{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197)} {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} شوال وذو القعدة وذو الحجة، أو شوال، وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، أو شوال وذو القعدة وعشر ليالي من ذي الحجة إلى طلوع الفجر يوم النحر. {فَرَضَ} أحرم، أو أَهَلَّ بالتلبية. {رَفَثَ} الجماع، أو الجماع والتعرض له بمواعدة ومداعبة أو الإفحاش بالكلام كقوله: «إذا حللت فعلت بكِ كذا من غير كناية». {وَلا فُسُوقَ} منهيات الإحرام، أو السباب، أو الذبح للأصنام، أو التنابز بالألقاب أو المعاصي كلها. {وَلا جِدَالَ} السباب، أو المِراء والاختلاف أيهم أتم حجاً، أو أن يجادل صاحبه حتى يغضبه، أو اختلاف كان يقع بينهم في اليوم الذي يكون فيه حجهم، أو اختلافهم في مواقف الحج أيهم أصاب موقف إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أو لا جدال في وقته لاستقراره وبطلان النسيء الذي كانوا ينسئونه فربما حجوا في صفر أو ذي القعدة. {وَتَزَوَّدُوأ} الأعمال الصالحة، أو نزلت في قوم من أهل اليمن كانوا يحجون بغير زاد، ويقولون نحن المتوكلون، فنزل {وَتَزَوَّدُواْ} الطعام فإن خيراً منه التقوى. |
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)} {فَضْلاً} كانت ذو المجاز وعكاظ متجراً في الجاهلية فلما جاء الإسلام تركوا ذلك حتى نزلت {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ}. {أَفَضْتُم} أسرعتم، أو رجعتم من حيث بدأتم. {عَرَفَاتٍ} جمع عرفة، أو اسم واحد وإن كان بلفظ جمع، قاله الزجاج سميت به، لأن آدم عليه الصلاة والسلام عرف بها حواء بعد هبوطهما، أو عرفها عند رؤيتها إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما تقدم له من وصفها، أو لتعريف جبريل عليه الصلاة والسلام مناسكهم، أو لعلو الناس على جبالها، لأن ما علا عرفة وعرفات، ومنه عرف الديك. {الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} سمي به لأن الدعاء فيه والمقام من معالم الحج. |
{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)} {أَفَاضَ النَّاسُ} إبراهيم عليه الصلاة والسلام عبّر عن الواحد بلفظ الجمع، كقوله {الذين قَالَ لَهُمُ الناس} [آل عمران: 173] يعني نُعيم بن مسعود، أو أمر قريشا أن يفيضوا من حيث أفاض الناس وهم العرب كانوا يقفون بعرفة، لأن قريشاً كانوا يقفون بمزدلفة، ويقولون نحن أهل الحرم فلا نخرج منه فنزلت {وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ} من ذنوبكم، أو من مخالفتكم في الوقوف والإفاضة. |
{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200)} {مَّنَاسِكَكُمْ} الذبائح، أو ما أُمرتم به في الحج، والمناسك المتعبدات. {فاذْكُرُواْ اللَّهَ} بالتكبير أيام منى، أو بجميع ما سُّن من الأدعية بمواطن الحج كلها. {كَذِكْرِكُمْ ءَابَآءَكُمْ} كانوا إذا فرغوا من الحج جلسوا بمنى وافتخروا بمناقب آبائهم فنزلت، أو كذكر: الصغير لأبيه إذا قال: يا بابا، أو كان أحدهم يقول: اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة عظيم القبة كثير المال فاعطني مثل ما أعطيته فلا يذكر غير أبيه. |
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)} {حَسَنَةً} العافية في الدنيا الآخرة، أو نعيمهما قاله: الأكثر، أو المال في الدنيا والجنة في الآخرة، أو العلم والعمل في الدنيا والجنة في الآخرة. |
|