Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 1
الربع رقم 4
quran-border  ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون واذ اخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما اتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين واذ قال موسى لقومه ان الله يامركم ان تذبحوا بقرة قالوا اتتخذنا هزوا قال اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال انه يقول انها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال انه يقول انها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين
Page Number

1

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} {آمَنُواْ} {والنصارى} {والصابئين} {آمَنَ} {صَالِحاً} (62)- (هذِهِ الآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بالآية 95 مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ) يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى، أَنَّ أَهْلَ المِلَلِ السَّابِقَةِ لا يُضَيِّعُ اللهُ إِيمَانَهُمْ، وَلا يَبْخَسُهُمْ ثَوابَ أَعْمَالِهِم الصَّالِحَةِ، وَيَسْتَ/ِرُّ ذّلِكَ جَائِزاً حَتَّى ظُهُورِ النَّبِيِّ الذِي يَلي نَبِيَّهُمْ. فَاليَهُودُ الذِينَ آمَنُوا بِمُوسَى وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، لا يُبْخَسُونَ ثَوَابَ أَعْمَالِهِم الخَيِّرَةِ حَتَّى بُعِثَ عِيسَى، عَلِيهِ السَّلامُ. والنَّصَارَى الذِينَ أَحْسَنُوا العَمَلَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ حَتَّى جَاءَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. فَالمَفْرُوضُ أَنْ يُؤْمِنَ أَتْبَاعُ الدِّينِ السَّابِقِ بِالنَّبِيِّ الجَدِيدِ (الذِينَ عَاصَرُوهُ وَالذِينَ جَاؤُوا بَعْدَهُ). الصَّابِئُونَ- أُناسٌ يَعْبُدُونَ الكَواكِبَ. وقِيلَ إْنَّ اللَّفْظَةَ تُطْلَقُ أيضاً عَلَى مَنْ يُقَدِّسُونَ المَلائِكَةَ.

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63)} {مِيثَاقَكُمْ} {ءاتيناكم} (63)- يُذَكِّر اللهُ تَعَالَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا أَخَذَهُ عَلَى أَسْلافِهِمْ مِنَ العُهُودِ وَالمَواثِيقِ بِأَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَبِأَنْ يَتَّبِعُوا رُسُلَهُ. وَأَخْبَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ عَلَى أَسْلاًفِهِم المِيثَاقَ رَفَعَ جَبَلَ الطُّورِ فَوْقَهُمْ تَرعِيباً لَهُمْ وَتَهْدِيداً، لِيُقِرُّوا بِمَا عُوهِدُوا عَلَيهِ، وَلِيأْخُذُوا بِهِ بِقُوَّةٍ وَحَزْمِ وَامْتِثَالٍ، كَمَا أَمَرَ اللهُ. وَقالَ لَهُمْ: اذْكُرُوا مَا فِي التَّورَاةِ مِنْ أَحْكَامٍ وَتَعَالِيمَ وَحَثَّ عَلَى الإِيمَانِ بِاللهِ. ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِتَدَارُسِهَا وَالعَمَلِ بِهِا، لَعَلَّهُمْ يَكُونُونَ مِنَ المُتَّقِينَ. مِيثَاقَكُمْ- العَهْدَ عَلَيْكُمْ بِالعَمَلِ بِمَا فِي التَّورَاةِ.

{ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64)} {الخاسرين} (64)- وَيُقَرِّعُهُمُ اللهً، جَلَّ شَأْنُهُ، عَلَى كُفْرِهِمْ، وَيَقُولُ لَهُمْ: إِ، هُم تَوَلَّوْا عَنْ طَاعَةِ اللهِ، وَنَقَضُوا العَهْدَ وَالمِيثَاقَ، رَغْمَ جَمِيعِ مَا رَأَوْهُ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَمُعْجِزَاتِهِ، وَرَغْمَ مَا أَخَذَهُ اللهُ عَلَيهِمْ مِنْ مِيثَاقٍ عَظِيمٍ، فَلَوْلا لُطْفُ اللهِ بِهِمْ، وَإِمْهَالُهُ إِيَّاهُمْ، وَتَوْبَتُهُ عَلَيْهِمْ، وإِرْسَالُهُ النَّبِيِّينَ والمُرْسَلِينَ إِلَيهِمْ، لَكَانُوا مِنَ الخَاسِرِينَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةٍ، بِسَبَبِ نَقْضِهِمْ ذلِكَ المِيثَاقَ، وَانْهِمَاكِهِمْ فِي المَعَاصِي. الخُسْرَانُ- هُوَ ضِيَاعُ رَأْسِ المَالِ كُلاً أَوْ بَعْضاً. التَّوَلِّي- الرُّجُوعُ إِلى الوَرَاءِ.

{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65)} {خَاسِئِينَ} (65)- ويُذَكِّرهُمُ اللهُ بِمَا عَلِمُوهُ مِن، أَمْرِ أَهْلِ القَرْيَةِ التِي كَانَتْ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ. وَكَانَ اللهُ تَعَالَى قَدْ أَخَذَ عَلَيهِم المِيثَاقَ بِتَعْظِيمِ حُرْمَةِ يَومِ السَّبْتِ، والقِيَامِ فِيهِ بِعِبَادَةِ اللهِ وَأَمْرِهِ، فَخَرَقُوا حُرْمَةَ السَّبْتِ بِاحْتِيالِهِمْ عَلَى صَيْدِ الحِيتَانِ، إِذْ كَانُوا يَنْصُبُونَ لَهَا الشِّبَاكَ والحَبَائِلَ قَبْلَ دُخُولِ السَّبْتِ، وَفي ظَنِّهِمْ أَنَّ، مِثْلَ هذَا التَّحَايلِ يُمْكِنُ أَنْ يَجُوزَ عَلَى اللهِ فَمَسَخَهُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ عِقَاباً عَلَى كُفْرِهِمْ بِاللهِ. وَتَجَاوُزِهِمْ حُدُودَ مَا أَمَرَ. وَقَالَ بَعْضُ المُفَسِّرينَ إِنَّ اللهَ لَمْ يَمْسَخْ صُورَهُمْ، وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ حَقِيقَةً، وَإِنِّمَا مَسَخَ قُلُوبَهُمْ فَجَعَلَهَا كَقُلُوبِ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرِ فِي شَهَوَاتِهَا بَعِيدِينَ عَنِ الفَضَائِلِ الإِنْسَانِيَّةِ يَأْتُونَ المُنْكَرَاتِ جِهَاراً وَعِياناً بِبا حَيَاءٍ وَلا خَجَلٍ. وَيَرَى الإِمَامُ مُحَمَّدٌ عَبْدُه أَنَّ سُنَّةَ اللهِ في خَلْقِهِ لَمْ تَجْرِ بِمَسْخِ كُلِّ عَاصٍ، وَبِإْخْرَاجِهِ عَنْ نَوْعِ الإِنْسَانِ، وَالعِبْرَةُ الكُبْرَى تَكْمُنُ فِي العِلْمِ بِأَنَّ مَنْ يَفْسُقُ عَنْ أَمْرِ اللهِ، وَيَتَنَكَّبُ الصِّرَاطَ الذِي شَرَعَهُ، يَنْزِلُ بِهِ عَنْ مَرْتَبَةِ الإِنْسَانِ إِلَى مَرْتَبَةِ العَجْمَاوَاتِ.

{فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66)} {فَجَعَلْنَاهَا} {نَكَالاً} فَجَعَلَ اللهُ تَعَالَى هذِهِ العُقُوبَةَ نَكَالاً لَهُمْ، وَعِبْرَةً لِغَيرِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ المَقْصُودَ بِضَمِيرِ (فَجَعَلْنَاهَا) هُوَ القَرْيَةُ أَيْ فَجَعَلَ اللهُ العُقُوبَةَ التِي أَنْزَلَهَا بِهذِهِ القَرْيَةِ عِبْرَةً لِمَا حَوْلَهَا مِنَ القُرَى. وَكَانَتْ هذِهِ العُقُوبَةُ عِظَةً لِلْمُتَّقِينَ الذِينَ سَيَأْتُونَ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لِيَتَّقُوا نَقْمَةَ اللهِ، وَلْيَحْذَرُوا مِنْ أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ مِثْلُهَا، إِذا اعْتَدَوْا وَتَجَاوَزُوا حُدُودَ شَرْعِ اللهِ. نَكَالاً- أَيْ ينْكُلُ مَنْ يَعْلَمُ بِهَا وَيَمْتَنِعُ عَنْ إِتْيَانِ مِثْلِها.

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)} {الجاهلين} (67)- كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائيِلَ رَجُلٌ كَثِيرُ المَالِ وَلا وَلَدَ لَهُ، وَكَانَ وَارِثَهُ الَوحِيدَ ابْنُ أَخِيهِ، فَاسْتَعْجَلَ ابْنُ الأَخِ المِيرَاثَ. وَقَتَلَ عَمَّهُ، ثُمَّ حَمَلَهُ وَأَلْقَاهُ عَلَى بَابِ رَجُل مِنْهُمْ. وَادَّعَى عَلَى صَاحِبِ البَيْتِ أَنَّهُ قَاتِلُهُ، وَتَسَلَّحَ النَّاسُ، وَتَثَاوَرُوا حَتَّى كَادَ الشَّرُّ أَنْ يَقَعَ بَيْنَهُمْ. فَدَعَاهُمْ ذَوُو الرَّأْيِ فِيهِمْ أَنْ يَذْهَبُوا إِلى مُوسَى يَسْأَلُونَهُ الرَّأْيَ، فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً. فَقَالُوا لَهُ: أَتَسْخَرُ مِنَّا، وَتَتَّخِذُنا مَوْضِعاً لِلْهٌزْءِ وَالسُّخْرِيَةِ؟ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ الذِينَ يَسْخَرُونَ مِنَ النَّاسِ، أَوْ يَأْمُرُونَ بِشَيءٍ لا فَائِدَةَ مِنْهُ. الهُزْءُ- السُّخْرِيَةُ. عَاذَ- اعْتَصَمَ وَلاذَ. الجَهْلً- فِعْلُ مَا لا يَنْبَغِي.

{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68)} (68)- وَفِي هذِهِ الآيَةِ وَالآيَاتِ التَّالِيَاتِ يُبيِّنُ اللهُ سُبْحَانَهُ مَدَى تَعَنُّتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ لِرَسُولِهِمْ، فَضَيَّقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَضَيَّقَ اللهُ عَلَيْهِمْ. قَالُوا لَهُ: ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ هذِهِ البَقَرَةنُ، وَأيُّ شَيءٍ وَصْفُها؟ فَقَالَ لَهمْ مُوسَى، إِنَّ اللهَ يَقُولُ: إِنَّها بَقَرةٌ لا مُسِنَّةٌ هَرِمَةٌ انْقَطَعَتْ وِلادَتُها (فَارِضٌ)، وَلا صَغِيرَةٌ لَمْ يَلْحًقْها الفَحْلُ بَعْدُ، وَإِ، ما هِيَ نَصَفٌ بَيْنَ الكَبِيرَةِ والصَّغِيرَةِ (عَوانٌ)، فَهذِهِ تَكُونُ أَحْسَنَ الدَّوَاب وَأَقْوَاهَا، فَاذْبَحُوها وَافْعَلُوا مَا أَمَرَكُمُ اللهُ. الفَارِضُ- المُسِنَّةُ التِي انْقَطَعَتْ وِلادَتُها. البِكْرُ- الصَّغِيرَةُ التِي لَمْ تَحْمِلْ بَعْدُ. العَوَانُ- النَّصَفُ أَيْ لَيْسَتْ بِالصَّغِيرَةٍ وَلا الكَبِيرَةِ.

{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)} {الناظرين} (69)- فَأَلَحُّوا فِي السُّؤالِ، وَطََلَبُوا أَنْ يُبَيِّنَ اللهُ لَهُمْ لَوْنَهَا، فَرَدَّ اللهُ عَلَيهِمْ قَائِلاً: إِنَّها بَقَرةُ صَفْراءُ صَافِيَةُ اللَّونِ، تُعْجِبُ النَّاظِرِينَ إِلَيهَا، وَتَسُرُّهُمْ بِحُسْنِ مَنْظَرِهَا. فَاقِعٌ لَوْنُها- لَوْنُهَا صَافٍ أَوْ شَدِيدُ الصُّفْرَةِ.