Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 2
الربع رقم 2
quran-border  قل ان كانت لكم الدار الاخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين ولن يتمنوه ابدا بما قدمت ايديهم والله عليم بالظالمين ولتجدنهم احرص الناس على حياة ومن الذين اشركوا يود احدهم لو يعمر الف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب ان يعمر والله بصير بما يعملون قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فان الله عدو للكافرين ولقد انزلنا اليك ايات بينات وما يكفر بها الا الفاسقون اوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل اكثرهم لا يؤمنون ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كانهم لا يعلمون
Page Number

1

{قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94)} {صَادِقِينَ} (94)- قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: إِنْ كُنْتُمْ تَعْتَقِدُونَ صِدْقاً أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءَ اللهِ وَأَحبَّاؤُهُ مِنْ دُونِ النَّاس، وَأَنَّ النَّارَ لَنْ تَمسَّكُمْ إِلا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ، وأنَّ لَكُمُ الجَنَّةَ وَحْدَكُمْ وَمَنْ عَدَاكُمْ مِنَ الخَلْقِ فِي النَّارِ، فَتَمَنَّوُا المَوْتَ الذِي يُوصِلُكُمْ إِلى ذلِكَ النَّعِيمِ الخَالِصِ الدَّائِمِ الذِي لا يُنَازِعُكُمْ فِيهِ أَحَدٌ، وَاطْلُبُوا المَوْتَ مِنَ اللهِ. فَإِذَا لَمْ يَتَمَنَّوْهُ كَانُوا غَيْرَ صَادِقِينَ في إِيمَانِهِمْ. تَمَنَّوا المَوْتَ- اجْعلوا أَنْفُسكُمْ تَرْتَاحُ إِليهِ.

{وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95)} {بالظالمين} (95)- وَلَنْ يَتَمَنَّى هَؤُلاءِ الكَافِرُونَ بِكَ يا مُحَمَّدُ أنْ يَنْزِلَ بِهِم المَوتُ أبَداً، لأَنَّهُمْ مَا قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ، ومَا أسْلَفَتْ مِنْ سَيِّئِ الأعْمَالِ، فَهُمْ يَخَافُونَ عِقَابَ الله عَلَيها، وَاللهُ يَعْلَمُ أنَّهُمْ ظَالِمُونَ في قَوْلِهِمْ: إِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ خَالِصَةٌ لَهُم مِنْ دُونِ النَّاسِ.

{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)} (96)- وَلَتَجِدَنَّ يَا مُحَمَّدُ اليَهُودَ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى البَقَاءِ فِي الحَيَاةِ، حَتَّى لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ مِنَ المُشْرِكِينَ الذِينَ لا كِتَابَ لَهُمْ، وَلا يَعْتَقدُونَ بِوُجُودِ بَعْثٍ وَحَشْرٍ وَحِسْابٍ عَلَى الأعْمَالِ، وَلِذلِكَ حَصَرُوا هَمَّهُمْ في الحَيَاةِ الدُّنيَا أَمَّا اليَهُودُ فِإِنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالبَعْثِ وَالحِسَابِ، وَيَعْلَمُونَ مَا قَدَّمَتْ أَيْدِيْهِمْ مِنْ كُفْرٍ وَخُرُوجٍ عَنْ أَمْرِ اللهِ، وَقَتْلٍ لأَنْبِيَائِهِ، وَيَعْلَمُونَ مَا يَنْتَظِرُهُمْ فِي الآخِرَةِ مِنْ مَقْتِ اللهِ وَغَضَبِهِ وَشدِيدِ عَذَابِهِ، وَلِذلِكَ فَإِنَّهُمْ يَتَمَنَّونَ أنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ يَوْمِ القِيَامَةِ أمَدٌ بَعِيدٌ، وَأنْ يَعِيشُوا دَهْراً طَوِيلاً لِكَيْلا يَصِلُوا إلى العَذَابِ الذِي يَنْتَظِرُهُمْ في الآخِرَةِ. ويَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ قَائِلاً: وَلَوْ عَاشَ أحَدُهُمْ ألْفَ سَنَةٍ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُنْجِيهِ مِنَ العَذَابِ، مَا دَامَ مُقِيماً عَلَى كُفْرِهِ، وَمُصِراً عَلَى الإِتْيَانِ بِالأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ، وَاللهُ مُبْصِرٌ وَمُشَاهِدٌ مَا يَعْمَلُونَ. (رُويَ في سَبَبِ نُزُولِ هذِهِ الآيةِ: أنَّ اليُهُودَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَقَالُوا: إنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إلا مَنْ كَانَ يَهُودِيّاً. فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى المُبَاهَلَةِ، وَالدُّعَاءِ بِالمَوْتِ وَاللَّعْنَةِ على أكْذَبِ الطَّائِفَتَينِ مِنْهُمْ وَمِنَ المُسْلِمينَ. فَنَكَلَ اليَهُودُ عَنْ ذَلِكَ وَظَهَرَ كَذِبُهُمْ فِيمَا يَدَّعُونَ). وَرَوَى ابنُ عَبَّاس أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لليَهُودِ: «إَنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي مَقَالَتِكُم فَقُولُوا: اللَّهُمَّ أمِتْنَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَقُولُهَا رَجُلٌ مِنْكُمْ إِلا غُصَّ بِرِيقِهِ وَمَاتَ مَكَانَهُ» وَهَذَا تَحَدٍّ آخَرَ لِليَهُودِ قَائِمٌ فَوْقَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ.

{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97)} (97)- نَاظَرَ اليَهُودُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِ نُبُوَّتِهِ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا القَاسِمِ أَخْبِرْنَا عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ فَإِن أنْبَأَتَنَا بِهَا عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَاتّبَعْنَاكَ فَأَخَذَ النَّبِيُّ عَلَيهِمِ المِيثَاقَ إِذْ قَالَ: «وَاللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ». ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: هَاتُوا. فَسَألُوهُ أَسْئِلَةً أَرْبَعَةً أَجَابَهُمْ عَلَيْها، ثُمَّ قَالُوا لَهُ: لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلا وَلَهُ مَلَكٌ يَأتِيهِ بِالخَبَرِ، فَأخْبِرْنَا مَنْ صَاحِبُكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «صَاحِبِي جِبْرِيلُ عَلَيهِ السَّلامُ». قَالُوا جِبْرِيلُ ذَاكَ الذِي يَنْزِلُ بِالحَرْبِ وَالقِتَالِ وَالعَذَابِ عَدُوُّنَا، وَإِنَّهُ أنْذَرَ اليَهُودَ بِخَرَابِ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَكَانَ مَا أنْذَرَ بِهِ، لَوْ قُلْتَ: إنَّ صَاحِبَكَ مِيكَائِيلُ لاتَّبَعْنَاكَ، لأَنَّهُ المَلَكُ الذِي يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالغَيْثِ. فَأَنزَلَ اللهُ تَعَالَى هذِهِ الآيَةَ الكَرِيمَةَ. وَمَعْنَى الآيَةِ: إنَّ مَنْ عَادَى جِبْرِيلَ فَإنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الرُّوحُ الأمَينُ الذَي أنْزَلَ القُرآنَ عَلَى قَلبِكَ يَا مُحَمَّدُ، بأمْرِ اللهِ، مُصَدِّقاً لِمَا سَبَقَهُ مِنَ الكُتُبِ المَنَزَّلةِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَمِنْهَا التَّورَاةُ، وَهُوَ هُدًى لِلْمُؤْمِنينَ وَبُشْرَى لِقُلُوبِهِمْ بِالجَنَّةِ.

{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)} {وملائكته} {وَمِيكَالَ} {لِّلْكَافِرِينَ} (98)- أعْلَمَ اللهُ تَعَالَى اليَهُودَ بِأنَّ مَنْ عَادَى اللهَ بِالكُفْرِ بِهِ وَمُخَالَفةِ أوَامِرِهِ، أوْ عَادَى أحَداً مِنْ مَلائِكَتِهِ، أوْ أحَداً مِنْ رُسُلِهِ أوْ جِبْرِيلَ أوْ مِيكَائِيلَ، فَإنَّهُ يَكُونُ عَدُوّاً للهِ، لأنَّهُ يَكُونُ كَافِراً، وَاللهُ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ، وَمَنْ عَادَاهُ اللهُ خَسِرَ الدُّنيا وَالآخِرَةَ.

{وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99)} {آيَاتٍ} {بَيِّنَاتٍ} {الفاسقون} (99)- يَذْكُرُ اللهُ تَعَالَى لِنَبيِّهِ الكَرِيمِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ، جَلَّ شَأنُهُ، أَنْزَلَ إِليهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِهِ، وَتِلْكَ الآيَاتُ هِي مَا حَوَاهُ كِتَابُ اللهِ مِنْ خَفَايَا عُلُومِ اليَهُودِ، وَمَكْنُونَاتِ سَرَائِرِهِمْ وَأَخْبَارِهِمْ، وَمَا حَرَّفَهُ أَوَائِلُهُمْ وَأَوَاخِرُهُمْ، وَمَا بَدَّلُوهُ مِنَ الأَحْكَامِ التِي كَانَتْ فِي التَّورَاةِ، وَمَا يَكْفُرُ بِهذَهِ الآيَاتِ البَيِّنَاتِ، وَلا يَجْحَدُ بِهَا إلاّ الفَاسِقُونَ الخَارِجُونَ عَن الطَّاعَةِ، الذِينَ استَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى حَسَداً لِلنَّبِيِّ، وَعِنَاداً وَمُكَابَرَةً مِنْهُمْ. الفَاسِقُونَ- الخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ.

{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100)} {عَاهَدُواْ} (100)- وَكَانَ اليَهُودُ قَدْ قَالُوا حِينَمَا بَعَثَ اللهُ رَسُولَهَ مُحُمَّداً صلى الله عليه وسلم: وَاللهِ، مَا عَهدَ إلينَا في مُحَمَّدٍ، وَمَا أَخَذَ عَلَينَا مِيثَاقاً. فَأنْزَلَ اللهُ هذِهِ الآيةَ. (وَقَالَ مُفَسِرُونَ: إنَّ العُهودَ المَقْصُودَةَ هُنَا هِيَ عُهُودُهُمْ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي المَدِينة). وَمَعْنَى الآيَةِ: إِنَّ اليَهُودَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَقَضَهُ (نَبَذَهُ) فَرِيقٌ مِنْهُمْ، وَأَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَلا يُؤْمِنُونَ بِحُرْمَةِ العُهُودِ وَالمَوَاثِيقِ.

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)} {الكتاب} {كِتَابَ الله} (101)- فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِالقُرآنِ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ يُصَدِّقُ التَّورَاةَ التي بَيْنَ أيدِيهِمْ بِمَا فِيهِ مِنْ أصُولِ التَّوحيدِ، وَقَوَاعِدِ التَّشْرِيعِ، وَأخْبَارِ الأمَمِ الغَابِرَةِ، نَبََذَ فَرِيقٌ مِنَ اليَهُودِ التَّورَاةَ وَأَهْمَلُوهَا، وَكَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ بِمَا فِيها، مَعَ أنَّها حَوَتْ صِفَاتِ مُحَمَّدٍ، وَبَشَّرَتْ بِرِسَالَتِهِ، وَلَكِنَّهُمْ كَتَمُوا ذلِكَ وَجَحَدُوهُ، وَاليَهُودُ حِينَ كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ، وَبِالقُرْآنِ المُصَدِّقِ لِلتَّورَاةِ، يَكُونُونَ قَدْ نَبَذُوا التَّورَاةَ التِي جَاءَ فِيها: إنَّ اللهَ سَيَبْعَثُ رَسُولاً لِلنَّاسِ مِنْ وُلْدِ إسْمَاعِيلَ. نَبَذَ- طَرَحَ وَأَلْقَى. الفَرِيقُ- العَدَدُ القَلِيلُ.