Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 2
الربع رقم 4
quran-border  واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا انك انت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك انت العزيز الحكيم ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الاخرة لمن الصالحين اذ قال له ربه اسلم قال اسلمت لرب العالمين ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وانتم مسلمون ام كنتم شهداء اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله ابائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسالون عما كانوا يعملون
Page Number

1

{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)} {إِبْرَاهِيمُ} {وَإِسْمَاعِيلُ} (127)- وَاذْكُرْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ حِينَما كَانَ يَرْفَعُ إِبراهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ القَوَاعِدَ وَالآسَاسَ مِنَ الكَعْبَةِ، وَيَدْعُوَانِ رَبَّهُمَا أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمَا عَمَلَهُمَا، لأَنَّهُمَا يَقُومَانِ بِعَمَلٍ صَالِحٍ، فَهُو تَعَالَى الذِي يَسْمَعُ الدُّعَاءَ، وَهُوَ الذِي يَعْلَمُ النِّيَاتِ. فَمَصْدَرُ شَرَفِ الكَعْبَةِ أَنَّها بُنِيَتْ عَلَى اسْمِ اللهِ، وَلِعبَادَةِ اللهِ فِي تِلْكَ الأَرْضِ، التِي تَطْغَى عَلَيهَا الوَثَنِيَّةُ، لا لأَحْجَارِهَا وَلا لِمَوْقهَا.

{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)} (128)- رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُخْلِصَيْنِ لَكَ فِي العِبَادَةِ، مُسْتَسْلِمَيْنِ لأَمْرِكَ وَقَضَائِكَ، خَاضِعَيْنِ لِطَاعَتِكَ، لا نُشْرِكُ مَعَكَ فِي العِبَادَةِ أَحَداً، وَاجْعَلْ مَنْ ذُرِّيتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ تَعْبُدُكَ، وَلا تُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً، لِيَسْتَمِرَّ الإسْلامُ بِقُوّةِ الأُمَّةِ، وَتَعَاوُنِ الجَمَاعَةِ، وَعَلِّمْنا مَنَاسِكَ حَجِّنَا، وَوَفِّقْنَا لِنَتُوبَ إِليكَ، وَنَرْجِعَ إِليكَ مِنَ كُلِّ عَمَلٍ يَشْغَلُنا عَنْكَ، وَأَنْتَ يَا رَبِّ الكَثِيرُ التَّوْبِ، الرَّحيمُ بِالتَّائِبينَ. (وَقَدْ صَحِبَ جِبْرِيلُ، عَلَيهِ السَّلامُ، إِبراهيمَ إِلى مِنىً وَعَرَفَاتٍ وَالمشْعَرِ الحَرَامِ، لِيُرِيَهُ المَنَاسِكَ، وَالأَعْمَالَ الوَاجِبَ إِتمَامُها فِي الحَجِّ، وَفِي الطَّرِيقِ عَرَضَ إبليسُ لإِبراهِيمَ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، فَذلِكَ سَبَبُ رَمْيِ الجمارِ). أَرِنَا مَنَاسِكَنَا- عَلِّمْنا مَنَاسِكَ حَجِّنا. المَنْسَكُ- المَكَانُ المُقَدَّسُ، وَيُقْصَدُ بِالمَنَاسِكِ هُنَا الأَفْعَالُ التِي يَقُومُ الحَاجُّ بِها. كَالطَّوافِ وَالوُقٌوفِ فِي عَرَفَاتٍ وَمِنىً. التَّوَّابُ- كَثيرُ التَوْبِ والمَغْفِرةِ.

{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)} {يَتْلُواْ} {آيَاتِكَ} {الكتاب} (129)- وَأَتَمَّ إِبراهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ، عَلَيْهِما السَّلامُ، دَعْوَتَهُمَا لأَهْلِ الحَرَمِ أَنْ يَبْعَثَ اللهُ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ (أَيْ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبراهِيمَ) يَتْلُو عَلَيهِمْ آياتِ اللهِ، وَيُعَلِّمُهُمُ القُرآنَ (الكِتَابَ) وَيُعَلّمُهُمْ أَسْرَارَ الشَّرِيعَةِ وَمَقَاصِدَهَا بِسِيرَتِهِ فِي المُسْلِمِينَ، فَيَكُونُ قُدْوَةً لَهُمْ (السُّنَّةُ) وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ (يُعَلِّمُهُمُ الحِكْمَةَ) أَيْ إِنَّ الرَّسُولَ يُعَلِّمُهُمُ الخَيْرَ فَيَفْعَلُونَهُ، وَيُبَصِّرُهُمْ بِالشَّرِّ فَيَجْتَنِبُونَهُ، وَيُخْبِرُهُمْ بِرِضَا اللهِ عَنْهُمْ إِذَا أَطَاعُوهُ، لِيسْتَكْثِرُوا مِنْ طَاعَتِهِ، وَيَجْتَنِبُوا مَا يُسْخِطُهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ. وَخَتَمَا دَعْوَتَهُمَا بِقُوْلِهِما: إِنَّكَ يَا رَبِّ أَنْتَ العَزيزُ الذِي لا يُعْجِزُهُ شَيءٌ، القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، الحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوالِهِ وَشَرْعِهِ فَيَضَعُ الأَشْيَاءَ فِي مَحَالِّهَا لِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ. يُزَكْيهم- يُطَهِّرُهُمْ مِنَ الشِّرْكِ وَالمَعَاصِي.

{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)} {إِبْرَاهِيمَ} {اصطفيناه} {الصالحين} (130)- لَقَدْ تَجَرَّدَ إِبراهِيمُ فِي عِبَادَةِ اللهِ فَلَمْ يَدْعُ مَعَهُ غَيْرَهُ، وَلَمْ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ حَتَّى تَبَرَّأَ مِنْ أَبِيهِ، وَخَالفَ قَوْمَهُ. فَمَنْ يَتْرُكَ طَرِيقَ إِبْراهيمَ هذا وَمَسْلَكَهُ وَمِلَّتَهُ، وَيَتَّبِعْ طَرِيقَ الغَيِّ وَالضَّلالِ، فَهُوَ سَفِيهٌ، وَلا يَرْتَكِبُ الضَّلالَةَ إِلا السَّفيهُ. وَلَقَدِ اصْطَفَى اللهُ إِبراهِيمَ وَاخْتَارَهُ في الدُّنيَا، وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الصَّالِحِينَ المُقَرَّبينَ عِنْدَ اللهِ. يَرْغَبُ عَنْ- يَزْهَدُ وَيَنْصَرِفُ عَنِ الشَّيءِ. سَفِهَ نَفْسَهُ- امْتَهَنَهَا وَاسْتَخَفَّ بِهَا.

{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131)} {العالمين} (131)- أَمَرَ اللهُ إِبراهيمَ بِالإِخلاصِ لَهُ، وَالاسْتِسْلامِ لِحُكْمِهِ، فَامْتَثَلَ لأَمْرِ رَبِّهِ، وَقَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ جَمِيعاً. أَسْلِمْ- انْقَدْ وَأَخْلِصِ العِبَادَةَ.

{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132)} {إِبْرَاهِيمُ} {يَابَنِيَّ} (132)- وَكَانَتْ كَلِمَةُ الإِسْلامِ للهِ مُحَبَّبَةً إِلَى نَفْسِ إِبْراهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فَأَوصَوْا بِهَا أَبْنَاءَهُمْ حِينَ حَضَرَتْهُمُ الوَفَاةُ وَقَالُوا لَهُمْ: إِنَّ الله اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَأَحْسِنُوا فِي حَيَاتِكُمْ، وَالْزَمُوا ذلِكَ لِيَرزُقَكُمُ اللهُ الوَفَاةَ عَلَيهِ، لأنَّ المَرْءَ يَمُوتُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيهِ، وَيُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيهِ.

{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)} {آبَائِكَ} {إِبْرَاهِيمَ} {وَإِسْمَاعِيلَ} {وَإِسْحَاقَ} {وَاحِداً} (133)- يَقُولُ تَعَالَى إِنَّ اليَهُودَ الذِينَ كَانُوا فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُجَادِلُونَهُ، وَيَجْحَدُونَ نُبُوَّتَهُ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ إِنَّما يَسِيرُونَ عَلَى الدِّينِ الذِي مَاتَ عَلَيهِ يَعْقُوبَ، مَعْ أَنَّهُم لَمْ يَكُونُوا حَاضِرِينَ (شُهَدَاءَ) حِينَمَا حَانَتْ مَنِيَّةُ يَعْقُوبُ، وَجَاءَهُ المَوْتُ، وَلَكِنَّ اللهَ كَانَ شَاهِداً عَلَى ذلِكَ. وَيُقَرِّرُ سُبْحَانَهُ: إِنَّ يَعقُوبَ سَأَلَ بَنِيهِ عَمَّا يَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِهِ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ إِلهَهُ وَإِلهَ آبَائِهِ، الوَاحِدَ الأَحَدَ، الذِي لا شَرِيكَ لَهُ، وَسَيُسَلِّمُونَ أَمْرَهُمْ إِليهِ. (هذِهِ الآيَةُ تُرشِدُ إلى أَنَّ دِينَ اللهِ وَاحدٌ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، وَعَلَى لِسَانِ كُلِّ نَبِيٍّ، وَرُوحُهُ التَّوحِيدُ وَالاسْتِسْلامُ للهِ، وَالإِذْعَانُ لِهَدْيِ الأَنْبِيَاءِ).

{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)} {وَلا تُسْأَلُونَ} (134)- فَتِلْكَ الأَجْيَالُ السَّالِفَةِ كَانُوا أَمَّةً مُؤْمِنَةً، فَلا يَنْفَعُكُمُ الانتِسَابُ إِلَيهِمْ، إَذَا لَمْ تَفْعَلوا أَنْتُم خَيْراً تَنْتَفِعُونَ بِهِ، فَقَدْ جَرَتْ سُنَّةُ اللهِ فِي خَلْقِهِ عَلَى أَنْ لا يُجْزَى أَحَدٌ إِلا بِكَسْبِهِ وَعَمَلِهِ، وَلا يُسْأَلُ أَحَدٌ إِلا عَنْ كَسْبِهِ وَعَمَلِهِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ يُحَاسَبُ عَلَى عَمَلِهِ، وَلا تُسْأَلُونَ أَنْتُمْ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ هُمْ. خَلَتْ- مَضَتْ وَسَلَفَتْ.