Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 3
الربع رقم 3
quran-border  ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة واتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباساء والضراء وحين الباس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين فمن بدله بعدما سمعه فانما اثمه على الذين يبدلونه ان الله سميع عليم
Page Number

1

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)} أخرج ابن أبي حاتم وصححه عن أبي ذر «أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإِيمان فتلا {ليس البر أن تولوا وجوهكم} حتى فرغ منها، ثم سأله أيضاً فتلاها، ثم سأله فتلاها وقال: وإذا عملت حسنة أحبها قلبك، وإذا عملت سيئة أبغضها قلبك». وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن مردويه عن القاسم بن عبد الرحمن قال: «جاء رجل إلى أبي ذر فقال: ما الإِيمان؟ فتلا عليه هذه الآية {ليس البر أن تولوا وجوهكم} حتى فرغ منها. فقال الرجل: ليس عن البر سألتك. فقال أبو ذر: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عما سألتني، فقرأ عليه هذه الآية فأبى أن يرضى كما أبيت أن ترضى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادن. فدنا فقال: المؤمن إذا عمل الحسنة سرته رجاء ثوابها، وإذا عمل السيئة أحزنته وخاف عقابها». وأخرج عبد الرزاق وابن راهويه وعبد بن حميد عن عكرمة قال: سئل الحسن بن علي مقبلة من الشام عن الإِيمان، فقرأ {ليس البر...} الآية. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال: كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق، فنزلت {ليس البر أن تولوا وجوهكم...} الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ليس البر أن تولوا وجوهكم} يعني في الصلاة. يقول: ليس البر أن تصلوا ولا تعلموا، فهذا حين تحوّل من مكه إلى المدينة، ونزلت الفرائض وحد الحدود، فأمر الله بالفرائض والعمل بها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: هذه الآيه نزلت بالمدينة {ليس البر أن تولوا وجوهكم} يعني الصلاة، تبدل ليس البر أن تصلوا ولكن البر ما ثبت في القلب من طاعة الله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ليس البر...} الآية. قال: ذكر لنا أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن البر، فأنزل الله هذه الآية، فدعا الرجل فتلاها عليه، وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ثم مات على ذلك يرجى له في خير، فأنزل الله: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب} وكانت اليهود توجهت قبل المغرب والنصارى قبل المشرق {ولكن البر من آمن بالله...} الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق، فنزلت {ليس البر أن تولوا وجوهكم...} الآية. وأخرج أبو عبيد في فضائله والثعلبي من طريق هرون عن ابن مسعود وأبي بن كعب أنهما قرآ {ليس البر أن تولوا}. وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي ميسرة قال: من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإِيمان {ليس البر...} الآية. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر} ما ثبت في القلوب من طاعة الله. وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءتنا مكان ليس البر أن تولوا ولا تحسبن أن البر. أما قوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين}. أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم والآجري في الشريعة واللالكائي في السنة وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عمر بن الخطاب «أنهم بينما هم جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يمشي، حسن الشعر عليه ثياب بياض، فنظر القوم بعضهم إلى بعض ما نعرف هذا وما هذا بصاحب سفر! ثم قال: يا رسول الله آتيك؟ قال: نعم. فجاءه فوضع ركبتيه عند ركبتيه ويديه على فخذيه فقال: ما الإِسلام؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، قال: فما الإِيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، ولفظ ابن مردويه: أن تؤمن بالله، واليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والنبيين، والجنة، والنار، والبعث بعد الموت، والقدر كله. قال: فما الإِحسان؟ قال: أن تعمل لله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فمتى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل! قال: فما اشراطها؟ قال: إذا العراة الحفاة العالة رعاء الشاء تطاولوا في البنيان، وولدت الإِماء أربابهن، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بالرجل فطلبوه فلم يروا شيئاً، فمكث يومين أو ثلاثة ثم قال: يا ابن الخطاب أتدري من السائل كذا وكذا؟ قال: الله ورسوله أعلم... ! قال: ذاك جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم». وأخرج أحمد والبزارعن ابن عباس قال: «جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً، فأتاه جبريل فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعاً كفيه على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله حدثني عن الإِسلام؟ قال: الإِسلام أن تسلم وجهك لله عز وجل، وأن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله. قال: فإذا فعلت ذلك فقد أسلمت. قال: يا رسول الله حدثني عن الإِيمان؟ قال: الإِيمان أن تؤمن بالله، واليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والنبيين، والموت، والحياة بعد الموت، وتؤمن بالجنة، والنار، والحساب، والميزان، وتؤمن بالقدر كله خيره وشره. قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت. قال: يا رسول الله حدثني ما الإِحسان؟ قال: الإِحسان أن تعمل لله كأنك تراه فإن لا تراه فإنه يراك». وأخرج البزار عن أنس قال: «بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه إذا جاءه رجل ليس عليه ثياب السفر يتخلل الناس حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضع يده على ركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد ما الإِسلام؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: فإذا فعلت فأنا مؤمن؟ قال: نعم. قال: صدقت. قال: يا محمد ما الإِحسان؟ قال: أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك. قال: فإذا فعلت ذلك فأنا محسن؟ قال: نعم. قال: صدقت. قال: يا محمد متى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل! وأدبر الرجل فذهب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليّ بالرجل، فاتبعوه يطلبونه فلم يروا شيئاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم». وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وأبي ذرٍّ قالا: «إنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في مجلسه محتب إذ أقبل رجل من أحسن الناس وجهاً، وأطيب الناس ريحاً، وأنقى الناس ثوباً، فقال: يا محمد ما الإِسلام؟ قال: أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان، قال: فإذا فعلت هذا فقد أسلمت؟ قال: نعم. قال: صدقت. فقال: يا محمد أخبرني ما الإِيمان؟ قال: الإِيمان بالله، وملائكته، والكتاب، والنبيين، وتؤمن بالقدر كله. قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت؟ قال: نعم. قال: صدقت». وأخرج أحمد والنسائي عن معاوية بن حيدة قال: «قلت يا رسول الله ما الذي بعثك الله به؟ قال: بعثني الله بالإِسلام! قلت: وما الإِسلام؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة». أما قوله تعالى: {وآتى المال على حبه}. أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وآتى المال} يعني أعطى المال {على حبه} يعني على حب المال. وأخرج ابن المبارك في الزهد ووكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن مسعود {وآتى المال على حبه} قال: يعطي وهو صحيح شحيح يأمل العيش ويخاف الفقر. وأخرج الحاكم عن ابن مسعود مرفوعاً. مثله. وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن المطلب «أنه قيل: يا رسول الله ما آتى المال على حبه فكلنا نحبه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تؤتيه حين تؤتيه ونفسك حين تحدثك بطول العمر والفقر». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح تأمل البقاء وتخشى الفقر ولا تمهل، حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا إلا وقد كان لفلان». وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مثل الذي ينفق أو يتصدق عند الموت مثل الذي يهدي إذا شبع». أما قوله تعالى: {ذوي القربى}. أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {ذوي القربى} يعني قرابته. وأخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح». وأخرج أحمد والدارمي والطبراني عن حكيم بن حزام «أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقات أيها أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح». وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه عن ميمونة أم المؤمنين قالت «أعتقت جارية لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو أعطيتها بعض أخوالك كان أعظم لأجرك». وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن ابن عباس «أن ميمونة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في جارية تعتقها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيها أختك ترعى عليها وصلي بها رحماً، فإنه خير لك». وأخرج ابن المنذر عن فاطمة بنت قيس «أنها قالت: يا رسول الله إن لي مثقالاً من ذهب. قال: اجعليها في قرابتك». وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي في سننه عن سلمان بن عامر الضبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم إثنتان، صدقة وصلة». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتجزىء عني من الصدقة النفقة على زوجي وأيتام في حجري؟ قال: لك أجران: أجر الصدقة، وأجر القرابة». أما قوله تعالى: {وابن السبيل}. أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ابن السبيل هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: ابن السبيل الذي يمر عليك وهو مسافر. أما قوله تعالى: {والسائلين}. أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله: {والسائلين} قال: السائل الذي يسألك. وأخرج أحمد وأبو داود وابن أبي حاتم عن الحسين بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للسائل حق وإن جاء على فرس». وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعطوا السائل وإن كان على فرس». وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد قال: قال عيسى بن مريم: للسائل حق وإن جاء على فرس مطوّق بالفضة. وأخرج ابن سعد والترمذي وصححه وابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الرحمن بن بجيد عن جدته أم بجيد وكانت ممن تابع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت «يا رسول الله إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد شيئاً أعطيه إياه؟! فقال لها: إنْ لم تجدي إلا ظلفاً محرقاً فادفعيه إليه» ولفظ ابن خزيمة: «ولا تردي سائلك ولو بظلف». وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد من طريق عمرو بن معاذ الأنصاري عن جدته حواء قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ردوا السائل ولو بظلف محرق». وأخرج ابن أبي شيبة عن حميد بن عبد الرحمن قال: كان يقال: ردوا السائل ولو بمثل رأس القطاة. وأخرج أبو نعيم والثعلبي والديلمي والخطيب في رواة مالك بسند واه عن ابن عمر مرفوعاً: «هدية الله للمؤمن السائل على بابه». وأخرج ابن شاهين وابن النجار في تاريخه عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على هدايا الله عز وجل إلى خلقه؟ قلنا: بلى. قال: الفقير هو هدية الله قبل ذلك أو ترك». قوله تعالى {وفي الرقاب}. أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وفي الرقاب} يعني فكاك الرقاب. أما قوله تعالى: {وأقام الصلاة وآتى الزكاة}. أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وأقام الصلاة} يعني وأتم الصلاة المكتوبة {وآتى الزكاة} يعني الزكاة المفروضة. وأخرج الترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي والدارقطني وابن مردويه عن فاطمة بنت قيس قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في المال حق سوى الزكاة، ثم قرأ {ليس البر أن تولوا وجوهكم...} الآية». وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل في المال حق بعد الزكاة؟ قال: نعم. تحمل على النجيبة». وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي. أنه سئل هل على الرجل في ماله حق سوى الزكاة؟ قال: نعم. وتلا هذه الآية {وآتى المال على حبه ذوي القربى...} إلى آخر الآية. وأخرج عبد بن حميد عن ربيعة بن كلثوم قال: حدثني أبي قال لي مسلم بن يسار: إن الصلاة صلاتان، وإن الزكاة زكاتان، والله إنه لفي كتاب الله أقرأ عليك به قرآناً. قلت له: اقرأ. قال: فإن الله يقول في كتابه {ليس البر أن تولوا وجوهكم} إلى قوله: {وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} فهذا ما دونه تطوّع كله {وأقام الصلاة} على الفريضة {وآتى الزكاة} فهاتان فريضتان. أما قوله تعالى: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا}. أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا} قال: فمن أعطى عهد الله ثم نقضه فالله ينتقم منه، ومن أعطى ذمة النبي صلى الله عليه وسلم ثم غدر بها فالنبي صلى الله عليه وسلم خصمه يوم القيامة. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا} يعني فيما بينهم وبين الناس. أما قوله تعالى: {والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس}. أخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال: {البأساء والضراء} السقم {وحين البأس} حين القتال. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: كنا نحدث أن البأساء البؤس والفقر، وأن الضراء السقم والوجع، وحين البأس عند مواطن القتال. وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق سأله عن البأساء والضراء قال: البأساء الخصب، والضراء الجدب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول زيد بن عمرو: إن الإِله عزيز واسع حكم *** بكفه الضر والبأساء والنعم أما قوله تعالى: {أولئك الذين صدقوا} الآية. أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {أولئك} يعني الذين فعلوا ما ذكر الله في هذه الآية هم الذين صدقوا. وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله: {أولئك الذين صدقوا} قال: تكلموا بكلام الإِيمان، فكانت حقيقته العمل صدقوا الله قال: وكان الحسن يقول: هذا كلام الإِيمان وحقيقته العمل، فإن لم يكن مع القول عمل فلا شيء. وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي عامر الأشعري قال: قلت يا رسول الله ما تمام البرِّ قال «تعمل في السر عمل العلانية». وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن أبي شيبان قال: سألت زيد بن رفيع فقلت: يا أبا جعفر ما تقول في الخوارج في تكفيرهم الناس؟ قال: كذبوا بقول الله عز وجل {ليس البر أن تولوا وجوهكم...} الآية. فمن آمن بهن فهو مؤمن ومن كفر بهن فهو كافر.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: إن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإِسلام بقليل، فكان بينهم قتل وجراحات حتى قتلوا العبيد والنساء، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا، فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدة والأموال، فحلفوا أن لا يرضوا حتى بالعبد من الحر منهم، وبالمرأة من الرجل منهم، فنزل فيهم {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، فأنزل الله: {النفس بالنفس} [ المائدة: 45] فجعل الأحرار في قصاص سواء فيما بينهم من العَمْد رجالهم ونساؤهم في النفس وما دون النفس، وجعل العبيد مستوين في العمد النفس وما دون النفس رجالهم ونساؤهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الشعبي قال: نزلت هذه الآية في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتال عمية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقتل بعبدنا فلان ابن فلان، ونقتل بأمتنا فلانة بنت فلانة. فأنزل الله: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى}. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي مالك قال: كان بين حيين من الأنصار قتال كان لأحدهما على الآخر الطول، فكأنهم طلبوا الفضل، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم، فنزلت هذه الآية {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} قال ابن عباس: نسختها {النفس بالنفس} [ المائدة: 45]. وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: لم يكن لمن كان قبلنا دية إنما هو القتل والعفو، فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم، فكانوا إذا قتل من الكثير عبد قالوا: لا نقتل به إلا حراً، وإذا قتلت منهم امرأة قالوا: لا نقتل بها إلا رجلاً، فأنزل الله: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى}. وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وأبو القاسم الزجاجي في أماليه والبيهقي في سننه عن قتادة في الآية قال: كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان، فكان الحي منهم إذا كان فيهم عدد فقتل لهم عبداً عبد قوم آخرين فقالوا: لن نقتل به إلا حراً تعززاً وتفضلاً على غيرهم في أنفسهم، وإذا قتلت لهم أنثى قتلتها امرأة قالوا: لن نقتل بها إلا رجلاً، فأنزل الله هذه الآية يخبرهم أن العبد بالعبد إلى آخر الآية، نهاهم عن البغي، ثم أنزل سورة المائدة فقال: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} [ المائدة: 45] الآية. وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى}. قال: نسختها {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} الآية. أما قوله تعالى: {فمن عفي له} الآية. أخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس {فمن عفي له} قال: هو العمد يرضى أهله بالدية {فاتباع بالمعروف} أمر به الطالب {وأداء إليه بإحسان} قال: يؤدى المطلوب بإحسان {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} مما كان على بني إسرائيل. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فمن عفي له من أخيه شيء} بعد أخذ الدية بعد استحقاق الدم وذلك العفو {فاتباع بالمعروف} يقول: فعلى الطالب اتباع بالمعروف إذا قبل الدية {وأداء إليه بإحسان} من القاتل في غير ضرر ولا فعلة المدافعة {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} يقول: رفق. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان والبيهقي عن ابن عباس قال: كان في بني إسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية فقال الله لهذه الأمة {كتب عليكم القصاص في القتلى} إلى قوله: {فمن عفي له من أخيه شيء} فالعفو أن تقبل الدية في العمد {فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} يتبع الطالب بالمعروف ويؤدي إليه المطلوب بإحسان {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} مما كتب على من كان قبلكم {فمن اعتدى بعد ذلك} قتل بعد قبول الدية {فله عذاب أليم}. وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: كانت بنو إسرائيل إذا قتل فيهم القتيل عمداً لا يحل لهم إلا القود، وأحل الله الدية لهذه الأمة، فأمر هذا أن يتبع بمعروف، وأمر هذا أن يؤدي بإحسان {ذلك تخفيف من ربكم}. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: كان على بني إسرائيل القصاص في القتلى، ليس بينهم دية في نفس ولا جرح، وذلك قول الله: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس....} [ المائدة: 45] الآية. فخفف الله عن أمة محمد، فجعل عليهم الدية في النفس وفي الجراحة، وهو قوله: {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة}. وأخرج ابن جرير والزجاجي في أماليه عن قتادة في قوله: {ورحمة} قال: هي رحمة رحم الله بها هذه الأمة أطعمهم الدية وأحلها لهم ولم تحل لأحد قبلهم، فكان في أهل التوراة إنما هو القصاص أو العفو ليس بينهما أرش، فكان أهل الإِنجيل إنما هو عفو أمروا به، وجعل الله لهذه الأمة القتل والعفو الدية إن شاؤوا أحلها لهم ولم يكن لأمة قبلهم. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن شريح الخزاعي «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أصيب بقتل أو جرح فإنه يختار إحدى ثلاث: إما أن يقتص، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية، فإن أراد رابعة فخذوا على يديه، ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنم خالداً فيها أبداً». وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {فمن اعتدى بعد ذلك} بأن قتل بعد أخذه الدية {فله عذاب أليم} قال: فعليه القتل لا يقبل منه الدية، وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا أعافي رجلاً قتل بعد أخذ الدية». وأخرج سمويه في فوائده عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أعافي رجلاً قتل بعد أخذ الدية». وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير ن الحسن في قوله: {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم} قال: كان الرجل في الجاهلية إذا قتل قتيلاً ينضم إلى قومه فيجيء قومه فيصالحون عنه بالدية، فيخرج الفار وقد أمن في نفسه فيقتله ويرمي إليه بالدية، فذلك الاعتداء. وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة. في رجل قتل بعد أخذ الدية قال: يقتل، أما سمعت الله يقول {فله عذاب أليم}.

{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} أخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله: {ولكم في القصاص حياة} يعني نكالاً وعظة إذا ذكره الظالم المعتدي كف عن القتل. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: جعل الله هذا القصاص حياة وعبرة لأولي الألباب، وفيه عظة لأهل الجهل والسفه، كم من رجل قد هم بداهية لولا مخافة القصاص لوقع بها، ولكن الله حجز عباده بها بعضهم عن بعض، وما أمر الله بأمر قط إلا وهو أمر صلاح في الدنيا والآخرة، وما نهى الله عن أمر قط إلا وهو أمر فساد، والله أعلم بالذي يصلح خلقه. وأخرج ابن جرير عن السدي {في القصاص حياة} قال: بقاء لا يقتل القاتل إلا بجناية. وأخرج سفيان بن عيينة عن مجاهد في قوله: {ولكم في القصاص حياة} قال: يناهي بعضهم عن بعض. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} يعني من كان له لب أو عقل يذكر القصاص فيحجزه خوف القصاص عن القتل {لعلكم تتقون} لكي تتقوا الدماء مخافة القصاص. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء. أنه قرأ {ولكم في القصاص حياة} قال: قصص القرآن. وأخرج آدم والبيهقي في سننه عن أبي العالية {فمن اعتدى} قتل بعد أخذه الدية {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} يقول: حين أعطيتم الدية ولم تحل لأهل التوراة إنما هو قصاص أو عفو، وكان أهل الإِنجيل إنما هو عفو وليس غيره، فجعل الله لهذه الأمة القود والدية والعفو {ولكم في القصاص حياة} يقول: جعل الله القصاص حياة، فكم من رجل يريد أن يقتل فيمنعه منه مخافة أن يقتل.

{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)} أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إن ترك خيراً} قال: مالاً. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {إن ترك خيراً} قال: الخير المال. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: الخير في القرآن كله المال {إن ترك خيراً}. {لحب الخير} [ العاديات: 8]. {أحببت حب الخير} [ ص: 32]. {إن علمتم فيهم خيراً} [ النور: 33]. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله: {إن ترك خيراً الوصية} قال: من لم يترك ستين ديناراً لم يترك خيراً. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه عن عروة. أن علي بن أبي طالب دخل على مولى لهم في الموت، وله سبعمائة درهم أو ستمائة درهم فقال: ألا أوصي قال: لا إنما قال الله: {إن ترك خيراً} وليس لك كثير مال، فدع مالك لورثتك. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي عن عائشة. أن رجلاً قال لها: إني أريد أن أوصي، قالت: كم ما لك...؟ قال: ثلاثة آلاف. قالت: كم عيالك؟ قال: أربعة. قالت: قال الله: {إن ترك خيراً} وهذا شيء يسير فاتركه لعيالك فهو أفضل. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس قال: إن ترك الميت سبعمائة درهم فلا يوصي. وأخرج عبد بن حميد عن أبي مجلز قال: الوصية على من ترك خيراً. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري قال: جعل الله الوصية حقاً مما قل منه ومما كثر. وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما حق امرىء مسلم تمر عليه ثلاث ليال إلا ووصيته عنده. قال ابن عمر: فما مرت عليّ ثلاث قط إلا ووصيتي عندي». وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس ابتاعوا أنفسكم من ربكم، إلا أنه ليس لامرىء شيء إلا عرف أمراً بخل بحق الله فيه، حتى إذا حضر الموت أخذ يوزّع ماله هاهنا وههنا» ثم يقول قتادة: ويلك يا ابن آدم اتق الله ولا تجمع إساءتين، مالك إساءة في الحياة وإساءة عند الموت، انظر إلى قرابتك الذين يحتاجون ولا يرثون فأوص لهم من مالك بالمعروف. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر قاضي البصرة قال: من أوصى فسمى أعطينا من سمى، وإن قال: ضعها حيث أمر الله، أعطيناها قرابته. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاوس قال: من أوصى لقوم وسماهم وترك ذوي قرابته محتاجين انتزعت منهم وردت على قرابته. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحسن قال: إذا أوصى في غير أقاربه بالثلث جاز لهم ثلث الثلث ويرد على أقاربه ثلثي الثلث. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود في الناسخ وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال: خطب ابن عباس فقرأ سورة البقرة، فبين ما فيها حتى مر على هذه الآية {إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين} فقال: نسخت هذه الآية. وأخرج أبو داود والنحاس معاً في الناسخ وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الوصية، {للوالدين والأقربين} قال: كان ولد الرجل يرثونه وللوالدين الوصية، فنسختها {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} [ النساء: 7] الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان لا يرث مع الوالدين غيرهما إلا وصية الأقربين، فأنزل الله آية الميراث، فبين ميراث الوالدين، وأقر وصية الأقربين في ثلث مال الميت. وأخرج أبو داود في سننه وناسخه والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين} قال: فكانت الوصية لذلك حين نسختها آية الميراث. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: نسخ من يرث، ولم ينسخ الأقربين الذين لا يرثون. وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر. أنه سئل عن هذه الآية {الوصية للوالدين والأقربين} قال: نسختها آية الميراث. وأخرج ابن جرير عن قتادة عن شريح في الآية قال: كان الرجل يوصي بماله كله حتى نزلت آيات الميراث. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في الآية قال: كان الميراث للولد والوصية للوالدين والأقربين، فهي منسوخة. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: الخير المال، كان يقال ألف فما فوق ذلك، فأمر أن يوصي للوالدين وقرابته، ثم نسخ الوالدين وألحق لكل ذي ميراث نصيبه منها وليست لهم منه وصية، فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو غير قريب. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن خارجة «أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم على راحلته فقال: إن الله قد قسم لكل إنسان نصيبه من الميراث، فلا تجوز لوارث وصية». وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبيهقي في سننه عن أبي أمامة الباهلي «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في خطبته يقول: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث». وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا وصية لوارث إلا أن تجيزه الورثة».

{فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)} أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه} وقد وقع أجر الموصي على الله وبرىء من اثمه في وصيته، أو حاف فيها فليس على الأولياء حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب. وأخرج ابن جرير عن قتاده في قوله: {فمن بدله} قال: من بدل الوصيه بعدما سمعها، فإثم ما بدل عليه. أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {فمن بدله} يقول: للأوصياء من بدل وصية الميت {من بعد ما سمعه} يعني من بعد ما سمع من الميت فلم يمض وصيته إذا كان عدلاً {فإنما إثمه} يعني إثم ذلك {على الذين يبدلونه} يعني الوصي وبرىء منه الميت {إن الله سميع} يعني للوصية {عليم} بها {فمن خاف} يقول: فمن علم {من موص} يعني من الميت {جنفاً} ميلاً {أو إثماً} يعني أو خطأ فلم يعدل {فأصلح بينهم} رد خطأه إلى الصواب {إن الله غفور} للوصي حيث أصلح بين الورثة {رحيم} به رخص له في خلاف جور وصية الميت. وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {جنفاً} قال: الجور والميل في الوصية قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول عدي بن زيد وهو يقول: وأمك يا نعمان في اخواتها *** يأتين ما يأنينه جنفا وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {جنفاً أو إثماً} قال: الجنف الخطأ، والإثم العمد. وأخرج سفيان بن عيينة وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {جنفاً أو إثماً} قال: خطأ أو عمداً. وأخرج عبد بن حميد عن عطاء في قوله: {جنفاً} قال: حيفاً. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {فمن خاف من موص...} الآية. قال: هذا حين يحضر الرجل وهو يموت، فإذا أسرف أمره بالعدل وإذا قصر عن حق قالوا له: افعل كذا وكذا، واعط فلاناً كذا وكذا. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {خاف من موص...} الآية. قال: من أوصى بحيف أو جار في وصية فيردها ولي الميت أو إمام من أئمة المسلمين إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه كان له ذلك. وأخرج سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: الجنف في الوصية، والإِضرار فيها من الكبائر. وأخرج أبو داود في مراسيله وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يرد من صدقة الجانف في حياته ما يرد من وصية المجنف عند موته». وأخرج عبد الرزاق عن الثوري في قوله: {فمن بدله بعدما سمعه} قال: بلغنا أن الرجل إذا أوصى لم تغير وصيته حتى نزلت {فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم} فرده إلى الحق.