Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 4
الربع رقم 2
quran-border  لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعة اشهر فان فاءوا فان الله غفور رحيم وان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن ان كن يؤمن بالله واليوم الاخر وبعولتهن احق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم الطلاق مرتان فامساك بمعروف او تسريح باحسان ولا يحل لكم ان تاخذوا مما اتيتموهن شيئا الا ان يخافا الا يقيما حدود الله فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فان طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجعا ان ظنا ان يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون
Page Number

1

{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)} أخرج مالك في الموطأ ووكيع والشافعي في الأم وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} في قول الرجل: لا والله، وبلى والله، وكلا والله، زاد ابن جرير: يصل بها كلامه. وأخرج أبو داود وابن جرير وابن حبان وابن مردويه والبيهقي من طريق عطاء بن أبي رباح «أنه سئل عن اللغو في اليمين فقال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هو كلام الرجل في يمينه، كلا والله، وبلى والله». وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عائشة {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قالت: هو القوم يتدارؤون في الأمر، يقول هذا: لا والله، ويقول هذا: كلا والله، يتدارؤون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عائشة قالت: إنما اللغو في المزاحة والهزل، وهو قول الرجل: لا والله، وبلى والله، فذاك لا كفارة فيه، إن الكفارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله ثم لا يفعله. وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: «مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم ينتضلون، ومع النبي صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه، فرمى رجل من القوم فقال: أصبت والله، أخطأت والله، فقال الذي مع النبي صلى الله عليه وسلم: حنث الرجل يا رسول الله. فقال: كلا، أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة». وأخرج أبو الشيخ من طريق عطاء عن عائشة وابن عباس وابن عمرو. أنهم كانوا يقولون: اللغو لا والله، وبلى والله. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: لغو اليمين لا والله، وبلى والله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق طاوس عن ابن عباس قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان. وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن عائشة. أنها كانت تتأول هذه الآية {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} وتقول: هو الشيء يحلف عليه أحدكم لا يريد منه إلا الصدق فيكون على غير ما حلف عليه. وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال: لغو اليمين حلف الإِنسان على الشيء يظن أنه الذي حلف عليه فإذا هو غير ذلك. وأخرج ابن جرير من طريق عطية العوفي عن ابن عباس قال: اللغو أن يحلف الرجل على الشيء يراه حقاً وليس بحق. وأخرج ابن جرر وابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قال: هذا في الرجل يحلف على أمر اضرار أن يفعله أو لا يفعله فيرى الذي هو خير منه، فأمر الله أن يكفر يمينه ويأتي الذي هو خير. قال: ومن اللغو أيضاً أن يحلف الرجل على أمر لا يرى فيه الصدق وقد أخطأ في ظنه، فهذا الذي عليه الكفارة ولا إثم فيه. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قال: لغو اليمين أن تحرم ما أحل الله لك، فذلك ما ليس عليك فيه كفارة {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} قال: ما تعمدت قلوبكم فيه المأثم، فهذا عليك فيه الكفارة. وأخرج وكيع وعبد الرزاق وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قال: هو الرجل يحلف على المعصية يعني أن لا يصلي ولا يصنع الخير. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قال هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينسى، فلا يؤاخذه الله به ولكن يكفّر. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ من طريق قتادة عن سليمان بن يسار {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قال: الخطأ غير العمد. وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة في قول الرجل: لا والله، وبلى والله. قال: إنها لمن لغة العرب، ليست بيمين. وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قال: هو الرجل يحلف على الشيء يرى أنه صادق وهو كاذب، فذاك اللغو لا يؤاخذكم به {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} قال: يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب، فذاك الذي لا يؤاخذ به. وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال: كان قوم حلفوا على تحريم الحلال فقالوا: أما إذ حلفنا وحرمنا على أنفسنا فإنه ينبغي لنا أن نبر. فقال الله: {أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} [ البقر: 224] ولم يجعل لها كفارة، فأنزل الله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك... قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} [ التحريم: 1-2] فأمر النبي عليه السلام بالكفارة لتحريم ما حرم على نفسه الجارية التي كان حرمها على نفسه، أمره أن يكفر يمينه ويعاود جاريته، ثم أنزل الله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {والله غفور} يعني إذا جاوز اليمين التي حلف عليها {حليم} إذ لم يجعل فيها الكفارة، ثم نزلت الكفارة.

{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)} أخرج عبد الرزاق وأبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه كان يقرأها «للذين يقسمون من نسائهم» ويقول: الإِيلاء القسم، والقسم الإِيلاء. وأخرج ابن المنذر عن أبي بن كعب. مثله. وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن حماد قال: قرأت في مصحف أبي {للذين يقسمون}. وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: الايلاء أن يحلف بالله أن لا يجامعها أبداً. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: {للذين يؤلون من نسائهم} قال: هو الرجل يحلف لامرأته بالله لا ينكحها فيتربص أربعة أشهر فإن هو نكحها كفر يمينه، فإن مضت أربعة أشهر قبل أن ينكحها خيره السلطان إما أن يفيء فيراجع، وإما أن يعزم فيطلق، كما قال الله سبحانه وتعالى. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي والخطيب في تالي التلخيص عن ابن عباس قال: كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك فوقت الله أربعة أشهر، فإن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} قال: هذا في الرجل يؤلي من امرأته يقول: والله لا يجتمع رأسي ورأسك ولا أقربك ولا أغشاك. قال: وكان أهل الجاهلية يعدونه طلاقاً فحدَّ لهم أربعة أشهر، فإن فاء فيها كفر عن يمينه وكانت امرأته، وإن مضت الأربعة أشهر ولم يفىء فيها فهي طالقة، وهي أحق بنفسها وهو أحد الخطاب ويخطبها زوجها في عدتها ولا يخطبها غيره في عدتها، فإن تزوّجها فهي عنده على تطليقتين. وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن ابن عباس قال: كل يمين منعت جماعاً فهي إيلاء. وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم والشعبي. مثله. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: لا إيلاء إلا بحلف. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن خالد بن سعيد بن العاص هجر امرأته سنة ولم يكن حلف، فقالت له عائشة: أما تقرأ آية الإِيلاء؟ إنه لا ينبغي أن تهجر أكثر من أربعة أشهر. وأخرج عبد بن حميد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر. أنه سمع عائشة وهي تعظ خالد بن العاص المخزومي في طول الهجرة لامرأته، تقول: يا خالد إياك وطول الهجرة، فإنك قد سمعت ما جعل الله للموتى من الأجل، إنما جعل الله له تربص أربعة أشهر فأخذ طول الهجرة. قال محمد بن مسلم: ولم يبلغنا أنه مضى في طول الهجرة طلاق لأحد ولكن عائشة حذرته ذلك، فأرادت أن تعطفه على امرأته، وحذرت عليه أن تشبهه بالإِيلاء. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: لا إيلاء إلا بغضب. وأخرج عبد بن حميد عن علي بن أبي طالب قال: الإِيلاء إيلاءان: إيلاء الغضب، وإيلاء في الرضا، أما الإِيلاء في الغضب فإذا مضت أربعة أشهر فقد بانت منه، وأما ما كان في الرضى فلا يؤخذ به. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن عطية بن جبير قال: ماتت أم صبي بيني وبينه قرابة، فحلف أبي أن لا يطأ أمي حتى تفطمه، فمضى أربعة أشهر فقالوا: قد بانت منك. فاتى علياً فقال: إن كنت إنما حلفت على تضرة فقد بانت منك وإلا فلا. وأخرج عبد بن حميد عن أم عطية قالت: ولد لنا غلام فكان أجدر شيء وأسمنه. فقال القوم لأبيه: إنكم لتحسنون غذاء هذا الغلام. فقال: إني حلفت أن لا أقرب أمه حتى تفطمه. فقال القوم: قد- والله- ذهبت عنك امرأتك. فاترفعا إلى علي فقال علي: أنت أمن نفسك أم من غضب غضبته عليها فحلفت؟ قال: لا، بل أريد أن أصلح إلى ولدي. قال: فإنه ليس في الإِصلاح إيلاء. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: أتى رجل علياً فقال: إني حلفت أن لا آتي امرأتي سنتين. فقال: ما أراك إلا قد آليت. قال: إنما حلفت من أجل أنها ترضع ولدي؟ قال: فلا إذن. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن. أنه سأل عن رجل قال لامرأته: والله لا أقربك حتى تفطمي ولدك. قال: والله ما هذا بإيلاء. وأخرج عبد بن حميد عن حماد قال: سألت إبراهيم عن الرجل يحلف أن لا يقرب امرأته وهي ترضع شفقة على ولدها؟ فقال إبراهيم: ما أعلم الإِيلاء إلا في الغضب، قال الله: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم} فإنما الفيء من الغضب. وقال إبراهيم: لا أقول فيها شيئاً. وقال حماد لا أقول فيها شيئاً. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن يزيد بن الأصم قال: تزوجت امرأة، فلقيت ابن عباس فقلت: تزوجت بهلل بنت يزيد، وقد بلغني أن في حلقها شيئاً، ثم قال: والله لقد خرجت وما أكلمها. قال: عليك بها قبل أن تنقضي أربعة أشهر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن منصور قال: سألت إبراهيم عن رجل حلف لا يكلم امرأته، فمضت أربعة أشهر قبل أن يجامعها، قال: إنما كان الإِيلاء في الجماع، وأنا أخشى أن يكون إيلاء. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: إذا آلى على شهر أو شهرين أو ثلاثة دون الحد برّت يمينه لا يدخل عليه إيلاء. وأخرج الشافعي وعبد بن حميد والبيهقي عن طاوس قال: كل شيء دون الأربعة فليس بإيلاء. وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال: لو آلى منها شهراً كان إيلاء. وأخرج عبد بن حميد عن الحكم. أن رجلاً آلى من امرأته شهراً، فتركها حتى مضت أربعة أشهر قال النخعي: هو إيلاء وقد بانت منه. وأخرج عبد بن حميد عن وبرة. أن رجلاً آلى عشرة أيام فمضت أربعة أشهر، فجاء إلى عبدالله فجعله إيلاء. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي ليلى قال: إن آلى منها يوماً أو ليلة فهو إيلاء. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الرجل يقول لامرأته: والله لا اطأك الليلة فتركها من أجل ذلك قال: إن تركها حتى تمضي أربعة أشهر فهو إيلاء. وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر عن أبي بن كعب أنه قرأ {فإن فاؤُوا فيهن فإن الله غفور رحيم}. وأخرج عبد بن حميد عن علي بن أبي طالب قال: الفيء الجماع. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عباس قال: الفيء الجماع. وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال: الفيء الجماع. وأخرج ابن المنذر عن علي قال: الفيء الرضا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: الفيء الرضا. وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي قال: قال مسروق: الفيء الجماع. قيل: ألا سألته عمن رواه؟ قال: كان الرجل في عيني من ذلك. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: الفيء الإِشهاد. وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد عن الحسن قال: الفيء الجماع، فإن كان له عذر من مرض أو سجن أجزأه أن يفيء بلسانه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: إذا حال بينه وبينها مرض، أو سفر، أو حبس، أو شيء يعذر به، فإشهاده فيء. وأخرج عبد بن حميد عن أبي الشعثاء. أنه سأل علقمة عن الرجل يولي من امرأته، فيكون بها نفاس أو شيء فلا يستطيع أن يطأها قال: إذا فاء بقلبه ولسانه ورضي بذلك فهو فيء. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي الشعثاء قال: يجزئه حتى يتكلم بلسانه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي قلابة قال: إذا فاء في نفسه أجزأه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال: إذا آلى الرجل من امرأته ثم وقع عليها قبل الأربعة أشهر فليس عليه كفارة، لأن الله تعالى قال: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم} أي لتلك اليمين. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم قال: كانوا يرجون في قول الله: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم} أن كفارته فيئه. وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن ثابت قال: عليه كفارة. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: إن فاء كفر وإن لم يفعل فهي واحدة، وهي أحق بنفسها.

{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)} أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عبّاس أنه كان يقرأ وإن عزموا السراح. وأخرج ابن جرير عن عمر بن الخطاب أنه قال في الإِيلاء إذا مضت أربعة أشهر لا شيء عليه حتى توقف فيطلق أو يمسك. وأخرج الشافعي وابن جرير والبيهقي عن طاوس أن عثمان كان يوقف المولي وفي لفظ كان لا يرى الإِيلاء شيئاً وإن مضت الأربعة أشهر حتى يوقف. وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف فإما أن يطلق وإما أن يفيء. وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير والبيهقي عن ابن عمر قال أيما رجل آلى من امرأته فإنه إذا مضى أربعة أشهر وقف حتى يطلق أو يفيء ولا يقع عليه الطلاق إذا مضت الأربعة أشهر حتى يوقف. وأخرج البخاري وعبد بن حميد عن ابن عمر قال الإِيلاء الذي سمى الله لا يحل لأحد بعد الأجل إلا أن يمسك بالمعروف أو يعزم الطلاق كما أمره الله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن أبي الدرداء في رجل آلى من امرأته قال يوقف عند انقضاء الأربعة أشهر فإما أن يطلق وإما أن يفيء. وأخرج الشافعي وابن جرير والبيهقي عن عائشة أنها كانت إذا ذكر لها الرجل يحلف أن لا يأتي امرأته فيدعها خمسة أشهر لا ترى ذلك شيئاً حتى يوقف وتقول كيف قال الله إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي عن قتادة أن أبا ذر وعائشة قالا يوقف المولي بعد انقضاء المدة فإما أن يفيء وإما أن يطلق. وأخرج الشافعي واليهقي عن سليمان بن يسار قال أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يقول يوقف المولي. وأخرج ابن جرير والدارقطني والبيهقي من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال سألت اثني عشر رجلاً من الصحابة عن الرجل يولي من امرأته فكلهم يقول ليس عليه شيء حتى تمضي الأربعة أشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق. وأخرج البيهقي عن ثابت بن عبيدة مولى زيد بن ثابت عن اثني عشر رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الإِيلاء لا يكون طلاقاً حتى يوقف. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن مسعود وابن عمر وابن عباس قالوا الإِيلاء تطليقة بائنة إذا مرت أربعة أشهر قبل أن يفيء فهي أملك بنفسها. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال عزيمة الطلاق انقضاء أربعة أشهر. وأخرج عبد بن حميد عن أيوب قال قلت لابن جبير: أكان ابن عباس يقول في الإِيلاء إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة وتزوّج ولا عدة عليها؟ قال: نعم. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن ابن مسعود قال إذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة وتعتد بعد ذلك ثلاثة قروء ويخطبها زوجها في عدتها ولا يخطبها غيره فإذا انقضت عدتها خطبها زوجها وغيره. وأخرج عبد بن حميد عن علي في الإِيلاء قال إذا مضت أربعة أشهر فقد بانت منه بتطليقة ولا يخطبها هو ولا غيره إلا من بعد انقضاء العدة. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في رجل قال لامرأته إن قربتك سنة فأنت طالق ثلاثاً إن قربها قبل السنة فهي طالق ثلاثاً وإن تركها حتى تمضي الأربعة أشهر فقد بانت منه بتطليقة فإن تزوجها قبل انقضاء السنة فإنه يمسك عن غشيانها حتى تنقضي السنة ولا يدخل عليه إيلاء. وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي في رجل قال لامرأته إن قربتك إلى سنة فأنت طالق قال إن قربها بانت منه وإن تركها حتى تمضي الأربعة أشهر فقد بانت منه بتطليقة فإن تزوّجها فغشيها قبل انقضاء السنة بانت منه وإن لم يقربها حتى تمضي الأربعة أشهر، فإنه يدخل عليه إيلاء آخر. وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن. أنهما كانا يقولان في الرجل يولي من امرأته: أنها إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة واحدة، ولزوجها عليها رجعة ما كانت في العدة. وأخرج مالك عن ابن شهاب قال: إيلاء العبد نحو إيلاء الحر وهو واجب، وإيلاء العبد شهران. وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب قال: إيلاء العبد شهران. وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال إيلاء العبد من الأمة أربعة أشهر. وأخرج عن معمر عن قتادة قال: إيلاء العبد من الحرة أربعة أشهر. وأخرج مالك عن عبدالله بن دينار قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل يسمع امرأة تقول: تطاول هذا الليل واسود جانبه *** وأرقني أن لا خليل ألاعبه فوالله لولا الله أني أراقبه *** لحرك من هذا السرير جوانبه فسأل عمر ابنته حفصة كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر، أو أربعة. فقال عمر: لا أحبس أحداً من الجيوش أكثر من ذلك. وأخرج ابن اسحق وابن أبي الدنيا في كتاب الأشراف عن السائب بن جبير مولى ابن عباس وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما زلت أسمع حديث عمر أنه خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة، وكان يفعل ذلك كثيراً إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقة بابها وهي تقول: تطاول هذا الليل تسري كواكبه *** وأرقني أن لا ضجيع ألاعبه فوالله لولا الله لا شيء غيره *** لحرك من هذا السرير جوانبه وبت ألاهي غير بدع ملعن *** لطيف الحشا لا يحتويه مضاجعه يلاعبني طوراً وطوراً كأنما *** بدا قمراً في ظلمة الليل حاجبه يسر به من كان يلهو بقربه *** يعاتبني في حبه واعاتبه ولكنني أخشى رقيبا موكلا *** بأنفسنا لا يفتر الدهر كاتبه ثم تنفست الصعداء، وقالت: أشكو عمر بن الخطاب وحشتي في بيتي، وغيبة زوجي علي، وقلة نفقتي. فلان لها عمر يرحمه الله، فلما أصبح بعث إليها بنفقة وكسوة، وكتب إلى عامله يسرح إليها زوجها. وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال: سأل عمر ابنته حفصة كم تصبر المرأة عن الرجل؟ فقلت: ستة أشهر فقال: لا جرم، لا أحبس رجلاً أكثر من ستة أشهر. وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن محمد بن معن قال: أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب فقالت: يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، وأنا أكره أن أشكوه إليك وهو يقوم بطاعة الله. فقال لها: جزاك الله خيراً من مثنية على زوجها. فجعلت تكرر عليه القول وهو يكرر عليها الجواب، وكان كعب بن سوار الاسدي حاضراً فقال له: اقض يا أمير المؤمنين بينها وبين زوجها. فقال: وهل فيما ذكرت قضاء، فقال: إنها تشكو مباعدة زوجها لها عن فراشها وتطلب حقها في ذلك. فقال له عمر: أما لأن فهمت ذلك فاقض بينهما. فقال كعب: علي بزوجها، فأحضر فقال: إن امرأتك تشكوك. فقال: قصرت في شيء من نفقتها؟ قال: لا. فقالت المرأة: يا أيها القاضي الحكيم برشده *** ألهى خليلي عن فراشي مسجده نهاره وليله ما يرقده *** فلست في حكم النساء أحمده زهده في مضجعي تعبده *** فاقض القضا يا كعب لا تردده فقال زوجها: زهّدَني في فرشها وفي الحجل *** إني امرؤ أزهد فيما قد نزل في سورة النحل وفي السبع الطول *** وفي كتاب الله تخويف جلل فقال كعب: إن خير القاضيين من عدل *** وقضى بالحق جهرا وفصل إن لها حقا عليك يا رجل *** تصيبها في أربع لمن عقل قضية من ربها عز وجل *** فاعطها ذاك ودع عنك العلل ثم قال: إن الله قد أباح لك من النساء أربعاً، فلك ثلاثة أيام ولياليها تعبد فيها ربك، ولها يوم وليلة. فقال عمر: والله ما أدري من أي امريك أعجب. أمن فهمك أمرها أم من حكمك بينهما! اذهب فقد وليتك قضاء البصرة. وأخرج البيهقي في الدلائل عن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وعمر بن الخطاب معه، فعرضت امرأة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ادعي زوجك فدعته وكان ضراراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما تقول امرأتك يا عبدالله؟ فقال الرجل: والذي أكرمك ما جف رأسي منها. فقالت امرأته: ما مرة واحدة في الشهر. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أتبغضينه؟ قالت: نعم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أدنيا رأسيكما فوضع جبهتها على جبهة زوجها، ثم قال: اللهم ألف بينهما وحبب أحدهما إلى صاحبه، ثم مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوق النمط ومعه عمر بن الخطاب، فطلعت امرأة تحمل ادما على رأسها، فلما رأت النبي طرحته وأقبلت فقبلت رجليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنت وزوجك؟ فقالت: والذي أكرمك ما طارف، ولا تالد، ولا ولد، بأحب إلي منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أني رسول الله. فقال عمر: وأنا أشهد أنك رسول الله». وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم في الدلائل من حديث جابر بن عبدالله. مثله. وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يصبح على كل سلامي من ابن آدم صدقة. تسليمه على من لقي صدقة، وأمره بالمعروف صدقه، ونهيه عن المنكر صدقة، وإماطته الأذى عن الطريق صدقة، وبضعه أهله صدقة. قالوا: يا رسول الله أحدنا يقضي شهوته وتكون له صدقة؟! قال: أرأيت لو وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم». وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي ذرة قال: قلت: «يا رسول الله ذهب الأغنياء بالأجر. قال: ألستم تصلون، وتصومون، وتجاهدون، قلت: بلى، وهم يفعلون كما نفعل يصلون، ويصومون، ويجاهدون، ويتصدقون ولا نتصدق قال: إن فيك صدقة، وفي فضل سمعك صدقة على الذي لا يسمع تعبر عن حاجته صدقة، وفي فضل بصرك على الضرير تهديه إلى الطريق صدقة، وفي فضل قوتك على الضعيف تعينه صدقة، وفي إماطتك الأذى عن الطريق صدقة، وفي مباضعتك أهلك صدقة، قلت: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر؟! قال: أرأيت لو جعلته في غير حله أكان عليك وزر؟ قلت: نعم. قال: أتحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير». وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولك في جماعك زوجتك أجر قلت: كيف يكون لي أجر في شهوتي؟ قال: أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره ثم مات أكنت تحتسبه؟ قلت: نعم. قال: فأنت خلقته؟ قلت: بل الله. قال: أفأنت هديته؟ قلت: بل الله هداه. قال: أفأنت كنت ترزقه؟قلت: بل الله يرزقه. قال: فكذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه، فإن شاء الله أحياه وإن شاء أماته ولك أجر». وأخرج ابن السنى وأبو نعيم معاً في الطب النبوي والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل يوم جمعة فإن له أجرين اثنين غسله وأجر غسل امرأته». وأخرج البيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب قال والله إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله مني نسمة تسبح. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن زيد بن أسلم قال بلغني أنه جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب فقالت إن زوجها لا يصيبها فأرسل إليه فسأله فقال كبرت وذهبت قوّتي فقال له عمر أتصيبها في كل شهر مرة قال أكثر من ذلك قال عمر في كم تصيبها قال في كل طهر مرة فقال عمر اذهبي فإن فيه ما يكفي المرأة.

{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)} أخرج أبو داود وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن أسماء بنت يزيد بن السكن الانصارية قالت: طلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن للمطلقة عدة، فأنزل الله حين طلقت العدة للطلاق {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} فكانت أول من أنزلت فيها العدة للطلاق. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} قال: كان أهل الجاهلية يطلق أحدهم ليس لذلك عدة. وأخرج أبو داود والنسائي وابن المنذر عن ابن عباس {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر} [ الطلاق: 4] فنسخ واستثنى، وقال: {ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [ الأحزاب: 49]. وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والدارقطني والبيهقي في السنن عن عائشة قالت: إنما الأقراء الاطهار. وأخرج مالك والشافعي والبيهقي من طريق ابن شهاب عن عروة عن عائشة. أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة. قال ابن شهاب: فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت: صدق عروة، وقد جادلها في ذلك ناس قالوا: إن الله يقول {ثلاثة قروء} فقالت عائشة: صدقتم، وهل تدرون ما الإِقراء؟ الإِقراء الإِطهار. قال ابن شهاب: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: ما أدركت أحداً من فقهائنا إلا وهو يقول: هذا يريد الذي قالت عائشة. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي عن ابن عمر وزيد بن ثابت قالا: الإِقراء الإِطهار. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عمرو بن دينار قال: الإِقراء الحيض عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {ثلاثة قروء} قال: ثلاث حيض. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} قال: حيض. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} فجعل عدة الطلاق ثلاث حيض، ثم أنه نسخ منها المطلقة التي طلقت ولم يدخل بها زوجها فقال في سورة الأحزاب {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [ الأحزاب: 49] فهذه تزوّج ان شاءت من يومها. وقد نسخ من الثلاثة فقال: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم} [ الطلاق: 4] فهذه العجوز التي لا تحيض والتي لم تحض فعدتهن ثلاثة أشهر، وليس الحيض من أمرها في شيء، ونسخ من الثلاثة قروء الحامل فقال: {أجلهن أن يضعن حملهن} [ الطلاق: 4] فهذه ليست من القروء في شيء إنما أجلها أن تضع حملها. وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد والبيهقي من طريق عروة وعمرة عن عائشة قالت: إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت للأزواج. قالت عمرة: وكانت عائشة تقول: إنما القرء الطهر، وليس بالحيضة. وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن زيد بن ثابت قال: إذا دخلت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت للأزواج. وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن ابن عمر قال: إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرىء منها، ولا ترثه ولا يرثها. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن علقمة. أن رجلاً طلق امرأته ثم تركها، حتى إذا مضت حيضتان والثالثة أتاها وقد قعدت في مغتسلها لتغتسل من الثالثة، فأتاها زوجها فقال: قد راجعتك قد راجعتك ثلاثاً. فأتيا عمر بن الخطاب فقال عمر لابن مسعود وهو إلى جنبه: ما تقول فيها؟ قال: أرى أنه أحق بها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة وتحل لها الصلاة. فقال عمر: وأنا أرى ذلك. وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال: تحل لزوجها الرجعة عليها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، وتحل للأزواج. وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود قال: أرسل عثمان بن عفان إلى أبي يسأله عن رجل طلق امرأته ثم راجعها حين دخلت في الحيضة الثالثة، قال أبي: كيف يفتي منافق؟ فقال عثمان: نعيذك بالله أن تكون منافقاً، ونعوذ بالله أن نسميك منافقاً، ونعيذك بالله أن يكون منك هذا في الإِسلام ثم تموت ولم تبينه. قال: فإني أرى أنه أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة وتحل لها الصلاة. وأخرج البيهقي من طريق الحسن عن عمر وعبدالله وأبي موسى، في الرجل يطلق امرأته فتحيض ثلاث حيض فراجعها قبل أن تغتسل، قال: هو أحق بها ما لم تغتسل. وأخرج وكيع عن الحسن قال: تعتد بالحيض وإن كانت لا تحيض في السنة إلا مرة. وأخرج مالك والشافعي عن محمد بن يحيى بن حيان أنه كان عند جده هاشمية وانصارية، فطلق الانصارية وهي ترضع، فمرت بها سنة ثم هلك ولم تحض، فقالت: أنا أرثه ولم أحض. فاختصموا إلى عثمان فقضى للأنصارية بالميراث، فلامت الهاشمية عثمان فقال: هذا عمل ابن عمك هو أشار علينا بهذا، يعني علي ابن أبي طالب. وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: إذا طلقها وهي حائض لم تعتد بتلك الحيضة. وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال: الاقراء الحيض ليس بالطهر. قال الله تعالى {فطلقوهن لعدتهن} ولم يقل لقرؤئهن. وأخرج الشافعي عن عبد الرحمن بن أبي بكر، أن رجلاً من الأنصار يقال له حيان بن منقذ طلق امرأته وهو صحيح وهي ترضع ابنته، فمكثت سبعة عشر شهراً لا تحيض يمنعها الرضاع أن تحيض، ثم مرض حيان فقلت له: إن امرأتك تريد أن ترث؟ فقال لأهله: احملوني إلى عثمان فحملوه إليه، فذكر له شأن امرأته وعنده علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، فقال لهما عثمان: ما تريان؟ فقالا: نرى أنه إن مات ترثه ويرثها إن ماتت، فإنها ليست من القواعد اللاتي قد يئسن من المحيض، وليست من الأبكار اللاتي لم يبلغهن بالمحيض، ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل أو كثير. فرجع حيان إلى أهله وأخذ ابنته، فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة ثم حاضت حيضة أخرى، ثم توفي حيان قبل أن تحيض الثالثة، فاعتدت عدة المتوفى عنها زوجها وورثته. وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان، وفي لفظ وعدتها حيضتان». وأخرج ابن ماجة والبيهقي من حديث ابن عمر مرفوعاً. مثله. وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن زيد بن ثابت قال: الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء. وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن علي وابن مسعود وابن عباس قالوا: الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء. وأخرج مالك والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال: الطلاق للرجال، والعدة للنساء. وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب قال: عدة المستحاضة سنة. أما قوله تعالى: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن}. أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال: كانت المرأة تكتم حملها حتى تجعله لرجل آخر، فنهاهن الله عن ذلك. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال: علم الله أن منهن كواتم، يكتمن ضراراً ويذهبن بالولد إلى غير أزواجهن، فنهى عن ذلك وقدم فيه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال: الحمل والحيض، لا يحل لها إن كانت حاملاً أن تكتم حملها، ولا يحل لها ان كانت حائضاً أن تكتم حيضها. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال: الحيض والولد، لا يحل للمطلقة أن تقول: أنا حائض. وليست بحائض. ولا تقول: إني حبلى. وليست بحبلى، ولا تقول: لست بحبلى. وهي حبلى. وأخرج ابن جرير عن ابن شهاب في قوله: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال: بلغنا أن ما خلق الله في أرحامهن الحمل، وبلغنا أنه الحيض. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي عن إبراهيم في الآية قال: أكبر ذلك الحيض، وفي لفظ: أكثر ما عنى به الحيض. وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عكرمة قال: الحيض. أما قوله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}. أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {وبعولتهن أحق بردهن} يقول: إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين وهي حامل فهو أحق برجعتها ما لم تضع حملها، ولا يحل لها أن تكتمه يعني حملها، وهو قوله: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن}. وأخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حبان في قوله: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} يعني المراجعة في العدة، نزلت في رجل من غفار، طلق امرأته ولم يشعر بحملها، فراجعها وردها إلى بيته فولدت وماتت ومات ولدها، فأنزل الله بعد ذلك بأيام يسيرة {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [ البقرة: 229] فنسخت الآية التي قبلها، وبين الله للرجال كيف يطلقون النساء وكيف يتربصن. وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن مجاهد {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} قال: في القروء الثلاث. وأخرج ابن جرير عن الربيع {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} قال: في العدة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} قال: في العدة ما لم يطلقها ثلاثاً. أما قوله تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {ولهن مثل الذي عليهن} قال: إذا أطعن الله وأطعن أزواجهن، فعليه أن يحسن خطبتها ويكف عنها أذاه، وينفق عليها من سعته. وأخرج الترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن الأحوص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا إن لكم على نسائكن حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً. فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن». وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي عن معاوية بن حيدة القشيري «أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما حق المرأة على الزوج؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت». وأخرج ابن عدي عن قيس بن طلق عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جامع أحدكم أهله فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها، كما يحب أن يقضي حاجته». وأخرج عبد الرزاق وأبو يعلى عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها، فإن سبقها فلا يعجلها. ولفظ عبد الرزاق: فإن قضى حاجته ولم تقض حاجتها فلا يعجلها». وأخرج وكيع وسفيان بن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين المرأة لي، لأن الله يقول {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} وما أحب أن استوفي جميع حقي عليها لأن الله يقول {وللرجال عليهن درجة}. وأخرج ابن ماجة عن أم سلمة «أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلى وولى عانته بيده». وأخرج الخرائطي في كتاب مساوىء الأخلاق عن أم سلمة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينوره الرجل فإذا بلغ مراقه تولى هو ذلك». وأخرج الخرائطي عن محمد بن زياد قال: «كان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاراً لي، فكان يدخال الحمام فقلت: وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم تدخل الحمام. فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الحمام ثم يتنور». وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنور كل شهر، ويقلم أظفاره كل خمس عشرة». وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عائشة أنها سئلت بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك. قوله تعالى: {وللرجال عليهن درجة}. أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {وللرجال عليهن درجة} قال: فضل ما فضله الله به عليها من الجهاد، وفضل ميراثه على ميراثها، وكل ما فضل به عليها. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك {وللرجال عليهن درجة} قال: يطلقها وليس لها من الأمر شيء. وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم {وللرجال عليهن درجة} قال: الإِمارة.

{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} أخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له، وإن طلقها ألف مرة، فعمد رجل إلى امرأته فطلقها، حتى إذا ما جاء وقت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها ثم قال: والله لا آويك ولا تحلين أبداً، فأنزل الله: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} فاستقبل الناس الطلاق جديداً من يومئذ، من كان منهم طلق ومن لم يطلق. وأخرج الترمذي وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة قالت: «كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء الله أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة وإن طلقها مائة مرة أو أكثر، حتى قال رجل لامرأته: والله لا أطلقك، فتبيني ولا آويك أبداً. قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك، فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك. فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها، فسكتت عائشة حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل القرآن {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} قالت عائشة: فاستأنف الناس الطلاق مستقبلاً من طلق ومن لم يطلق». وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت: «لم يكن للطلاق وقت يطلق امرأته أم يراجعها ما لم تنقض العدة، وكان بين رجل وبين أهله بعض ما يكون بين الناس، فقال: والله لأتركنك لا أيّماً ولا ذات زوج، فجعل يطلقها حتى إذا كادت العدة أن تنقضي راجعها ففعل ذلك مراراً، فأنزل الله فيه {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} فوقت لهم الطلاق ثلاثاً يراجعها في الواحدة وفي الثنتين، وليس في الثالثة رجعة حتى تنكح زوجاً غيره». وأخرج ابن النجار عن عائشة «أنها أتتها امرأة فسألتها عن شيء من الطلاق، قالت: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}». وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي عن ابن عباس {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [ البقرة: 228] إلى قوله: {وبعولتهن أحق بردهن} [ البقرة: 228] وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثاً، فنسخ ذلك فقال: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}. وأخرج عبد الرزاق عن الثوري عن بعض الفقهاء قال: «كان الرجل في الجاهلية يطلق امرأته ما شاء لا يكون عليها عدة فتزوج من مكانها إن شاءت، فجاء رجل من أشجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أنا طلقت امرأتي، وأنا أخشى أن تزوج فيكون الولد لغيري، فأنزل الله: {الطلاق مرتان} فنسخت هذه كل طلاق في القرآن». وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {الطلاق مرتان} قال: «لكل مرة قرء»، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها، فجعل الله حدَّ الطلاق ثلاثة، وجعله أحق برجعتها ما دامت في عدتها ما لم يطلق ثلاثاً. وأخرج وكيع وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن أبي رزين الأسدي قال: «قال رجل: يا رسول الله، أرأيت قول الله عز وجل {الطلاق مرتان} فأين الثالثة؟ قال: التسريح بإحسان الثالثة». وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أنس قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أسمع الله يقول {الطلاق مرتان} فأين الثالثة؟ قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان هي الثالثة». وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {الطلاق مرتان} هل كانت العرب تعرف الطلاق ثلاثاً في الجاهلية؟ قال: نعم، كانت العرب تعرف ثلاثاً باتاً، أما سمعت الأعشى وهو يقول وقد أخذه أختانه فقالوا: لا والله لا نرفع عنك العصا حتى تطلق أهلك، فقد أضررت بها، فقال: أيا جارتا بتي، فإنك طالقة *** كذاك أمور الناس غاد وطارقة فقالوا: والله لا نرفع عنك العصا أو تثلث لها الطلاق، فقال: بيني، فإن البين خير من العصا *** وإن لا يزال فوق رأسي بارقة فقالوا: والله لا نرفع عنك العصا أو تثلث لها الطلاق، فقال: بيني حصان الفرج غير ذميمة *** وموقوفة فينا كذاك روامقة وذوقي فتى حي فإني ذائق *** فتاة أناس مثل ما أنت ذائقة وأخرج النسائي وابن ماجة وابن جرير والدارقطني والبيهقي عن ابن مسعود في قوله: {الطلاق مرتان} قال: يطلقها بعدما تطهر من قبل جماع، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى، ثم يدعها تطهر مرة أخرى، ثم يطلقها إن شاء. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {الطلاق مرتان} قال: «يطلق الرجل امرأته طاهراً في غير جماع، فإذا حاضت ثم طهرت، فقد تم القرء، ثم يطلق الثانية كما يطلق الأولى إن أحب أن يفعل، فإذا طلق الثانية ثم حاضت الحيضة الثانية فهاتان تطليقتان وقرآن، ثم قال الله للثالثة {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} فيطلقها في ذلك القرء كله إن شاء». وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد عن أبي حبيب قال: التسريح في كتاب الله الطلاق. وأخرج البيهقي من طريق السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وأناس من الصحابة في قوله: {الطلاق مرتان} قال: وهو الميقات الذي يكون عليها فيه الرجعة، فإذا طلق واحدة أو ثنتين، فإما يمسك ويراجع بمعروف، وإما يسكت عنها حتى تنقضي عدتها فتكون أحق بنفسها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين، فليتق الله في الثالثة، فإما أن يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها، أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئاً. وأخرج الشافعي وعبد الرزاق في المصنف وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر. أنه كان إذا نكح قال: أنكحتك على ما أمر الله على إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان. وأخرج أبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أبغض الحلال إلى الله عز وجل، الطلاق». وأخرج البزار عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تطلق النساء إلا عن ريبة، إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات». وأخرج عبد الرزاق عن معاذ بن جبل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «يا معاذ، ما خلق الله شيئاً على ظهر الأرض أحب إليه من عناق، وما خلق الله على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق». وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن زيد بن وهب. أن بطالا كان بالمدينة فطلق امرأته ألفاً، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فقال: إنما كنت ألعب، فعلاه عمر بالدرة، وقال: إن كان ليكفيك ثلاث. وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب في الرجل يطلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها قال: هي ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، وكان إذا أتي به أوجعه. وأخرج البيهقي من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي، فيمن طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره. وأخرج البيهقي من طريق حبيب بن أبي ثابت عن بعض أصحابه قال: جاء رجل إلى علي فقال: طلقت امرأتي ألفاً. قال: ثلاث تحرمها عليك، واقسم سائرها بين نسائك. وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن علقمة بن قيس قال: أتى رجل إلى ابن مسعود فقال: إن رجلاً طلق امرأته البارحة مائة. قال: قلتها مرة واحدة؟ قال: نعم. قال: تريد أن تبين منك امرأتك؟ قال: نعم. قال: هو كما قلت. قال: وأتاه رجل فقال: رجل طلق امرأته البارحة عدد النجوم. قال: قلتها مرة واحدة؟ قال: نعم. قال: تريد أن تبين منك امرأتك؟ قال: نعم. قال: هو كما قلت، ثم قال: قد بين الله أمر الطلاق، فمن طلق كما أمره الله فقد بين له، ومن لبس على نفسه جعلنا به لبسته، والله لا تلبسون على أنفسكم ونتحمله عنكم هو كما تقولون. وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال: المطلقة ثلاثاً قبل أن يدخل بها، بمنزلة التي قد دخل بها. وأخرج مالك والشافعي وأبو داود والبيهقي عن محمد بن إياس بن البكير قال: طلق رجل امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، ثم بدا له أن ينكحها، فجاء يستفتي، فذهبت معه أسأل له، فسأل أبا هريرة وعبدالله بن عباس عن ذلك، فقالا: لا نرى أن تنكحها حتى تنكح زوجاً غيرك. قال: إنما كان طلاقي إياها واحدة! قال ابن عباس: إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل. وأخرج مالك والشافعي وأبو داود والبيهقي عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري. أنه كان جالساً مع عبدالله بن الزبير، وعاصم بن عمر، فجاءهما محمد بن أبي إياس بن البكير فقال: إن رجلاً من أهل البادية طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، فماذا تريان؟ فقال ابن الزبير: إن هذا الأمر ما لنا فيه قول: اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة، فإني تركتهما عند عائشة فاسألهما، فذهب فسألهما قال ابن عباس لأبي هريرة: افْتِهِ يا أبا هريرة، فقد جاءتك معضلة. فقال أبو هريرة: الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره. وقال ابن عباس مثل ذلك. وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن عطاء بن يسار قال: جاء رجل يسأل عبد الله بن عمرو بن العاص عن رجل طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يمسها، فقلت: إنما طلاق البكر واحدة. فقال لي عبد الله بن عمرو: إنما أنت قاضٍ، الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره. وأخرج الشافعي والبيهقي عن مجاهد قال: جاء رجل لابن عباس قال: طلقت امرأتي مائة. قال: نأخذ ثلاثاً وندع سبعاً وتسعين. وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. وأخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم قال: سأل رجل المغيرة بن شعبة وأنا شاهد عن رجل طلق امرأته مائة قال: ثلاث تحرم، وسبع وتسعون فضل. وأخرج الطبراني والبيهقي عن سويد بن عفلة قال: كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي رضي الله عنهما، فلما قتل علي رضي الله عنه قالت: لِتَهْنَكَ الخلافة! قال: يقتل علي وتظهرين الشماتة؟! اذهبي فأنت طالق ثلاثاً. قال: فتلفعت ثيابها وقعدت حتى قضت عدتها، فبعث إليها بقية بقيت لها من صداقها وعشرة آلاف صدقة، فلما جاءها الرسول قالت: متاع قليل من حبيب مفارق! فلما بلغه قولها بكى، ثم قال: لولا أني سمعت جدي، أو حدثني أبي: أنه سمع جدي يقول: أيما رجل طلق امرأته ثلاثاً عند الاقراء، أو ثلاثاً مبهمة لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره لراجعتها. وأخرج الشافعي وأبو داود والحاكم والبيهقي عن ركانة بن عبد يزيد. أنه طلق امرأته سهيمة البتة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وقال: والله ما أردت إلا واحدة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال: ركانة والله ما أردت إلا واحدة. فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلقها الثانية في زمان عمر، والثالثة في زمان عثمان». وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي من طريق عبد الله بن علي بن زيد بن ركانة عن أبيه عن جده ركانة «أنه طلق امرأته البتة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما أردت بها؟ قال: واحدة. قال: والله ما أردت بها إلا واحدة؟ قال: والله ما أردت بها إلا واحدة. قال: هو ما أردت، فردها عليه». وأخرج عبد الرزاق ومسلم وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو امضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. وأخرج الشافعي وعبد الرزاق ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي عن طاوس. أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم أنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وثلاثاً من امارة عمر؟ قال ابن عباس: نعم. وأخرج أبو داود والبيهقي عن طاوس. أن رجلاً يقال له أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرا من امارة عمر؟ قال ابن عباس: بلى، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرا من امارة عمر، فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها قال: أجيزوهن عليهم. وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والبيهقي عن ابن عباس قال: «طلق عبد يزيد أبو ركانة أم ركانة، ونكح امرأة من مزينة، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة لشعرة أخذتها من رأسها ففرق بيني وبينه. فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم حمية فدعا بركانة وإخوته، ثم قال لجلسائه: أترون فلاناً يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد، وفلاناً منه كذا وكذا؟ قالوا: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد: طلقها. ففعل. قال: راجع امرأتك أم ركانة. فقال: إني طلقتها ثلاثاً يا رسول الله! قال: قد علمت، ارجعها وتلا {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [ الطلاق: 1]». وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: «طلق ركانة امرأته ثلاثاً في مجلس واحد، فحزن عليها حزناً شديداً فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثاً في مجلس واحد. قال: نعم، فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت، فراجعها، فكان ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر، فتلك السنة التي كان عليها الناس والتي أمر الله بها {فطلقوهن لعدتهن}». وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال: إذا قال أنت طالق ثلاثاً بفم واحدة، فهي واحدة. وأخرج الحاكم وصححه عن ابن أبي مليكة. أن أبا الجوزاء أتى ابن عباس فقال: أتعلم أن ثلاثاً كن يرددن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى واحدة؟ قال: نعم. وأخرج البيهقي عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طلاق التي لم يدخل بها واحدة». وأخرج ابن عدي والبيهقي عن الأعمش قال: بان بالكوفة شيخ يقول: سمعت علي بن أبي طالب يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً في مجلس واحد فإنه يرد إلى واحدة، والناس عنقاً واحداً إذ ذاك يأتونه ويسمعون منه. قال: فأتيته فقرعت عليه الباب، فخرج إلي شيخ فقلت له: كيف سمعت علي بن أبي طالب يقول فيمن طلق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد؟ قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً في مجلس واحد فإنه يرد إلى واحدة. قال: فقلت له: أنى سمعت هذا من علي؟ قال: أخرج إليك كتاباً، فأخرج، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً في مجلس واحد فقد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، قلت: ويحك هذا غير الذي تقول! قال: الصحيح هو هذا، ولكن هؤلاء أرادوني على ذلك. وأخرج البيهقي عن مسلمة بن جعفر الأحمس قال: قلت لجعفر بن محمد: يزعمون أن من طلق ثلاثاً بجهالة رد إلى السنة يجعلونه واحدة يروونها عنكم. قال: معاذ الله! ما هذا من قولنا، من طلق ثلاثاً فهو كما قال. وأخرج البيهقي عن بسام الصيرفي قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: من طلق امرأته ثلاثاً بجهالة أو علم فقد برئت منه. وأخرج ابن ماجة عن الشعبي قال: قلت لفاطمة بنت قيس: حدثيني عن طلاقك، قالت: طلقني زوجي ثلاثاً وهو خارج إلى اليمن، فأجاز ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما قوله تعالى: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً} الآية. أخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان الرجل يأكل من مال امرأته نحلته الذي نحلها وغيره لا يرى أن عليه جناحاً، فأنزل الله: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً} فلم يصلح لهم بعد هذه الآية أخذ شيء من أموالهن إلا بحقها، ثم قال: {إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله...} وقال: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} [ النساء: 4]. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله} قال: إلا أن يكون النشوز وسوء الخلق من قبلها فتدعوك إلى أن تفتدي منك، فلا جناح عليك فيما افتدت به. وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: «نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس، وفي حبيبة، وكانت اشتكته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» تردين عليه حديقته؟ «قالت: نعم. فدعاه فذكر له ذلك فقال: ويطيب لي ذلك؟ قال: نعم، قال ثابت: قد فعلت. فنزلت {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله...} الآية». وأخرج مالك والشافعي وأحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي من طريق عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن حبيبة بنت سهل الأنصاري «أنها كانت تحت ثابت بن قيس، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجدها عند بابه في الغلس، فقال: من هذه؟فقالت: أنا حبيبة بنت سهل. فقال: ما شأنك؟! قالت: لا أنا ولا ثابت، فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر. فقالت حبيبة: يا رسول الله! كل ما أعطاني عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ منها. فأخذ منها وجلست في أهلها». وأخرج عبد الرزاق وأبو داود وابن جرير والبيهقي من طريق عمرة عن عائشة «أن حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، فضربها فكسر يدها، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصبح فاشتكته إليه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتاً فقال: خذ بعض مالها وفارقها. قال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: فإني أصدقتها حديقتين فهما بيدها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خذهما وفارقها. ففعل ثم تزوجها أبي بن كعب، فخرج بها إلى الشام فتوفيت هناك». وأخرج البخاري والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس أن جميلة بنت عبد الله بن سلول امرأة ثابت بن قيس قالت: ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني لا أطيقه بغضاً، وأكره الكفر في الإِسلام. قال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال: اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة. ولفظ ابن ماجة: فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد. وأخرج ابن جرير عن عكرمة «أنه سئل هل كان للخلع أصل؟ قال: كان ابن عباس يقول: إن أول خلع كان في الإِسلام في أخت عبد الله بن أبي، أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله لا يجمع رأسي شيء أبداً، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة، فإذا هو أشدهم سواداً، واقصرهم قامة، وأقبحهم وجهاً. قال زوجها: يا رسول الله إني أعطيتها أفضل مالي: حديقة لي، فإن ردت علي حديقتي؟ قال: ما تقولين؟ قالت: نعم، وإن شاء زدته. قال: ففرق بينهما». وأخرج أحمد عن سهل بن أبي حثمة قال «كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس بن شماس، فكرهته وكان رجلاً دميماً، فجاءت فقالت: يا رسول الله إني لا أراه، فلولا مخافة الله لبزقت في وجهه. فقال لها: أتردين عليه حديقته التي أصدقك؟ قالت: نعم. فردت عليه حديقته وفرق بينهما، فكان ذلك أول خلع كان في الإِسلام». وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن رباح عن جميلة بنت أبي بن سلول «أنها كانت تحت ثابت بن قيس فنشزت عليه، فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا جميلة ما كرهت من ثابت؟ قالت: والله ما كرهت منه ديناً ولا خلقاً إلا أني كرهت دمامته. فقال لها: أتردين الحديقة؟ قالت: نعم. فردت الحديقة وفرق بينهما». وأخرج ابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال «كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس بن شمس فكرهته، وكان رجلاً دميماً فقالت: يا رسول الله، والله لولا مخافة الله إذا دخل علي بسقت في وجهه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فردت عليه حديقته، ففرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم». وأخرج البيهقي عن ابن عباس «أن جميلة بنت أبي بن سلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم تريد الخلع، فقال لها: ما أصدقك؟ قالت: حديقة. قال: فردي عليه حديقته». وأخرج البيهقي عن عطاء قال «أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أبغض زوجي وأحب فراقه، فقال: أتردين عليه حديقته التي أصدقك؟- وكان أصدقها حديقة- قالت: نعم. وزيادة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: اما زيادة من مالك فلا، ولكن الحديقة؟ قالت: نعم. فقضى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم على الرجل، فأخبر بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد قبلت قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم». وأخرجه من وجه آخر عن عطاء عن ابن عباس موصولاً، وقال: المرسل هو الصحيح. وأخرج البيهقي عن ابن الزبير «أن ثابت بن قيس شماس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن أبي بن سلول، وكان أصدقها حديقة فكرهته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته التي أعطاك؟ قالت: نعم، وزيادة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الزيادة فلا ولكن حديقته؟ قالت: نعم. فأخذها له وخلى سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال: قد قبلت قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم». وأخرج البيهقي عن أبي سعيد قال: «أرادت أختي أن تختلع من زوجها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجها، فذكرت له ذلك، فقال لها: أتردين عليه حديقته ويطلقك؟ قالت: نعم، وأزيده. فخلعها فردت عليه حديقته وزادته». وأخرج البزار عن أنس قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت كلاماً كأنها كرهته، فقال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فأرسل إلى ثابت: خذ منها ذلك وطلقها». وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله} قال: هذا لهما {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله} قال: هذا لولاة الأمر {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} قال: إذا كان النشوز والظلم من قبل المرأة فقد أحل الله له منها الفدية ولا يجوز خلع إلا عند سلطان، فإما إذا كانت راضية مغتبطة بجناحه مطيعة لأمره فلا يحل له أن يأخذ مما آتاها شيئاً. وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال: إذا جاء الظلم من قبل المرأة حل له الفدية، وإذا جاء من قبل الرجل لم يحل له منها شيء. وأخرج عبد بن حميد عن عروة قال: لا يصلح الخلع إلا أن يكون الفساد من قبل المرأة. وأخرج عبد بن حميد عن الليث قال: قرأ مجاهد في البقرة {إلا أن يخافا}برفع الياء. وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءة عبد الله {إلا أن يخافوا}. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ميمون بن مهران قال: في حرف أبي بن كعب أن الفداء تطليقة فيه إلا أن يظنا أن لا يقيما حدود الله، فإن ظنا أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به، لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره. وأخرج البيهقي عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلع تطليقة بائنة». وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق والبيهقي عن أم بكر الأسلمية. أنها اختلعت من زوجها عبد الله بن أسيد، ثم أتيا عثمان بن عفان في ذلك فقال: هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئاً فهو ما سميت. وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر والبيهقي عن طاوس. أن إبراهيم بن سعيد بن أبي وقاص سأل ابن عباس عن امرأة طلقها زوجها طلقتين ثم اختلعت منه أيتزوجها؟ قال ابن عباس: نعم، ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها والخلع بين ذلك، فليس الخلع بطلاق ينكحها. وأخرج عبد الرزاق عن طاوس قال: لولا أنه علم لا يحل لي كتمانه ما حدثته أحداً، كان ابن عباس لا يرى الفداء طلاقاً حتى يطلق، ثم يقول: ألا ترى أنه ذكر الطلاق من قبله ثم ذكر الفداء فلم يجعله طلاقاً، ثم قال في الثانية {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} [ البقرة: 230] ولم يجعل الفداء بينهما طلاقاً. وأخرج الشافعي عن ابن عباس. في رجل طلق امرأته تطليقتين، ثم اختلعت منه يتزوجها إن شاء، لأن الله يقول {الطلاق مرتان} قرأ إلى أن يتراجعا. وأخرج الشافعي وعبد الرزاق عن عكرمة أحسبه عن ابن عباس قال: كل شيء أجازه المال فليس بطلاق، يعني الخلع. وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن عطاء «أن النبي صلى الله عليه وسلم كره أن يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها». وأخرج عبد بن حميد عن حميد الطويل قال: قلت لرجاء بن حيوة. إن الحسن يكره أن يأخذ من المرأة فوق ما أعطاها في الخلع. فقال: قال قبيصة بن ذؤيب: اقرأ الآية التي تليها {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به}. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن كثير مولى سمرة. أن امرأة نشزت من زوجها في امارة عمر، فأمر بها إلى بيت كثير الزبل، فمكثت ثلاثة أيام ثم أخرجها فقال: كيف رأيت؟ قالت: ما وجدت الراحة إلا في هذه الأيام. فقال عمر: اخلعها ولو من قرطها. وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن عبد الله بن رباح، أن عمر بن الخطاب قال في المختلعة: تختلع بما دون عقاص رأسها. وأخرج البيهقي عن عبد الله بن شهاب الخولاني. أن امرأة طلقها زوجها على ألف درهم، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال: باعك زوجك طلاقاً بيعاً وأجازه عمر. وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: كان لي زوج يقل علي الخير إذا حضرني، ويحرمني إذا غاب عني، فكانت مني زلة يوماً، فقلت له: اختلع منك بكل شيء أملكه. قال نعم. ففعلت فخاصم عمي معاذ بن عفراء إلى عثمان بن عفان، فأجاز الخلع وأمره أن يأخذ عقاص رأسي فما دونه. وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد والبيهقي عن نافع. أن مولاة صفية بنت عبيد امرأة عبد الله بن عمر اختلعت من زوجها بكل شيء لها، فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر. وأخرج مالك والبيهقي عن نافع، أن ربيع بنت معوذ جاءت هي وعمها إلى عبد الله بن عمر، فاخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان، فبلغ ذلك عثمان بن عفان فلم ينكره، فقال عبد الله بن عمر: عدتها عدة المطلقة. وأخرج البيهقي عن عروة بن الزبير. أن رجلاً خلع امرأته في ولاية عثمان بن عفان عند غير سلطان، فأجازه عثمان. وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب وابن شهاب وسليمان بن يسار، أنهم كانوا يقولون: عدة المختلعة ثلاثة قروء. وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب قال: عدة المختلعة مثل عدة المطلقة. وأخرج ابن أبي شيبة عن نافع. أن الربيع اختلعت من زوجها، فأتى عمها عثمان فقال: تعتد حيضة. قال: وكان ابن عمر يقول: تعتد ثلاث حيض حتى قال هذا عثمان، فكان ابن عمر يفتي به ويقول: عثمان خيرنا وأعلمنا. وأخرج مالك وابن أبي شيبة وأبو داود عن ابن عمر قال: عدة المختلعة حيضة. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: عدة المختلعة حيضة. وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن ابن عباس «أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة». وأخرج الترمذي عن الربيع بنت معوذ بن عفراء «أنها اختلعت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة». وأخرج النسائي وابن ماجة عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: قلت للربيع بنت معوذ بن عفراء: حدثيني حديثك قالت: اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان، فسألت ماذا علي من العدة؟ فقال: لا عدة عليك إلاَّ أن يكون حديث عهد بك فتمكثين حتى تحيضي حيضة. قالت: إنما اتبع في ذلك قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مريم المغالية، وكانت تحت ثابت بن قيس فاختلعت منه. وأخرج النسائي عن ربيع بنت معوذ بن عفراء «أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها، وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي، فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلى ثابت فقال له: خذ الذي لها عليك وخل سبيلها. قال: نعم. فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتربص حيضة واحدة فتلحق بأهلها». وأخرج الشافعي والبيهقي عن ابن عباس وابن الزبير أنهما قالا: في المختلعة يطلقها زوجها قالا: لا يلزمها طلاق لأنه طلق ما لا يملك. وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال: إذا أراد النساء الخلع فلا تكفروهن. وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة،» وقال: «المختلعات هنَّ المنافقات». وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة، وأن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً». وأخرج أحمد والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المختلعات والمنتزعات هن المنافقات». وأخرج ابن جرير عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المختلعات المنتزعات هن المنافقات». وأما قوله تعالى: {تلك حدود الله فلا تعتدوها}. أخرج النسائي عن محمود بن لبيد قال: «أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً، فقام غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ حتى قام رجل وقال: يا رسول الله ألا اقتله؟» وأخرج البيهقي عن رافع بن سحبان أن رجلاً أتى عمران بن حصين فقال: رجل طلق امرأته ثلاثاً في مجلس؟ قال: أثم بربه وحرمت عليه امرأته. فانطلق الرجل فذكر ذلك لأبي موسى يريد بذلك عيبه فقال: ألا ترى أن عمران بن حصين قال: كذا وكذا؟ فقال أبو موسى: الله أكبر، فتيا مثل أبي نجيد.

{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)} أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد} يقول: فإن طلقها ثلاثاً فلا تحل له حتى تنكح غيره. وأخرج ابن جرير عن مجاهد {فإن طلقها فلا تحل له} قال: عاد إلى قوله: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [ البقرة: 229]. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} قال: هذه الثالثة التي ذكر الله عز وجل، جعل الله عقوبة الثالثة أن لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب {فإن طلقها فلا تحل له} قال: هذه الثالثة. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أم سلمة «أن غلاماً لها طلق امرأة تطليقتين، فاستفتت أم سلمة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره». وأخرج الشافعي والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال: ينكح العبد امرأتين، ويطلق تطليقتين، وتعتد الأمة حيضتين، فإن لم تكن تحيض فشهرين. وأخرج مالك والشافعي والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عمر. أنه كان يقول: إذا طلق العبد امرأته اثنتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره حرة كانت أو أمة، وعدة الأمة حيضتان وعدة الحرة ثلاث حيض. وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن ابن المسيب. أن نفيعاً مكاتباً لأم سلمة طلق امرأته حرة تطليقتين، فاستفتى عثمان بن عفان فقال له: حرمت عليك. وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن سليمان بن يسار. أن نفيعاً مكاتباً لأم سلمة كانت تحته حرة، فطلقها اثنتين ثم أراد أن يراجعها، فأمره أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي عثمان بن عفان يسأله عن ذلك، فذهب إليه وعنده زيد بن ثابت، فسألهما فقالا: حرمت عليك حرمت عليك. وأما قوله تعالى: {حتى تنكح زوجاً غيره}. أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ويهزها. وأخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حيان قال: «نزلت هذه الآية في عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك النضري، كانت عند رفاعة بن وهب بن عتيك وهو ابن عمها فطلقها طلاقاً بائناً، فتزوّجت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي فطلقها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنه طلقني قبل أن يمسني أفأرجع إلى الأول؟ قال: لا حتى يمس. فلبثت ما شاء الله، ثم أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: إنه قد مسّني. فقال: كذبت بقولك الأوّل فلم أصدّقك في الآخر. فلبثت حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فأتت أبا بكر فقالت: أرجع إلى الأول فإن الآخر قد مسني؟ فقال أبو بكر: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قال لك: لا ترجعي إليه فلما مات أبو بكر أتت عمر فقال له: لئن أتيتني بعد هذه المرة لأرجمنك فمنعها، وكان نزل فيها {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} فيجامعها، فإن طلقها بعد ما جامعها فلا جناح عليهما أن يتراجعا». وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن عائشة قالت «جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني كنت عند رفاعة فطلقني فبنت طلاقي، فتزوجني عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدبة الثوب، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك؟». وأخرج والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والبيهقي عن عائشة «أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً فتزوجت زوجاً وطلقها قبل أن يمسها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أتحل للأول؟ قال: لا حتى يذوق من عسيلتها كما ذاق الأول». وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس. أن المرأة التي طلق رفاعة القرظي اسمها تميمة بنت وهب بن عبيد، وهي من بني النضير. وأخرج مالك والشافعي وابن سعد والبيهقي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير «أن رفاعة بن سموأل القرظي طلق امرأته تميمة بنت وهب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، فنكحها عبد الرحمن بن الزبير، فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها، فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي كان طلقها، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه أن يتزوجها وقال: لا تحل لك حتى تذوق العسيلة». وأخرج البزار والطبراني والبيهقي من طريق الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير عن أبيه «أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله قد تزوجني عبد الرحمن وما معه إلا مثل هذه، وأومأت إلى هدبة من ثوبها، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عن كلامها ثم قال لها تريدين أن ترجعي إلى رفاعة حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك؟». وأخرج ابن أبي شيبة وابو داود والنسائي وابن ماجة وابن جرير عن عائشة قالت «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته فتزوجت زوجاً غيره، فدخل بها ثم طلقها قبل أن يواقعها أتحل لزوجها الأول؟ قال: لا حتى تذوق عسيلة الآخر ويذوق عسيلتها». وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة وابن جرير والبيهقي عن ابن عمر قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يطلق امرأته ثلاثاً فيتزوجها آخر فيغلق الباب ويرخي الستر، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها فهل تحل للأول؟ قال: لا حتى تذوق عسيلته. وفي لفظ: حتى يجامعها الآخر». وأخرج أحمد وابن جرير والبيهقي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل كانت تحته امرأة فطلقها ثلاثاً فتزوجت بعده رجلاً، فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لزوجها الأول؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حتى يكون الآخر قد ذاق من عسيلتها وذاقت من عسيلته». وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في المرأة يطلقها زوجها ثلاثاً فتتزوج زوجاً غيره، فيطلقها قبل أن يدخل بها فيريد الأول أن يراجعها قال: لا حتى يذوق عسيلتها». وأخرج أحمد والنسائي عن عبد الله بن عباس «أن الغميصاء أو الرميصاء أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها أنه لا يصل إليها، فلم يلبث أن جاء زوجها فقال: يا رسول الله هي كاذبة، وهو يصل إليها ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس ذلك لك حتى يذوق عسيلتك رجل غيره». وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة وأنس قالا: لا تحل للأوّل حتى يجامعها الآخر. وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال: لا تحل له حتى يهزها به هزيز البكر. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: لا تحل له حتى يقشقشها به. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن نافع قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثاً فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ليحلها لأخيه هل تحل للأوّل؟ فقال: لا الا نكاح رغبة، كنا نعد هذا سفاحاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو إسحاق الجوزجاني عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا الا نكاح رغبة لا نكاح دلسة ولا استهزاء بكتاب الله، ثم يذوق عسيلتها». وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن دينار عن النبي صلى الله عليه وسلم. نحوه. وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له. وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة والبيهقي في سننه عن علي «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله المحلل والمحلل له». وأخرج الترمذي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له. وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له». وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له». وأخرج أحمد وابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله المحلل والمحلل له». وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأبو بكر بن الأثرم في سننه والبيهقي عن عمر، أنه قال: لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما. وأخرج البيهقي عن سليمان بن يسار «أن عثمان بن عفان رفع إليه رجل تزوّج امرأة ليحللها لزوجها، ففرق بينهما وقال: لا ترجع إليه الا نكاح رغبة غير دلسة». وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس. أن رجلاً سأله فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثاً قال: إن عمك عصى الله فاندمه وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجاً. قال: كيف ترى في رجل يحلها له؟ قال: من يخادع الله يخدعه. وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبيهقي عن زيد بن ثابت. أنه كان يقول في الرجل يطلق الأمة ثلاثاً ثم يشتريها: إنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، أنهما سئلا عن رجل زوج عبداً له جارية فطلقها العبد البتة، ثم وهبها سيدها له هل تحل له بملك اليمين؟ فقالا: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. وأخرج البيهقي عن عبيدة السلماني قال: إذا كان تحت الرجل مملوكة فطلقها- يعني البتة- ثم وقع عليها سيدها لا يحلها لزوجها إلا أن يكون زوج لا تحل له إلا من الباب الذي حرمت عليه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال: لا يحلها لزوجها وطء سيدها حتى تنكح زوجاً غيره. وأخرج عبد الرزاق عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، فأتى ابن عباس يسأله وعنده أبو هريرة فقال ابن عباس: إحدى المعضلات يا أبا هريرة. فقال أبو هريرة: واحدة تبتها، وثلاث تحرمها. فقال ابن عباس: نورتها يا أبا هريرة. وأما قوله تعالى: {فإن طلقها فلا جناح عليهما} الآية. أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن الحنفية قال: قال علي رضي الله عنه: «أشكل علي امران. قوله: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا} فدرست القرآن، فعلمت أنه يعني إذا طلقها زوجها الآخر رجعت إلى زوجها الأول المطلق ثلاثاً. قال: وكنت رجلاً مذاء، فاستحيت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن ابنته كانت تحتي، فأمرت المقداد بن الأسود فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال» فيه الوضوء «». وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس {فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا} يقول: إذا تزوّجت بعد الأول فدخل بها الآخر فلا حرج على الأول أن يتزوّجها إذا طلقها الآخر، أو مات عنها فقد حلت له. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {إن ظنا أن يقيما حدود الله} يقول: إن ظنا أن نكاحهما على غير دلسة. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {أن يقيما حدود الله} يقول: على أمر الله وطاعته.