Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 4
الربع رقم 1
quran-border  واذكروا الله في ايام معدودات فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تاخر فلا اثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد واذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا ان الله عزيز حكيم هل ينظرون الا ان ياتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر والى الله ترجع الامور
Page Number

1

{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)} أخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال: الأيام المعدودات ثلاثة أيام: يوم الأضحى، ويومان بعده، إذبح في أيها شئت، وأفضلها أولها. وأخرج الفريابي وابن أبي الدنيا وابن المنذر عن ابن عمر في قوله: {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: ثلاثة أيام، أيام التشريق. وفي لفظ: هي الثلاثة الأيام بعد يوم النحر. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والمروزي في العيدين وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس قال: الأيام المعلومات أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق. وأخرج الطبراني عن عبدالله بن الزبير {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: هن أيام التشريق يذكر الله فيهن بتسبيح وتهليل وتكبير وتحميد. وأخرج ابن أبي الدنيا والمحاملي في أماليه والبيهقي عن مجاهد قال: الأيام المعلومات العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الأيام المعدودات أربعة أيام: يوم النحر، وثلاثة أيام بعده. وأخرج المروزي عن يحيى بن كثير في قوله: {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: هو التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر. أنه كان يكبر تلك الأيام بمنى ويقول: التكبير واجب، ويتأوّل هذه الآية {واذكروا الله في أيام معدودات}. وأخرج المروزي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن عباس يكبر يوم النحر ويتلو {واذكروا الله في أيام معدودات}. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: التكبير أيام التشريق، يقول في دبر كل صلاة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر. وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر. أنه كان يكبر ثلاثاً ثلاثاً وراء الصلوات بمنى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وأخرج المروزي عن الزهري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أيام التشريق كلها. وأخرج سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: «سمعت ابن عباس يكبر يوم الصدر ويأمر من حوله أن يكبر، فلا أدري تأوّل قوله تعالى {واذكروا الله في أيام معدودات} أو قوله: {فإذا قضيتم مناسككم} الآية». وأخرج مالك عن يحيى بن سعيد، أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر بمنى حتى ارتفع النهار شيئاً، فكبر وكبر الناس بتكبيره حتى بلغ تكبيرهم البيت، ثم خرج الثالثة من يومه ذلك حين زاغت الشمس، فكبر وكبر الناس بتكبيره، فعرف أن عمر قد خرج يرمي. وأخرج البيهقي في سننه عن سالم بن عبد الله بن عمر «أنه رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر، اللهم اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وعملاً مشكوراً، وقال: حدثني أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كلما رمى بحصاة يقول مثل ما قلت». وأخرج البخاري والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر «أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على كل حصاة ثم يتقدم حتى يسهل، فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو، ويرفع يديه ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ثم ينصرف ويقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله». وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت «أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع فمكث بمنى ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى وعند الثانية، فيطيل القيام ويتضرع، ثم يرمي الثالثة ولا يقف عندها». وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة «هات القط لي حصيات من حصى الخذف، فلما وضعن في يده قال: بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين». وأخرج الحاكم عن أبي البداح بن عاصم بن عدي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً. وأخرج الأزرقي عن ابن الكلبي قال: إنما سميت الجمار جمار لأن آدم كان يرمي إبليس فيتجمر بين يديه، والإِجمار الإِسراع. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري قال: ما يقبل من حصى الجمار رفع. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: رمى الناس في الجاهلية والإِسلام. فقال: ما تقبل منه رفع، ولولا ذلك كان أعظم من ثبير. وأخرج الأزرقي عن ابن عباس أنه سئل هذه الجمار ترمى في الجاهلية والإِسلام، كيف لا تكون هضاباً تسد الطريق؟ فقال: إن الله وكل بها، ملكاً فما يقبل منه رفع ولم يقبل منه ترك. وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال: والله ما قبل الله من امرىء حجه إلا رفع حصاه. وأخرج الأزرقي عن ابن عمر أنه قيل له: ما كنا نتراءى في الجاهلية من الحصى والمسلمون اليوم أكثر، إنه لضحضاح؟ فقال: إنه- والله- ما قبل الله من امرىء حجه إلا رفع حصاه. وأخرج الأزرقي عن سعيد بن جبير قال: إنما الحصى قربان فما يقبل منه رفع، وما لم يتقبل منه فهو الذي يبقى. وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال: «قلنا: يا رسول الله هذه الأحجار التي يرمى بها كل سنة فنحسب أنها تنقص!... قال: ما يقبل منها يرفع، ولولا ذلك لرأيتموها مثل الجبال». وأخرج الطبراني عن ابن عمر أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن رمي الجمار وما لنا فيه؟ فسمعته يقول: «تجد ذلك عند ربك أحوج ما تكون إليه». وأخرج الأزرقي عن ابن عباس. أنه سئل عن منى وضيقه في غير الحج فقال: إن منى تتسع بأهلها كما يتسع الرحم للولد. وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل منى كالرحم هي ضيقة، فإذا حملت وسعها الله». وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال: إنما سميت منى منى لأن جبريل حين أراد أن يفارق آدم قال له: تمن. قال: أتمنى الجنة، فسميت منى لأنها منية آدم. وأخرج الأزرقي عن عمر بن مطرف قال: إنما سميت منى لما يمنى بها من الدماء. وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت «قيل: يا رسول الله ألا نبني لك بناء يظلك؟ قال: لا، منى مناخ من سبق». وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ونحن بمنى: «لو يعلم أهل الجمع بمن حلوا لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة». وأخرج مسلم والنسائي عن نبيشة الهدبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله». وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى، لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى. وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق، وقال: هي أيام أكل وشرب وذكر الله». وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي الشعثاء قال: دخلنا على ابن عمر في اليوم الأوسط من أيام التشريق، فأتى بطعام فتنحى ابن له فقال: ادن فاطعم قال: إني صائم. قال: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هذه أيام طعم وذكر». وأخرج الحاكم وصححه عن مسعود بن الحكم الزرقي عن أمه أنها حدثته قالت «كأني أنظر إلى عليّ على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء في شعب الأنصار، وهو يقول: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست أيام صيام، إنها أيام أكل وشرب وذكر». وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن خلدة الأنصاري عن أمه قالت «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً أيام التشريق ينادي: إنها أيام أكل وشرب وبعال». وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجة عن بشر بن شحيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أيام التشريق فقال: «لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب». وأخرج مسلم عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق، فنادى: «أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب». وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام منى أيام أكل وشرب». وأخرج أبو داود وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه عن أبي مرة مولى أم هانىء، أنه دخل مع عبد الله على أبيه عمرو بن العاص، فقرب إليهما طعاماً فقال: كل، فقال: إني صائم. قال عمرو: كل فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها. قال مالك: وهن أيام التشريق. وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام ستة أيام من السنة: يوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق، واليوم الذي يشك فيه من رمضان». وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام التشريق، وقال: إنها أيام أكل وشرب». وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة أنه سئل عن أيام التشريق، لأي شيء سميت التشريق؟ فقال: كانوا يشرقون لحوم ضحاياهم وبدنهم، يشرقون القديد. أما قوله تعالى: {فمن تعجل في يومين} الآية. أخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: في تعجيله {ومن تأخر فلا إثم عليه} في تأخيره. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: فلا ذنب له {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: فلا حرج عليه لمن اتقى. يقول: اتقى معاصي الله. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر قال: أحلَّ النفر في يومين لمن اتقى. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: من غابت له الشمس في اليوم الذي قال الله فيه {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} وهو منى، فلا ينفرن حتى يرمى الجمار من الغد. وأخرج سفيان بن عيينة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لمن اتقى} قال: لمن اتقى الصيد وهو محرم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال: هي في مصحف عبد الله {لمن اتقى الله}. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عبد الله بن يعمر الديلمي «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بعرفة وأتاه أناس من أهل مكة فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ فقال: الحج عرفات، الحج عرفات، فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك أيام منى ثلاثة أيام {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه} ثم أردف رجلاً خلفه ينادي بهن». وأخرج ابن جرير عن علي في قوله: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: غفر له {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: غفر له. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: مغفور له {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: مغفور له. وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس في الآية قال: من تعجل في يومين غفر له، ومن تأخر إلى ثلاثة أيام غفر له. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: رجع مغفوراً له. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: رخص الله أن ينفروا في يومين إن شاؤوا، ومن تأخر إلى اليوم الثالث فلا إثم عليه لمن اتقى. قال قتادة: يرون أنها مغفورة له. وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن مجاهد {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: إلى قابل {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: إلى قابل. وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال: لا والذي نفس الضحاك بيده إن نزلت هذه الآية {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} في الإِقامة والظعن، ولكنه برئ من الذنوب. وأخرج سفيان بن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن مسعود {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: خرج من الإِثم كله {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: برىء من الإِثم كله. وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: {لمن اتقى} قال: لمن اتقى في حجه. قال قتادة: وذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من ذنبه. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال: كانت امرأة من المهاجرات تحج، فإذا رجعت مرت على عمر فيقول لها: أتقيت؟ فتقول: نعم. فيقول لها: استأنفي العمل. وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد. أن عمر قال لقوم حجاج: أنهزكم إليه غيره؟ قالوا: لا. قال: أتقيتم؟ قالوا: نعم. قال: أما لا فاستأنفوا العمل. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: قد غفر له إنهم يتأولونها على غير تأويلها، إن العمرة لتكفر ما معها من الذنوب، فكيف بالحج؟!. وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن معاوية بن مرة المزني {فلا إثم عليه} قال: خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال: إنما جعل الله هذه المناسك ليكفر بها خطايا بني آدم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية في قوله: {فلا إثم عليه لمن اتقى} قال: ذهب إثمه كله إن اتقى فيما بقي من عمره. وأخرج البيهقي في الشعب عن الحسن. أنه قيل له: الناس يقولون: إن الحاج مغفور له، قال إنه ذلك أن يدع سيء ما كان عليه. وأخرج البيهقي عن خيثمة بن عبد الرحمن قال: إذا قضيت حجك فسل الله الجنة فلعله. وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن إبراهيم قال: كان يقال: صافحوا الحجاج قبل أن يتلطخوا بالذنوب. وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال: تلقوا الحجاج والعمار والغزاة، فليدعوا لكم قبل أن يتدنسوا. وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب بن أبي ثابت قال: كنا نلتقي الحجاج فنصافحهم قبل أن يفارفوا. وأخرج الأصبهاني عن الحسن. أنه قيل له ما الحج المبرور؟ قال: أن يرجع زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة. وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقضى أحدكم حجه فليعجل الرحلة إلى أهله، فإنه أعظم لأجره». وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزوة أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده». وأخرج ابن حبان في الضعفاء وابن عدي في الكامل والدارقطني في العلل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حج ولم يزرني فقد جفاني». وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى والطبراني وابن عدي والدارقطني والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي». وأخرج الحكيم الترمذي والبزار وابن خزيمة وابن عدي والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من زار قبري وجبت له شفاعتي». وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جاءني زائراً لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقاً علي أن أكون له شفيعاً يوم القيامة». وأخرج الطيالسي والبيهقي في الشعب عن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من زار قبري كنت له شفيعاً أو شهيداً، ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله في الآمنين يوم القيامة». وأخرج البيهقي عن حاطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي، ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة». وأخرج العقيلي في الضعفاء والبيهقي في الشعب عن رجل من آل الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من زارني متعمداً كان في جواري يوم القيامة، ومن سكن المدينة وصبر على بلائها كنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة، ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة». وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة». وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يسلم عليّ عند قبري إلا وكل الله به ملكاً يبلغني، وكفى أمر آخرته ودنياه، وكنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة». وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يسلم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي حتى أردّ عليه السلام». وأخرج البيهقي عن ابن عمر «أنه كان يأتي القبر فيسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يمس القبر، ثم يسلم على أبي بكر ثم على عمر». وأخرج البيهقي عن محمد بن المنكدر قال: رأيت جابراً وهو يبكي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: هاهنا تسكب العبرات، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة». وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن منيب بن عبد الله بن أبي أمامة قال: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوقف، فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح الصلاة، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم انصرف. وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سليمان بن سحيم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم قلت: يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلّمون عليك أتفقه سلامهم؟ قال: نعم، وأرد عليهم. وأخرج البيهقي عن حاتم بن مروان قال: كان عمر بن عبد العزيز يوجه بالبريد قاصداً إلى المدينة ليقرىء عنه النبي صلى الله عليه وسلم السلام. وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي فديك قال: سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فتلا هذه الآية {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً} [ الأحزاب: 56] صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة فأجابه ملك: صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة. وأخرج البيهقي عن أبي حرب الهلالي قال: حج أعرابي، فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته، فعقلها ثم دخل المسجد حتى أتى القبر، ووقف بحذاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، جئتك مثقلاً بالذنوب والخطايا، مستشفعاً بك على ربك لأنه قال في محكم كتابه {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} [ النساء: 64] وقد جئتك بأبي أنت وأمي مثقلاً بالذنوب والخطايا، استشفع بك على ربك أن يغفر لي ذنوبي وأن تشفع فيَّ، ثم أقبل في عرض الناس وهو يقول: يا خير من دفنت في الترب أعظمه *** فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه *** فيه العفاف وفيه الجود والكرم وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر. أنه كان يقول للحاج إذا قدم: تقبل نسكك، وأعظم أجرك، وأخلف نفقتك. وأخرج البيهقي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قدم أحدكم على أهله من سفر فليهد لأهله، فليطرفهم ولو كان حجارة».

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)} أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما أصيبت السرية التي فيها عاصم ومرثد قال رجال من المنافقين: يا ويح هؤلاء المقتولين الذين هلكوا هكذا، لا هم قعدوا في أهلهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم. ! فأنزل الله: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} أي لما يظهر من الإِسلام بلسانه {ويشهد الله على ما في قلبه} أنه مخالف لما يقوله بلسانه {وهو ألد الخصام} أي ذو جدال إذا كلمك راجعك {وإذا تولى} [ البقرة: 205] خرج من عندك {سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} [ البقرة: 205] أي لا يحب عمله ولا يرضى به {ومن الناس من يشري نفسه...} [ البقرة: 207] الآية. الذين شروا أنفسهم من الله بالجهاد في سبيله والقيام بحقه حتى هلكوا في ذلك، يعني بهذه السرية. وأخرج ابن المنذر عن أبي إسحاق قال: كان الذين اجلبوا على خبيب في قتله نفر من قريش عكرمة بن أبي جهل، وسعيد بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود، والأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة، وعبيدة بن حكيم بن أمية بن عبد شمس، وأمية ابن أبي عتبة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ومن الناس من يعجبك} الآية. قال: «نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي حليف لبني زهرة، أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وقال: جئت أريد الإِسلام، ويعلم الله أني لصادق. فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه فذلك قوله: {ويشهد الله على ما في قلبه} ثم خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر، فاحترق الزرع وعقر الحمر، فأنزل الله: {وإذا تولى سعى في الأرض} [ البقرة: 205] الآية». وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الكلبي قال: كنت جالساً بمكة فسألوني عن هذه الآية {ومن الناس من يعجبك قوله...} الآية. قلت: هو الأخنس بن شريق ومعنا فتى من ولده، فلما قمت اتبعني فقال: إن القرآن إنما أنزل في أهل مكة، فإن رأيت أن لا تسمي أحداً حتى تخرج منها فافعل. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد المقبري. أنه ذاكر محمد بن كعب القرظي فقال: إن في بعض كتب الله: إن لله عباداً ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرّ من الصبر، لبسوا لباس مسوك الضأن من اللين، يجترون الدنيا بالدين. قال الله تعالى: أعلي يجترئون؟ وبي يغترون؟ وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم منهم حيران. فقال محمد بن كعب: هذا في كتاب الله {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} الآية. فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت. فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل تكون عامة بعد. وأخرج أحمد في الزهد عن الربيع بن أنس قال: أوحى الله إلى نبي من الأنبياء: ما بال قومك يلبسون جلود الضأن، ويتشبهون بالرهبان، كلامهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر؟ أبي يغترون أم لي يخادعون؟، وعزتي لأتركنّ العالم منهم حيراناً، ليس مني من تكهن أو تُكُهِّنَ له، أو سحر أو سُحِرَ له، من آمن بي فليتوكل عليّ، ومن لم يؤمن فليتبع غيري. وأخرج أحمد في الزهد عن وهب. «أن الرب تبارك وتعالى قال لعلماء بني إسرائيل: يفقهون لغير الدين، ويعلمون لغير العمل، ويبتغون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون مسوك الضأن ويخفون أنفس الذباب، ويتّقوى القذى من شرابكم، ويبتلعون أمثال الجبال من المحارم، ويثقلون الدين على الناس أمثال الجبال ولا يعينونهم برفع الخناصر، يبيضون الثياب ويطيلون الصلاة، ينتقصون بذلك مال اليتيم والأرملة، فبعزتي حلفت لأضربنكم بفتنة يضل فيها رأي ذي الرأي، وحكمة الحكيم». وأما قوله تعالى: {وهو ألد الخصام}. أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وهو ألد الخصام} قال: شديد الخصومة. وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق سأله قوله: {وهو ألد الخصام} قال: الجدل المخاصم في الباطل. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول مهلهل: إن تحت الأحجار حزماً وجوداً *** وخصيماً ألد ذا مغلاق وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {وهو ألد الخصام} قال: ظالم لا يستقيم. وأخرج وكيع وأحمد والبخاري وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم». وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمرو «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها. إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر». وأخرج الترمذي والبيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بك آثماً أن لا تزال مخاصماً». وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال: «كفى بك آثماً أن لا تزال ممارياً، وكفى بك ظالماً أن لا تزال مخاصماً، وكفى بك كاذباً أن لا تزال محدثاً الأحاديث في ذات الله عز وجل». وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال: من كثر كلامه كثر كذبه، ومن كثر حلفه كثر إثمه، ومن كثرت خصومته لم يسلم دينه. وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الكريم الجزري قال: ما خاصم ورع قط. وأخرج البيهقي عن ابن شبرمة قال: من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر فيها خصم، ولا يطيق الحق من تألى على من به دار الأمر، وفضل الصبر التصبر، ومن لزم العفاف هانت عليه الملوك والسوق. وأخرج البيهقي عن الأحنف بن قيس قال: ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: حليم من أحمق، وبر من فاجر. وأخرج البيهقي عن ابن عمرو بن العلاء قال: ما تشاتم رجلان قط إلا غلب أَلأمُهُمَا.

{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)} أخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {وإذا تولى سعى في الأرض} قال: عمل في الأرض {ويهلك الحرث} قال: نبات الأرض {والنسل} نسل كل شيء من الحيوان: الناس والدواب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد. أنه سئل عن قوله: {وإذا تولى سعى في الأرض} قال: يلي في الأرض فيعمل فيها بالعدوان والظلم، فيحبس الله بذلك القطر من السماء، فهلك بحبس القطر الحرث والنسل {والله لا يحب الفساد} ثم قرأ مجاهد {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس...} [ الروم: 41] الآية. وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: {ويهلك الحرث والنسل} قال: الحرث الزرع، والنسل نسل كل دابة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: النسل نسل كل دابة والناس أيضاً. وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {الحرث والنسل} قال: النسل الطائر والدواب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت الشاعر يقول: كهولهم خير الكهول ونسلهم *** كنسل الملوك لا ثبور ولا تخزي وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال: يتخفف المحرم إذا لم يجد نعلين. قيل أشقهما؟ قال: إن الله لا يحب الفساد.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)} أخرج وكيع وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال: إن من أكبر الذنب عند الله أن يقول الرجل لأخيه: اتق الله. فيقول: عليك بنفسك، أنت تأمرني؟!. وأخرج ابن المنذر والبيهقي في الشعب عن سفيان قال: قال رجل لمالك بن مغول: اتق الله فقط، فوضع خده على الأرض تواضعاً لله. وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن. أن رجلاً قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: اتق الله، فذهب الرجل فقال عمر: وما فينا خير إن لم يقل لنا، وما فيهم خير إن لم يقولوها لنا. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولبئس المهاد} قال: بئس ما مهدوا لأنفسهم.

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)} أخرج ابن مردويه عن صهيب قال: «لما أردت الهجرة من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت لي قريش: يا صهيب قدمت إلينا ولا مال لك، وتخرج أنت ومالك والله لا يكون ذلك أبداً، فقلت لهم: أرأيتم إن دفعت لكم مالي تخلون عني؟ قالوا: نعم. فدفعت إليهم مالي فخلوا عني، فخرجت حتى قدمت المدينة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ربح البيع صهيب مرتين». وأخرج ابن سعد والحرث بن أبي أسامة في مسنده وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال: «أقبل صهيب مهاجراً نحو النبي صلى الله عليه وسلم، فاتبعه نفر من قريش، فنزل عن راحلته وانتثل ما في كنانته ثم قال: يا معشر قريش قد علمتم إني من أرماكم رجلاً، وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي فيه شيء، ثم افعلوا ما شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي وقنيتي بمكة وخليتم سبيلي. قالوا: نعم. فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال: ربح البيع، ربح البيع. ونزلت {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد}». وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن جريج في قوله: {ومن الناس من يشري نفسه} قال: نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر. وأخرج ابن جرير والطبراني عن عكرمة في قوله: {ومن الناس من يشري نفسه...} الآية. قال: «نزلت في صهيب بن سنان، وأبي ذر الغفاري، وجندب بن السكن أحد أهل أبي ذر، أما أبو ذر فانفلت منهم، فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رجع مهاجراً عرضوا له وكانوا بمر الظهران، فانفلت أيضاً حتى قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأما صهيب فأخذه أهله فافتدى منهم بماله، ثم خرج مهاجراً فأدركه قنفذ بن عمير بن جدعان، فخرج ممَّا بقي من ماله وخلى سبيله». وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن صهيب قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هممت بالخروج، فصدني فتيان من قريش ثم خرجت، فلحقني منهم أناس بعد ما سرت ليردوني، فقلت لهم: هل لكم أن أعطيكم أواقي من ذهب وتخلوا سبيلي؟ ففعلوا. فقلت: احفروا تحت أسكفة الباب فإن تحتها الأواقي، وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء قبل أن يتحوّل منها، فلما رآني قال: يا أبا يحيى ربح البيع، ثم تلا هذه الآية. وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: {ومن الناس من يشري نفسه...} الآية. قال: هم المهاجرون والأنصار. وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن المغيرة بن شعبة قال: كنا في غزاة فتقدم رجل فقاتل حتى قتل، فقالوا: ألقى بيده إلى التهلكة. فكتب فيه إلى عمر، فكتب عمر: ليس كما قالوا، هو من الذين قال الله فيهم {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن محمد بن سيرين قال: حمل هشام بن عامر على الصف حتى خرقه، فقالوا: ألقى بيده. فقال أبو هريرة {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله}. وأخرج البيهقي في سننه عن مدركة بن عوف الأحمسي. أنه كان جالساً عند عمر فذكروا رجلاً شرى نفسه يوم نهاوند، فقال: ذاك خالي زعم الناس أنه ألقى بنفسه إلى التهلكة. فقال عمر: كذب أولئك، بل هو من الذين اشتروا الآخرة بالدنيا. وأخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله} قال: نزلت صهيب، وفي نفر من أصحابه، أخذهم أهل مكة فعذبوهم ليردوهم إلى الشرك بالله منهم: عمار، وأمية، وسمية، وأبو ياسر، وبلال، وخباب، وعباس مولى حويطب بن عبد العزى. وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن صهيب «أن المشركين لما أطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلوا على الغار وأدبروا قال: واصهيباه ولا صهيب لي. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج بعث أبا بكر مرتين أو ثلاثاً إلى صهيب، فوجده يصلي فقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: وجدته يصلي، فكرهت أن أقطع عليه صلاته. فقال: أصبت وخرجا من ليلتهما، فلما أصبح خرج حتى أتى أم رومان زوجة أبي بكر، فقالت: ألا أراك هاهنا وقد خرج أخواك ووضعا لك شيئاً من زادهما؟ قال صهيب: فخرجت حتى دخلت على زوجتي أم عمرو، فأخذت سيفي وجعبتي وقوسي حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأجده وأبا بكر جالسين، فلما رآني أبو بكر قام إلي فبشرني بالآية التي نزلت فيّ، وأخذ بيدي فلمته بعض اللائمة، فاعتذر وربحني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ربح البيع أبا يحيى». وأخرج ابن أبي خيثمة وابن عساكر عن مصعب بن عبد الله قال: «هرب صهيب من الروم ومعه مال كثير، فنزل بمكة فعاقد عبد الله بن جدعان وحالفه، وإنما أخذت الروم صهيباً بن رضوى، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لحقه صهيب، فقالت له قريش: لا تلحقه بأهلك ومالك فدفع إليهم ماله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ربح البيع. وأنزل الله في أمره {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله} وأخوه مالك بن سنان». وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: كنت قاعداً عند عمر إذ جاءه كتاب: أن أهل الكوفة قد قرأ منهم القرآن كذا وكذا فكبر، فقلت: اختلفوا. قال: من أي شيء عرفت؟ قال: قرأت {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا...} الآيتين فإذا فعلوا ذلك لم يصبر صاحب القرآن، ثم قرأت {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإِثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} [ البقرة: 206] {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله} قال: صدقت والذي نفسي بيده. وأخرج الحاكم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: بينما ابن عباس مع عمر وهو آخذ بيده فقال عمر: أرى القرآن قد ظهر في الناس؟ قلت: ما أحب ذلك يا أمير المؤمنين. قال: لم؟ قلت: لأنهم متى يقرأوا ينفروا، ومتى نفروا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يضرب بعضهم رقاب بعض. فقال عمر: إن كنت لأكتمها الناس. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أن ابن عباس قرأ هذه الآية عند عمر بن الخطاب فقال: اقتتل الرجلان فقال له عمر: ماذا؟ قال: يا أمير المؤمنين أرى هاهنا من إذا أمر بتقوى الله أخذته العزة بالإِثم، وأرى من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله، يقوم هذا فيأمر هذا بتقوى الله، فإذا لم يقبل وأخذته العزة بالإِثم قال هذا: وأنا أشري نفسي فقاتله، فاقتتل الرجلان فقال عمر: لله درك يا ابن عباس! وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة. أن عمر بن الخطاب كان تلا هذه الآية {ومن الناس من يعجبك قوله} إلى قوله: {ومن الناس من يشري نفسه} قال: اقتتل الرجلان. وأخرج وكيع وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن أبي حاتم والخطيب عن علي بن أبي طالب. أنه قرأ هذه الآية فقال: اقتتلا ورب الكعبة. وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن صالح أبي خليل قال: سمع عمر إنساناً يقرأ هذه الآية {وإذا قيل له اتق الله} إلى قوله: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله} فاسترجع فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قام الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال: أنزلت هذه الآية في المسلم الذي لقي كافراً فقال له: قل لا إله إلا الله، فإذا قلتها عصمت مني دمك ومالك إلا بحقهما، فأبى أن يقولها، فقال المسلم: والله لأشرين نفسي لله فتقدم، فقاتل حتى قتل.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)} أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة} كذا قرأها بالنصب يعني مؤمني أهل الكتاب، فإنهم كانوا مع الإِيمان بالله مستمسكين ببعض أمر التوراة والشرائع التي أنزلت فيهم يقول: ادخلوا في شرائع دين محمد ولا تدعوا منها شيئاً، وحسبكم بالإِيمان بالتوراة وما فيها. وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة} قال: نزلت في ثعلبة وعبد الله بن سلام، وابن يامين، وأسد وأسيد ابني كعب، وسعيد بن عمرو، وقيس بن زيد، كلهم من يهود قالوا: يا رسول الله يوم السبت يوم كنا نعظمه فدعنا فلنسبت فيه، وأن التوراة كتاب الله، فدعنا فلنقم بها بالليل، فنزلت. وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله: {ادخلوا في السلم} قال: يعني أهل الكتاب، و {كافة}: جميعاً. وأخرج ابي أبي حاتم عن ابن عباس قال: السلم الطاعة، وكافة يقول: جميعاً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: السلم الإِسلام، والزلل ترك الإِسلام. وأخرج ابن جرير عن السدي {فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات} قال: فإن ضللتم من بعد ما جاءكم محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية {فاعلموا أن الله عزيز حكيم} يقول: عزيز في نقمته إذا انتقم، حكيم في أمره.

2:208

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210)} أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياماً، شاخصة أبصارهم إلى السماء ينظرون فصل القضاء، وينزل الله في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي». وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو في هذه الآية قال: يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب، منها النور والظلمة والماء، فيصوّت الماء في تلك الظلمة صوتاً تنخلع له القلوب. وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في هذه الآية قال: يأتي الله يوم القيامة في ظلل من السحاب قد قطعت طاقات. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قوله: {في ظلل من الغمام} قال: هو غير السحاب ولم يكن قط إلا لبني إسرائيل في تيههم، وهو الذي يأتي الله فيه يوم القيامة، وهو الذي جاءت فيه الملائكة. وأخرج ابن جرير والديلمي عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من الغمام طاقات يأتي الله فيها محفوفاً بالملائكة، وذلك قوله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام}». وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي العالية قال: في قراءة أبي بن كعب {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام}قال: يأتي الملائكة في ظلل من الغمام، وهو كقوله: {يوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً} [ الفرقان: 25]. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة {في ظلل من الغمام} قال: طاقات {والملائكة} قال: الملائكة حوله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: يأتيهم الله في ظلل من الغمام، وتأتيهم الملائكة عند الموت. وأخرج عن عكرمة {وقضي الأمر} يقول: قامت الساعة.