Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 4
الربع رقم 2
quran-border  كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون يسالونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام واخراج اهله منه اكبر عند الله والفتنة اكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون ان الذين امنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم يسالونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما ويسالونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون
Page Number

1

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)} أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال: إن الله أمر النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بمكة بالتوحيد، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن يكفوا أيديهم عن القتال، فلما هاجر إلى المدينة نزلت سائر الفرائض وأذن لهم في القتال، فنزلت {كتب عليكم القتال} يعني فرض عليكم، وأذن لهم بعد ما كان نهاهم عنه {وهو كره لكم} يعني القتال وهو مشقة لكم {وعسى أن تكرهوا شيئاً} يعني الجهاد قتال المشركين {وهو خير لكم} ويجعل الله عاقبته فتحاً وغنيمة وشهادة {وعسى أن تحبوا شيئاً} يعني القعود عن الجهاد {وهو شر لكم} فيجعل الله عاقبته شراً فلا تصيبوا ظفراً ولا غنيمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما تقول في قوله: {كتب عليكم القتال} أواجب الغزو على الناس من أجلها؟ قال: لا، كتب على أولئك حينئذ. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن شهاب في الآية قال: الجهاد مكتوب على كل أحد غزا أو قعد، فالقاعد إن استعين به أعان، وإن استغيث به أغاث، وإن استغني عنه قعد. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {وهو كره لكم} قال: «نسختها هذه الآية {وقالوا سمعنا وأطعنا} [ البقرة: 285] وأخرجه ابن جرير موصولاً عن عكرمة عن ابن عباس». وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق علي عن ابن عباس قال: عسى من الله واجب. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: كل شيء في القرآن عسى، فإن عسى من الله واجب. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك قال: كل شيء من القرآن عسى فهو واجب، إلا حرفين: حرف التحريم {عسى ربه إن طلقكن} [ التحريم: 5] وفي بني إسرائيل {عسى ربكم أن يرحمكم} [ الإِسراء: 8]. وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: عسى على نحوين: أحدهما في أمر واجب قوله: {فعسى أن يكون من المفلحين} [ القصص: 67] وأما الآخر فهو أمر ليس بواجب كله قال الله: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم} ليس كل ما يكره المؤمن من شيء هو خير له، وليس كل ما أحب هو شر له. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا ابن عباس.. ارض عن الله بما قدر وإن كان خلاف هواك، فإنه مثبت في كتاب الله. قلت: يا رسول الله فأين وقد قرأت القرآن؟ قال: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة والبيهقي في الشعب عن أبي ذر «أن رجلاً قال: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله، وجهاد في سبيل الله، قال: فأي العتاقة أفضل؟ قال: أنفسها. قال: أفرأيت إن لم أجد؟ قال: فتعين الصانع وتصنع لا خرق. أفرأيت إن لم أستطع؟ قال: تدع الناس من شرك، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: الإِيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: ثم حج مبرور». وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الأعمال الصلاة لوقتها، والجهاد في سبيل الله». وأخرج مالك وعبد الرزاق في المصنف والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثل المجاهد في سبيل الله- والله أعلم بمن يجاهد في سبيله- كمثل الصائم القائم الخاشع الراكع الساجد، وتكفل الله للمجاهد في سبيله أن يتوفاه فيدخله الجنة، أو يرجعه سالماً بما نال من أجر وغنيمة». وأخرج البخاري والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: علمني عملاً يعدل الجهاد، قال: لا أجده حتى تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجداً فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر، قال: لا أستطيع ذاك؟ قال أبو هريرة: إن فرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له حسنات». وأخرج مسلم والترمذي والنسائي والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: «قيل: يا رسول الله، أخبرنا بما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: لا تستطيعونه. قال: بلى يا رسول الله. قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القائم الصائم البائت بآيات الله، لا يفتر من صيام وصلاة حتى يرجع المجاهد إلى أهله». وأخرج الترمذي وحسنه والبزار والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: «إن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشعب فيه عيينة ماء عذب، فأعجبه طيبه فقال: لو أقمت في هذا الشعب واعتزلت الناس لن أفعل حتى استأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في أهله ستين عاماً، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟ اغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: «أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الناس أفضل؟ فقال: مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله. قال: ثم من؟ قال: مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره». وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخير الناس منزلاً؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «رجل أخذ برأس فرسه في سبيل الله حتى يموت أو يقتل، ألا أخبركم بالذي يليه؟» قالوا: بلى. قال: «امرؤ معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس، ألا أخبركم بشر الناس؟» قالوا: بلى. قال: «الذي يسأل بالله ولا يعطي». وأخرج الطبراني عن فضالة بن عبيد «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الإِسلام ثلاثة: سفلى، وعليا، وغرفة، فأما السفلى فالإِسلام دخل فيه عامة المسلمين، فلا تسأل أحداً منهم إلا قال: أنا مسلم. وأما العليا فتفاضل أعمالهم بعض المسلمين أفضل من بعض. وأما الغرفة العليا فالجهاد في سبيل الله لا ينالها إلا أفضلهم». وأخرج البزار عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإِسلام ثمانية أسهم: الإِسلام سهم، والصلاة سهم، والزكاة سهم، والصوم سهم، وحج البيت سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، والجهاد في سبيل الله سهم، وقد خاب من لا سهم له». وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن علي مرفوعاً. مثله. وأخرج أحمد والطبراني عن عبادة بن الصامت «أن رجلاً قال: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله، وجهاد في سبيله، وحج مبرور، فلما ولى الرجل قال: وأهون عليك من ذلك إطعام الطعام، ولين الكلام، وحسن الخلق، فلما ولى الرجل قال: وأهون عليك من ذلك لا تتهم الله على شيء قضاه عليك». وأخرج أحمد والطبراني والحاكم وصححه عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جاهدوا في سبيل الله فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة، ينجي الله به من الهم والغم». وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أبي امامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة، يذهب الله به الهم والغم». وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الجهاد في سبيل الله كمثل الصائم نهاره القائم ليله حتى يرجع متى رجع». وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من النفاق». وأخرج النسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن عثمان بن عفان «أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه». وأخرج أحمد والطبراني والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأتته امرأة فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك بعثت هذه السرية، وإن زوجي خرج فيها وقد كنت أصوم بصيامه، وأصلي بصلاته، وأتعبد بعبادته، فدلني على عمل أبلغ به عمله؟ قال: «تصلين فلا تقعدين، وتصومين فلا تفطرين، وتذكرين فلا تفترين. قالت: وأطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: ولو طوّقت ذلك- والذي نفسي بيده- ما بلغت العشير من عمله». وأخرج الطبراني عن أبي هريرة قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا خرج الغازي في سبيل الله جعلت ذنوبه جسراً على باب بيته، فإذا خلف ذنوبه كلها فلم يبق عليه منها مثل جناح بعوضة، وتكفل الله له بأربع: بأن يخلفه فيما يخلف من أهل ومال، وأي ميتة مات بها أدخله الجنة، فإن رده سالماً بما ناله من أجر أو غنيمة، ولا تغرب شمس إلا غربت بذنوبه». وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجمع الله في جوف رجل غباراً في سبيل الله ودخان جهنم، ومن اغبرت قدماه في سبيل الله حرم الله سائر جسده على النار، ومن صام يوماً في سبيل الله ختم له بخاتم الشهداء، تأتي يوم القيامة لونها مثل لون الزعفران، وريحها مثل المسك، يعرفه بها الأولون والآخرون يقولون: فلان عليه طابع الشهداء. ومن قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة». وأخرج أبو داود والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي مالك الأشعري «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نصل في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد، أو رفصه فرسه أو بعيره، أو لدغته هامة، أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله فإنه شهيد، وإن له الجنة». وأخرج البزار عن أبي هند، رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المجاهد في سبيل الله مثل الصائم القائم القانت، لا يفتر من صيام ولا صلاة ولا صدقة». وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي عن أبي عبس عبد الرحمن بن جبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار». وأخرج البزار عن أبي بكر الصديق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار». وأخرج البزار عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اغبرّت قدماه في سبيل الله حرم الله عليه النار». وأخرج أحمد من حديث مالك بن عبد الله النخعي. مثله. وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخير الناس منزلة؟ قالوا: بلى. قال: رجل أخذ بعنان فرسه في سبيل الله حتى يقتل أو يموت، ألا أخبركم بالذي يليه؟ رجل معتزل في شعب يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويشهد أن لا إله إلا الله». وأخرج ابن سعد عن أم بشر بنت البراء بن معرور قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا أنبئكم بخير الناس بعده؟ قالوا: بلى. قال: رجل في غنمه يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، يعلم حق الله في ماله، قد اعتزل شرور الناس». وأخرج النسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس عام تبوك وهو مضيف ظهره إلى نخلة فقال: «ألا أخبركم بخير الناس؟ إن من خير الناس رجلاً عمل في سبيل الله على ظهر فرسه، أو على ظهر بعيره، أو على قدميه حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلاً فاجراً جريئاً يقرأ كتاب الله ولا يرعوي إلى شيء منه». وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثلاثة كلهم ضامن على الله: رجل خرج غازياً في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة، أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة، ورجل دخل بيته بالسلام فهو ضامن على الله». وأخرج الحاكم وصححه عن ابن الخصاصية قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبايعه على الإِسلام، فاشترط عليّ: تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وتصلي الخمس، وتصوم رمضان، وتؤدي الزكاة، وتحج، وتجاهد في سبيل الله. قلت: يا رسول الله أما اثنتان فلا أطيقهما، أما الزكاة فما لي إلا عشر ذودهن رسل أهلي وحمولتهم، وأما الجهاد فيزعمون أن من ولى فقد باء بغضب من الله، فأخاف إذا حضرني قتال كرهت الموت وخشعت نفسي. فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم حركها ثم قال: لا صدقة ولا جهاد، فبم تدخل الجنة؟! ثم قلت: يا رسول الله أبايعك فبايعني عليهن كلهن». وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعين لا تمسها النار. عين فقئت في سبيل الله، وعين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله». وأخرج أحمد والنسائي والطبراني والحاكم وصححه عن أبي ريحانة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حرمت النار على عين دمعت من خشية الله، حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين فقئت في سبيل الله». وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أظلتكم فتن كقطع الليل المظلم، أنجى الناس منها صاحب شاهقة يأكل من رسل غنمه، أو رجل من وراء الدروب آخذ بعنان فرسه يأكل من فيء سيفه». وأخرج ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المجاهد في سبيل الله مضمون على الله إما أن يلقيه إلى مغفرته ورحمته، وإما أن يرجعه بأجر وغنيمة. ومثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الذي لا يفتر حتى يرجع». وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عثمان بن عفان قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله». وأخرج أبو يعلى والطبراني في الأوسط عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عينان لا تمسهما النار أبداً. عين باتت تكلأ في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله». وأخرج الطبراني عن معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترى أعينهم النار: عين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله». وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أنبئكم بليلة القدر؟ حارس حرس في أرض خوف لعله أن لا يرجع إلى أهله». وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عين باكية يوم القيامة إلا عيناً غضت عن محارم الله، وعيناً سهرت في سبيل الله، وعيناً خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله». وأخرج ابن ماجة عن أنس «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حرس ليلة في سبيل الله أفضل من صيام رجل وقيامه في أهله ألف سنة، السنة ثلثمائة يوم، اليوم كألف سنة». وأخرج ابن ماجة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من راح روحة في سبيل الله كان له بمثل ما أصابه من الغبار مسك يوم القيامة». وأخرج عبد الرزاق عن مكحول قال: حدثنا بعض الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قاتل في سبيل الله فواق ناقة قتل أو مات دخل الجنة، ومن رمى بسهم بلغ العدوّ أو قصر كان عدل رقبة، ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة، ومن كلم كلمة جاءت يوم القيامة ريحها مثل المسك ولونها مثل الزعفران». وأخرج البيهقي عن أكيدر بن حمام قال: أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جلسنا يوماً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا لفتى فينا: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله ما يعدل الجهاد؟ فأتاه فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» لا شيء «، ثم أرسلناه الثانية، فقال مثلها، ثم قلنا إنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث، فإن قال: لا شيء فقل: ما يقرب منه؟ فأتاه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شيء. فقال: ما يقرب منه يا رسول الله؟ قال: طيب الكلام، وادامة الصيام، والحج كل عام، ولا يقرب منه شيء بعد». وأخرج النسائي وابن حبان والحاكم وصححه عن فضالة بن عبيد «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا زعيم- والزعيم الحميل- لمن آمن بي وأسلم، وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة، وبيت في وسط الجنة، وبيت في أعلى غرف الجنة، فمن فعل ذلك لم يدع للخير مطلباً، ولا من الشر مهرباً، يموت حيث شاء أن يموت». وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل عند الله من عبادة الرجل ستين سنة». وأخرج أحمد والبزار عن معاذ بن جبل أنه قال: «يا نبي الله حدثني بعمل يدخلني الجنة، قال: بخ بخ لقد سألت لعظيم، لقد سألت لعظيم، لقد سألت لعظيم، وأنه ليسير على من أراد الله به الخير، تؤمن بالله، وباليوم الآخر، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتعبد الله وحده لا تشرك به شيئاً حتى تموت وأنت على ذلك، ثم قال: إن شئت يا معاذ حدثتك برأس هذا الأمر، وقوام هذا الأمر وذروة السنام، فقال معاذ. بلى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن قوام هذا الأمر الصلاة والزكاة، وأن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله، إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده ما شجت وجه ولا اغبرت قدم في عمل يبتغى به درجات الآخرة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله، ولا ثقل ميزان عبد كدابة ينفق عليها في سبيل الله، أو يحمل عليها في سبيل الله». وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ذروة سنام الإِسلام الجهاد لا يناله إلا أفضلهم». وأخرج أبو داود وابن ماجة عن أبي أمامة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يغز ولم يجهز غازياً أو يخلف غازياً في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة». وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أهل بيت لا يخرج منهم غاز، أو يجهزون غازياً، أو يخلفونه في أهله، إلا أصابهم الله بقارعة قبل الموت». وأخرج عبد الرزاق وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن معاذ بن جبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قاتل فواق ناقة فقد وجبت له الجنة، ومن سأل الله القتل من نفسه صادقاً ثم مات أو قتل فإن له أجر شهيد، ومن جرح جرحاً في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت، لونها لون الزعفران، وريحها ريح المسك، ومن جرح في سبيل الله فإن عليه طابع الشهداء». وأخرج النسائي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه قال: «أيما عبد من عبادي خرج مجاهداً في سبيل الله ابتغاء مرضاتي ضمنت له إن رجعته ارجعه بما أصاب من أجر أو غنيمة، وإن قبضته غفرت له». وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي أمامة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من رجل يغبر وجهه في سبيل الله إلا آمنه الله دخان النار يوم القيامة، وما من رجل تغبر قدماه في سبيل الله إلا أمن الله قدميه من النار». وأخرج أبو داود في مراسيله عن ربيع بن زياد «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير إذ هو بغلام من قريش معتزل عن الطريق يسير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس ذاك فلاناً؟ قالوا: بلى. قال: فادعوه، فدعوه قال: ما بالك اعتزلت الطريق؟! فقال: يا رسول الله كرهت الغبار. قال: فلا تعتزله، فوالذي نفس محمد بيده إنه لذريرة الجنة». وأخرج أبو يعلى وابن حبان والبيهقي عن جابر بن عبد الله «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار». وأخرج الترمذي عن أم مالك البهزية قالت «ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها قلت: من خير الناس فيها؟ قال: رجل في ماشية يؤدي حقها ويعبد ربه، ورجل أخذ برأس فرسه يخيف العدو ويخيفونه». وأخرج الترمذي وصححه والنسائي والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري مسلم أبداً». وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين أو أثرين، قطرة دمع من خشية الله، وقطرة دم تهرق في سبيل الله، وأما الأثران: فأثر في سبيل الله، وأثر في فريضة من فرائض الله». وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الغزو غزوان. فأما من ابتغى به وجه الله، وأطاع الإِمام، وأنفق الكريمة، وياسر الشريك، واجتنب الفساد، فإن نومه ونبهه أجر كله. وأما من غزا فخراً، ورياء، وسمعة، وعصى الإِمام، وأفسد في الأرض، فإنه لن يرجع بالكفاف». وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من سرية تغزو في سبيل الله فيسلمون ويصيبون الغنيمة إلاَّ تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث، وما من سرية تخفق وتخوّف وتصاب إلا تم لهم أجرهم». وأخرج أبو داود عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم». وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرية أن تخرج، قالوا: يا رسول الله أتخرج الليلة أم تمكث حتى تصبح؟ قال: أفلا تحبون أن تبيتوا هكذا في خريف من خراف الجنة، والخريف الحديقة». وأخرج الطبراني عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رجف قلب المؤمن في سبيل الله تحات عنه خطاياه كما يتحات عذق النخلة». وأخرج البزار عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حجة خير من أربعين غزوة، وغزوة خير من أربعين حجة، يقول: إذا حج الرجل حجة الإِسلام فغزوة خير له من أربعين حجة، وحجة الإِسلام خير من أربعين غزوة». وأخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حجة لمن لم يحج خير من عشر غزوات، وغزوة لمن قد حج خير من عشر حجج، وغزوة في البحر خير من عشر غزوات في البر، ومن أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية كلها، والمائد فيه كالمتشحط في دمه». وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لحجة أفضل من عشر غزوات، ولغزوة أفضل من عشر حجات». وأخرج أبو داود في المراسيل عن مكحول قال: كثر المستأذنون على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج في غزوة تبوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «غزوة لمن قد حج أفضل من أربعين حجة». وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر قال: لسفرة في سبيل الله أفضل من خمسين حجة. وأخرج مسلم والترمذي والحاكم عن أبي موسى الأشعري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف». وأخرج الترمذي وصححه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يقول الله: المجاهد في سبيلي هو علي ضامن إن قبضته أورثته الجنة، وإن رجعته رجعته بأجر أو غنيمة». وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من جاهد في سبيل الله كان ضامناً على الله، ومن عاد مريضاً كان ضامناً على الله، ومن غدا إلى مسجد أو راح كان ضامناً على الله، ومن دخل على إمام بغزوة كان ضامناً على الله، ومن جلس في بيته لم يغتب إنساناً كان ضامناً على الله». وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن حبشي الخثعمي «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غلول فيه، وحجة مبرورة. قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل. قيل: فأي الهجرة أفضل؟ قال: من هجر ما حرم الله. قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من جاهد المشركين بنفسه وماله. قيل: فأي القتل أشرف؟ قال: من أهرق دمه وعقر جواده». وأخرج مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من أبواب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة. فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما علي من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم». وأخرج مالك وعبد الرزاق في المصنف والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي، فهو ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى منزله الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده ما كلم بكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم، لونه لون دم وريحه ريح مسك، والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلف سرية تغزو في سبيل الله أبداً، ولكن لأجد ما أحملهم عليه ولا يجدون ما يتحملون عليه فيخرجون، ويشق عليهم أن يتخلفوا بعدي، والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فاقتل، ثم أحيا فاقتل، ثم أحيا فاقتل». وأخرج ابن سعد عن سهيل بن عمر «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مقام أحدكم في سبيل الله ساعة خير من عمله عمره في أهله». وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية من سراياه، فمر رجل بغار فيه شيء من ماء، فحدث نفسه بأن يقيم في ذلك الماء فيتقوّت مما كان فيه من ماء، ويصيب مما حوله من البقل، ويتخلى من الدنيا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة، والذي نفس محمد بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، ولمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة». وأخرج أحمد عن عمرو بن العاص قال: «قال رجل: يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله، وتصديق، وجهاد في سبيله، وحج مبرور. قال الرجل: أكثرت يا رسول الله. فقال: فلين الكلام، وبذل الطعام، وسماح، وحسن الخلق، قال الرجل: أريد كلمة واحدة. قال له: اذهب فلا تتهم الله على نفسك». وأخرج أحمد عن الشفاء بنت عبد الله وكانت من المهاجرات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الإِيمان، فقال: «ايمان بالله، وجهاد في سبيل الله، وحج مبرور». وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الحسن قال: بني الإِسلام على عشرة أركان: الاخلاص لله وهي الفطرة، والصلاة وهي الملة، والزكاة وهي الطهرة، والصيام وهو الجنة، والحج وهو الشريعة، والجهاد وهو العزة، والأمر بالمعروف وهو الحجة، والنهي عن المنكر وهو الواقية، والطاعة وهي العصمة، والجماعة وهي الألفة. وأخرج أحمد عن عمرو بن عبسة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من قاتل في سبيل الله فواق ناقة حرم الله وجهه على النار». وأخرج الطبراني عن أبي المنذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من جاهد في سبيل الله وجبت له الجنة». وأخرج أحمد والطبراني عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «ما خالط قلب امرىء رهج في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار». وأخرج الترمذي وابن ماجة والحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من لقي الله بغير أثر من جهاد لقيه وفيه ثلمة». وأخرج الطبراني عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب». وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وابتغوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، وتبايعوا بالعين، أنزل الله عليهم البلاء فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة والبيهقي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لعدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «الروحة والغدوة في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها». وأخرج مسلم والنسائي عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت». وأخرج البزار عن عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها». وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها». وأخرج أحمد من حديث معاوية بن جريج. مثله. وأخرج عبد الرزاق عن اسحق بن رافع قال: بلغني عن المقداد أن الغازي إذا خرج من بيته عدد ما خلف وراءه من أهل القبلة وأهل الذمة والبهائم، يجري عليه بعدد كل واحد منهم قيراط، قيراط كل ليلة مثل الجبل، أو قال: مثل أحد. وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «على النساء ما على الرجال إلا الجمعة، والجنائز، والجهاد».

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)} أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في سننه بسند صحيح عن جندب بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه بعث رهطاً وبعث عليهم أبا عبيدة بن الجراح، أو عبيدة بن الحرث، فلما ذهب لينطلق بكى صبابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس وبعث مكانه عبد الله بن جحش، وكتب له كتاباً وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا، وقال: لا تكرهن أحداً على السير معك من أصحابك، فلما قرأ الكتاب استرجع وقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، فخبرهم الخبر وقرأ عليهم الكتاب، فرجع رجلان ومضى بقيتهم، فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه، ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو جمادى، فقال المشركون للمسلمين: قتلتم في الشهر الحرام، فأنزل الله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه...} الآية. فقال بعضهم إن لم يكونوا أصابوا وزراً فليس لهم أجر، فأنزل الله: {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم}». وأخرج البزار عن ابن عباس في قوله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن فلان في سرية، فلقوا عمرو بن الحضرمي ببطن نخلة، فذكر الحديث. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: «إن المشركين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وردوه عن المسجد الحرام في شهر حرام، ففتح الله على نبيه في شهر حرام من العام المقبل، فعاب المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم القتال في شهر حرام، فقال الله: {قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله} من القتال فيه، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم بعث سرية، فلقوا عمرو بن الحضرمي وهو مقبل من الطائف في آخر ليلة من جمادى وأول ليلة من رجب، وأن أصحاب محمد كانوا يظنون أن تلك الليلة من جمادى، وكانت أول رجب ولم يشعروا، فقتله رجل منهم وأخذوا ما كان معه، وأن المشركين أرسلوا يعيرونه بذلك، فقال الله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} وغيره أكبر منه {وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام} وإخراج أهل المسجد الحرام منه أكبر من الذي أصاب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والشرك أشد منه». وأخرج ابن إسحاق حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزل فيما كان من مصاب عمرو بن الحضرمي {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه...} إلى آخر الآية. وأخرج ابن منده وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث صفوان بن بيضاء في سرية عبد الله بن جحش قبل الأبواء، فغنموا وفيهم نزلت {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه...} الآية». وأخرج ابن جرير من طريق السدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية وكانوا سبعة نفر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، وفيهم عمار بن ياسر، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وسعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان السلمي حليف لبني نوفل، أو سهيل بن بيضاء، وعامر بن فهيرة، وواقد بن عبد الله اليربوعي حليف لعمر بن الخطاب، وكتب مع ابن جحش كتاباً وأمره أن لا يقرأه حتى ينزل ملل، فلما نزل ببطن ملل فتح الكتاب، فإذا فيه أن سر حتى تنزل بطن نخلة. قال لأصحابه: من كان يريد الموت فليمض وليوص فإني موص وماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسار وتخلف عنه سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان، أضلا راحلة لهما وسار ابن جحش إلى بطن نخلة، فإذا هم بالحكم بن كيسان، وعبد الله بن المغيرة بن عثمان، وعمرو الحضرمي، فاقتتلوا فأسروا الحكم بن كيسان، وعبد الله بن المغيرة، وانقلب المغيرة وقتل عمرو الحضرمي قتله واقد بن عبد الله، فكانت أول غنيمة غنمها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلما رجعوا إلى المدينة بالأسيرين وما غنموا من الأموال قال المشركون: محمد يزعم أنه يتبع طاعة الله وهو أول من استحل الشهر الحرام، فأنزل الله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} لا يحل وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين أكبر من القتل في الشهر الحرام حين كفرتم بالله وصددتم عنه محمداً {والفتنة} وهي الشرك أعظم عند الله من القتل في الشهر الحرام، فذلك قوله: {وصد عن سبيل الله وكفر به...} الآية. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال: «إن رجلاً من بني تميم أرسله النبي صلى الله عليه وسلم في سرية، فمر بابن الحضرمي يحمل خمراً من الطائف إلى مكة فرماه بسهم فقتله، وكان بين قريش ومحمد عقد فقتله في آخر يوم من جمادى الآخرة وأول يوم من رجب. فقالت قريش: في الشهر الحرام ولنا عهد؟ فأنزل الله: {قل قتال فيه كبير...} الآية. يقول: كفر به وعبادة الأوثان أكبر من قتل ابن الحضرمي». وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي مالك الغفاري قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش، فلقي ناساً من المشركين ببطن نخلة والمسلمون يحسبون أنه آخر يوم من جمادى وهو أول يوم من رجب، فقتل المسلمون ابن الحضرمي. فقال المشركون: ألستم تزعمون أنكم تحرمون الشهر الحرام والبلد الحرام، وقد قتلتم في الشهر الحرام؟ فأنزل الله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} إلى قوله: {أكبر عند الله} من الذي استكبرتم من قتل ابن الحضرمي {والفتنة} التي أنتم عليها مقيمون يعني الشرك {أكبر من القتل}. وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق الزهري عن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية من المسلمين، وأمر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، فانطلقوا حتى هبطوا نخلة، فوجدوا فيها عمرو بن الحضرمي في عبر تجارة لقريش في يوم بقي من الشهر الحرام، فاختصم المسلمون فقال قائل منهم: هذه غرة من عدوّ وغنم رزقتموه، ولا ندري أمن الشهر الحرام هذا اليوم أم لا. وقال قائل: لا نعلم اليوم إلا من الشهر الحرام ولا نرى أن تستحلوه لطمع أشفقتم عليه، فغلب على الأمر الذين يريدون عرض الدنيا فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه وغنموا عيره، فبلغ ذلك كفار قريش وكان ابن الحضرمي أوّل قتيل قتل بين المسلمين والمشركين، فركب وفد كفار قريش حتى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقالوا: أتحل القتال في الشهر الحرام؟ فأنزل الله عز وجل {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله...} إلى آخر الآية. فحدثهم الله في كتابه: إن القتال في الشهر الحرام حرام كما كان، وإن الذين يستحلون من المؤمنين هو أكبر من ذلك، فمن صدهم عن سبيل الله حين يسخمونهم ويعذبونهم ويحبسونهم أن يهاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرهم بالله وصدهم للمسلمين عن المسجد الحرام في الحج والعمرة والصلاة فيه، وإخراجهم أهل المسجد الحرام وهم سكانه من المسلمين وفتنتهم إياهم عن الدين، فبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عقل ابن الحضرمي وحرم الشهر الحرام كما كان يحرمه، حتى أنزل الله عز وجل {براءة من الله ورسوله} [ التوبة: 1]. وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهري ومقسم قالا «لقي واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي أوّل ليلة من رجب وهو يرى أنه من جمادى فقتله، فأنزل الله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه...} الآية. قال الزهري: فكان النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا يحرم القتال في الشهر الحرام، ثم أحل بعد». وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق يزيد بن رومان عن عروة قال «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش إلى نخلة فقال له: كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش ولم يأمره بقتال وذلك في الشهر الحرام، وكتب له كتاباً قبل أن يعلمه أنه يسير فقال: اخرج أنت وأصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك وانظر فيه، فما أمرتك به فامض له ولا تستكرهن أحداً من أصحابك على الذهاب معك، فلما سار يومين فتح الكتاب فإذا فيه: أن امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من أخبار قريش بما اتصل إليك منهم. فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب: سمعاً وطاعة من كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطلق معي فإني ماضٍ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن كره ذلك منكم فليرجع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاني أن أستكره منكم أحداً، فمضى معه القوم حتى إذا كانوا بنجران أضل سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان، بعيراً لهما كانا يتعقبانه، فتخلفا عليه يطلبانه. ومضى القوم حتى نزلوا نخلة فمر بهم عمرو بن الحضرمي، والحكم بن كيسان، وعثمان، والمغيرة بن عبد الله، معهم تجارة قد مروا بها من الطائف أدم وزيت، فلما رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد الله وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه حليقاً قال عمار: ليس عليكم منهم بأس وائتمر القوم بهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخر يوم من جمادى، فقالوا: لئن قتلتموهم إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، ولئن تركتموهم ليدخلن في هذه الليلة حرم مكة فيمتنعن منكم. فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان، وهرب المغيرة فاعجزهم. واستاقوا العير فقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: والله ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام، فأوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسيرين والعير فلم يأخذ منها شيئاً، فلما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد سقط في أيديهم، وظنوا أن قد هلكوا وعنفهم اخوانهم من المسلمين، وقالت قريش حين بلغهم أمر هؤلاء: قد سفك محمد الدم الحرام، وأخذ المال، وأسر الرجال، واستحل الشهر الحرام، فأنزل الله في ذلك {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه...} الآية. فلما نزل ذلك أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم العير، وفدى الأسيرين. فقال المسلمون: يا رسول الله أنطمع أن يكون لنا غزوة؟ فأنزل الله: {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله} وكانوا ثمانية وأميرهم التاسع عبد الله بن جحش». وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} قال: يقول: يسألونك عن قتال فيه قال: وكذلك كان يقرأها {عن قتال فيه}. وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءة عبد الله {يسألونك عن الشهر الحرام عن قتال فيه}. وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة. أنه كان يقرأ هذا الحرف {قتل فيه}. وأخرج عن عطاء بن ميسرة قال: أحل القتال في الشهر الحرام في براءة في قوله: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة} [ التوبة: 36]. وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري. أنه سئل عن هذه الآية فقال: هذا شيء منسوخ، ولا بأس بالقتال في الشهر الحرام. وأخرج النحاس في ناسخه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: قوله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} أي في الشهر الحرام. قال: {قتال فيه كبير} أي عظيم، فكان القتال محظوراً حتى نسخة آية السيف في براءة {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [ التوبة: 5] فأبيح القتال في الأشهر الحرم وفي غيرها. وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر {والفتنة أكبر من القتل} قال: الشرك. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد {ولا يزالون يقاتلونكم} قال: كفار قريش. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله: {أولئك يرجون رحمة الله} قال: هؤلاء خيار هذه الأمة، ثم جعلهم الله أهل رجاء. إنه من رجا طلب، ومن خاف هرب. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: هؤلاء خيار هذه الأمة، جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون.

2:217

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)} أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي والضياء المقدسي في المختارة عن عمر. أنه قال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً فإنها تذهب المال والعقل، فنزلت {يسألونك عن الخمر والميسر} التي في سورة البقرة، فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في سورة النساء {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} [ النساء: 43] فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى أن لا يقربن الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر فقرئت عليه، فلما بلغ {فهل أنتم منتهون} [ المائدة: 91] قال عمر: انتهينا انتهينا. وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال: كنا نشرب الخمر، فأنزلت {يسألونك عن الخمر والميسر...} الآية. فقلنا: نشرب منها ما ينفعنا. فأنزلت في المائدة {إنما الخمر والميسر} [ المائدة: 90]. الآية. فقالوا: اللهم قد انتهينا. وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قال: «لما نزلت سورة البقرة، نزل فيها تحريم الخمر فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك». وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال: إنما سميت الخمر لأنها صفاء صفوها وسفل كدرها. وأخرج أبو عبيد والبخاري في الأدب المفرد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: الميسر القمار. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: الميسر القمار، وإنما سمي الميسر لقولهم أيسر جزوراً، كقولك ضع كذا وكذا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله: {يسألونك عن الخمر والميسر} قال: الميسر القمار، كان الرجل في الجاهلية يخاطر عن أهله وماله، فأيهما قهر صاحبه ذهب بأهله وماله. وفي قوله: {قل فيهما إثم كبير} يعني ما ينقص من الدين عند شربها {ومنافع للناس} يقول: فيما يصيبون من لذتها وفرحها إذا شربوها {وإثمهما أكبر من نفعهما} يقول: ما يذهب من الدين والاثم فيه أكبر مما يصيبون من لذتها وفرحها إذا شربوها، فأنزل الله بعد ذلك {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى...} [ النساء: 43] الآية. فكانوا لا يشربونها عند الصلاة فإذا صلوا العشاء شربوها، فما يأتي الظهر حتى يذهب عنهم السكر، ثم إن ناساً من المسلمين شربوها فقاتل بعضهم بعضاً، وتكلموا بما لا يرضي الله من القول. فأنزل الله: {إنما الخمر والميسر والأنصاب} [ المائدة: 90] الآية. فحرم الخمر ونهى عنها. وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {يسألونك عن الخمر...} الآية. قال: نسخها {إنما الخمر والميسر...} [ المائده: 90] الآية. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {قل فيهما إثم كبير} قال: هذا أول ما عيبت به الخمر {ومنافع للناس} قال: ثمنها وما يصيبون من السرور. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس} قال: منافعهما قبل التحريم، وإثمهما بعدما حرما. وأما قوله تعالى: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}. أخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس «أن نفراً من الصحابة حين أمروا بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا لا ندري ما هذه النفقة التي أمرنا بها في أموالنا، فما ننفق منها؟ فأنزل الله: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} وكان قبل ذلك ينفق ماله حتى لا يجد ما يتصدق به، ولا ما لا يأكل حتى يتصدق عليه». وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبان عن يحيى «أنه بلغه أن معاذ بن جبل، وثعلبة، أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله إن لنا ارقاء وأهلين، فما ننفق من من أموالنا؟ فأنزل الله: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}». وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} قال: هو ما لا يتبين في أموالكم، وكان هذا قبل أن تفرض الصدقة. وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والطبراني والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس في قوله: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} قال: ما يفضل عن أهلك، وفي لفظ قال: الفضل من العيال. وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن دينار الهذلي. أن عبد الملك بن مروان كتب إلى سعيد بن جبير يسأله عن العفو. فقال: العفو على ثلاثة أنحاء: نحو تجاوز عن الذنب، ونحو في القصد في النفقة {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}، ونحو في الاحسان فيما بين الناس {إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} [ البقرة: 237]. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله: {قل العفو} قال: ذلك أن لا تجد مالك ثم تقعد تسأل الناس. وأخرج عبد بن حميد عن عطاء في قوله: {قل العفو} قال: الفضل. وأخرج عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن طاوس قال: العفو اليسر من كل شيء، قال: وكان مجاهد يقول {العفو} الصدقة المفروضة. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {قل العفو} قال: لم تفرض فيه فريضة معلومة، ثم قال: {خذ العفو وأمر بالعرف} [ الأعراف: 199] ثم نزلت الفرائض بعد ذلك مسماة. وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {قل العفو} قال: هذا نسخته الزكاة. وأخرج البخاري والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول تقول المرأة: إما أن تطعمني وأما أن تطلقني، ويقول العبد، اطعمني واستعملني، ويقول الابن: اطعمني إلى من تدعني». وأخرج ابن خزيمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الصدقة ما أبقت غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعود تقول المرأة: انفق عليّ أو طلقني، ويقول مملوكك: انفق علي أو بعني. ويقول ولدك: إلى من تكلني». وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول». وأخرج أبو داود والنسائي وابن جرير وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار. قال: تصدق به على نفسك. قال: عندي آخر. قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر. قال: تصدق به على زوجتك. قال: عندي آخر. قال: تصدق به على خادمك. قال: عندي آخر. قال: أنت أبصر». وأخرج ابن سعد وأبو داود والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله قال: «كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل، وفي لفظ: قدم أبو حصين السلمي بمثل بيضة من الحمامة من ذهب فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها، فاعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتاه من خلفه، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحذفه بها، فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته. فقال: يأتي أحدكم بما يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول». وأخرج البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله». وأخرج مسلم والنسائي عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء، فهكذا وهكذا». وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأيدي ثلاث. فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى إلى يوم القيامة، فاستعفف عن السؤال وعن المسألة ما استطعت، فإن أعطيت خيراً فليُرَ عليك، وابدأ بمن تعول، وارضخ من الفضل، ولا تلام على الكفاف». وأخرج أبو داود وابن حبان والحاكم عن مالك بن نضلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأيدي ثلاث. فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى، فاعط الفضل ولا تعجز عن نفسك». وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال: «دخل رجل المسجد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يطرحوا أثواباً فطرحوا فأمر له منها بثوبين، ثم حث على الصدقة فجاء فطرح أحد الثوبين، فصاح به وقال: خذ ثوبك». وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت». وأخرج البزار عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول». وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا ابن آدم إنك ان تبذل الفضل خير لك، وان تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى». وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن عبد الرحمن بن عوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا ابن عوف إنك من الأغنياء ولن تدخل الجنة إلا زحفاً، فاقرض الله يطلق لك قدميك. قال: وما الذي أقرض يا رسول الله؟ قال: تبرأ مما أمسيت فيه. قال: أمن كله أجمع يا رسول الله؟ قال: نعم. فخرج وهو يهم بذلك، فأتاه جبريل فقال: مر ابن عوف فليضف الضيف، وليطعم المساكين، وليعط السائل، وليبدأ بمن يعول، فإنه إذا فعل ذلك كان تزكية مما هو فيه». وأخرج البيهقي في الشعب عن ركب المصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن تواضع من غير منقصة، وذل في نفسه من غير مسكنة، وانفق مالاً جمعه في غير معصية، ورحم أهل الذلة والمسكنة، وخالط أهل العفة والحكمة، طوبى لمن ذل في نفسه، وطاب كسبه، وصلحت سريرته، وكرمت علانتيه، وعزل عن الناس شره، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله». وأخرج البزار عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله: ما تقول في الصلاة؟ قال: «تمام العمل». قلت: يا رسول الله أسألك عن الصدقة؟ قال: «شيء عجيب»، قلت: يا رسول الله تركت أفضل عمل في نفسي أو خيره قال: «ما هو؟» قلت: الصوم. قال: «خير وليس هناك». قلت: يا رسول الله وأي الصدقة؟ قال: «تمرة». قلت: فإن لم أفعل؟ قال: «بكلمة طيبة». قلت: فإن لم أفعل؟ قال: «تريد أن لا تدع فيك من الخير شيئاً». وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة من طريق أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل دينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله، قال أبو قلابة: وبدأ بالعيال، ثم قال أبو قلابة: وأي رجل أعظم أجراً من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم أو ينفعهم الله به ويعينهم؟». وأخرج مسلم والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله «دينار انفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار انفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك». وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن كدير الضبي قال: «أتى أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار. قال: تقول العدل، وتعطي الفضل، قال: هذا شديد لا أستطيع أن أقول العدل كل ساعة، ولا أن أعطي فضل مالي. قال: فاطعم الطعام، وأفش السلام، قال: هذا شديد والله! قال: هل لك من إبل؟قال: نعم. قال: انظر بعيراً من ابلك وسقاء فاسق أهل بيت لا يشربون إلاَّ غبا فلعلك أن لا يهلك بعيرك، ولا ينخرق سقاؤك، حتى تجب لك الجنة. قال: فانطلق يكبر، ثم أنه استشهد بعد». وأخرج ابن سعد عن طارق بن عبد الله قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فسمعت من قوله: تصدقوا فإن الصدقة خير لكم، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، أمك وأباك وأختك وأخاك، ثمَّ أدناك فأدناك». وأخرج مسلم عن خيثمة قال: كنا جلوساً مع عبد الله بن عمرو إذ جاءه قهرمان له، فدخل فقال: أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال: لا. قال: فانطلق فاعطهم، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته». أما قوله تعالى: {كذلك يبين الله لكم الآيات} الآية. أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس في قوله: {كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون} في الدنيا والآخرة، يعني في زوال الدنيا وفنائها، واقبال الآخرة وبقائها. وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله: {لعلكم تتفكرون} في الدنيا والآخرة. يعني في زوال الدنيا وفنائها وإقبال الآخرة وبقائها. وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله: {لعلكم تتفكرون} في الدنيا والآخرة. قال: لتعلموا فضل الآخرة على الدنيا. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الصعق بن حزن التميمي قال: شهدت الحسن وقرأ هذه الآية من البقرة {لعلكم تتفكرون} في الدنيا والآخرة. قال: هي والله لمن تفكرها، ليعلمن أن الدنيا دار بلاء، ثم دار فناء، وليعلمن أن الآخرة دار جزاء، ثم دار بقاء. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: من تفكر في الدنيا عرف فضل احداهما على الأخرى، عرف أن الدنيا دار بلاء، ثم دار فناء، وأن الآخرة دار بقاء، ثم دار جزاء، فكونوا ممن يصرم حاجة الدنيا لحاجة الآخرة.