Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 4
الربع رقم 2
quran-border  في الدنيا والاخرة ويسالونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير وان تخالطوهم فاخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لاعنتكم ان الله عزيز حكيم ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم اولئك يدعون الى النار والله يدعو الى الجنة والمغفرة باذنه ويبين اياته للناس لعلهم يتذكرون ويسالونك عن المحيض قل هو اذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فاذا تطهرن فاتوهن من حيث امركم الله ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم وقدموا لانفسكم واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه وبشر المؤمنين ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم
Page Number

1

{فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)} {الآخرة} {وَيَسْأَلُونَكَ} {اليتامى} {فَإِخْوَانُكُمْ} (220)- وَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى قَوْلَهُ: {وَلا تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلا بالتي هِيَ أَحْسَنُ} وقوله: {إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}، انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ فَجَعَلَ يَفضُلُ لَهُ الشَّيءُ مِنْ طَعَامِهِ فَيَحْبِسُهُ لَهُ حَتَّى يَأكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ. فَاْشتَدَّ ذلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ، فَذَكَرُوهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللهُ هذِهِ الآيَةَ. وَمَعْنَاهَا: إِنَّ عَزْلَ مَالِهِمْ خَيْرٌ، وَمُخَالَطَتَهُمْ خَيْرٌ، لأَنَّهُمْ إِخْوَانٌ فِي الدِّينِ، وَاللهُ يَعْلَمُ نَوَايَا النَّاسِ، مِنْ يَقْصُدُ الإِفْسَادَ مِنْهُمْ، وَمَنْ يَقْصُدُ الإِصْلاحَ. وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ، وَلأَحْرَجَهُمْ، وَلَكِنَّهُ وَاسِعٌ فَوسَّعَ عَلَيهِمْ، وَخَفَّفَ عَنْهُمْ، وَأَبَاحَ لَهُمْ مُخَالَطَةَ اليَتَامَى بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَمُعَامَلَتَهُمْ مُعَامَلَةَ الإِخْوَةِ، وَعَفَا عَمَّا جَرَى العُرْفُ بِهِ مِنَ المُسَامَحَةِ فِيهِ، إِذْ أنَّ ذلِكَ لا يَسْتَغْنِي عَنْهُ الخُلَطَاءُ، وَوَكَّلَ ذلِكَ إلى ضَمَائِرِهِمْ. وَاللهُ مُرَاقِبٌ لأعْمَالِ النَّاسِ لا يَخْفَى عَليهِ مِنْهُمْ خَافِيةٌ، فَالمُهِمُّ فِي الأمرِ أنْ تَكُونَ نِيَّةُ الإِنْسَانِ مُنْصَرِفَةً إِلَى الخَيْرِ، وَإِلَى الحِفَاظِ عَلَى مَصْلَحَةِ اليَتِيمِ، وَمُرَاقَبةِ اللهِ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ.

{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)} {المشركات} {أولئك} {يدعوا} {آيَاتِهِ} (221)- يُحَرِّمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى المُؤْمِنينَ أَنْ يَتَزَوَّجُوا المُشْرِكَاتِ الْلَوَاتي لا كِتَابَ لَهُنَّ، طَمَعاً فِي مَالِهِنَّ وَجَمَالِهِنَّ وَحَسَبِهِنَّ، مَا دًمْنَ عَلَى شِرْكِهِنَّ، لأنَّ المُشْرِكَةَ لا دِينَ لَهَا يُحَرِّمُ عَلَيهَا الخِيَانَةَ، وَيَأْمُرُهَا بِالخَيْرِ، وَيَنْهَاهَا عَنِ الشَّرِّ، وَقَدْ تُفسِدُ عَقِيدَةَ أَوْلادِها. وَقيلَ: إنَّ هذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ رَواحَة، الأنْصَارِيِّ، فَقَدْ كَانَتْ عِنْدَهُ أمَةٌ سَوْدَاءُ فَغَضِبَ عَلَيهَا يَوْماً فَلَطَمَهَا، ثًمَّ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَذِرُ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَالذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لأُعْتِقَنَّها وَلأَتَزَوَّجَنَّها. فَعَابَ عَلَيهِ أنَاسٌ مِنَ المُسْلِمِينَ ذلِكَ. وَقَالُوا: نَكَحَ أَمَتَهُ. وَكَانُوا يُفَضِلُونَ نِكَاحَ المُشْرِكَاتِ، وَإنكَاحَ المُشْرِكِينَ بَنَاتِهِمْ طَمَعاً فِي أَحْسَابِهِمْ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هذِهِ الآيَةَ. وَكَذَلِكَ مَنَعَ اللهُ المُسْلِمينَ مِنْ أَنْ يُزوِّجُوا بَنَاتِهِمْ مِنَ المُشْرِكِينَ مَا دَامُوا مُقِيمِينَ عَلَى شِرْكِهِمْ. أَمّا زَوَاجُ الكِتَابِيِّ بِمُسْلِمَةٍ فَحَرَامٌ بِنَصِّ السُّنَّةِ، وإجماعِ المُسْلِمِينَ عَلَى ذلِكَ، إِذْ يُخْشَى أنْ يُزيغَها عَنْ دِينِها بِمَا لَهُ عَلَيهَا مِنْ سُلْطانٍ. وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ مُعَاشَرَةَ المُشْرِكِينَ تَدْعُو إلى حُبِّ الدُّنْيَا وَالافْتِتَانِ بِها، وَإلى التَّقْصِيرِ في أدَاءِ الوَاجِبَاتِ الدِّينِيةِ، وَعَاقِبةُ ذلِكَ وَخَيمَةٌ. وَاللهُ يَدْعُو إِلَى المَغْفِرَةِ بِمَا أمَرَ بِهِ فِي شَرْعِهِ، وَبِمَا نَهَى عَنْهُ. وَهُوَ يُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَ صَلاحَهُمْ وَرَشَادَهُمْ.

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} {وَيَسْأَلُونَكَ} {التوابين} (222)- قَالَ أَنسٌ: كَانَتِ اليَهُودُ إذا حَاضَتِ المَرْأةُ مِنْهُمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يَجْتَمِعُوا مَعَهَا فِي البَيْتِ، فَسَألَ الصَّحَابَةُ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هذِهِ الآيَةَ. وَسَألَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا يَحِلُ لَهُ مِنِ امْرَأتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ. فَقَالَ: «مَا فَوْقَ الإِزَارِ وَالتَّعَفُّفُ عَنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ». وَقَدِ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أنَّ المَرَأةَ إذا انْقَطَعَ حَيْضُهَا لا تَحِلُّ حَتَّى تَغْتَسِلَ، أوْ تَتَيمَّمَ، إِنْ تَعَذَّرَ عَلَيهَا المَاءُ بِشُرُوطِهِ. فإذا طَهُرْنَ حَلَّ وَطْؤُهُنَّ فِي مَكَانِ الحَرْثِ، بَعْدَ أنْ كَانَ اللهُ قَدْ أمَرَ بِاعْتِزَالِهِنَّ فِي المَحِيضِ، وَاللهُ يُحِبُّ التَّوَابِينَ مِنَ الذُّنُوبِ، وَإنْ تَكَرَّرَ غِشْيَانُها، وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ عَنِ الأقْذَارِ وَالأذَى وَالفَواحِش. أذىً- قَذَرٌ يُؤْذِي.

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} {مُّلاقُوهُ} (223)- كَانَ اليَهُودُ يَقُولُونَ لِلأنْصَارِ: إِنَّهُ مَنْ وَاقَعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُدْبِرَةٌ أَوْ مُضْطَجِعَةٌ عَلَى جَنْبِهَا جَاءَ الوَلَدُ أَحْوَلَ العَيْنَيْنِ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هذِهِ الآيَةَ مُبِيحاً فِيهَا لِلأزَوْاجِ إتْيَانَ نِسَائِهِمْ فِي مَكَانِ الحَرْثِ، وَإِنْجَابِ النَّسْلِ- وَهُوَ القُبُلُ- عَلَى أيَّةِ صُورَةٍ شَاؤُوا (عَلَى أنْ يَتَّقُوا الدُّبُرَ وَالحَيْضَةَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم). وَيَأمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ بأنْ يُقَدِّمُوا لأنْفُسِهِمْ مِنَ الأَفْعَالِ الصَّالِحَاتِ، وَأنْ يَتْرُكُوا المُحَرَّمَاتِ، وَأَنْ يَتَّقُوا اللهَ، وَأَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ مُلاقُوهُ، يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُحَاسِبُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ جَمِيعِها. وَيُبَشِّرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ المُطِيعينَ لَهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ، وَالتَّارِكِينَ مَا زَجَرَهُمْ عَنْهُ بِأَنَّ لَهُمُ الثَّوَابَ الحَسَنَ.

{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)} {لأَيْمَانِكُمْ} (224)- لا تَجْعَلُوا أيْمَانَكُمْ بِاللهِ، وَحَلْفَكُمْ بِهِ مَانِعَةً لَكُمْ مِنَ البِرِّ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، إذا حَلَفْتُمْ عَلَى تَرْكِها، فَالاسْتِمْرارُ عَلَى اليَمِينِ المَانِعَةِ لِلبِّر أَكْثَرُ إِثماً لِصَاحِبِها مِنَ الخُرُوجِ مِنْها بِالتَّكْفِيرِ عَنِ الحِنْثِ بِاليَمينِ. وَاللهُ لا يَرْضَى أَنْ يَكُونَ اسمُهُ حِجَاباً دُونَ الخَيْرِ. (وَقيلَ إِنَّ مَعْنَى الآيَةِ هُوَ: لا تَجْعَلُوا اسْمَ اللهِ مُعَرَّضاً لِكَثْرَةِ الحَلْفِ بِهِ، لأنَّ ذَلِكَ يَنْفِي تَعْظِيمَ اسْمِ اللهِ، وَلأنَّ التّصَوُّنَ عَنْ كَثْرةِ الحَلْفِ بِاسْمِ الله يُؤَدِّي إلى البِرِّ وَالتَّقْوَى، وَالقُدْرَةِ عَلَى الإِصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ، إِذْ يَكُونُ المُتَصَوِّنُ جَلِيلَ القَدْرِ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ). وَاللهُ سَمِيعٌ لأقْوَالِ العِبَادِ وَأَيمانِهِمْ، عَلِيمٌ بأَقْوالِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ وَنَوَايَاهُمْ. عُرْضَةً لأيمانِكُم- مَانِعاً عَنِ الخَيرِ لحلْفِكُمْ بِهِ عَلَى تَرْكِهِ.