Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 3
الربع رقم 1
quran-border  الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات اين ما تكونوا يات بكم الله جميعا ان الله على كل شيء قدير ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وانه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة الا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون كما ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم اياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين
Page Number

1

{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)} {آتَيْنَاهُمُ} {الكتاب} (146)- يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: إِنَّ عُلَمَاءَ أَهْلِ الكِتَابِ يَعْرِفُونَ صِحَّةَ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، كَمَا يَعْرِفُ أَحَدُهُمْ وَلَدَهْ مِنْ بَيْنِ أَوْلادِ النَّاسِ، لا يَشُكُّ فِيهِ وَلا يَمْتَري. وَلكِنَّ فَرِيقاً مِنْ أَهلِ الكِتَابِ يَكْتُمُونَ الحَقَّ، وَيُنْكِرُونَ وُجُودَ صِفَةِ الرَّسُولِ فِي كُتُبِهِمْ، مَعَ أَنَّ كُتُبِهِمْ أَشَارَتْ إِلى أَنَّ اللهَ سَيَبْعَثُ رَسُولاً مِنَ العَرَبِ مِنْ وِلْدِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَنَّهُ سَيُحَوِّلُ القِبلَةَ إِلى الكَعْبَةِ، وَهِيَ قِبْلَةً إِبراهِيمَ، عَلَيهِ السَّلامُ.

{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147)} (147)- وَيُخبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم هُوَ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِ، لا مَا يَقُولُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَالقِبْلَةُ التِي وَجَّهَ اللهُ إِليها نَبِيَّهُ هِيَ القِبْلَةُ الحَقُّ التِي كَانَ عَلَيْهَا إِبْرَاهِيمَ، فَاعْمَلْ يَا مُحَمَّدُ بِمَا أَمَرَكَ بِهِ رَبُّكَ، وَلا تَلْتَفِتْ إِلى أَوهَامِ الجَاحِدينَ، وَلا تَمْتَرِ بِالحَقِّ، وَلا تَتَشَكَّكْ بَعدَ مَا تَبَيَّنَ لَكَ. (وَالنَّهيُ فِي هذِهِ الآيةِ كَالوَعيدِ فِي الآيَةِ السَّابِقَةِ مُوَجَّهٌ الخِطَابُ فِيهِ إِلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالمُرَادُ بِهِ مَنْ كَانُوا غيرَ رَاسِخي الإِيمانِ مِنْ أُمَّتِهِ، مِمَّنْ يَخْشَى عَلَيهم الاغتِرارُ بِزُخْرُفِ القَوْلِ مِنَ المُخَادِعِينَ). المُمْتَرِينَ- المُتَشَكِّكِينَ.

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)} {الخيرات} (148)- لِكُلِّ أَمَّةٍ جِهَةٌ تَتَّجِهُ إِليهَا فِي صَلاتِها، فَإِبرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ كَانَا يُوَلِّيَانِ جِهَةَ الكَعْبَةِ، وَبَنُو إِسْرَائِيلَ كَانُوا يَسْتَقْبِلُونَ صَخْرَةَ بَيْتِ المَقْدِسِ، والنَّصَارَى كَانُوا يَسْتَقْبِلُونَ المَشْرِقَ، فَالقِبْلَةُ مِنَ المَسَائِلِ التِي اختَلَفَتْ بِاخْتِلافِ الأُمَمِ، وَلَيْسَتْ أَسّاً مِنْ أُسُسِ الدِّينِ كَتَوحِيدِ اللهِ، وَالإِيمَانِ بِالبَعْثِ... فَالوَاجِبُ فِيها التَّسلِيمُ لأمرِ الوَحيِ. فَبَادِرُوا إِلى فِعْلِ الخَيرَاتِ، وَليحرِصْ كُلٌّ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ سَبَّاقاً إِلَيهِ. وَفِي أَيِّ مََكَانٍ تَكُونُونَ فَإِنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يأتِيَ بِكُمْ جَمِيعاً، وَيَجْمَعَكُمْ لِلْحِسَابِ، فَعَلَيكُمْ أَنْ تَسْتَبِقُوا لِفِعْلِ الخَيراتِ، فَالبِلادُ وَالجِهَاتُ لا شَأْنَ لَهَا فِي أمرِ الدِّينِ. وَاللهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، وَلا يُعْجِزهُ أَنْ يَحْشُرَ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَهْمَا بَعُدَتْ بَيْنَهُمُ المَسَافَاتُ.

{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)} {بِغَافِلٍ} (149)- وَيَعُودُ اللهُ تَعَالَى لِيُكَرِّرَ هُنَا أَمْرَهُ لِلمَرَّةِ الثَّالِثَةِ فِي التَّوَجُّهِ إِلى البَيْتِ الحَرَامِ، وَيَقُولُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ التَّوَجُّهَ إِلى البَيْتِ الحَرَامِ هُوَ الحَقُّ مِنَ اللهِ، وَاللهُ لا يَغْفَلُ عَنْ أَعمَالِ النَّاسِ وَإِخْلاصِهِمْ، فِي مُتَابَعَةِ النَّبِيِّ فِي كُلِّ مَا يَجِيءُ بِهِ مِنْ أَمرِ الدِّينِ، وَسَيُجَازِيهِمْ عَلَيهِ أَوْفَى الجَزَاءِ.

{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)} (150)- وَيُكَرِّرُ اللهُ تَعَالَى أَمْرَهُ لِرَسُولِهِ الكَرِيمِ وَلِلمُؤْمِنِينَ حَيثُمَا كَانُوا بِالتَّوجُّهِ فَوْراً إِلى المَسْجِدِ الحَرَامِ لِكَيْلا يَكُونَ للنَّاسِ (وَهُمْ هُنَا أَهْلُ الكِتَابِ مِنَ اليَهُودِ) حُجًّةٌ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذَا تَرَكُوا قِبْلَتَهُم التِي أَمَرَهُمْ اللهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيها. وَكَانَ اليَهُودُ قَدْ قَالُوا إِنَّ مُحَمَّداً اشْتَاقَ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ، وَدينِ قَوْمِهِ. وَقَالَ بَعْضُ مُشْرِكِي قُرَيش (وَهُمْ الذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ): مَا دَامَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ، وَإِنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، فَلِمَ رَجَعَ عَنْهُ؟ فَأَجَابَهُمُ اللهُ تَعَالَى: إِنَّ مُحَمَّداً أَطَاعَ أَمْرَ رَبِّهِ فِي الأُولَى وَالثَّانِيَةِ. وَحَثَّ اللهُ نَبِيَّهُ وَالمُؤْمِنِينَ عَلَى عَدَمِ الخُوْفِ وَالخَشْيَةِ مِنْ قَوْلِ الظَالِمِينَ المُتَعَنِّتِينَ وَفِعْلِهِمْ، وَحَثَّهُمْ تَعَالَى عَلَى إِطَاعَةِ أَمْرهِ وَالخَشْيَةِ مِنْهُ. وَامْتِثَالِ المُؤْمِنِينَ لأَمْرِ اللهِ فِي الاتِّجَاهِ إِلى جِهَةِ البَيْتِ الحَرَامِ، يُبْطِلُ حُجَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ في الطَّعْنِ عَلَى النُبُوَّةِ بِتَحْوِيلِ القِبْلَةِ عَنْ بَيْتِ المَقْدِسِ إِلَى الكَعْبَةِ، لأنَّ أَهلَ الكِتَابِ كَانُوا يَعْلَمُونَ مِنْ كُتُبِهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ الذِي سَيُبْعَثُ مِنْ وِلْدِ إِسْمَاعِيلَ يَكُونُ عَلَى قِبْلَتِهِ، وَهِيَ الكَعْبَةُ، فَبَقاءُ بَيْتِ المَقْدِسِ قِبْلةً دَائِمَةً لَهُ حُجَّةً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ النَّبِيُّ المُبَشَّرَ بِهِ، فَلَمَّا جَاءَ هذا التَّحوِيلُ عَرَفُوا أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ.

{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)} {يَتْلُواْ} {آيَاتِنَا} {الكتاب} (151)- كَانَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلامُ قَدْ دَعَا رَبَّهُ، وَهُوَ يَرْفَعُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، أَنْ يَبْعَثَ اللهُ فِي أَهْلِ البَيْتِ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيهِم آيَاتِ اللهِ، وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ، وَيُزَكِّيهم. فاستجَابَ اللهُ تَعَالَى لِدُعَائِهِ وَأَرْسَلَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم رَسُولاً مِنْ نَسْلِ وِلْدِهِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَأنزَلَ عَلَيهِ القُرْآنَ لِيَتْلُوهُ عَلَى النَّاسِ، وَجَعَلَ رَسُولَهُ عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، وَمَنْهَجٍ قَويمٍ، لِيَقْتَدِيَ بِهِ المُؤْمِنُونَ في أَعْمَالِهِمْ، يُعَلِّمُهُمْ أَحْكَامَ دِينِهِمْ، وَيُزَكِّي نُفُوسَهُمْ وَيُطَهِّرُهَا مِن رَذَائِلِ الأَخْلاقِ وَانْحِرَافاتِ الجَاهِلِيّةِ، وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ ظلُمَاتِ الجَهْلِ وَفَسَادِ الأَخْلاقِ إِلى نُورِ الإِيمانِ وَالعِلْمِ وَسُمُوِّ الأَخْلاقِ، وَهُوَ مَا صَارُوا إِليهِ فِي الإِسْلامِ. وَقَدْ كَانَتْ سُنَّةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم العَمَلِيَّةُ، وَسِيرَتُهُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَعَ أَصْحَابِهِ مُفَصِّلَةً لِمُجْمَلِ القُرآنِ، مُبَيِّنَةً لِمُبْهَمِهِ، كَاشِفَةً عَنِ المَنَافِعِ وَالأَسْرَارِ التِي تَنْطَوي عَلَيهَا الأَحْكَامُ، وَيُعَلِّمُهُمْ مَا كَانُوا يَجْهَلُونَهُ مِنْ قَبْلُ، مِمَّا جَاءَ بِهِ الوَحْيُ. يُزَكِّيكُمْ- يُطَهِّرُكُم مِنَ الشِّرْكِ وَالمَعَاصِي. الكِتَابَ- القُرآنَ. الحِكْمَةَ- السُنَّنَ وَالفِقْهَ فِي الدِّينِ.

{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)} (152)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَذْكُرُوهُ فِيمَا افْتَرَضَهُ عَلَيهِمْ مِنْ طَاعَةٍ وَحَمْدٍ وَتَسْبِيحٍ وَقِرَاءةِ قُرْآنٍ، لِيَذْكُرَهُمْ فِيمَا أُوْجَبَ لَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ الكَرِيْمَةَ مِنْ إِدَامَةِ النِّعَمِ وَالفَضْلِ، وَلِيُجْزِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ، وَيُفِيضَ عَلَيهمِ الخَيْرَاتِ (أَيِ اذكُرُونِي بِطَاعَتي، أَذْكُرْكُمْ بِمَغْفِرَتي)، وَأَمَرَ اللهُ المُؤْمِنِينَ بِالشُّكْرِ لَهُ، وَوَعَدَ الشَّاكِرِينَ بِمَزِيدٍ مِنَ الخَيْرِ وَالبَرَكَاتِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الكُفْرِ بِالنِّعْمَةِ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} {يَآأَيُّهَا} {آمَنُواْ} {الصلاة} {الصابرين} (153)- يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ أَنَّ خَيْرَ مَا يَسْتَعِينونَ بِهِ عَلَى إِقَامَةِ دِينِهِمْ، وَالدِّفَاعَ عَنْهُ، وَعَلَى سَائِرِ مَا يَشُقُّ عَلَيهِمْ مِنْ مَصَائِبِ الحَيَاةِ هُوَ التَّحَلِّي بِالصَّبْرِ، وَتَوْطِينُ النَّفْسِ عَلَى احتِمَالِ المَكَارِهِ، وَأَدَاءِ الصَّلاةِ وَإِقَامَتِهَا حَقَّ إِقَامَتِهَا. فَالصَّبْرِ أَشَدُّ الأَعْمَالِ البَاطِنَةِ عَلَى النَّفْسِ، وَالصَّلاةُ أَشَدُّ الأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ عََلَى البَدَنِ، وَاللهُ نَاصِرُ الصَّابِرِينَ، وَمُجِيبٌ لِدُعَائِهِمْ.