{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)} {آمَنُواْ} {الظلمات} {الطاغوت} {الظلمات} {أولئك} {أَصْحَابُ} {خَالِدُونَ} (257)- اللهُ وَليُّ الذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَهُ، فَيُخْرِجُهُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الكُفْرِ والشَّكِّ وَالرَّيبِ إلى نُورِ الحَقِّ الوَاضِحِ. وَالمُؤْمِنُ لا وَليَّ لَهُ، وَلا سُلْطَانَ لأَحَدٍ عَلَى اعْتِقَادِهِ إِلا اللهُ تَعَالَى. أَمَّا الذِينَ كَفَرُوا فَوَلِيُّهُمُ الشَّيْطَانُ، يُزَيِّنُ لَهُمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الضَّلالَةِ وَالجَهَالَةِ، وَيُخْرِجَهُمْ عَنْ طُرِيقِ الحَقِّ وَنُورِهِ، إِلى الكُفْرِ وَظُلُمَاتِهِ، وَيُؤدِّي بِهِمْ إلى نَارِ جَهَنَّمَ لِيَبْقَوا فِيها خَالِدِينَ أَبدَاً. وَالنُّورُ هُوَ الحَقُّ، وَالحَقُّ وَاحِدٌ، أمَّا الظُّلُمَاتُ وَهِيَ الكُفْرُ فَهِيَ أجْنَاسٌ. |
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)} {إِبْرَاهِيمَ} {آتَاهُ} {الظالمين} {يُحْيِي} {أُحْيِي} (258)- أَلَمْ يَنْتَهِ إِلَى عِلْمِكَ يَا مُحَمَّدُ نَبَأ المَلِكِ الذِي ادَّعى الرُّبُوبِيَّةَ، فَجَادَلَ إِبْرَاهِيمَ فِي وُجُودِ رَبِّهِ؟ وَمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلا الطُغْيَانُ وَالكُفْرُ وَالتَّجَبُّرُ وَطُولُ مُدَّتِهِ في المُلْكِ، فَطَلَبَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ دَليلاً عَلَى وُجُودِ اللهِ، الذِي يَدْعُو إليهِ. فَقَالَ إِبْراهِيمُ: إنَّ رَبِّي هُوَ الذِي يَخْلُقُ الحَيَاةَ، وَهُوَ الذِي يَعْدِمُها. فَقَالَ لَهُ المَلِكُ المُجَادِلُ المُدَّعِي الرُّبُوبِيَّة (وَقِيلَ إنَّهُ النَّمْرُودُ بْنُ كِنْعَانَ)؛ إنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أنْ يُحْيِيَ بِالعَفْوِ مَنْ حُكِمَ عَلَيهِ بِالإِعْدامِ، وَيُمِيتَ مَنْ شَاءَ إِماتَتَهُ بِأنْ يَأمُرَ بِقَتْلِهِ. فَقَالَ إِبرَاهيمُ: إِنَّ الذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَادِرٌ عَلَى التَّصرُّفِ فِي الوُجُودِ، وَتَسْخِيرِ الكَواكِبِ وَحَرَكَاتِهَا، فَإِنْ كُنْتَ كَمَا تَدَّعِي إلهاً فَبَدِّلْ حَرَكَةَ الشَّمْسِ التي تَطْلُعُ مِنَ المَشْرِقِ، فَاجْعَلْها تَطْلُعُ منَ المَغْرِبِ. فَبُهِتَ الذي كَفَرَ وَأُبْلِسَ، إذْ قَامَتْ عَلَيهِ الحُجَّةُ، وَاللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمينَ وَلا يُلْهِمُهُمْ حُجَّةً وَلا بُرْهَاناً. بُهِتَ- تَحَّيرَ وَانْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ. |
{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)} {يُحْيِي} {آيَةً} (259)- واذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ مَثَلاً مِنْ الأمْثَالِ البَالِغَةِ الغَرَابَةِ، وَهُوَ مَثَلُ الرَّجُلِ الذِي مَرَّ عَلَى قَرْيةٍ خَالِيَةٍ مِنْ سُكَّانِهَا (وَقِيلَ هِيَ بَيْتُ المَقْدِسِ بَعْدَ أَنْ خَرَّبَها بَخْتَنَصَّرُ) وَقَدْ خَرِبَتْ وَسَقَطَتْ سُقُوفُها عَلَى عَرْصَاتِها، فَأَخَذ يَتَفَكَّرُ فِيمَا آلَ إليهِ حَالُها، وَقَدْ كَانَتْ عَامِرَةً فِيمَا سَلَفَ مِنَ الأَزْمَانِ، وَسَأَلَ نَفْسَهُ كَيْفَ (أَنَّى) يَسْتَطِيعُ اللهُ أنْ يُحْيِيَ هَذِهِ القَرْيَةَ، وَيُعِيدَها إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيهِ مِنْ عُمْرانٍ وَسُكْانٍ. فَأَمَاتَهُ اللهُ تَعَالَى مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ، وَقَدْ عَمَرَتِ المَدِينَةُ، وَتَكَامَلَ سَاكِنُوهَا. وَسَألَهُ اللهُ تَعَالَى كَمْ لَبِثْتَ؟ قَالَ: يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ. فَانْظُرْ إِلَى مَا كَانَ مَعَكَ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَفَاكِهَةٍ لَمْ يَتَعَطَّلْ مِنْهُ شَيءٌ وَلَمْ يَفْسُدْ. وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ الذِي نَخِرَتْ عِظَامُهُ، وَتَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، كَيْفَ يُحيِيهِ اللهُ، وَأَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيهِ، وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً عَلَى قُدْرَتِنا عَلَى بَعْثِ العِبَادِ يَوْمَ المَعَادِ، وَنُزِيلَ بِذَلِكََ تَعَجُّبَكَ، وَنُرِيَكَ آيَاتِنا فِي نَفْسِكَ وَطَعَامِكَ وَشَرَابِكَ. وَانْظُرْ إلى عِظَامِ الحِمَارِ كَيْفَ نَرْفَعُها (نُنْشِزُها) فَيَرْكَبُ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ، ثُمَّ نَكْسُو العِظَامَ لَحْماً. وَالقَادِرُ عَلَى أنْ يَكْسُوَ هَذِهِ العِظَامَ لَحْماً، وَيَمُدَّهَا بِالحَيَاةِ، وَيَجْعَلَها أَصْلاً لِجِسْمٍ حَيٍّ، قَادِرٌ عَلَى أنْ يُحيِيَ هَذِهِ القَرْيَةَ. فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلُ ذَلِكَ بِعَينِهِ قَالَ: إِنَّنِي أَعْلَمُ بِأنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، وَقَدْ رَأيْتُ ذَلِكَ بِعَيْنِي. خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا- سَاقِطَةٌ عَلَى سُقُوفِها التِي سَقَطَتْ. أنَّى يُحْيِي- كَيْفَ أوْ مَتَى يُحْيِي. لَمْ يَتَسَنَّهْ- لَمْ يَتَغَيَّرْ مَعَ مُرُورِ الزَّمَنِ عَلَيهِ. نُنْشِزُهَا- نَرْفَعُهَا مِنَ الأَرْضِ لنُؤلِّفَهَا. |