Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 4
الربع رقم 4
quran-border  حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فان خفتم فرجالا او ركبانا فاذا امنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج فان خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في انفسهن من معروف والله عزيز حكيم وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تعقلون الم تر الى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم احياهم ان الله لذو فضل على الناس ولكن اكثر الناس لا يشكرون وقاتلوا في سبيل الله واعلموا ان الله سميع عليم من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط واليه ترجعون
Page Number

1

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} {حَافِظُواْ} {الصلوات} {والصلاة} {قَانِتِينَ} (238)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِالحِرْصِ عَلَى إَقامَةِ الصَّلاةِ فِي أَوْقَاتِهَا، وَحِفْظِ حُدُودِها، وَأَدَائِهَا بِخُشُوعِها. وَالصَّلاةُ الوُسْطَى هِيَ صَلاةُ العَصْرِ عَلَى أَرْجَحِ الأَقْوَالِ. وَيَأمُرُهُمْ تَعَالَى بِالقِيَامِ خَاشِعِينَ مُسْتَكِينِينَ بَيْنَ يَدَيهِ، مُتَفَرِّغِينَ مِنْ كُلِّ فِكْرٍ وَعَمَلٍ يَشْغَلُ عَنْ حُضُورِ القَلْبِ وَخُشُوعِهِ. قَانِتينَ- خَاشِعِينَ مُسْتَكِينِينَ بَيْنَ يَدَي اللهِ. الصَّلاةِ الوُسْطَى- صَلاةِ العَصْرِ.

{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)} (239)- وَلَمَّا شَدَّدَ اللهُ تَعَالَى عَلَى المُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَواتِ، وَأدَائِها فِي أوْقَاتِها، ذَكَرَ حَالةَ الخَوْفِ التِي لا يَتَمَكَّنُ فِيها المُسْلِمُونَ مِنْ أدَاءِ الصَّلاةِ بِخُشُوعِها وَقُنُوتِها، كَحَالَةِ القِتَالِ التِي يِشْتَغِلُ فِيهَا المَرْءُ عَنْ أدَاءِ الصَّلاةِ عَلَى الوَجْهِ الأكْمَلِ، فَطَلَبَ إلى المُسْلِمينَ أنْ يُصَلُّوا عَلَى أيِّ حَالٍ سَوَاء كَانُوا رَاجِلِينَ أوْ رَاكِبينَ، مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةَ أوْ غَيرَ مُسْتَقْبِلِيها. فَإذا أمِنَ المُسْلِمُونَ، وَزَالَ الخَوْفُ عَنْهُمْ فَعَلَيْهمْ إقَامَةُ الصَّلاةِ كَمَا أمَرَهُمُ اللهُ، وَإتْمامُ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَقِيَامِهَا وَخُشُوعِها. وَكَمَا هَدَاهُمُ اللهُ لِلإِيمَانِ، وَعَلَّمَهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ، فَعَلَيهِمْ أنْ يُقَابِلُوا هَذِهِ النِّعْمَةَ بالشُّكْرِ وَالذِّكْرِ. رِجَالاً- أَيْ رَاجِلِينَ وَهُمُ الذِينَ يَسِيرُونَ عَلَى أَرْجُلِهِمْ. رُكْبَاناً- رَاكِبينَ.

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)} {أَزْوَاجاً} {لأَزْوَاجِهِمْ} {مَّتَاعاً} (240)- أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيةِ عِدَّةِ الوَفَاةِ {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}، فَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ إذا مَاتَ وَتَرَكَ امْرأةً عِنْدَهُ، اعتَدَّتْ سَنَةً فِي بَيْتِهِ يُنْفَقُ عَليها مِنْ مَالِهِ ثُمَّ نُسِخَتْ. وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الآيَةَ: إِنَّ عَلَى الأزْوَاجِ أنْ يُوصُوا لِزَوْجَاتِهِمْ بِشَيءٍ مِنْ المَالِ يُنْفِقْنَهُ مُدَّةَ الحَوْلِ، وَألا يَخْرُجْنَ مِنَ البُيُوتِ سَنَةً كَامِلَةً. أمَّا إذا خَرَجْنَ قَبْلَ انْتِهَاءِ السَّنَةِ فَلا جُنَاحَ عَلَى الأوْلِياءِ أنْ يَتْرُكُوهنَّ يَتَصَرَّفْنَ فِي أنْفُسِهِنَّ بِمَا لا يُنْكِرُهُ الشَّرْعُ عَلَيهِنَّ. وَلا جُنَاحَ عَلَيهِنَّ فِي ذلِكَ. وَاللهُ قَوِيٌّ عَزيزٌ قَادِرٌ عَلَى الانْتِقَامِ، وَهُوَ حَكِيمٌ فِيمَا يُشَرِّعُ لِعِبَادِهِ.

{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)} {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ} {مَتَاعٌ} (241)- اسَتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِهذِهِ الآيةِ عَلَة وُجُوبِ المُتْعَةِ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، وَجَعَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ المُتْعَةَ حَقّاً عَلَى الزَّوْجِ الذِي يَتَّقِي اللهَ وَيَخَافُهُ. وَالمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لِلزَّوْجَةِ غَيرِ المَدْخُولِ بِها، إذا لَمْ يَكُنْ قَدْ سُمِّي لَها مَهْرٌ، وَهِي مُسْتَحَبَّةٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ غَيْرِها، جَبْراً لِخَاطِرِهَا. وَيَدْفَعُهَا الزَّوْجُ عَنْ رَضاً وَطِيبِ خَاطِرٍ لأنَّ ذَلِكَ مِمَّا تُوجِبُهُ عَليهِ تَقْوَى اللهِ. مَتَاعٌ- مُتْعَةٌ أوْ نَفَقَةُ العدَّةِ.

{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)} {آيَاتِهِ} (242)- وَيُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى لَكُمْ آيَاتِهِ (أَيْ الحُدُودَ وَالأَحْكَامَ وَالشَّرْعَ) مِثْلَ هَذَا البَيَانِ الجَلِيِّ الوَاضِحِ، لِتَتَدَبَّروها وَلِتَفْهَمُوها.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (243)} {دِيَارِهِمْ} {أَحْيَاهُمْ} (243)- يَقُولُ المُفَسِّرُونَ أنَّ قَوْماً خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ فِرَاراً مِنْ وَبَاءٍ أَوْ مَرَضٍ حَلَّ بِهَا أَوْ خَوْفاً مِنْ عَدُوٍّ مُهَاجِمٍ وَهُمْ أُلُوفٌ كَثِيرَةٌ تَدْعُو كَثْرَتُهُمْ إلى الشَّجَاعَةِ وَالاطْمِئْنانِ إلى القُدْرَةِ عَلَى الدِّفاعِ عَنِ الأهْلِ وَالوَطَنِ وَالعِرْضِ، لا إلى الهَلَعِ وَالخَوْفِ، الذي يَحْمِلُ الخَائِفَ عَلَى الهَرَبِ لا يَلْوِي عَلَى شَيءٍ. وَقِيلَ إنَّ هَؤُلاءِ الهَارِبينَ مِنْ دِيَارِهِمْ حَذَرَ المَوْتِ نَزَلُوا وَادِياً فَأمَرَهُمُ اللهُ بِالمَوْتِ فَمَاتُوا جَمِيعاً. ثُمَّ مَرَّ نَبِيٌّ فَدَعا اللهَ أنْ يُحْييَهُمْ عَلَى يَدَيهِ، فَأحيَاهُمْ لِيَكُونُوا عِظَةً وَعِبْرَةً لِمَنْ خَلْفَهُمْ، وَلِيَعْلَمَ النَّاسُ أنَّهُ لا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ. وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ فِيمَا يُرِيهِمْ مِنْ آيَاتِهِ وَحُجَجِهِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَقُومُونَ بِشُكْرِ اللهِ عَلَى نِعَمِهِ، وَأَفْضَالِهِ. (وَقَالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ إنَّ هَذَا مَثَلٌ لا قِصَّةٌ وَاقِعِيَّةٌ وَهُوَ يَعْنِي أَنَّ هَؤُلاءِ الأُلُوفُ الَّذِينَ دَبَّ الذُّعْرُ فِيهِمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ فَخَرجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ هَارِبينَ، فَجَاءَ أعْدَاؤُهم وَفَتكُوا بِهِمْ، وَفَرَّقُوا شَمْلَهُمْ، وَأصْبَحَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ خَاضِعاً لِلْغَالِبينَ، ثُمَّ أحْيَاهُمُ اللهُ بَعْدَ أنْ يَسَّرَ لَهُمْ جَمْعَ كَلِمَتِهِمْ، وَتَوْثيقَ رَوَابِطِهِمْ، فَقَامُوا بِمَا يَتَوَجَّبُ عَلَيهِمْ مِنْ مُجَاهَدَةِ أعْدَائِهِمْ، وَبَذْلِ الأنْفُسِ وَالأمْوَالِ فِي سَبيلِ الجَمَاعَةِ، فَخُرَجُوا مِنْ ذُلِّ العُبُودِيَّةِ إلى رِيَاضِ الحُرِّيَّةِ، وَكَانَ كُلُّ الذِي أصَابَهُمْ مِنَ البَلاءِ تَأدِيباً لَهُمْ وَعِظَةً).

{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244)} {وَقَاتِلُواْ} (244)- وَيَحُثُّ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ عَلَى الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ لإِعْلاءِ كَلِمَةِ اللهِ، وَتَأمِينِ الدَّعْوَةِ وَالدِّفَاعِ عَنْ بلادِ الإِسْلامِ. وَيُذَكِّرُهُمْ بِأنَّ القُعُودَ عَنِ الجِهَادِ خَوفَ المَوْتِ لا يُطِيلُ عُمْراً، كَمَا أنَّ الجِهَادَ لا يُقَرِّبُ أجَلاً، فَلِكُلِّ أجَلٍ كِتَابٌ. وَأيْنَما كَانَ الإِنسَانُ فَالمَوْتُ مُدْرِكُهُ، وَاللهُ سَمِيعٌ لِمَا يَقُولُهُ العَبْدُ، عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُهُ، وَعَلى العَبْدِ أنْ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ حَتَّى يَتَجَلَّى لهُ تَقْصِيرُهُ فَيُشَمِّرُ عَنْ سَاعِدِ الجِدِّ لِتَدارُكِ مَا فَاتَ.

{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)} {فَيُضَاعِفَهُ} {وَيَبْسُطُ} (245)- يَحُثُّ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ عَلَى الإِنْفاقِ فِي سَبيلِ اللهِ، وَجَعَلَ ما يُنْفِقُهُ العَبْدُ لإِعْلاءِ كَلِمَةِ اللهِ قَرْضاً يَرُدُّهُ اللهُ إلى أصْحَابِهِ أضْعَافاً مُضَاعَفَةً، وَاللهُ هُوَ الذِي يَقْبِضُ الرِّزْقَ وَيُضَيِّقُهُ عَلَى بَعْضِ عِبَادِهِ، لِحِكْمَةٍ لا يَعْلَمُها إلا هُوَ، وَهُوَ الذِي يَبْسُطُ الرِّزْقَ وَيُوسعِهُ عَلى بَعْضِهِم الآخرِ وَفْقَ حِكْمَتِهِ، فَلَيسَ لِلْعِبَادِ أنْ يَخْشَوا إذَا أنْفَقُوا الفَاقَةَ. وَيَرْجِعُ الخَلْقُ إلى اللهِ فِي الآخِرَةِ فَيُجَازِيهِمْ عَلَى مَا بَذَلُوا مِنْ مَالٍ وَنَفْسٍ فِي سَبيلِ إِعْلاءِ كَلِمَةِ اللهِ. قَبَضَ الرِّزْقَ- ضَيَّقَهُ وَقَتَرهُ. بَسَطَ الرِّزْقَ- وَسَّعَهُ وَأفَاضَهُ. قَرْضاً حَسَناً- احْتِسَاباً بِهِ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ.