Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 1
الربع رقم 1
quran-border  الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون
Page Number

1

{الم (1)} أخرج وكيع وعبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يعد {الم} آية {حم} آية. وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وصححه وابن الضريس ومحمد بن نصر وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو ذر الهروي في فضائله والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا تقول {الم} حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والدرامي وابن الضريس والطبراني ومحمد بن نصر عن ابن مسعود موقوفاً. مثله. وأخرج محمد بن نصر وأبو جعفر النحاس في كتاب الوقف والابتداء والخطيب في تاريخه وأبو نصر السجزي في الإِبانة عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأوا القرآن، فإنكم تؤجرون عليه. أما إني لا أقول {الم} حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر، فتلك ثلاثون». وأخرج ابن أبي شيبة والبزار والمرهبي في فضل العلم وأبو ذر الهروي وأبو نصر السجزي بسند ضعيف عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ القرآن كتب الله له بكل حرف حسنة. لا أقول {الم، ذلك الكتاب} حرف، ولكن الألف، والذال، والألف، والكاف». وأخرج محمد بن نصر والبيهقي في شعب الإيمان والسجزي عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفاً من القرآن كتب الله له به حسنة. لا أقول {بسم الله} ولكن باء، وسين، وميم، ولا أقول {الم} ولكن الألف، واللام، والميم». وأخرج محمد بن نصر السلفي في كتاب الوجيز في ذكر المجاز والمجيز عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ حرفاً من القرآن كتب الله له عشر حسنات: بالباء، والتاء، والثاء». وأخرج ابن أبي داود في المصاحف وأبو نصر السجزي عن ابن عمر قال: إذا فرغ الرجل من حاجته، ثم رجع على أهله ليأت المصحف، فليفتحه فليقرا فيه، فإن الله سيكتب له بكل حرف عشر حسنات. أما إني لا أقول {الم} ولكن الألف عشر، واللام عشر، والميم عشر. وأخرج أبو جعفر النحاس في الوقف والابتداء وأبو نصر السجري عن قيس بن سكن قال: قال ابن مسعود: تعلموا القرآن فإنه يكتب بكل حرف منه عشر حسنات، ويكفر به عشر سيئات. أما إني لا أقول {الم} حرف، ولكن أقول ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر. وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس من طرق عن ابن عباس في قوله: {الم} قال: أنا الله أعلم. وأخرج ابن جرير والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال: {الم} حروف اشتقت من حروف هجاء أسماء الله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {الم} و {حم} و {ن} قال: اسم مقطع. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {الم} و {المص} و {الر} و {المر} و {كهيعص} و {طها} و {طس} و {يس} و {ص} و {حم} و {ق} و {ن} قال: هو قسم أقسمه الله، وهو من أسماء الله. وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال: {الم} قسم. وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود في قوله: {الم} قال: هو اسم الله الأعظم. وأخرج ابن جريج وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {الم} و {حم} و {طس} قال: هي اسم الله الأعظم. وأخرج ابن أبي شيبة في تفسيره وعبد بن حميد وابن المنذر عن عامر. أنه سئل عن فواتح السور نحو {الم} و {الر} قال: هي أسماء من أسماء الله مقطعة الهجاء، فإذا وصلتها كانت أسماءً من أسماء الله. وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله: {الم} قال: ألف مفتاح اسمه الله، ولام مفتاح اسمه لطيف، وميم مفتاح اسمه مجيد. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: فواتح السور أسماء من أسماء الله. وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن السدي قال: فواتح السور كلها من أسماء الله. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {الم} قال: اسم من أسماء القرآن. وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {الم} قال: اسم من أسماء القرآن. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ بن حبان عن مجاهد قال: {الم} و {حم} و {المص} و {ص} فواتح افتتح الله بها القرآن. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال: {الم} و {طسم} فواتح يفتتح الله بها السور. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: فواتح السور كلها {الم} و {المر} و {حم} و {ق} وغير ذلك هجاء موضوع. وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم قال: {الم} ونحوها أسماء السور. وأخرج ابن اسحق والبخاري في تاريخه وابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن رباب قال: مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة {الم ذلك الكتاب} فأتاه أخوه حيي بن أخطب في رجال من اليهود فقال: تعلمون والله لقد سمعت محمداً يتلو فيما أنزل عليه {الم ذلك الكتاب} فقالوا أنت سمعته؟ قال: نعم. فمشى حيي في أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد ألم تذكر أنك تتلو فيما أنزل عليك {الم ذلك الكتاب}؟ قال: بلى. قالوا: قد جاءك بهذا جبريل من عند الله؟ قال: نعم. قالوا: لقد بعث الله قبلك أنبياء، ما نعلمه بين لنبي لهم ما مدة ملكه، وما أجل أمته غيرك فقال حيي بن أخطب: وأقبل على من كان معه الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، فهذه احدى وسبعون سنة. أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة! ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد هل مع هذا غيره؟ قال: نعم. قال: ما ذاك؟ قال: {المص} قال: هذه أثقل وأطول. الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، فهذه مائة واحدى وستون سنة. هل مع هذا يا محمد غيره؟ قال: نعم. قال: ماذا؟ قال: {الر} قال: هذه أثقل وأطول. الألف واحدة، واللام ثلاثون، والراء مائتان، فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة. فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم. {المر} قال فهذه أثقل وأطول. الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والراء مائتان، فهذه إحدى وسبعون سنة ومائتان ثم قال: لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلاً أُعطيت، أم كثيراً! ثم قاموا فقال أبو ياسر لأخيه حيي ومن معه من الأحبار: ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله. إحدى وسبعون، وإحدى وستون، ومائة، وإحدى وثلاثون ومائتان، وإحدى وسبعون ومائتان، فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون. فقالوا: لقد تشابه علينا أمره. فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} [ آل عمران: 7]. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: إن اليهود كانوا يجدون محمداً وأمته، إن محمداً مبعوث ولا يدرون ما مدة أمة محمد. فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم وأنزل {الم} قالوا: قد كنا نعلم أن هذه الأمة مبعوثة، وكنا لا ندري كم مدتها، فإن كان محمد صادقاً فهو نبي هذه الأمة قد بين لنا كم مدة محمد، لأن {الم} في حساب جملنا إحدى وسبعون سنة، فما نصنع بدين إنما هو واحد وسبعون سنة؟ فلما نزلت {الر} وكانت في حساب جملهم مائتي سنة وواحداً وثلاثين سنة قالوا: هذا الآن مائتان وواحد وثلاثون سنة وواحدة وسبعون. قيل ثم أنزل {المر} فكان في حساب جملهم مائتي سنة وواحدة وسبعين سنة في نحو هذا من صدور السور فقالوا: قد التبس علينا أمره. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفاً، دارت فيها الألسن كلها، ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه، وليس منها حرف إلا وهو من آية وثلاثة، وليس منها حرف إلا وهو في مدة قوم وآجالهم. فالألف مفتاح اسمه الله، واللام مفتاح اسمه اللطيف، والميم مفتاح اسمه مجيد. فالألف آلاء الله، واللام لطف الله، والميم مجد الله. فالألف سنة، واللام ثلاثون، والميم أربعون. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ بن حبان في التفسير عن داود بن أبي هند قال: كنت أسأل الشعبي عن فواتح السور قال: يا داود إن لكل كتاب سراً، وإن سر هذا القرآن فواتح السور، فدعها وسَل عما بدا لك. وأخرج أبو نصر السجزي في الإِبانة عن ابن عباس قال: آخر حرف عارض به جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين}.

{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال: من أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة آية في نعت المنافقين، ومن أربعين آية إلي عشرين ومائة في بني إسرائيل. وأخرج وكيع عن مجاهد قال: هؤلاء الآيات الأربع في أول سورة البقرة إلى {المفلحون} نزلت في نعت المؤمنين، واثنتان من بعدها إلى {عظيم} نزلت في نعت الكافرين، وإلى العشر نزلت في المنافقين. وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال: أربع آيات من فاتحة سورة البقرة في الذين آمنوا، وآيتان في قادة الأحزاب. وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن ابن مسعود {الم} حرف اسم الله، و {الكتاب} القرآن {لا ريب} لا شك فيه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {ذلك الكتاب} قال: هذا الكتاب. وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصحف عن عكرمة. مثله. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لا ريب فيه} قال: لا شك فيه. وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم عن أبي الدرداء قال: {الريب} الشك من الكفر. وأخرج الطستي في مسائل ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {لا ريب فيه} قال: لا شك فيه قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت ابن الزبعرى وهو يقول: ليس في الحق يا أمامة ريب *** إنما الريب ما يقول الكذوب وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {لا ريب فيه} قال: لا شك فيه. وأخرج ابن جرير عن مجاهد مثله. قوله تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} أخرج وكيع وابن جرير عن الشعبي في قوله: {هدى} قال: من الضلالة. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله: {هدى} قال: نور {للمتقين} قال: هم المؤمنون. وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {هدى للمتقين} أي الذين يحذرون من أمر الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى، ويرجون رحمته في التصديق بما جاء منه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {هدى للمتقين} قال: للمؤمنين الذين يتقون الشرك ويعملون بطاعتي. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {هدى للمتقين} قال: جعله الله هدى وضياء لمن صدَّق به، ونور للمتقين. وأخرج ابن أبي حاتم عن معاذ بن جبل قال: يُحبَسُ الناس يوم القيامة في بقيع واحد، فينادي منادٍ: أين المتقون؟ فيقومون في كنف من الرحمن، لايحتجب الله منهم، ولا يستتر. قيل: من المتقون؟ قال: قوم اتقوا الشرك، وعبدة الأوثان واخلصوا، لله العبادة، فيمرون إلى الجنة. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عطية السعدي وكان من الصحابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبلغ العبد المؤمن أن يكون من المتقين، حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به بأس». وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن أبي هريرة. أن رجلاً قال له: ما التقوى؟ قال: هل أخذت طريقاً ذا شوك؟ قال: نعم. قال: فكيف صنعت؟ قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه، أو جاوزته، أو قصرت عنه، قال: ذاك التقوى. وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم عن طلق بن حبيب أنه قيل له: ألا تجمع لنا التقوى في كلام يسير يرونه؟ فقال: التقوى العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء رحمة الله، والتقوى ترك معاصي الله على نور من الله مخافة عذاب الله. وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا عن أبي الدرداء قال: تمام التقوى أن يتقي الله العبدُ، حتى يتقيه من مثقال ذرة، وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حرماً. يكون حجاباً بينه وبين الحرام. وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال: ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام. واخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان الثوري قال: إنما سموا المتقين لأنهم اتقوا ما لا يتقى. وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن المبارك قال: لو أن رجلاً اتقى مائة شيء ولم يتق شيئاً واحداً، لم يكن من المتقين. واخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال: تمام التقوى أن تبتغي علم ما لم تعلم منها، إلى ما قد علمت منها. وأخرج ابن أبي الدنيا عن رجاء قال: من سره أن يكون متقياً فليكن أذل من قعود إبل، كل من أتى عليه أرغاه. وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق مالك بن أنس عن وهب بن كيسان قال: كتب رجل إلى عبد الله بن الزبير بموعظة. أما بعد... فإن لأهل التقوى علامات يُعْرَفون بها ويُعرِفونها من أنفسهم. من صبر على البلاء، ورضي بالقضاء، وشكر النعماء، وذل لحكم القرآن. وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن المبارك قال: قال داود لابنه سليمان عليه السلام: يا بني إنما تستدل على تقوى الرجل بثلاثة أشياء: لحسن توكله على الله فيما نابه، ولحسن رضاه فيما أتاه، ولحسن زهده فيما فاته. وأخرج ابن أبي الدنيا عن سهم بن سحاب قال: معدن من التقوى لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله. واخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال: بلغنا أن رجلاًً جاء إلى عيسى فقال: يا معلم الخير كيف أكون تقياً لله كما ينبغي له؟ قال: بيسير من الأمر. تحب الله بقلبك كله، وتعمل بكدحك وقوتك ما استطعت، وترحم ابن جنسك كما ترحم نفسك. قال: من ابن جنسي يا معلم الخير؟ قال: ولد آدم كلهم، وما لا تحب أن يؤتى إليك فلا تأته إلى أحد فأنت تقي لله حقاً. وأخرج ابن أبي الدنيا عن أياس بن معاوية قال: رأس التقوى ومعظمه أن لا تعبد شيئاً دون الله، ثم تتفاضل الناس بالتقى والنهى. وأخرج ابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال: فواتح التقوى حسن النية، وخواتمها التوفيق، والعبد فيما بين ذلك، بين هلكات وشبهات، ونفس تحطب على سلوها، وعدو مكيد غير غافل ولا عاجز. وأخرج ابن أبي الدنيا عن محرز الطفاري قال: كيف يرجو مفاتيح التقوى من يؤثر على الآخرة الدنيا؟!. وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال: ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله، ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيراً فهو خير إلى خير. وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يوسف الفريابي قال: قلت لسفيان أرى الناس يقولون سفيان الثوري، وأنت تنام الليل؟ فقل لي: اسكت... ملاك هذا الأمر التقوى. وأخرج ابن أبي الدنيا عن شبيب قال: تكلم رجل من الحكماء عند عبد الملك بن مروان، فوصف المتقي فقال: رجل آثر الله على خلقه، وآثر الآخرة على الدنيا، ولم تكربه المطالب، ولم تمنعه المطامع، نظر ببصر قلبه إلى مثالي إرادته، فسما لها ملتمساً لها، فزهده مخزون، يبيت إذا نام الناس ذا شجون، ويصبح مغموماً في الدنيا مسجون، قد انقطعت من همته الراحة دون منيته، فشفاؤه القرآن، ودواؤه الكلمة من الحكمة والموعظة الحسنة، لا يرى منها الدنيا عوضاً، ولا يستريح إلى لذة سواها. فقال عبد الملك: أشهد أن هذا أرجى بالاً منا، وأنعم عيشاً. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران قال: لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه، حتى تعلم من أين مطعمه، ومن أين ملبسه، ومن أين مشربه، أمن حل ذلك أو من حرام؟. وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز. أنه لما وُلي حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أوصيكم بتقوى الله، فإن تقوى الله خلف من كل شيء، وليس من تقوى الله خلف. وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال: يا أيها اتقوا الله، فإنه ليس من هالك إلا له خلف إلا التقوى. وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة قال: لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي قالت: طوبى للمتقين. وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال: القيامة عرس المتقين. وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يزيد الرحبي قال: قيل لأبي الدرداء: إنه ليس أحد له بيت في الأنصار إلا قال شعراً، فما لك لا تقول؟! قال: وأنا قلت فاستمعوه: يريد المرءُ أن يُعطي مُناهُ *** ويأبى الله إلا ما أرادا يقول المرءُ فائدتي وذخري *** وتقوى الله أفضل ما استفادا وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العفيف وكان من أصحاب معاذ بن جبل قال: يدخل أهل الجنة على أربعة أصناف: المتقين، ثم الشاكرين، ثم الخائفين، ثم أصحاب اليمين.

{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} أخرج جرير عن قتادة {هدى للمتقين} قال: نعتهم ووصفهم بقوله: {الذين يؤمنون بالغيب} الآية. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس في قوله: {الذين يؤمنون} قال: يصدقون {بالغيب} قال: بما جاء منه، يعني من الله. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله: {الذين يؤمنون بالغيب} قال: هم المؤمنون من العرب قال: و {الإِيمان} التصديق و {الغيب} ما غاب عن العباد من أمر الجنة والنار، وما ذكر الله في القرآن لم يكن تصديقهم بذلك من قبل أصحاب الكتاب، أو علم كان عندهم {يؤمنون بما أنزل إليك} هم المؤمنون من أهل الكتاب، ثم جمع الفريقين فقال: {أولئك على هدى} الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {الذين يؤمنون بالغيب} قال: بالله وملائكته، ورسله، واليوم الآخر، وجنته وناره، ولقائه، والحياة بعد الموت. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {الذين يؤمنون بالغيب} قال: آمنوا بالبعث بعد الموت، والحساب، والجنة والنار، وصدقوا بموعود الله الذي وعد في هذا القرآن. وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {الذين يؤمنون بالغيب} قال: ما غاب عنهم أمر الجنة والنار قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت أبا سفيان بن الحرث يقول: وبالغيب آمنا وقد كان قومنا *** يصلون للأوثان قبل محمد وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وأبو نعيم كلاهما في معرفة الصحابة عن تويلة بنت أسلم قالت: «صليت الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة، فاستقبلنا مسجد ايلياء فصلينا سجدتين ثم جاءنا من يخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقبل البيت الحرام، فتحوّل الرجال مكان النساء، والنساء مكان الرجال، فصلينا السجدتين الباقيتين، ونحن مستقبلو البيت الحرام. فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فقال» أولئك قوم آمنوا بالغيب «». وأخرج سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وأحمد بن منيع في مسنده وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه وابن مردويه عن الحرث بن قيس أنه قال لابن مسعود: عند الله يحتسب ما سبقتمونا به يا أصحاب محمد من رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال ابن مسعود: عند الله يحتسب إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم تروه! إن أمر محمد كان بيِّناً لمن رآه. والذي لا إله غيره. من آمن أحد أفضل من إيمان بغيب. ثم قرأ {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه} [ البقرة: 12] إلى قوله: {المفلحون} [ البقرة: 5]. وأخرج البزار وأبو يعلي والمرهبي في فضل العلم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب قال: كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «انبئوني بأفضل أهل الإِيمان إيماناً؟ قالوا: يا رسول الله الملائكة...؟ قال: هم كذلك، ويحق لهم، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها قالوا: يا رسول الله الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالاته والنّبوة! قال: هم كذلك، ويحق لهم، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها قالوا: يا رسول الله الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء... ! قال: هم كذلك، ويحق لهم، وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة مع الأنبياء. بل غيرهم قالوا: فمن يا رسول الله؟! قال: أقوام في أصلاب الرجال، يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقوني ولم يروني، يجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيماناً». وأخرج الحسن بن عروة في حزبه المشهور والبيهقي في الدلائل والأصبهاني في الترغيب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي الخلق أعجب إليكم إيماناً؟ قالوا: الملائكة... قال: وما لهم لا يؤمنون، وهم عند ربهم. قالوا: فالأنبياء... قال: فما لهم لا يؤمنون، والوحي ينزل عليهم. قالوا: فنحن... قال: وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم، ألا إن أعجب الخلق إلي إيماناً، لقوم يكونون من بعدكم يجدون صحفاً فيها كتاب يؤمنون بما فيه». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: «ما من ماء ما من ماء؟ قالوا: لا. قال: فهل من شن؟ فجاؤوا بالشن، فوضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع يده عليه ثم فرق أصابعه، فنبع الماء مثل عصا موسى من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا بلال اهتف بالناس بالوضوء، فأقبلوا يتوضأون من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت همة ابن مسعود الشرب، فلما توضأوا صلى بهم الصبح، ثم قعد للناس فقال: يا أيها الناس من أعجب الخلق إيماناً؟ قالوا: الملائكة. قال: وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الأمر! قالوا: فالنبيون يا رسول الله. قال: وكيف لا يؤمن النبيون والوحي ينزل عليهم من السماء! قالوا: فأصحابك يا رسول الله فقال: وكيف لا تؤمن أصحابي وهم يرون ما يرون، ولكن أعجب الناس إيماناً، قوم يجيئون بعدي يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقوني ولم يروني أولئك اخواني». وأخرج الإسماعيلي في معجمه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي شيء أعجب إيماناً؟ قيل: الملائكة... فقال كيف وهم في السماء يرون من الله ما لا ترون! قيل: فالأنبياء... قال: كيف وهم يأتيهم الوحي؟ قالوا: فنحن... قال: كيف وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله! ولكن قوم يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، أولئك أعجب إيماناً، وأولئك إخواني، وأنتم أصحابي». وأخرج البزار عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي الخلق أعجب إيماناً؟ قالوا الملائكة.. قال: الملائكة... كيف لا يؤمنون؟ قالوا: النبيون... قال: النبيون يوحى إليهم فكيف لا يؤمنون؟ ولكن أعجب الناس إيماناً، قوم يجيئون من بعدكم، فيجدون كتاباً من الوحي، فيؤمنون به ويتبعونه. فهؤلاء أعجب الناس إيماناً». وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ليتني قد لقيت إخواني؟ قالوا يا رسول الله ألسنا إخوانك وأصحابك: قال: بلى. ولكن قوماً يجيئون من بعدكم، يؤمنون بي إيمانكم، ويصدقوني تصديقكم، وينصروني نصركم. فيا ليتني قد لقيت إخواني». وأخرج ابن عساكر في الأربعين السباعية من طريق أبي هدبة وهو كذاب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليتني قد لقيت إخواني؟ فقال له رجل من أصحابه: أولسنا إخوانك؟ قال: بلى أنتم أصحابي، وإخواني قوم يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، ثم قرأ {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة}». وأخرج أحمد والدارمي والباوردي وابن قانع معاً في معجم الصحابة والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم عن أبي جمعة الأنصاري قال: «قلنا يا رسول الله هل من قوم أعظم من أجراً؟ آمنا بك، واتبعناك. قال: ما يمنعكم من ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم، يأتيكم الوحي من السماء! بل قوم يأتون من بعدي، يأتيهم كتاب بين لوحين، فيؤمنون به، ويعملون بما فيه، أولئك أعظم أجراً». وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي عمر وأحمد والحاكم عن أبي عبد الرحمن الجهني قال: «بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع راكبان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنديان، أو مذحجيان، حتى أتيا فإذا رجلان من مذحج فدنا أحدهما ليبايعه، فلما أخذ بيده قال: يا رسول الله أرأيت من آمن بك واتبعك وصدقك، فماذا له؟ قال: طوبى له، فمسح على يده وانصرف. ثم جاء الآخر حتى أخذ على يده ليبايعه فقال: يا رسول الله أرأيت من آمن بك وصدقك واتبعك ولم يرك؟ قال: طوبى له. ثم مسح على يده وانصرف». وأخرج الطيالسي وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن آمن بي ولم يراني سبع مرات». وأخرج أحمد وابن حبان عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن رجلاً قال: يارسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك. قال: طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني». وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد عن نافع قال: جاء رجل إلى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعينكم هذه؟ قال: نعم قال: طوبى لكم. فقال ابن عمر: ألا أخبرك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى. قال: سمعته يقول: «قال طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني ثلاث مرات». وأخرج أحمد وأبو يعلي والطبراني عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات». وأخرج الحاكم عن أبي هريرة مرفوعاً: «أن ناساً من أمتي يأتون بعدي، يودّ أحدهم لو اشترى رؤيتي بأهله وماله». وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن إسحاق عن ابن عباس في قوله: {ويقيمون الصلاة} قال: الصلوات الخمس {ومما رزقناهم ينفقون} قال: زكاة أموالهم. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ويقيمون الصلاة} قال: يقيمونها بفروضها {ومما رزقناهم ينفقون} قال: يؤدّون الزكاة احتساباً لها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: إقامة الصلاة إتمام الركوع، والسجود، والتلاوة، والخشوع، والإِقبال، عليها فيها. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {يقيمون الصلاة} قال: إقامة الصلاة المحافظة على مواقيتها، ووضوئها، وركوعها، وسجودها {ومما رزقناهم ينفقون} قال: انفقوا في فرائض الله التي افترض الله عليهم، في طاعته وسبيله. وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله: {ومما رزقناهم ينفقون} قال: إنما يعني الزكاة خصة، دون سائر النفقات. لا يذكر الصلاة إلا ذكر معها الزكاة، فإذا لم يسم الزكاة قال في أثر ذكر الصلاة {ومما رزقناهم ينفقون}. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله: {ومما رزقناهم ينفقون} قال: هي نفقة الرجل على أهله. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {ومما رزقناهم ينفقون} قال: كانت النفقات قرباناً يتقربون بها إلى الله على قدر ميسورهم وجهدهم، حتى نزلت فرائض الصدقات في سورة براءة. هن الناسخات المبينات.

{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)} أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} أي يصدقونك بما جئت به من الله، وما جاء به من قبلك من المرسلين، لا يفرقون بينهم ولا يجحدون ما جاؤوهم به من ربهم {وبالآخرة هم يوقنون} أي بالبعث، والقيامة، والجنة، والنار، والحساب، والميزان، أي لا هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما كان قبلك ويكفرون بما جاءك من ربك. واخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك} قال: هو الفرقان الذي فرق الله به بين الحق والباطل {وما أنزل من قبلك} أي الكتب التي قد خلت قبله {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} قال: استحقوا الهدى والفلاح بحق، فأحقه الله لهم، وهذا نعت أهل الإِيمان، ثم نعت المشركين فقال: {إن الذين كفروا سواء عليهم} [ البقرة: 6] الآيتين. وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند والحاكم والبيهقي في الدعوات عن أبيّ بن كعب قال: «كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء اعرابي فقال: يا نبي الله إن لي أخاً وبه وجع قال: وما وجعه؟ قال: به لمم قال: فائتني به. فوضعه بين يديه فعوّذه النبي صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب، وأربع آيات من أوّل سورة البقرة، وهاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد} [ البقرة: 163] وآية الكرسي، وثلاث آيات من آخر سورة البقرة، وآية من آل عمران {شهد الله أنه لا إله إلا هو} [ آل عمران: 18] وآية من الأعراف {إن ربكم الله} [ الآعراف: 54] وآخر سورة المؤمنين {فتعالى الله الملك الحق} [ المؤمنون: 116] وآية من سورة الجن {وأنه تعالى جدُّ ربنا} [ الجن: 3] وعشر آيات من أوّل الصافات، وثلاث آيات من آخر سورة الحشر، و {قل هو الله أحد} و(المعوّذتين) فقام الرجل كأنه لم يشك قط». وأخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل عن أبيه. مثله سواء. وأخرج الدارمي وابن الضريس عن ابن مسعود قال: من قرأ أربع آيات من أول سورة البقرة، وآية الكرسي، وآيتين بعد آية الكرسي، وثلاثاً من آخر سورة البقرة، لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان، ولا شيء يكرهه في أهله ولا ماله، ولا يقرأن على مجنون إلاَّ أفاق. وأخرج الدارمي وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود قال: من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة حتى يصبح. أربع من أولها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث خواتيمها. أولها {لله ما في السماوات} [ البقرة: 284]. وأخرج سعيد بن منصور والدارمي والبيهقي في شعب الإِيمان عن المغيرة بن سبيع وكان من أصحاب عبد الله قال: من قرأ عشر آيات من البقرة عند منامه لم ينس القرآن. أربع آيات من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث من آخرها. وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة، وعند رجليه بخاتمة سورة البقرة، في قبره». وأخرج الطبراني في الكبير عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج قال: قال لي أبي: يا بني إذا وضعتني في لحدي فقل: بسم الله، وعلى ملة رسول الله. ثم سن علي التراب سناً، ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها. فأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. وأخرج ابن النجار في تاريخه من طريق محمد بن علي المطلبي عن خطاب بن سنان عن قيس بن الربيع عن ثابت بن ميمون عن محمد بن سيرين قال: نزلنا يسيري فأتانا أهل ذلك المنزل فقالوا: ارحلوا فانه لم ينزل عندنا هذا المنزل أحد إلا اتخذ متاعه فرحل أصحابي وتخلفت للحديث الذي حدثني ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ في ليلة ثلاثاً وثلاثين آية لم يضره في تلك الليلة سبع ضار، ولا لص طار، وعوفي في نفسه، وأهله، وماله حتى يصبح». فلما أمسينا لم أنم حتى رأيتهم قد جاءوا أكثر من ثلاثين مرة، مخترطين سيوفهم فما يصلون إلي، فلما أصبحت رحلت فلقيني شيخ منهم فقال: يا هذا إنسي أم جني؟ قلت: بل إنسي! قال: فما بالك.. ! لقد أتيناك أكثر من سبعين مرة كل ذلك يحال بيننا وبينك بسور من حديد. فذكرت له الحديث، والثلاث وثلاثون آية، أربع آيات من أول البقرة إلى قوله: {المفلحون} وآية الكرسي، وآيتان بعدها إلى سورة قوله: {خالدون} [ البقرة: 257] والثلاث آيات من آخر البقرة {لله ما في السماوات وما في الأرض} [ البقرة: 284] إلى آخرها وثلاث آيات من الأعراف {إن ربكم الله} إلى قوله: {من المحسنين} [ الأعراف: 5457] وآخر بني إسرائيل {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} [ الإِسراء: 110] إلى آخرها، وعشر آيات من أوّل الصافات إلى قوله: {لازب} وآيتان من الرحمن {يا معشر الجن والإِنس} إلى قوله: {فلا تنتصران} [ الرحمن: 3334] ومن آخر الحشر {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل} [ الحشر: 21] إلى آخر السورة، وآيتان من {قل أوحي} إلى {وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة} إلى قوله: {شططاً} [ الجن: 14]. فذكرت هذا الحديث لشعيب بن حرب فقال لي: كنا نسميها آيات الحرب، ويقال: إن فيها شفاء من كل داء. فعدّ عليّ الجنون، والجذام، والبرص، وغير ذلك. قال محمد بن علي: فقرأتها على شيخ لنا قد فلج حتح أذهب الله عنه ذلك. وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود قال: من قرأ عشر آيات من سورة البقرة أوّل النهار لا يقربه شيطان حتى يمسي، وإن قرأها حين يمسي لم يقربه حتى يصبح، ولا يرى شيئاً يكرهه في أهله وماله، وإن قرأها على مجنون أفاق. أربع آيات من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث آيات من آخرها.

2:4