند موت عظيم من الجن. قال: فأصبح من بني سهم على فرشهم موتى كثير من قتل الجن، فكان فيهم سبعون شيخاً أصلع سوى الشاب. وأخرج الأزرقي عن الحسن البصري قال: ما أعلم بلداً يصلي فيه حيث أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم إلا بمكة. قال الله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قال: ويقال: يستجاب الدعاء بمكة في خمسة عشر. عند الملتزم، وتحت الميزاب، وعند الركن اليماني، وعلى الصفا، وعلى المروة، وبين الصفا والمروة، وبين الركن والمقام، وفي جوف الكعبة، وبمنى، وبجمع، وبعرفات، وعند الجمرات الثلاث. وأما قوله تعالى {وعهدنا إلى إبراهيم} الآية. أخرج ابن جرير عن عطاء وعهدنا إلى إبراهيم قال: أمرناه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أن طهرا بيتي} قال: من الأوثان. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وسعيد بن جبير في قوله: {أن طهرا بيتي} قالا: من الأوثان والريب وقول الزور والرجس. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {أن طهرا بيتي} قال: من عبادة الأوثان والشرك وقول الزور. وفي قوله: {والركع السجود} قال: هم أهل الصلاة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إذا كان قائماً فهو من الطائفين، وإذا كان جالساً فهو من العاكفين، وإذا كان مصلياً فهو من الركع السجود. وأخرج عبد بن حميد عن سويد بن غفلة قال: من قعد في المسجد وهو طاهر فهو عاكف حتى يخرج منه. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ثابت قال: قلت لعبد الله بن عبيد بن عمير: ما أراني إلا مكلم الأمير أن أمنع الذين ينامون في المسجد الحرام فإنهم يجنبون ويحدثون. قال: لا تفعل فإن ابن عمر سئل عنهم فقال: هم العاكفون. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن أبي موسى قال: سئل ابن عباس عن الطواف أفضل أم الصلاة؟ فقال: أما أهل مكة فالصلاة، وأما أهل الأمصار فالطواف. وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال: الطواف للغرباء أحب إلي من الصلاة. وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: الصلاة لأهل مكة أفضل والطواف لأهل العراق. وأخرج ابن أبي شيبة عن حجاج قال: سألت عطاء فقال: أما أنتم فالطواف، وأما أهل مكة فالصلاة. وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: الطواف أفضل من عمرة بعد الحجر. وفي لفظ: طوافك بالبيت أحب إلي من الخروج إلى العمرة.

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)} أخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن جرير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، فلا يصاد صيدها ولا يقطع عضاهها». وأخرج مسلم وابن جرير عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبراهيم حرم مكة، وإني أحرم ما بين لابتيها». وأخرج أحمد عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم صلى بأرض سعد بأرض الحرة عند بيوت السقيا، ثم قال: اللهم إن إبراهيم خليلك وعبدك ونبيك دعاك لأهل مكة، وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثل ما دعاك إبراهيم بمكة، أدعوك أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم، اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة واجعل ما بها من وراء خم، اللهم إني حرمت ما بين لابتيها كما حرمت على لسان إبراهيم الحرم . وأخرج البخاري ومسلم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على المدينة فقال: «اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما أحرم به إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم». وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك، وإنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة، ومثله معه». وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك دعاك لأهل مكة بالبركة، وأنا محمد عبدك ورسولك، وإني أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم مثل ما باركت لأهل مكة، واجعل مع البركة بركتين». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عبدالله بن زيد بن عاصم المازني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة». وأخرج البخاري والجندي في فضائل مكة عن عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم إن إبراهيم عبدك ونبيك دعاك لأهل مكة، وأنا أدعوك لأهل المدينة بمثل ما دعاك إبراهيم لأهل مكة». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة». وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن محمد بن الأسود. أن إبراهيم عليه السلام هو أوّل من نصب أنصاب الحرم، أشار له جبريل إلى مواضعها. وأخرج الجندي عن ابن عباس قال: إن في السماء لحرماً على قدر حرم مكة. وأخرج الأزرقي والطبراني والبيهقي في شعب الإِيمان عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستة لعنتهم وكل نبي مجاب. الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله، والتارك لسنتي، والمستحل من عترتي ما حرم الله عليه، والمستحل لحرم الله». وأخرج البخاري تعليقاً وابن ماجة عن صفية بنت شيبة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب عام الفتح فقال: «يا أيها الناس إن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السموات والأرض وهي حرام إلى يوم القيامة، لا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا يأخذ لقطتها إلا منشد، فقال العباس: إلا الإِذخر فإنه للبيوت والقبور. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا الإِذخر». وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والأزرقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض والشمس والقمر، ووضع هذين الاخشبين فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولا يحل لأحد بعدي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا يلتقط لقطتها إلا من عرفها. قال العباس: إلا إلإِذخر فإنه لقينهم وبيوتهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا الإِذخر». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة قال: «لما فتح الله على رسوله مكة قام فيهم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنما أحلت لي ساعة من النهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة، لا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقمتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، أما أن يفدى وإما أن يقتل. فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال له: يا رسول الله اكتب لي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتبوا لأبي شاه. فقال العباس: يا رسول الله إلا الإِذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا. فقال: إلا الإِذخر». وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مكة حرم حرمها الله، لا يحل بيع رباعها ولا إجارة بيوتها». وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة عن الزهري في قوله: {رب اجعل هذا بلداً آمناً} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الناس لم يحرموا مكة ولكن الله حرمها فهي حرام إلى يوم القيامة، وإن من أعتى الناس على الله رجل قتل في الحرم، ورجل قتل غير قاتله، ورجل أخذ بذحول الجاهلية». وأخرج الأزرقي عن قتادة قال: ذكر لنا أن الحرم حرم بحياله إلى العرش. وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال: إن هذا الحرم حرم مناه من السموات السبع والأرضين السبع، وإن هذا البيت رابع أربعة عشر بيتاً في كل سماء بيت وفي كل أرض بيت، ولو وقعن وقعن بعضهن على بعض. وأخرج الأزرقي عن الحسن قال: البيت بحذاء البيت المعمور، وما بينهما بحذائه إلى السماء السابعة، وما أسفل منه بحذائه إلى الأرض السابعة حرام كله. وأخرج الأزرقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البيت المعمور الذي في السماء يقال له الضراح، وهو على بناء الكعبة يعمره كل يوم سبعون ألف ملك لم تزره قط، وإن للسّماء السابعة لحرما على منى حرم مكة». وأخرج ابن سعد والأزرقي عن ابن عباس قال: أوّل من نصب أنصاب الحرم إبراهيم عليه السلام يريه ذلك جبريل عليه السلام، فلما كان يوم الفتح بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم بن أسد الخزاعي فجدد ما رث منها. وأخرج الأزرقي عن حسين بن القاسم قال: سمعت بعض أهل العلم يقول: إنه لما خاف آدم على نفسه من الشيطان استعاذ بالله، فأرسل الله ملائكته حفوا بمكة من كل جانب ووقفوا حواليها قال: فحرم الله الحرم من حيث كانت الملائكة وقفت. قال: ولما قال إبراهيم عليه السلام: ربنا أرنا مناسكنا نزل إليه جبريل، فذهب به فأراه المناسك ووقفه على حدود الحرم، فكان إبراهيم يرضم الحجارة وينصب الأعلام ويحثي عليها التراب، فكان جبريل يقفه على الحدود. قال: وسمعت أن غنم إسماعيل كانت ترعى في الحرم ولا تجاوزه ولا تخرج، فإذا بلغت منتهاه من ناحية رجعت صابة في الحرم. وأخرج الأزرقي عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة قال: «إن إبراهيم عليه السلام نصب أنصاب الحرم يريه جبريل عليه السلام، ثم لم تحرك حتى كان قُصَيْ فجددها، ثم لم تحرك حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث عام الفتح تميم بن أسد الخزاعي فجددها». وأخرج البزار والطبراني عن محمد بن الأسود بن خلف عن أبيه «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجدد أنصاب الحرم...». وأخرج الأزرقي عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه قال: أيها الناس ان هذا البيت لاق ربه فسائله عنكم، ألا فانظروا فيما هو سائلكم عنه من أمره، ألا واذكروا الله إذ كان أحدكم ساكنه، لا تسفكون فيه دماء ولا تمشون فيه بالنميمة. وأخرج البزار عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنفر من قريش وهم جلوس بفناء الكعبة فقال: «انظروا ما تعملون فيها فإنها مسؤولة عنكم فتخبر عن أعمالكم، واذكروا إذ ساكنها من لا يأكل الربا ولا يمشي بالنميمة». وأخرج الأزرقي عن أبي نجيح قال: لم يكن كبار الحيتان تأكل صغارها في الحرم زمن الغرق. وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن جويرية بن أسماء عن عمه قال: حججت مع قوم، فنزلنا منزلاً ومعنا امرأة، فانتبهت وحية عليها لا تضرها شيئاً حتى دخلنا انصاب الحرم فانسابت، فدخلنا مكة فقضينا نسكنا وانصرفنا، حتى إذا كنا بالمكان الذي تطوقت عليها فيه الحية وهو المنزل الذي نزلنا، فنامت فاستيقظت والحية منطوية عليها، ثم صفرت الحية فإذا بالوادي يسيل علينا حيات، فنهشنها حتى بقيت عظاماً، فقلت لجارية كانت لها: ويحك اخبرينا عن هذه المرأة؟! قال: بغت ثلاث مرات كل مرة تلد ولداً، فإذا وضعته سجرت التنور ثم ألقته فيه. وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال: من أخرج مسلماً من ظله في حرم الله من غير ضرورة أخرجه الله من ظل عرشه يوم القيامة. وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن عبد الله بن الزبير قال: إن كانت الأمة من بني إسرائيل لتقدم مكة، فإذا بلغت ذا طوى خلعت نعالها تعظيماً للحرم. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال: كان يحج من بني إسرائيل مائة ألف، فإذا بلغوا أنصاب الحرم خلعوا نعالهم ثم دخلوا الحرم حفاة. وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: كانت الأنبياء إذا أتت علم الحرم نزعوا نعالهم. وأخرج الأزرقي وابن عساكر عن ابن عباس قال: حج الحواريون فلما دخلوا الحرم مشوا تعظيماً للحرم. وأخرج الأزرقي عن عبد الرحمن بن سابط قال: «لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ينطلق إلى المدينة استلم الحجر وقام وسط المسجد والتفت إلى البيت فقال: إني لأعلم ما وضع الله في الأرض بيتاً أحب إليه منك، وما في الأرض بلد أحب إليه منك، وما خرجت عنك رغبة ولكن الذين كفروا هم أخرجوني». وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة «أما والله اني لأخرج وإني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله وأكرمها على الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت». وأخرج الترمذي والحاكم وصححاه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة «ما أطيبك من بلدة وأحبك إليّ، ولولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك». وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة والأزرقي والجندي عن عبدالله بن عدي بن الحمراء قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته واقف بالحزورة يقول لمكة: والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أخرجت منك ما خرجت». وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال: كان بمكة حي يقال لهم العماليق، فكانوا في عز وثروة وكثرة، فكانت لهم أموال كثيرة من خيل وإبل وماشية، فكانت ترعى مكة وما حواليها من مر ونعمان وما حول ذلك، فكانت الحرف عليهم مظلة، والأربعة مغدقة، والأودية بحال، والعضاه ملتفة، والأرض مبقلة، فكانوا في عيش رخى، فلم يزل بهم البغي والإِسراف على أنفسهم بالظلم والجهار بالمعاصي والاضطهاد لمن قاربهم حتى سلبهم الله ذلك، فنقصهم بحبس المطر وتسليط الجدب عليهم، وكانوا يكرون بمكة الظل ويبيعون الماء، فأخرجهم الله من مكة بالذي سلطه عليهم حتى خرجوا من الحرم فكانوا حوله، ثم ساقهم الله بالجدب يضع الغيث أمامهم ويسوقهم بالجدب حتى ألحقهم بمساقط رؤوس آبائهم، وكانوا قوماً غرباء من حمير، فلما دخلوا بلاد اليمن تفرقوا وهلكوا، فأبدل الله الحرم بعدهم جرهم، فكانوا سكانه حتى بغوا فيه واستخفوا بحقه، فأهلكهم الله جميعاً. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط قال: كان إذا كان الموسم بالجاهلية خرجوا، فلم يبق أحد بمكة، وإنه تخلف رجل سارق فعمد إلى قطعة من ذهب ثم دخل ليأخذ أيضاً، فلما أدخل رأسه سرة البيت فوجدوا رأسه في البيت واسته خارجه، فألقوه للكلاب واصلحوا البيت. وأخرج الأزرقي والطبراني عن حويطب بن عبد العزى قال: كنا جلوساً بفناء الكعبة في الجاهلية، فجاءت امرأة إلى البيت تعوذ به من زوجها، فجاء زوجها فمد يده إليها فيبست يده، فلقد رأيته في الإِسلام وإنه لأشل. وأخرج الأزرقي عن ابن جريرج قال: الحطيم ما بين الركن والمقام وزمزم والحجر، وكان أساف ونائلة رجلاً وامرأة دخلا الكعبة فقبلها فيها فمسخا حجرين، فأخرجا من الكعبة فنصب أحدهما في مكان زمزم ونصب الآخر في وجه الكعبة ليعتبر بهما الناس ويزدجروا عن مثل ما ارتكبا، فسمي هذا الموضع الحطيم لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالإِيمان ويستجاب فيه الدعاء على الظالم المظلوم، فقلّ من دعا هنالك على ظالم إلا هلك وقلّ من حلف هنالك آثماً إلا عجلت عليه العقوبة، وكان ذلك يحجز بين الناس عن الظلم ويتهيب الناس الإِيمان هنالك، فلم يزل ذلك كذلك حتى جاء الله بالإِسلام، فأخر الله ذلك لما أراد إلى يوم القيامة. وأخرج الأزرقي عن أيوب بن موسى. أن امرأة كانت في الجاهلية معها ابن عم لها صغير تكسب عليه، فقالت له: يا بني إني أغيب عنك، وإني أخاف عليك أن يظلمك ظالم، فإن جاءك ظالم بعدي فإن لله بمكة بيتاً لا يشبهه شيء من البيوت ولا يقاربه مفاسد وعليه ثياب، فإن ظلمك ظالم يوماً فعذبه فإن له رباً يسمعك. قال: فجاءه رجل فذهب به فاسترقه، فلما رأى الغلام البيت عرف الصفة فنزل يشتد حتى تعلق بالبيت، وجاءه سيده فمد يده إليه ليأخذه فيبست يده، فمد الأخرى فيبست، فاستفتى في الجاهلية فافتي ينحر عن كل واحدة من يديه بدنة، ففعل فانطلقت له يداه وترك الغلام وخلى سبيله. وأخرج الأزرقي عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث قال: غدا رجل من بني كنانة من هذيل في الجاهلية علي ابن عم له يظلمه واضطهده، فناشده بالله والرحم فأبى إلا ظلمه، فلحق بالحرم فقال: اللهم إني أدعوك دعاء جاهد مضطر على فلان ابن عمي لترمينه بداء لا دواء له. قال: ثم انصرف فوجد ابن عمه قد رمي في بطنه فصار مثل الزق، فما زالت تنتفخ حتى اشتق، قال عبد المطلب: فحدثت هذا الحديث ابن عباس فقال: أنا رأيت رجلاً دعا على ابن عم له بالعمى فرأيته يقاد أعمى. وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإِيمان عن عمر بن الخطاب أنه قال: يا أهل مكة اتقوا الله في حرمكم هذا، أتدرون من كان ساكن حرمكم هذا من قبلكم؟ كان فيه بنو فلان فاحلوا حرمته فهلكوا، وبنو فلان فاحلوا حرمته فهلكوا، حتى عد ما شاء الله ثم قال: والله لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحب إلي من أن أعمل واحدة بمكة. وأخرج الجندي عن طاوس قال: إن أهل الجاهلية لم يكونوا يصيبون في الحرم شيئاً إلا عجل لهم، ويوشك أن يرجع الأمر إلى ذلك. وأخرج الأزرقي والجندي وابن خزيمة عن عمر بن الخطاب، أنه قال لقريش: إنه كان ولاة هذا البيت قبلكم طسم، فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله، ثم ولى بعدهم جرهم فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله، فلا تهاونوا به وعظموا حرمته. وأخرج الأزرقي والجندي عن عمر بن الخطاب قال: لأن اخطىء سبعين خطيئة مزكية أحب إلي من أن أخطىء خطيئة واحدة بمكة. وأخرج الجندي عن مجاهد قال: تضعف بمكة السيئات كما تضعف الحسنات. وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال: بلغني أن الخطيئة بمكة مائة خطيئة، والحسنة على نحو ذلك. وأخرج أبو بكر الواسطي في فضائل بيت المقدس عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن مكة بلد عظمه الله وعظم حرمته، خلق مكة وحفها بالملائكة قبل أن يخلق شيئاً من الأرض يومئذ كلها بألف عام ووصل المدينة ببيت المقدس، ثم خلق الأرض كلها بعد ألف عام خلقاً واحداً». أما قوله تعالى: {وارزق أهله من الثمرات}. أخرج الأزرقي عن محمد بن المنكدر عن النبي صلى الله عليه وسلم «لما وضع الله الحرم نقل له الطائف من فلسطين». وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم الطائفي قال: بلغني أنه لما دعا إبراهيم للحرم {وارزق أهله من الثمرات} نقل الله الطائف من فلسطين. وأخرج ابن أبي حاتم والأزرقي عن الزهري قال: إن الله نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف لدعوة إبراهيم عليه السلام. وأخرج الأزرقي عن سعيد بن المسيب بن يسار قال: سمعت بعض ولد نافع بن جبير بن مطعم وغيره؛ يذكرون أنهم سمعوا: أنه لما دعا إبراهيم بمكة أن يرزق أهله من الثمرات نقل الله أرض الطائف من الشام فوضعها هنالك رزقاً للحرم. وأخرج الأزرقي عن محمد بن كعب القرظي قال: دعا إبراهيم للمؤمنين وترك الكفار لم يدع لهم بشيء فقال: {ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير}. وأخرج سفيان بن عيينة عن مجاهد في قوله: {وارزق أهله من الثمرات من آمن} قال: استرزق إبراهيم لمن آمن بالله واليوم الآخر قال الله: ومن كفر فأنا أرزقه. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {من آمن منهم بالله} قال: كان إبراهيم احتجرها على المؤمنين دون الناس، فأنزل الله: {ومن كفر} أيضاً فأنا أرزقهم كما أرزق المؤمنين، أخلق خلقاً لأرزقهم {أمتعهم قليلاً ثم اضطرهم إلى عذاب النار} ثم قرأ ابن عباس {كلاًّ نمد هؤلاء} [ الإِسراء: 20] الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال أبي بن كعب في قوله: {ومن كفر}: إن هذا من قول الرب قال: {ومن كفر فأمتعه قليلاً} وقال ابن عباس: هذا من قول إبراهيم يسأل ربه أن من كفر فامتعه قليلاً. قلت: كان ابن عباس يقرأ {فامتعه} بلفظ الأمر، فلذلك قال هو من قول إبراهيم.