Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 1
الربع رقم 1
quran-border  الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون
Page Number

1

{الم (1)} {الم} اسم من أسماء القرآن، كالذكر، والفرقان، أو اسم للسورة أو اسم الله الأعظم، أو اسم من أسماء الله أقسم به، وجوابه ذلك الكتاب، أو افتتاح للسورة يفصل به ما قبلها، لأنه يتقدمها ولا يدخل في أثنائها، أو هي حروف قطعت من أسماء، أفعال، الألف من أنا، اللام من الله، الميم، من أعلم، معناه «أنا الله أعلم»، أو هي حروف لكل واحد منها معاني مختلفة، الألف مفتاح الله، أو آلاؤه، واللام مفتاح لطيف، والميم مجيد أو مجده، والألف سنة، واللام ثلاثون، والميم أربعون سنة، آجالا ذكرها، أو هي حروف من حساب الجُمَّل، لما روى جابر قال: مر أبو ياسر بن أخطب بالنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ {الم}، فأتى أخاه حُيي بن أخطب في نفر من اليهود، فقال: سمعت محمداً صلى الله عليه وسلم يتلو فيما أُنزل عليه {الم}، قالوا: أنت سمعته قال: نعم، فمشى حُيي في أولئك النفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: يا محمد، ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما أُنزل عليك {الم}، قال: «بلى» فقال: أجاءك بها جبريل عليه السلام من عند الله تعالى قال: «نعم»، قالوا: لقد بعث قبلك أنبياء، ما نعلمه بُين لنبي منهم مدة ملكه، وأجل أمته غيرك. فقال حُيي لمن كان معه: الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنة، ثم قال: يا محمد هل كان مع هذا غيره قال: «نعم»، قال: ماذا، قال: {المص} قال: هذه أثقل وأطول، الألف واحدة واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، فهذه إحدى وستون ومائة سنة، وهل مع هذا غيره قال: «نعم» فذكر {المر} فقال: هذه أثقل، وأطول، الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون والراء مائتان، فهذه إحدى وسبعون ومئتا سنة، ثم قال: لقد التبس علينا أمرك، ما ندري أقليلاً أُعطيت أم كثيراً: ثم قاموا عنه. فقال لهم أبو ياسر؟ ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد صلى الله عليه وسلم، وذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة، قالوا: قد التبس علينا أمره. فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم {هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب} [آل عمران: 7] أو أعلم الله تعالى العرب لما تحدوا بالقرآن أنه مؤتلف من حروف كلامهم، ليكون عجزهم عن الإتيان بمثله أبلغ في الحجة عليهم، أو الألف من الله واللام من جبريل والميم من محمد صلى الله عليه وسلم، أو افتتح به الكلام كما يفتتح بألا. أبجد: كلمات أبجد حروف أسماء من أسماء الله تعالى مأثور أو هي أسماء الأيام الستة التي خلق الله تعالى فيها الدنيا أو هي أسماء ملوك مدين قال: ألا يا شعيب قد نطقت مقالة *** سَببْت بها عمرا وحي بني عمرو ملوك بني حطي وهواز منهم *** وسعفص أصل في المكارم والفخر هم صبحوا أهل الحجاز بغارة *** كمثل شعاع الشمس أو مطلع الفجر أو أول من وضع الكتاب العربي ستة أنفس «أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت»، فوضعوا الكتاب على أسمائهم، وبقي ستة أحرف لم تدخل في أسمائهم، وهي الضاء، والذال، والشين، والغين، والثاء، والخاء، وهي الروادف التي تحسب بعد حساب الجُمَّل، قاله عروة بن الزبير، ابن عباس «أبجد» أبى آدم الطاعة، وجد في أكل الشجرة، «هوز» فزل آدم فهوى من السماء إلى الأرض، «حطي»، فحطت عنه خطيئته، «كلمن» فأكل من الشجرة، ومَنَّ عليه بالتوبة «سعفص» فعصى آدم فأُخرج من النعيم إلى النكد «قرشت» فأقر بالذنب، وسلم من العقوبة.

{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} {ذّلِكَ الْكِتَابُ}: إشارة إلى ما نزل من القرآن قبل هذا بمكة أو المدينة، أو إلى قوله {إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} [المزمل: 5] أو ذلك بمعنى هذا إشارة إلى حاضر، أو إشارة إلى التوراة والإنجيل، خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم: أي: الكتاب الذي ذكرته لك التوراة والإنجيل هو الذي أنزلته عليك، أو خوطب به اليهود والنصارى: أي الذي وعدتكم به هو هذا الكتاب الذي أنزلته على محمد، أو إلى قوله: {إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً}، أو قال لمحمد صلى الله عليه وسلم: الكتاب الذي ذكرته في التوراة والأنجيل هو هذا الذي أنزلته عليك أو المراد بالكتاب: اللوح المحفوظ {لا رَيْبَ فِيهِ}: الريب التهمة أو الشك. {لِلْمُتَّقِينَ} الذين أقاموا الفرائض واجتنبوا المحرمات، أو الذين يخافون العقاب ويرجون الثواب، أو الذين اتقوا الشرك وبرئوا من النفاق.

{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} {يُؤْمِنُونَ} يصدقون أو يخشون الغيب، أصل الإيمان التصديق {وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: 17] أو الأمان، فالمؤمن يؤمن نفسه بإيمانه من العذاب، والله تعالى مؤمِّن لأوليائه من عذابه، أو الطمأنينة، فالمصدق بالخبر مطمئن إليه، ويُطلق الإيمان على اجتناب الكبائر، وعلى كل خَصلة من الفرائض، وعلى كل طاعة. {بِالْغَيْبِ} بالله، أو ما جاء من عند الله، أو القرآن، أو البعث والجنة والنار، أو الوحي. {وَيُقِيمُونَ} يديمون، كل شيء راتب قائم، وفاعله يقيم، ومنه فلان يقيم أرزاق الجند، أو يعبدون الله بها، إقامتها: أداؤها بفروضها، أو إتمام ركوعها وسجودها وتلاوتها وخشوعها «ع»، سُمي ذلك إقامة لها من تقويم الشيء، قام بالأمر أحكمه، وحافظ عليه، أو سمى فعلها إقامة لها لاشتمالها على القيام. {رَزَقْنَاهُمْ} أصل الرزق الحظ، فكان ما جعله حظاً من عطائه رزقاً. {يُنفِقُونَ} وأصل الإنفاق الإخراج، نفقت الدابة خرجت روحها، والمراد الزكاة «ع»، أو نفقة الأهل، أو التطوع بالنفقة فيما يقرب إلى الله تعالى. نزلت هاتان الآيتان في مؤمني العرب خاصة، واللتان بعدهما في أهل الكتاب «ع»، أو نزلت الأربع في مؤمني أهل الكتاب، أو نزلت الأربع في جميع المؤمنين، فتكون الأربع في المؤمنين، وآيتان بعدهن في الكافرين، وثلاث عشرة في المنافقين.

{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)} {مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ} القرآن. {وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ}: التوراة، والإنجيل وسائر الكتب. {وَبِالأَخِرَةِ}: النشأة الآخرة، أو الدار الآخرة لتأخرها عن الدنيا، أو لتأخرها عن الخلق، كما سميت الدنيا لدنوها منهم {يُوقِنُونَ}: يعلمون، أو يعلمون بموجب يقيني.

{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)} {هُدىً} بيان ورشد، {الْمُفْلِحُونَ} الناجون من عذاب الله، والفلاح: النجاة أو الفائزون السعداء، أو الباقون في الثواب، الفلاح: البقاء، أو المقطوع لهم بالخير، الفلح: القطع، الأكَّار: فلاح لشقه الأرض، شعر: لقد علمت يا ابن أم صحصح *** أن الحديد بالحديد يفلح والمراد بهم جميع المؤمنين، أو مؤمنو العرب، أو المؤمنون من «العرب» وغير العرب ممن آمن بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى من قبله من الأنبياء.