Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 5
الربع رقم 3
quran-border  وما انفقتم من نفقة او نذرتم من نذر فان الله يعلمه وما للظالمين من انصار ان تبدوا الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلانفسكم وما تنفقون الا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف اليكم وانتم لا تظلمون للفقراء الذين احصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الارض يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسالون الناس الحافا وما تنفقوا من خير فان الله به عليم الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
Page Number

1

{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270)} أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه} قال: يحصيه. وأخرج عبد الرزاق والبخاري من طريق ابن شهاب عن عوف بن الحرث بن الطفيل وهو ابن أخي عائشة لأمها. أن عائشة رضي الله عنها حدثت: أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة: والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها. فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا نعم. قالت عائشة: فهو لله نذر أن لا أكلم ابن الزبير كلمة أبداً. فاستشفع ابن الزبير بالمهاجرين حين طالت هجرتها اياه. فقالت: والله لا أشفع فيه أحداً أبداً، ولا أحنث نذري الذي نذرت أبداً، فلما طال على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وهما من بني زهرة فقال لهما: أنشدكما الله ألا أدخلتماني على عائشة فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي، فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين عليه بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة، فقالا: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته أندخل؟ فقالت عائشة: ادخلوا. قالوا: أكلنا يا أم المؤمنين؟ قالت: نعم، ادخلوا كلكم. ولا تعلم عائشة أن معهما ابن الزبير، فلما دخلوا دخل ابن الزبير في الحجاب واعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدان عائشة إلا كلمته وقبلت منه، ويقولان: «قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عما قد علمت من الهجرة، وأنه لا يحل للرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال» فلما أكثروا التذكير والتحريج طفقت تذكرهم وتبكي وتقول: إني قد نذرت والنذر شديد، فلم يزالوا بها حتى كلمت ابن الزبير، ثم اعتقت بنذرها أربعين رقبة لله، ثم كانت تذكر، بعدما أعتقت أربعين رقبة، فتبكي حتى تبل دموعها خمارها. وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حجيرة الأكبر. أن رجلاً أتاه فقال: إني نذرت أن لا أكلم أخي فقال: إن الشيطان ولد له ولد فسماه نذراً، وإن من قطع ما أمر الله به أن يوصل فقد حلت عليه اللعنة. وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه». و أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه». وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين». وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عمران بن حصين قال: «أسرت امرأة من الأنصار فاصيبت العضباء فقعدت في عجزها، ثم زجرتها فانطلقت ونذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة رآها الناس فقالوا: العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال: سبحان الله... ! بئس ما جزتها، نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها، لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد». وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كفارة النذر إذا لم يسم كفارة اليمين». وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس على العبد نذر فيما لا يملك». وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل». وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً، وإنما يستخرج من البخيل». وأخرج البخاري ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم أكن قدرته ولكن يلقيه النذر إلى القدر قد قدرته فيستخرج الله به من البخيل، فيؤتيني عليه ما لم يكن يؤتيني عليه من قبل». وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخاً يهادي بين ابنيه فقال: ما بال هذا؟ قالوا: نذر أن يمشي إلى الكعبة. قال: إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني، وأمره أن يركب». وأخرج مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم أدرك شيخاً يمشي بين ابنيه يتوكأ عليهما. فقال: ما شأن هذا؟ قال ابناه: يا رسول الله كان عليه نذر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اركب أيها الشيخ فإن الله غني عنك وعن نذرك». وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن عقبة بن عامر قال: «نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية، فأمرتني أن استفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيته فقال: لتمش ولتركب». وأخرج أبو داود عن ابن عباس «أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية وانها لا تطيق ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لغني عن مشي اختك فلتركب ولتهد بدنة». وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن اختي نذرت أن تحج ماشية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يصنع بشقاء اختك شيئاً، فلتحج راكبة وتكفر عن يمينها». وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة عن عقبة بن عامر «أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة. فقال: مروها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام». وأخرج البخاري وأبو داود وابن ماجة عن ابن عباس قال: «بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس، فسأل عنه فقالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد لا يستظل ولا يتكلم ويصوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه». وأخرج أبو داود وابن ماجة عن أبي عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً أطاقه فليوف به». وأخرج النسائي عن عمران بن حصين «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: النذر نذران. فما كان من نذر في طاعة الله فذلك لله وفيه الوفاء، وما كان من نذر في معصية الله فذلك للشيطان، ولا وفاء فيه ويكفره ما يكفر اليمين». وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نذر في معصية ولا غضب، وكفارته كفارة يمين». وأخرج الحاكم وصححه عن عمران بن حصين قال: «ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة. قال: وان من المثلة أن يخرم أنفه وأن ينذر أن يحج ماشياً، فمن نذر أن يحج ماشياً فليهد هدياً وليركب». وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني نذرت أن أقوم على قعيقعان عرياناً إلى الليل. فقال: أراد الشيطان أن يبدي عورتك وأن يضحك الناس بك، البس ثيابك وصلّ عند الحجر ركعتين. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: النذور أربعة: فمن نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً فيما لا يطيق فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً فيما يطيق فليوف بنذره. و أما قوله تعالى: {و ما للظالمين من أنصار}. أخرج ابن أبي حاتم عن شريح قال: الظالم ينتظر العقوبة، والمظلوم ينتظر النصر. وأخرج البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الظلم ظلمات يوم القيامة». وأخرج البخاري في الأدب ومسلم والبيهقي في الشعب عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم». وأخرج البخاري في الأدب وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظلم فإن الظلم هو الظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش فإن الله لا يحب الفاحش المتفحش، وإياكم والشح فإن الشح دعا من كان قبلكم فسفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم، وقطعوا أرحامهم». وأخرج الحاكم والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش والتفحش، وإياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالفجور ففجروا». وأخرج الطبراني عن الهرماس بن زياد قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته فقال: إياكم والخيانة فإنها بئست البطانة، وإياكم والظلم فإنه ظلمات يوم القيامة، وإياكم والشح فإنما أهلك من كان قبلكم الشح حتى سفكوا دماءهم، وقطعوا أرحامهم». وأخرج الأصبهاني من حديث عمر بن الخطاب. مثله. وأخرج الطبراني عن ابن مسعود «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تظلموا فتدعوا فلا يستجاب لكم، وتستسقوا فلا تسقوا، وتستنصروا فلا تنصروا». وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أمتي لن تنالهم شفاعتي. إمام ظلوم غشوم، وكل غال مارق». وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة». وأخرج الطبراني عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة تستجاب دعوتهم: الوالد، والمسافر، والمظلوم». وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة المظلوم مستجابة، وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوتان ليس بينهما وبين الله حجاب: دعوة المظلوم، ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب». وأخرج الطبراني عن خزيمة بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام، يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين». وأخرج أحمد عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً، فإنه ليس دونها حجاب». وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله: اشتد غضبي على من ظلم من لا يجد له ناصراً غيري». وأخرج أبو الشيخ ابن حبان في كتاب التوبيخ عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوماً فقدر أن ينصره فلم يفعل». وأخرج الأصبهاني عن عبد الله بن سلام قال: «إن الله لما خلق الخلق فاستووا على أقدامهم رفعوا رؤوسهم، فقالوا: يا رب مع من أنت؟ قال» أنا مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه «». وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في الترغيب عن ابن عباس. أن ملكاً من الملوك خرج يسير في مملكته وهو مستخف من الناس، حتى نزل على رجل له بقرة فراحت عليه تلك البقرة فحلبت، فإذا حلابها مقدار حلاب ثلاثين بقرة، فحدث الملك نفسه أن يأخذها، فلما كان الغد غدت البقرة إلى مرعاها، ثم راحت فحلبت فنقص لبنها على النصف، وجاء مقدار حلاب خمس عشرة بقرة، فدعا الملك صاحب منزله فقال: أخبرني عن بقرتك أرعت اليوم في غير مرعاها بالأمس، وشربت من غير مشربها بالأمس؟ فقال: ما رعت في غير مرعاها بالأمس، ولا شربت في غير مشربها بالأمس. فقال: ما بال حلابها على النصف؟! فقال: أرى الملك هم بأخذها فنقص لبنها، فإن الملك إذا ظلم أو هم بالظلم ذهبت البركة. قال: وأنت من أين يعرفك الملك؟ قال: هو ذاك كما قلت لك. قال: فعاهد الملك ربه في نفسه أن لا يظلم، ولا يأخذها، ولا يملكها، ولا تكون في ملكه أبداً. قال: فغدت فرعت ثم راحت، ثم حلبت فإذا لبنها قد عاد على مقدار ثلاثين بقرة. فقال الملك بينه وبين نفسه واعتبر: أرى الملك إذا ظلم أو هم بظلم ذهبت البركة، لا جرم لأعدلن فلأكونن على أفضل العدل. وأخرج الأصبهاني عن سعيد بن عبد العزيز: من أحسن فليرج الثواب، ومن أساء فلا يستنكر الجزاء، ومن أخذ عزاً بغير حق أورثه الله ذلاً بحق، ومن جمع مالاً بظلم أورثه الله فقراً بغير ظلم. وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه قال: إن الله عز وجل قال: «من استغنى بأموال الفقراء أفقرته، وكل بيت يبنى بقوّة الضعفاء أجعل عاقبته إلى خراب».

{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)} أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} فجعل الله صدقة السر في التطوّع على علانيتها سبعين ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفاً، وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها. وأخرج البيهقي في الشعب بسند ضعيف عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمل السر أفضل من العلانية أفضل لمن أراد الاقتداء به». وأخرج البيهقي عن معاوية بن قرة قال: كل شيء فرض الله عليك فالعلانية فيه أفضل. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إن تبدوا الصدقات....} الآية. قال: كان هذا يعمل به قبل أن تنزل براءة، فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال: كل مقبول إذا كانت النية صادقة، وصدقة السر أفضل. وذكر لنا أن الصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} قال: هذا منسوخ وقوله: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} [ الذاريات: 19] قال: منسوخ نسخ كل صدقة في القرآن الآية التي في التوبة {إنما الصدقات للفقراء} [ التوبة: 60] الآية. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال: «قلت يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد مقل أو سر إلى فقير، ثم تلا هذه الآية {إن تبدوا الصدقات فنعما هي...} الآية». وأخرج الطيالسي وأحمد والبزار والطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أدلك عن كنز من كنوز الجنة قلت: بلى يا رسول الله. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة. قلت: فالصلاة يا رسول الله؟ قال: خير موضوع، فمن شاء أقل ومن شاء أكثر. قلت: فالصوم يا رسول الله؟ قال: قرض مجزىء. قلت: فالصدقة يا رسول الله؟ قال: أضعاف مضاعفة وعند الله مزيد. قلت: فأيها أفضل؟ قال: جهد من مقل وسر إلى فقير». وأخرج أحمد والطبراني في الترغيب عن أبي أمامة. «أن أبا ذر قال: يا رسول الله ما الصدقة؟ قال: أضعاف مضاعفة وعند الله المزيد، ثم قرأ {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} [ البقرة: 245] قيل: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: سر إلى فقير أو جهد من مقل، ثم قرأ {إن تبدوا الصدقات فنعما هي...} الآية». وأخرج أحمد والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لمَّا خلق الله الأرض جعلت تميد، فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت، فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت: يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال: نعم، الحديد. قالت: فهل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال: نعم، النار. قالت: فهل من خلقك شيء أشد من النار؟ قال: نعم، الماء. قالت: فهل من خلقك شيء أشد من الماء؟ قال: نعم، الريح. قالت: فهل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم، ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها من شماله». وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه». وأخرج الطبراني عن معاوية بن حيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن صدقة السر تطفىء غضب الرب». وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفىء غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر». وأخرج الطبراني في الأوسط عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفىء غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف». وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب قضاء الحوائج والبيهقي في الشعب والأصبهاني في الترغيب عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صدقة السر تطفىء غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وفعل المعروف يقي مصارع السوء». وأخرج أحمد في الزهد عن سالم بن أبي الجعد قال: كان رجل في قوم صالح عليه السلام قد آذاهم، فقالوا: يا نبي الله ادع الله عليه. فقال: اذهبوا فقد كفيتموه، وكان يخرج كل يوم فيحتطب، فخرج يومئذ ومعه رغيفان فأكل أحدهما وتصدق بالآخر، فاحتطب ثم جاء بحطبه سالماً، فجاؤوا إلى صالح فقالوا: قد جاء بحطبه سالماً لم يصبه شيء، فدعاه صالح فقال: أي شيء صنعت اليوم؟ فقال: خرجت ومعي قرصان تصدقت بإحدهما وأكلت الآخر. فقال صالح: حل حطبك. فحله فإذا فيه أسود مثل الجذع عاض على جذل من الحطب، فقال: بها دفع عنه. يعني بالصدقة. وأخرج أحمد عن سالم بن أبي الجعد قال: خرجت امرأة وكان معها صبي لها، فجاء الذئب فاختلسه منها، فخرجت في أثره وكان معها رغيف، فعرض لها سائل فأعطته الرغيف، فجاء الذئب بصبيها فرده عليها. وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله، فأما الذين يحبهم الله فرجل أتى قوماً فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابة فتخلف رجل من أعقابهم فأعطاه سراً لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم نزلوا فوضعوا رؤوسهم فقام رجل يتملقني ويتلو آياتي، ورجل كان في سرية فلقي العدو فهزموا فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له. وثلاثة يبغضهم الله: الشيخ الزاني، والفقير المختال، والغني الظلوم». وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من التسبيح والتكبير، والتسبيح أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصوم، والصوم جنة من النار». وأخرج ابن ماجة عن جابر بن عبد الله قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر والعلانية، ترزقوا وتنصروا وتجبروا». وأخرج أبو يعلى عن جابر «أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكعب بن عجرة: يا كعب بن عجرة الصلاة قربان، والصيام جنة، والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار. يا كعب بن عجرة الناس غاديان فبائع نفسه فموبق رقبته، ومبتاع نفسه في عتق رقبته». وأخرج ابن حبان عن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت النار أولى به، يا كعب بن عجرة الناس غاديان فغاد في فكاك نفسه فمعتقها، وغاد موبفها. يا كعب بن عجرة الصلاة قربان. والصوم جنة، والصدقة تطفىء الخطيئة كما يذهب الجليد على الصفا». وأخرج أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عقبة بن عامر «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل امرىء في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس». وأخرج ابن خزيمة والحاكم وصححه عن عمر قال: ذكر لي أن الأعمال تباهي فتقول الصدقة: أنا أفضلكم. وأخرج أحمد والبزار وابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يخرج رجل بشيء من الصدقة حتى يفك عنها لحيي سبعين شيطاناً». وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصدقة لتطفىء على أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته». وأخرج البيهقي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة». وأخرج البيهقي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تصدقوا فإن الصدقة فكاككم من النار». وأخرج الطبراني عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها». وأخرج الطبراني عن ميمونة بنت سعد أنها قالت: يا رسول الله أفتنا عن الصدقة؟ قال: إنها فكاك من النار لمن احتسبها يبتغي بها وجه الله. وأخرج الترمذي وحسنه وابن حبان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدقة لتطفىء غضب الرب وتدفع ميتة السوء». وأخرج الطبراني عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصدقة تسد سبعين باباً من السوء». وأخرج الطبراني عن عمرو بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن صدقة المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء، ويذهب الله بها الكبر والفخر». وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي ذر قال: ما خرجت صدقة حتى يفك عنها لحيا سبعين شيطاناً كلهم ينهى عنها. وأخرج ابن المبارك في البر والأصبهاني في الترغيب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليدرأ بالصدقة سبعين ميتة من السوء». وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليدخل باللقمة الخبز وقبضة التمر ومثله مما ينتفع به المسكين ثلاثة الجنة: رب البيت الآمر به، والزوجة تصلحه، والخادم الذي يناول المسكين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي لم ينس خدمنا». وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة». وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليتق أحدكم وجهه من النار ولو بشق تمرة». وأخرج أحمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، اشتري نفسك من النار ولو بشق تمرة، فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان». وأخرج البزار وأبو يعلى عن أبي بكر الصديق قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعواد المنبر يقول: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإنها تقيم العوج، وتدفع ميتة السوء، وتقع من الجائع موقعها من الشبعان». وأخرج ابن حبان عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعبد عابد من بني إسرائيل فعبد الله في صومعة ستين عاماً، فأمطرت الأرض فأخضرت، فأشرف الراهب من صومعته فقال: لو نزلت فذكرت الله فازددت خيراً، فنزل ومعه رغيف أو رغيفان، فبينما هو في الأرض لقيته امرأة فلم يزل يكلمها وتكلمه حتى غشيها، ثم أغمي عليه، فنزل الغدير يستحم فجاء سائل فأوما إليه أن يأخذ الرغيفين ثم مات، فوزنت عبادة ستين سنة بتلك الزينة فرجحت الزينة بحسناته، ثم وضع الرغيف أو الرغيفان مع حسناته فرجحت حسناته فغفر له». وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود. أن راهباً عبد الله في صومعة ستين سنة، فجاءت امرأة فنزلت إلى جنبه، فنزل إليها فواقعها ست ليال، ثم سقط في يده فهرب، فأتى مسجداً فأوى فيه ثلاثاً لا يطعم شيئاً، فأتى برغيف فكسره فأعطى رجلاً عن يمينه نصفه، وأعطى آخر عن يساره نصفه، فبعث الله إليه ملك الموت فقبض روحه، فوضعت الستون في كفة ووضعت الستة في كفة فرجحت الستة، ثم وضع الرغيف فرجح. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري. نحوه. وأخرج البيهقي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له خصفة بن خصفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هل تدرون ما الشديد؟ قلنا: الرجل يصرع الرجل! قال: إن الشديد كل الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، تدرون ما الرقوب؟ قلنا: الرجل لا يولد له! قال: إن الرقوب الرجل الذي له الولد لم يقدم منهم شيئاً، ثم قال: تدرون ما الصعلوك؟ قلنا: الرجل لا مال له! قال: الصعلوك كل الصعلوك الذي له المال لم يقدم منه شيئاً». وأخرج البزار والطبراني عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة». وأخرج البزار والطبراني عن النعمان بن بشير «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة». وأخرج البزار والطبراني عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة». وأخرج البزار والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا عائشة، اشتري نفسك من الله، لا أغني عنك من الله شيئاً ولو بشق تمرة، يا عائشة، لا يرجعن من عندك سائل ولو بظلف محرق». وأخرج مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحه صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزىء من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى». وأخرج البزار وأبو يعلى عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على كل ميسم من الإِنسان صدقة كل يوم. فقال بعض القوم: إن هذا لشديد يا رسول الله ومن يطيق هذا؟ قال: أمر بالمعروف ونهي عن المنكر صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وإن حملك على الضعيف صدقة، وإن كل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة صدقة». وأخرج الطبراني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن ابن آدم ستون وثلثمائة مفصل، عن كل واحد منها في كل يوم صدقة، فالكلمة يتكلم بها الرجل صدقة، وعون الرجل أخاه على الشيء صدقة، والشربة من الماء تسقي صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة». وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن تبسمك في وجه أخيك يكتب لك به صدقة، وإن إفراغك من دلو أخيك يكتب لك به صدقة، وإماطتك الأذى عن الطريق يكتب لك به صدقة، وإرشادك للضال يكتب لك به صدقة». وأخرج البزار عن أبي جحيفة قال: «دهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من قيس مجتابي الثمار متقلدي السيوف، فساءه ما رأى من حالهم، فصلى ثم دخل بيته، ثم خرج فصلى وجلس في مجلسه، فأمر بالصدقة أو حض عليها فقال: تصدق رجل من ديناره، تصدق رجل من درهمه، تصدق رجل من صاع بره، تصدق رجل من صاع تمره. فجاء رجل من الأنصار بصرة من ذهب فوضعها في يده، ثم تتابع الناس حتى رأى كومين من ثياب وطعام، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل كأنه مذهبة». وأخرج البزار عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث يوماً على الصدقة، فقام علية بن زيد فقال: ما عندي إلا عرضي، وإني أشهدك يا رسول الله، أني تصدقت بعرضي على من ظلمني ثم جلس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنت المصدق بعرضك قد قبل الله منك». وأخرج البزار عن علية بن زيد قال: «حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فقام عليه فقال: يا رسول الله، حثثت على الصدقة وما عندي إلا عرضي فقد تصدقت به على من ظلمني فأعرض عني، فلما كان في اليوم الثاني قال: أين علية بن زيد، أو أين المتصدق بعرضه فإن الله تعالى قد قبل منه». وأخرج أحمد وأبو نعيم في فضل العلم والبيهقي عن أبي ذر «أنه قال: يا رسول الله، من أين نتصدق وليس لنا أموال؟ قال: أن من أبواب الصدقة التكبير، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله واستغفر الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوك عن طريق الناس، والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماعك زوجتك أجر، قال أبو ذر: كيف يكون لي أجر في شهوتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو كان لك ولد فأدرك فرجوت أجره فمات أكنت تحتسب به؟ قلت: نعم. قال: فأنت خلقته؟ قلت: بل الله خلقه. قال: فأنت هديته؟ قلت: بل الله هداه. قال: فأنت كنت ترزقه؟ قلت: بل الله كان يرزقه. قال: فكذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه، فإن شاء الله أحياه وإن شاء أماته ولك أجر». وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن حارثة بن وهب الخزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تصدقوا فإنه يوشك أن يخرج الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها». وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سلمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال قط فتصدقوا». وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت «أهديت لنا شاة مشوية فقسمتها كلها إلا كتفها، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: كلها لكم إلا كتفها». وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والأصبهاني في الترغيب وابن عساكر عن الشعبي قال: «نزلت هذه الآية {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} إلى آخر الآية في أبي بكر وعمر، جاء عمر بنصف ماله يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رؤوس الناس، وجاء أبو بكر بماله أجمع يكاد أن يخفيه من نفسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» ما تركت لأهلك؟ «قال: عدة الله وعدة رسوله. فقال عمر لأبي بكر: ما سبقناك إلى باب خير قط إلا سبقتنا إليه». وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم وصححاه عن عمر قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» ما أبقيت لأهلك؟ «قلت: مثله. وأتى أبو بكر يحمل ما عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً». وأخرج ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب قال: إنما أنزلت هذه الآية {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} في الصدقة على اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قرأ {وتكفر عنكم من سيئاتكم}وقال: الصدقة هي التي تكفر. وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءة ابن مسعود {خير لكم تكفر} بغير واو.

{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} أخرج الفريابي وعبد بن حميد والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين، فسألوا فنزلت هذه الآية {ليس عليك هداهم} إلى قوله: {وأنتم لا تظلمون} فرخص لهم. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن لا نتصدق إلا على أهل الإِسلام حتى نزلت هذه الآية {ليس عليك هداهم} إلى آخرها. فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين». وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتصدق على المشركين، فنزلت {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} فتصدق عليهم». وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَصَدَّقُوا إلا على أهل دينكم. فأنزل الله: {ليس عليك هداهم} إلى قوله: {وما تفعلوا من خير يوف إليكم} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا على أهل الأديان». وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن الحنفية قال: كره الناس أن يتصدقوا على المشركين، فأنزل الله: {ليس عليك هداهم} فتصدق الناس عليهم. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان أناس من الأنصار لهم أنساب وقرابة من قريظة والنضير، وكانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم ويريدونهم أن يسلموا فنزلت {ليس عليك هداهم...} الآية. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجالاً من الصحابة قالوا: أنتصدق على من ليس من أهل ديننا؟ فنزلت {ليس عليك هداهم..} الآية. وأخرج ابن جرير عن الربيع قال: كان الرجل من المسلمين إذا كان بينه وبين الرجل من المشركين قرابة وهو محتاج لا يتصدق عليه، يقول: ليس من أهل ديني. فنزلت {ليس عليك هداهم}. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: سأله رجل ليس على دينه فأراد أن يعطيه، ثم قال: ليس على ديني. فنزلت {ليس عليك هداهم}. وأخرج سفيان وابن المنذر عن عمرو الهلالي قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أنتصدق على فقراء أهل الكتاب؟ فأنزل الله: {ليس عليك هداهم...} الآية. ثم دلوا على الذي هو خير وأفضل، فقيل {للفقراء الذين أحصروا...} [ البقرة: 273] الآية. وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: كانوا يعطون فقراء أهل الذمة صدقاتهم، فلما كثر فقراء المسلمين قالوا: لا نتصدق إلا على فقراء المسلمين، فنزلت {ليس عليك هداهم} الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: أما {ليس عليك هداهم} فيعني المشركين، وأما النفقة فبين أهلها فقال: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} [ البقرة: 273]. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله: {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} قال: إذا أعطيت لوجه الله فلا عليك ما كان عمله. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: نفقة المؤمن لنفسه، ولا ينفق المؤمن إذا أنفق إلا ابتغاء وجه الله. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {يوف إليكم وأنتم لا تظلمون} قال: هو مردود عليك فما لك ولهذا تؤذيه وتمن عليه، إنما نفقتك لنفسك وابتغاء وجه الله والله يجزيك. وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب في قوله: {وما تنفقوا من خير يوف إليكم} قال: إنما نزلت هذه الآية في النفقة على اليهود والنصارى.

{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)} أخرج ابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} قال: هم أصحاب الصفة. وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن أبي بكر، أن أصحاب الصفة كانوا ناساً فقراء، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان عنده طعام إثنين ليذهب بثالث الحديث». وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحق إلى أهل الصفة فأدعهم. قال: وأهل الصفة أضياف الإِسلام لا يلوون على أهل ولا مال، إذاً أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها». وأخرج أبو نعيم في الحلية عن فضالة بن عبيد قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى بالناس يخر رجال من قيامهم في صلاتهم لما بهم من الخصاصة وهم أهل الصفة، حتى يقول الأعراب: إن هؤلاء مجانين». وأخرج ابن سعيد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو نعيم عن أبي هريرة قال: كان من أهل الصفة سبعون رجلاً ليس لواحد منهم رداء. وأخرج أبو نعيم عن الحسن قال: «بنيت صفة لضعفاء المسلمين، فجعل المسلمون يوغلون إليها ما استطاعوا من خير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيهم فيقول: السلام عليكم يا أهل الصفة. فيقولون: وعليك السلام يا رسول الله. فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير يا رسول الله. فيقول: أنتم اليوم خير أم يوم يغدى على أحدكم بجفنه ويراح عليه بأخرى، ويغدو في حلة ويروح في أخرى؟ فقالوا: نحن يومئذ خير يعطينا الله فنشكر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أنتم اليوم خير». وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} قال: هم أصحاب الصفة، وكانوا لا منازل لهم بالمدينة ولا عشائر، فحث الله عليهم الناس بالصدقة. وأخرج سفيان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} قال: هم مهاجرو قريش بالمدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم، أمروا بالصدقة عليهم. وأخرج ابن جرير عن الربيع {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} قال: هم فقراء المهاجرين بالمدينة. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} قال: حصروا أنفسهم في سبيل الله للغزو فلا يستطيعون تجارة. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} قال: قوم أصابتهم الجراحات في سبيل الله فصاروا زمنى، فجعل لهم في أموال المسلمين حقاً. وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن حيوة في قوله: {لا يستطيعون ضرباً في الأرض} قال: لا يستطيعون تجارة. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: كانت الأرض كلها كفراً لا يستطيع أحد أن يخرج يبتغي من فضل الله، إذا خرج في كفر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} قال: حصرهم المشركون في المدينة {لا يستطيعون ضرباً في الأرض} يعني التجارة {يحسبهم الجاهل} بأمرهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {يحسبهم الجاهل أغنياء} قال: دل الله المؤمنين عليهم وجعل نفقاتهم لهم، وأمرهم أن يضعوا نفقاتهم فيهم ورضي عنهم. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد {تعرفهم بسيماهم} قال: التخشع. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع {تعرفهم بسيماهم} يقول: تعرف في وجوههم الجهد من الحاجة. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {تعرفهم بسيماهم} قال: رثاثة ثيابهم. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن يزيد بن قاسط السكسكي قال: كنت عند عبد الله بن عمر إذ جاءه رجل يسأله، فدعا غلامه فسارَّهُ وقال للرجل: اذهب معه. ثم قال لي: اتقول هذا فقير؟ فقلت: والله ما سأل إلا من فقر. قال: ليس بفقير من جمع الدرهم إلى الدرهم والتمرة إلى التمرة، ولكن من أنقى نفسه وثيابه لا يقدر على شيء {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً} فذلك الفقير. وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، واقرأوا إن شئتم {لا يسألون الناس إلحافاً}». وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المسكين بالطوّاف عليكم فتعطونه لقمة لقمة، إنما المسكين المتعفف الذي لا يسأل الناس إلحافاً». وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المسكين بالطوّاف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد ما يغنيه ويستحي أن يسأل الناس، ولا يفطن له فيتصدق عليه». وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إن الله يحب الحليم الحيي الغني المتعفف، ويبغض الفاحش البذي السائل الملحف». وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: من تغنى أغناه الله، ومن سأل الناس إلحافاً فإنما يستكثر من النار. وأخرج مالك وأحمد وأبو داود والنسائي عن رجل من بني أسد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافاً». وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {إلحافاً} قال: هو الذي يلح في المسألة. وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن سلمة بن الأكوع. أنه كان لا يسأله أحد بوجه الله إلا أعطاه، وكان يكرهها ويقول: هي مسألة الالحاف. وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء: أنه كره أن يسأل بوجه الله أو بالقرآن شيء من أمر الدنيا. وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال: من سئل بالله فأعطى فله سبعون أجراً. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن ابن عمر. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم». وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن حبان عن سمرة بن جندب. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء ترك، إلا أن يسأل ذا سلطان، أو في أمر لا يجد منه بداً». وأخرج أحمد عن ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة، فمن شاء استبقى على وجهه». وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس في غير فاقة نزلت به، أو عيال لا يطيقهم جاء يوم القيامة بوجه ليس عليه لحم»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به، أو عيال لا يطيقهم فتح الله عليه باب فاقة من حيث لا يحتسب». وأخرج الطبراني عن ابن عباس يرفعه قال: ما نقصت صدقة من مال، وما مد عبد يده بصدقة إلا ألقيت في يد الله قبل أن تقع في يد السائل، ولا فتح عبد باب مسألة له عنها غنى إلا فتح الله له باب فقر. وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن ماجة عن أبي كبشة الأنماري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله بها عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر، وأحدثكم حديثاً فاحفظوه: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقاً، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً فهو يخبط في ماله بغير علم، ولا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم فيه لله حقّاً، فهذا باخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء». وأخرج النسائي عن عائذ بن عمرو «أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فأعطاه، فلما وضع رجله على أسكفة الباب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم صاحب المسألة ما له فيها لم يسأل». وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مسألة الغني شين في وجهه يوم القيامة، ومسألة الغني نار، إن أعطى قليلاً فقليل وإن أعطى كثيراً فكثير». وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سأل مسألة وهو عنها غني كانت شيناً في وجهه يوم القيامة». وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من سأل وهو غني عن المسألة يحشر يوم القيامة وهي خموش في وجهه». وأخرج الحاكم وصححه عن عروة بن محمد بن عطية حدثني أبي «أن أباه أخبره قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من بني سعد بن بكر فأتيت، فلما رآني قال: ما أغناك الله فلا تسأل الناس شيئاً، فإن اليد العليا هي المنطية، واليد السفلى هي المنطاة، وإن مال الله لمسؤول ومنطى. قال: وكلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغتنا». وأخرج البيهقي عن مسعود بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه أتي برجل يصلى عليه فقال: كم ترك؟ فقالوا: دينارين أو ثلاثة. قال: ترك كيتين أو ثلاث كيات. فلقيت عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر فذكرت ذلك له، فقال: ذاك رجل كان يسأل الناس تكثراً». وأخرج ابن أبي شيبة وابن خزيمة والطبراني والبيهقي عن حبشي بن جنادة «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الذي يسأل من غير حاجة كمثل الذي يلتقط الجمر» ولفظ ابن أبي شيبة: «من سأل الناس ليثري به ماله فإنه خموش في وجهه، ورضف من جهنم يأكله يوم القيامة، وذلك في حجة الوداع». وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً، فليستقل أو ليستكثر». وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والطبراني في الأوسط عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل مسألة عن ظهر غنى استكثر بها من رضف جهنم. قالوا: وما ظهر غنى؟ قال: عشاء ليلة». وأخرج أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان عن سهل بن الحنظلية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل شيئاً وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم. قالوا: يا رسول الله، وما يغنيه؟ قال: ما يغديه أو يعشيه». وأخرج ابن حبان عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس ليثري ماله فإنما هي رضف من النار يلهبه، فمن شاء فليقلّ ومن شاء فليكثر». وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبي ليلى قال: جاء سائل فسأل أبا ذر فأعطاه شيئاً، فقيل له: تعطيه وهو موسر؟ فقال: إنه سائل وللسائل حق، وليتمنين يوم القيامة أنها كانت رضفة في يده. وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا تسعة أو ثمانية أو سبعة، فقال: «ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلنا: علام نبايعك؟ قال: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، والصلوات الخمس، وتطيعوا، ولا تسألوا الناس، فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فلا يسأل أحداً يناوله إياه». وأخرج أحمد عن أبي ذر قال: «دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل لك إلى البيعة ولك الجنة؟ قلت: نعم. فشرط علي أن لا أسأل الناس شيئاً. قلت: نعم. قال: ولا سوطك إن سقط منك حتى تنزل فتأخذه». وأخرج أحمد عن ابن أبي مليكة قال: ربما سقط الخطام من يد أبي بكر الصديق فيضرب بذراع ناقته، فينيخها فيأخذه فقالوا له: أفلا أمرتنا فنناولكه؟ فقال: إن حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن لا أسأل أحداً شيئاً. وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يبايع؟ فقال ثوبان: بايعنا يا رسول الله. قال: على أن لا تسألوا أحداً شيئاً. فقال ثوبان: فما له يا رسول الله؟ قال: الجنة. فبايعه ثوبان. قال أبو أمامة. فلقد رأيته بمكة في أجمع ما يكون من الناكدة، يسقط سوطه وهو راكب فربما وقع على عاتق الرجل، فيأخذه الرجل فيناوله فما يأخذه منه حتى يكون هو ينزل فيأخذه». وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئاً وأتكفل له بالجنة؟ فقلت: أنا. فكان لا يسأل أحداً شيئاً. ولابن ماجة، فكان ثوبان يقع سوطه وهو راكب فلا يقول لأحد ناولنيه حتى ينزل فيأخذه». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن حكيم بن حزام قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: يا حكيم، هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه باشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى، فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحداً بعدك شيئاً حتى أفارق الدنيا، فكان أبو بكر يدعو حكيماً ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئاً، ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله، فلم يرزأ حكيم أحداً من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفي رضي الله عنه». وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث والذي نفسي بيده ان كنت لحالفاً عليهن، لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا، ولا يعفو عبد عن مظلمة إلا زاده الله بها عزاً، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر». وأخرج أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري قال: قال عمر: «يا رسول الله لقد سمعت فلاناً وفلاناً يحسنان الثناء، يذكران أنك أعطيتهما دينارين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لكن فلاناً ما هو كذلك، لقد أعطيته ما بين عشرة إلى مائة، فما يقول ذلك، أما والله إن أحدكم ليخرج بمسألته من عندي يتأبطها ناراً. قال عمر: يا رسول الله، لم تعطيها إياهم؟ قال: فما أصنع، يأبون إلا مسألتي ويأبى الله لي البخل». وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي عن قبيصة بن المخارق قال: «تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم اسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال: سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة فحلت له المسألة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال: سداداً من عيش، فما سواهن من المسألة. يا قبيصة، سحت يأكلها صاحبها سحتاً». وأخرج البزار والطبراني والبيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك». وأخرج البزار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يحب الغني الحليم المتعفف، ويبغض البذي الفاجر السائل الملح». وأخرج البزار عن عبد الرحمن بن عوف قال: «كانت لي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة فلما فتحت قريظة جئت لينجز لي ما وعدني، فسمعته يقول: من يستغن يغنه الله ومن يقنع يقنعه الله. فقلت في نفسي: لا جرم لا أسأله شيئاً». وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر وذكر الصدقة والتعفف عن المسألة: «اليد العليا خير من اليد السفلى، والعليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة». وأخرج ابن سعد عن عدي الجذامي قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أيها الناس، تعلموا فإنما الأيدي ثلاثة. فيد الله العليا، ويد المعطي الوسطى، ويد المعطى السفلى، فتغنوا ولو بحزم الحطب». وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأيدي ثلاث: يد الله هي العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى إلى يوم القيامة، فاستعفف عن السؤال ما استطعت». وأخرج الطبراني في الأوسط عن سهل بن سعد قال: «جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزى به، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس». وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس». وأخرج ابن حبان عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا أبا ذر، أترى كثرة المال هو الغنى؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: أفَتَرَى قلة المال هو الفقر؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب». وأخرج مسلم والترمذي عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه». وأخرج الترمذي والحاكم وصححاه عن فضالة بن عبيد، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «طوبى لمن هدي للإِسلام، وكان عيشه كفافاً وقنع». وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والطمع فإنه هو الفقر، وإياكم وما يعتذر منه». وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الزهد عن سعد بن أبي وقاص قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله، أوصني وأوجز. فقال: عليك بالأياس مما في أيدي الناس، وإياك والطمع فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه». وأخرج البيهقي في الزهد عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القناعة كنز لا يفنى». وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي عن أنس «أن رجلاً من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: أما في بيتك شيء؟ قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء. قال: ائتني بهما. فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فقال: من يشتري هذين؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثاً؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين. فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين، فاعطاهما للأنصاري وقال: اشتر باحدهما فأنبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوماً فائتني به، فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوداً بيده، ثم قال: اذهب فاحتطب وبع فلا أرينك خمسة عشر يوماً، ففعل فجاءه وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها طعاماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسالة لا تصلح إلا لثلاث: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع». وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن ماجة عن الزبير بن العوّام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لإِن يأخذ أحدكم أحبله فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه». وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لإِن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه». وأخرج الطبراني والبيهقي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يحب المؤمن المحترف». وأخرج أحمد والطبراني وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استغنى أغناه الله، ومن استعف أعفه الله، ومن استكفى كفاه الله، ومن سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف». وأخرج أحمد ومسلم والنسائي عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلحفوا في المسألة، فوالله ما يسألني أحد منكم شيئاً فتخرج له مسألته مني شيئاً وأنا له كاره، فيبارك له فيما أعطيته». وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلحفوا في المسألة، فإنه من يستخرج منا بها شيئاً لم يبارك له فيه». وأخرج ابن حبان عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل يأتيني فيسألني فاعطيه، فينطلق وما يحمل في حضنه إلا النار». وأخرج ابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال: «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ذهباً إذ أتاه رجل فقال: يا رسول الله، اعطني فأعطاه، ثم قال: زدني. فزاده ثلاث مرات، ثم ولى مدبراً، فقال رسول الله: يأتيني الرجل فيسألني فاعطيه، ثم يسألني فاعطيه، ثم يولي مدبراً. وقد جعل في ثوبه ناراً إذا انقلب إلى أهله». وأخرج أبو يعلى وابن حبان عن عمر بن الخطاب. أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يود رسول الله أن فلاناً يشكر، يذكر انك أعطيته دينارين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكن فلاناً قد أعطيته ما بين العشرة إلى المائة، فما شكره وما يقول، إن أحدكم ليخرج من عندي بحاجته متأبطها وما هي إلا النار. قلت: يا رسول الله، لم تعطيهم؟ قال: يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى الله لي البخل». وأخرج أحمد والبزار وابن حبان عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أعطيناه منها شيئاً بطيب نفس منا وحسن طعمة منه من غير شره نفس بورك له فيه، ومن أعطيناه منها شيئاً بغير طيب نفس منا وحسن طعمة منه وشره نفس كان غير مبارك له فيه». وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عمر أن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني. فقال: خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه فتموّله، فإن شئت كله وإن شئت تصدق به وما لا فلا تتبعه نفسك. قال سالم بن عبد الله: فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسأل أحداً شيئاً ولا يرد شيئاً أعطيه». وأخرج مالك عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عمر بن الخطاب بعطاء فرده عمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم رددته؟ فقال: يا رسول الله، أليس أخبرتنا أن خيراً لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئاً؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما ذلك عن المسألة، فأما ما كان غير مسألة فإنما هو رزق يرزقه الله». فقال عمر: والذي نفسي بيده لا أسأل شيئاً ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا أخذته. وأخرج البيهقي من طريق زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: فذكر نحوه. وأخرج أحمد والبيهقي عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا عائشة، من أعطاك شيئاً بغير مسألة فاقبليه، فإنما هو رزق عرضه الله إليك». وأخرج أبو يعلى عن واصل بن الخطاب قال: «قلت: يا رسول الله، قد قلت: إن خيراً لك أن لا تسأل أحداً من الناس شيئاً؟ قال: إنما ذاك أن تسأل، وما أتاك من غير مسألة فإنما هو رزق رزقكه الله». وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن خالد بن عدي الجهني: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من بلغه عن أخيه معروف من غير مسألة ولا اشراف نفس فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه». وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من آتاه الله شيئاً من هذا المال من غير أن يسأله فليقبله، فإنما هو رزق ساقه الله إليه». وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي عن عائذ بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عرض له من هذا الرزق شيء من غير مسألة ولا اسراف فليتوسع به في رزقه، فإن كان غنياً فليوجهه إلى من هو أحوج إليه منه». وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استغن عن الناس ولو بقضمة سواك». وأخرج ابن أبي شيبة عن حبشي بن جنادة السلولي «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وأتاه أعرابي فسأله فقال: إن المسألة لا تحل إلا لفقر مدقع، أو غرم مفظع». وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، واضاعة المال، وكثرة السؤال، فإذا شئت رأيته في قيل وقال يومه أجمع وصدر ليلته حتى يلقى جيفة على رأسه لا يجعل الله له من نهاره ولا ليلته نصيباً، وإذا شئت رأيته ذا مال في شهوته ولذاته وملاعبه ويعدله عن حق الله فذلك اضاعة المال، وإذا شئت رأيته باسطاً ذراعيه يسأل الناس في كفيه فإذا أعطي أفرط في مدحهم وان منع أفرط في ذمهم». وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما المعطي من سعة بأفضل من الأخذ إذا كان محتاجاً». وأخرج ابن حبان في الضعفاء والطبراني في الأوسط عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «ما الذي يعطي من سعة بأعظم أجراً من الذي يقبل إذا كان محتاجاً» وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم} قال: محفوظ ذلك عند الله عالم به شاكر له، وإنه لا شيء أشكر من الله ولا أجزى لخير من الله.

{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} أخرج ابن سعد في الطبقات وأبو بكر أحمد بن أبي عاصم في الجهاد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي والطبراني وأبو الشيخ في العظمة والواحدي عن يزيد بن عبد الله بن عريب المكي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنزلت هذه الآية {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} في أصحاب الخيل». وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال: نزلت هذه الآية في أصحاب الخيل {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية} فيمن يربطها لا خيلاء ولضمار. وأخرج ابن جرير عن أبي الدرداء، أنه كان ينظر إلى الخيل مربوطة بين البراذين والهجن فيقول: أهل هذه من {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي عن أبي أمامة والباهلي قال: من ارتبط فرساً في سبيل الله، لم يرتبطه رياء ولا سمعة كان من {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم...} الآية. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي من طريق حنش الصنعاني، أنه سمع ابن عباس يقول في هذه الآية {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية} قال: هم الذين يعلفون الخيل في سبيل الله. وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه عن أبي كبشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير، وأهلها معانون عليها، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة». وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن عساكر من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية} قال: نزلت في علي بن أبي طالب، كانت له أربعة دراهم فأنفق بالليل درهماً، وبالنهار درهماً، وسراً درهماً، وعلانية درهماً. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مسعر عن عون قال: قرأ رجل {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية} فقال: إنما كانت أربعة دراهم فأنفق درهماً بالليل، ودرهماً بالنهار، ودرهماً في السر، ودرهماً في العلانية. وأخرج ابن المنذر عن ابن إسحاق قال: لما قبض أبو بكر واستخلف عمر، خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس إن بعض الطمع فقر، وإن بعض اليأس غنى، وإنكم تجمعون ما لا تأكلون وتأملون ما لا تدركون، واعلموا أن بعض الشح شعبة من النفاق، فانفقوا خيراً لأنفسكم، فأين أصحاب هذه الآية {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}؟. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: هؤلاء قوم أنفقوا في سبيل الله الذي افترض عليهم في غير سرف ولا إملاق ولا تبذير ولا فساد. وأخرج ابن المنذر عن ابن المسيب {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} كلها في عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، في نفقتهما في جيش العسرة. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال: كان هذا قبل أن تفرض الزكاة. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال: كان هذا يعمل به قبل أن تنزل براءة، فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها.