Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 35
الربع رقم 4
quran-border  سورة انزلناها وفرضناها وانزلنا فيها ايات بينات لعلكم تذكرون الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تاخذكم بهما رافة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين الزاني لا ينكح الا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها الا زان او مشرك وحرم ذلك على المؤمنين والذين يرمون المحصنات ثم لم ياتوا باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا واولئك هم الفاسقون الا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا فان الله غفور رحيم والذين يرمون ازواجهم ولم يكن لهم شهداء الا انفسهم فشهادة احدهم اربع شهادات بالله انه لمن الصادقين والخامسة ان لعنت الله عليه ان كان من الكاذبين ويدرا عنها العذاب ان تشهد اربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين والخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين ولولا فضل الله عليكم ورحمته وان الله تواب حكيم
Page Number

1

{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)} أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حارثة عن ابن عباس في قوله: {سورة أنزلناها وفرضناها} قال: بيناها. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وفرضناها} قال: وفسرناها، الأمر بالحلال والنهي عن الحرام. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة {وفرضناها} قال: فرض الله فيها فرائضه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، وحد حدوده، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قرأ {وفرضناها} خفيفة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جرير {وأنزلنا فيها آيات بينات} قال: الحلال والحرام والحدود.

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قال: في الحدِّ أن يقام عليهم ولا يعطل. أما أنه ليس بشدة الْجَلْدِ. أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال: في اقامة الحد. وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال: في تعطيل الحد. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عمران بن حدير قال: قلت لأبي مجلز {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قال: انا لنرجم الرجل أو يجلد أو يقطع قال: ليس كذاك، إنما هو إذا رفع للسلطان فليس له أن يدعهم رحمة لهم حتى يقيم عليهم الحد. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال: الجلد الشديد. وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم وعامر {ولا تأخذكم بهما رأفة} قالا: شدة الجلد في الزنا، ويعطى كل عضو منه حقه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن شعبة قال: قلت لحماد: الزاني يضرب ضرباً شديداً؟ قال: نعم ويخلع عنه ثيابه قال الله: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قلت له: إنما ذلك في الحكم قال: في الحكم والجلد. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عمرو بن شعيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد قضى الله ورسوله إن شهد أربعة على بكرين جلدا كما قال الله مائة جلدة، وغربا سنة غير الأرض التي كان بها، وتغريبهما سنتي». وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عمر؛ أن جارية لابن عمر زنت، فضرب رجليها وظهرها فقلت: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} فقال: إن الله لم يأمرني أن أقتلها، ولا أن أجلد رأسها، وقد أوجعت حيث ضربت. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي برزة الاسلمي، أنه أتي بأمة لبعض أهله قد زنت وعنده نفر نحو عشرة، فأمر بها فاجلست في ناحية، ثم أمر بثوب فطرح عليها، ثم أعطى السوط رجلاً فقال: اجلد خمسين جلدة ليس باليسير ولا بالخضفة، فقام فجلدها وجعل يفرق عليها الضرب، ثم قرأ {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال: الطائفة الرجل فما فوقه. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال: الطائفة عشرة. وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال: الطائفة واحد إلى الألف. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: أمر الله أن يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين، ليكون ذلك عبرة وموعظة ونكالاً لهم. وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال: ليحضر رجلان فصاعداً. وأخرج ابن جرير عن الزهري قال: الطائفة الثلاثة فصاعداً. وأخرج عن ابن زيد في الآية قال: الطائفة أربعة. وأخرج ابن أبي حاتم عن نصر بن علقمة في قوله: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال: ليس ذلك للفضيحة، إنما ذاك ليدعو الله لهما بالتوبة والرحمة. وأخرج ابن أبي شيبة عن الشيباني قال: قلت لابن أبي أوفى رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قلت: بعدما أنزلت سورة النور أو قبلها؟ قال: لا أدري.

{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)} أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو داود في ناسخه والبيهقي في سننه والضياء المقدسي في المختارة من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال: ليس هذا بالنكاح ولكن الجماع، لا يزني بها حين يزني إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين، يعني الزنا. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: لما قدم المهاجرون المدينة قدموها وهم بجهد إلا قليل منهم، والمدينة غالية السعر، شديدة الجهد، وفي السوق زوان متعالنات من أهل الكتاب، وأما الأنصار منهن أمية وليدة عبد الله بن أبي، ونسيكة بنت أمية لرجل من الأنصار، في بغايا من ولائد الأنصار قد رفعت كل إمرأة منهن علامة على بابها ليعرف أنها زانية، وكن من أخصب أهل المدينة وأكثره خيراً، فرغب أناس من مهاجري المسلمين فيما يكتسبن للذي هم فيه من الجهد، فاشار بعضهم على بعض لو تزوّجنا بعض هؤلاء الزواني فنصيب من فضول أطعامهنَّ فقال بعضهم: نستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوه فقالوا: يا رسول الله قد شق علينا الجهد ولا نجد ما نأكل، وفي السوق بغايا نساء أهل الكتاب وولائدهن وولائد الأنصار يكتسبن لأنفسهن فيصلح لنا أن نتزوّج منهن، فنصيب من فضول ما يكتسبن، فإذا وجدنا عنهن غنى تركناهن؟ فأنزل الله: {الزاني لا ينكح} فحرم على المؤمنين أن يتزوّجوا الزواني المسافحات العالنات زناهن. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية او مشركة} قال: كن نساء في الجاهلية بغيات، فكانت منهن امرأة جميلة تدعى أم مهزول، فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوّج إحداهن فتنفق عليه من كسبها، فنهى الله أن يتزوّجهن أحد من المسلمين. وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن يسار في قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال: كن نساء في الجاهلية بغيات، فنهى الله المسلمين عن نكاحهن. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء قال: كانت بغايا في الجاهلية بغايا آل فلان وبغايا آل فلان فقال الله: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} فأحكم الله ذلك من أمر الجاهلية بالإسلام. قيل له: أعن ابن عباس؟ قال: نعم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال: رجال كانوا يريدون الزنا بنساء زَوانٍ بغايا متعالنات كن كذلك في الجاهلية. قيل لهم هذا حرام، فأرادوا نكاحهن، فحرم الله عليهم نكاحهن. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: كان في بدء الإِسلام قوم يزنون قالوا: أفلا نتزوّج النساء التي كنا نفجر بهن؟ فأنزل الله: {الزاني لا ينكح إلا زانية...}. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الضحاك {الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} قال: إنما عني بذلك الزنا ولم يعن به التزويج. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال: لا يزني حين يزني إلا بزانية مثله أو مشركة. وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في هذه الآية قال: الزاني من أهل القبلة لا يزني إلا بزانية مثله من أهل القبلة، أو مشركة من غير أهل القبلة، والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا بزان مثلها من أهل القبلة، أو مشرك من غير أهل القبلة، وحرم الزنا على المؤمنين. وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال: لما حرم الله الزنا فكان زوان عندهن جمال ومال فقال الناس حين حُرِّم الزنا: لتُطَلَّقْنَ فلنتزوّجهن. فأنزل الله في ذلك {الزاني لا ينكح إلا زانية...}. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والنسائي والحاكم وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه وأبو داود في ناسخه عن عبد الله بن عمر قال: كانت امرأة يقال لها أم مهزول، وكانت تسافح الرجل وتشرط أن تنفق عليه، فأراد رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوّجها، فأنزل الله: {الزاني لا ينكحها إلا زان أو مشرك}. وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رجل يقال له مرثد يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، وكانت امرأة بمكة يقال لها عناق، وكانت صديقة له، وأنه وجد رجلاً من أسارى مكة يحمله قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة فجاءت عناق، فأبصرت سواد ظل تحت الحائط، فلما انتهت إليّ عرفتني فقالت: مرثد. ! فقلت: مرثد. فقالت: مرحباً وأهلاً هلم فَبِتْ عندنا الليلة قلت: يا عناق حرّم الله الزنا قالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم قال: فتبعني ثمانية وسلكت الخندمة فانتهيت إلى غار أو كهف فدخلت، فجاؤوا حتى قاموا على رأسي فبالوا، وظل بولهم على رأسي ونحاهم الله أنكح عني، ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أنكح عناقاًً؟ فأمسك فلم يرد عليّ شيئاً حتى نزلت {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} فلا تنكحها. وأخرج ابن أبي جرير عن عبد الله بن عمر في قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال: كان نساء معلومات، فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوج المرأة منهن لتنفق عليه، فنهاهم الله عن ذلك. وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه وابن جرير والبيهقي عن ابن عباس. أنها نزلت في بغايا معلنات كن في الجاهلية، وكن زوان مشركات، فحرم الله نكاحهن على المؤمنين. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق سعيد مولى ابن عباس قال: كنت مع ابن عباس فأتاه رجل فقال: إني كنت أتبع امرأة فأصبت منها ما حرّم الله عليّ، وقد رزقني الله منها توبة، فأردت أن أتزوّجها فقال الناس {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} فقال ابن عباس: ليس هذا موضع هذه الآية، إنما كن نساء بغايا متعالنات، يجعلن على أبوابهن رايات، يأتيهن الناس يعرفن بذلك، فأنزل الله هذه الآية. تزوجها فما كان فيها من اثم فعلي. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد بن جبير قال: كن نساء بغايا في الجاهلية كان الرجل ينكح المرأة في الإسلام فيصيب منها، فحرم ذلك في الإسلام، فأنزل الله: {الزانية لا ينكحها إلا زان....}. وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن عدي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينكح الزاني المحدود إلا مثله». وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الحسن {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال: المحدود لا يتزوج إلا محدودة مثله. وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وابن المنذر عن علي أن رجلاً تزوج امرأة ثم إنه زنى فأقيم عليه الحد، فجاؤوا به إلى علي ففرق بينه وبين زوجته وقال له: لا تتزوّج إلا مجلودة مثلك. وأخرج أحمد والنسائي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث». وأخرج ابن ماجة عن أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أراد أن يلقى الله طاهراً مطهراً فليتزوّج الحرائر». وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وأبو عبيد معاً في التاريخ وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد بن المسيب في هذه الآية {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال: يرون أن هذه الآية التي بعدها نسختها {وأنكحوا الأيامى منكم} فهن من أيامى المسلمين.

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم} يعني الحاكم إذا رفع إليهم جلدوا القاذف ثمانين جلدة {ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً} يعني بعد الجلد ما دام حياً {وأولئك هم الفاسقون} العاصون فيما قالوه من الكذب. وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر عن ابن عباس {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} ثم استثنى فقال: {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} فتاب الله عليهم من الفسوق، وأما الشهادة فلا تجوز. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {والذين يرمون المحصنات} إلى {رحيم} فأنزل الله الجلد والتوبة تقبل، والشهادة ترد. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لأبي بكرة: إن تبت قبلت شهادتك. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} قال: «توبتهم اكذابهم أنفسهم، فإن كذبوا أنفسهم قبلت شهادتهم». وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال: في سورة النور {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم} واستثنى من ذلك فقال: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} [ النور: 4] فإذا حلفا فرق بينهما وإن لم يحلفا أقيم الحد. الجلد أو الرجم. وأخرج ابن المنذر وابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً} ثم قال: {إلا الذين تابوا} قال: فمن تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله تقبل. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة بالزنا ونكل زياد، فحد عمر الثلاثة وقال لهم: توبوا تقبل شهادتكم، فتاب رجلان ولم يتب أبو بكرة فكان لا تقبل شهادته، وكان أبو بكرة أخا زياد لأمه، فلما كان من أمر زياد ما كان حلف أبو بكرة أن لا يكلمه أبداً، فلم يكلمه حتى مات. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء في الآية قال: إذا تاب القاذف، وأكذب نفسه، قبلت شهادته. وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي والزهري وطاوس ومسروق قالوا: إذا تاب القاذف قبلت شهادته. وتوبته أن يكذب نفسه. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب والحسن قالا: القاذف إذا تاب فتوبته فيما بينه وبين الله ولا تجوز شهادته. وأخرج عبد بن حميد عن مكحول في القاذف إذا تام لم تقبل شهادته. وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين قال: القاذف إذا تاب فإنما توبته فيما بينه وبين الله، فأما شهادته فلا تجوز أبداً. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: لا شهادة له. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: توبته فيما بينه وبين ربه من العذاب العظيم. ولا تقبل شهادته. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً} قال: كان الحسن يقول: لا تقبل شهادة القاذف أبداً. توبته فيما بينه وبين الله. وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال: كل صاحب حد تجوز شهادته إلا القاذف، فإن توبته فيما بينه وبين ربه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم قال: لا تقبل للقاذف شهادة؛ توبته بينه وبين ربه. وأخرج عبد بن حميد عن عيسى بن عاصم قال: كان أبو بكرة إذا جاءه رجل يشهده قال: أشهد غيري فإن المسلمين قد فسقوني. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب قال: شهدت عمر بن الخطاب حين جلد قذفة المغيرة بن شعبة منهم أبو بكرة، وماتع، وشبل، ثم دعا أبا بكرة فقال: إن تكذب نفسك تجز شهادتك فأبى أن يكذب نفسه. ولم يكن عمر يجيز شهادتهما حتى هلكا، فذلك قوله: {إلا الذين تابوا} وتوبتهم اكذابهم أنفسهم. وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن شعيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قضى الله ورسوله أن لا تقبل شهادة ثلاثة، ولا اثنين، ولا واحد على الزنا، ويجلدون ثمانين ثمانين، ولا تقبل لهم شهادة أبداً حتى يتبين للمسلمين منهم توبة نصوح وإصلاح». وأخرج عبد بن حميدعن جعفر بن يرقان قال: سألت ميمون بن مهران عن هذه الآية {والذين يرمون المحصنات} إلى قوله: {إلا الذين تابوا} فجعل الله فيها توبته. وقال في آية أخرى {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعِنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} فقال: أما الأولى، فعسى أن تكون قارفت، وأما الأخرى فهي التي لم تقارف شيئاً من ذلك. وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: لما كان زمن العهد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة، جعلت المرأة تخرج من أهل مكة إلى رسول صلى الله عليه وسلم مهاجرة في طلب الإِسلام فقال المشركون: إنما انطلقت في طلب الرجال، فأنزل الله: {والذين يرمون المحصنات...} إلى آخر الآية. وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال: الزنا أشد من القذف، والقذف أشد من الشرب. وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال: جلد الزاني أشد من جلد الفرية والخمر، وجلد الفرية والخمر فوق الحد والله تعالى أعلم.

24:4

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)} أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عاصم بن عدي قال: لما نزلت {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} قلت: يا رسول الله إلى أن يأتي الرجل بأربعة شهداء قد خرج الرجل؟ فلم ألبث إلا أياماً فإذا ابن عم لي معه امرأته ومعها ابن وهي تقول: منك. وهو يقول: ليس مني. فنزلت آية اللعان قال عاصم: فأنا أول من تكلم وأول من ابتلى به. وأخرج أحمد وعبد الرزاق والطيالسي وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما نزلت {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء..} الآية قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟ فقالوا: يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور. والله ما تزوّج امرأة قط إلا بكراً، وما طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته فقال سعد: يا رسول الله إني لأعلم أنها حق وأنها من الله، ولكني تعجبت إني لو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء- فوالله- لا آتي بهم حتى يقضي حاجته قال: فما لبثوا إلا يسيراً حتى جاء هلال بن أمية؛ وهو أحد الثلاثة الذي تيب عليهم، فجاء من أرضه عشاء فدخل على امرأته فوجد عندها رجلاً، فرأى بعينه، وسمع بأذنيه، فلم يهجه حتى أصبح، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني جئت أهلي عشاء، فوجدت عندها رجلاً، فرأيت بعيني، وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد به، واجتمعت الأنصار فقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الآن. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية وأبطل شهادته في المسلمين فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجاً فقال: يا رسول الله إني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به والله يعلم إني لصادق، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه إذ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، وكان إذا أنزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده، فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزلت {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم} فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فقال: ابشر يا هلال قد جعل الله لك فرجاً ومخرجاً فقال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما، وذكرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا فقال هلال: والله يا رسول الله لقد صدقت عليها فقالت: كذب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاعنوا بينهما فقيل لهلال اشهد. فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة قيل لهلال: فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فقال: والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها. فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين. ثم قيل لها اشهدي. فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين. فلما كانت في الخامسة قيل لها: اتقي الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعة فقالت: والله لا أفضح قومي، فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها أن كان من الصادقين. ففرق رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى أنه لا يدعى لأب، ولا يرمى ولدها من أجل الشهادات الخمس، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ليس لها قوت، ولا سكنى، ولا عدة، من أجل أنهما تفرقا من غير طلاق، ولا متوفى عنها». وأخرج البخاري والترمذي وابن ماجة عن ابن عباس: «أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: البينة، أو حدٌّ في ظهرك. فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة! فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وإلاَّ حَدٌّ في ظهرك. فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الحد، فنزل جبريل فأنزل الله عليه {والذين يرمون أزواجهم} حتى بلغ {إن كان من الصادقين} فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهما فجاء هلال يشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا: إنها موجبة. فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الاليتين، خدلج الساقين، فهو لشريك بن سحماء. فجاءت به كذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن». وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرمى امرأته برجل. فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يردده حتى أنزل الله: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} حتى فرغ من الآيتين فأرسل إليهما فدعاهما فقال: إن الله قد أنزل فيكما.. فدعا الرجل فقرأ عليه. فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، ثم أمر به فأمسك على فيه، فوعظه فقال له: كل شيء أهون عليك من لعنة الله. ثم أرسله فقال: لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين، ثم دعا بها فقرأ عليها. فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين، ثم أمر بها فأمسك على فيها، فوعظها وقال: ويحك! كل شيء أهون عليك من غضب الله، ثم أرسلت فقالت: غضب الله عليها إن كان من الصادقين». وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي زنت. وسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه منكس في الأرض ثم رفع رأسه فقال: قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فائت بها. فجاءت فقال: قم فاشهد أربع شهادات، فقام فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين. فقال له: ويلك أو ويحك! إنها موجبة. فشهد الخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين. ثم قامت امرأته فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين. ثم قال ويلك أو ويحك! إنها موجبة. فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها ان كان من الصادقين. ثم قال له: اذهب فلا سبيل لك عليها فقال: يا رسول الله مالي..؟ قال: لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها». وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال: «سألت عن المتلاعنين أيفرق بينهما؟ فقال: سبحان الله! نعم.. إن أول من سأل عن ذلك فلان ابن فلان قال: يا رسول الله أرأيت الرجل يرى امرأته على فاحشة فإن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك؟ فسكت فلم يجبه فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله هذه الآية في سورة النور {والذين يرمون أزواجهم} حتى بلغ {أَن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} فبدأ بالرجل فوعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال: والذي بعثك بالحق ما كذبتك. ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذكرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقالت: والذي بعثك بالحق أنه لكاذب. فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين. ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها ان كان من الصادقين». وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عمر قال: كنا جلوساً عشية الجمعة في المسجد فجاء رجل من الأنصار فقال: أحدنا إذا رأى مع امرأته رجلاً فقتله قتلتموه، وان تكلم جلدتموه، وإن سكت سكت على غيظ، والله لئن أصبحت صالحاً لأسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسأله فقال: يا رسول الله أحدنا إذا رأى مع امرأته رجلاً فقتله قتلتموه وإن تكلم جلدتموه، وإن سكت سكت على غيظ. اللهم احكم. فنزلت آية اللعان فكان ذلك الرجل أول من ابتلى به. وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن منذر والطبراني عن سهل بن سعد قال: «جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فقتله أيقتل به؟ أم كيف يصنع؟ فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل فلقيه عويمر فقال: ما صنعت؟ فقال: إنك لم تأتني بخير، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب المسائل فقال: والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأسألنه، فأتاه فوجده قد أنزل عليه.. فدعا بهما، فلاعن بينهما قال عويمر: أن انطلق بها يا رسول الله لقد كذبت عليها، ففارقها قبل أن يخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فصارت سنة المتلاعنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبصروها فإن جاءت به أسحم أدعج العينين، عظيم الاليتين، فلا أراه إلا قد صدق. وإن جاءت به أحمر كأنه وحرة، فلا أراه إلا كاذباً. فجاءت به على النعت المكروه». واخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أنس قال: «لأوّل لعان كان في الإِسلام أن شريك بن سحماء رماه هلال بن أمية بامرأته، فرفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة شهود، وإلا فحد في ظهرك. فقال: يا رسول الله إن الله ليعلم أني لصادق، ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الجلد. فأنزل الله آية اللعان {والذين يرمون أزواجهم..} إلى آخر الآية فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا. فشهد بذلك أربع شهادات بالله، ثم قال له في الخامسة: لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا. ففعل. ثم دعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قومي فاشهدي بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماك به من الزنا. فشهدت بذلك أربع شهادات، ثم قال لها في الخامسة وغضب الله عليك ان كان من الصادقين فيما رماك به من الزنا. قال: فلما كان في الرابعة أو الخامسة سكتت سكته حتى ظنوا أنها ستعترف. ثم قالت لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت على القول، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقال: انظروا فإن جاءت به جعداً أخمش الساقين، فهو لشريك بن سحماء، وإن جاءت به أبيض سبطاً، قصير العينين، فهو لهلال بن أمية، فجاءت به آدم جعداً أخمش الساقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا ما نزل فيهما من كتاب الله لكان لي ولها شأن». وأخرج النسائي وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن رجلاً من الأنصار من بني زريق قذف امرأته، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فرد ذلك عليه أربع مرات. فأنزل الله آية الملاعنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين السائل قد نزل من الله أمر عظيم؟ فأبى الرجل إلا أن يلاعنها، وأبت ألا تدرأ عن نفسها العذاب. فتلاعنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما تجيء به أصفر أخمش مفتول العظام فهو للملاعن، واما تجيء به أسود كالجمل الأورق فهو لغيره، فجاءت به أسود كالجمل الأورق، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله لعصبة أمه وقال: لولا الآيات التي مضت لكان فيه كذا وكذا». وأخرج البزار عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر «لو رأيت مع أم رومان رجلاً ما كنت فاعلاً به؟ قال: كنت- والله- فاعلاً به شراً قال: فأنت ياعمر؟ قال: كنت- والله- قاتله فنزلت {والذين يرمون أزواجهم...} قلت: رجال إسناده ثقات إلا أن البزار كان يحدث من حفظه فيخطىء. وقد أخرجه ابن مردويه والديلمي من هذا الطريق وزاد بعد قوله كنت قاتله قال: فأنت يا سهيل بن بيضاء قال: كنت أقول لعن الله الأبعد فهو خبيث، ولعن الله البُعْدَى فهي خبيثة، ولعن الله أوّل الثلاثة أخبر بهذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تأوّلت القرآن يا ابن بيضاء {والذين يرمون أزواجهم} وهذا أصح من قول البزار فنزلت». وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن زيد بن نفيع «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: أرأيت لو وجدت مع أهلك رجلاً كيف كنت صانعاً؟ قال: إذاً لقتلته. ثم قال لعمر.. فقال مثل ذلك. فتتابع القوم على قول أبي بكر وعمر. ثم قال لسهيل بن البيضاء.. قال: كنت أقول لعنك الله فأنت خبيثة، ولعنك الله فأنت خبيث، ولعن الله أول الثلاثة منا يخرج هذا الحديث. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تأوّلت القرآن يا ابن البيضاء لو قتله قتل به، ولو قذفه جلد، ولو قذفها لاعنها». وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {والذين يرمون أزواجهم} قال: هو الرجل يرمي زوجته بالزنا {ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} يعني ليس للرجل شهداء غيره ان امرأته قد زنت، فرفع ذلك إلى الحكام فشهادة أحدهم- يعني الزوج- يقوم بعد الصلاة في المسجد فيحلف أربع شهادات بالله ويقول: أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أن فلانة- يعني امرأته- زانية. والخامسة أن لعنة الله عليه- يعني على نفسه- ان كان من الكاذبين في قوله. ويدرأ يدفع الحكام عن المرأة العذاب- يعني الحد- أن تشهد أربع شهادات بالله أنه- يعني زوجها- لمن الكاذبين. فتقوم المرأة مقام زوجها فتقول أربع مرات أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أني لست بزانية، وإن زوجي لمن الكاذبين. والخامسة أن غضب الله عليها- يعني على نفسها- إن كان زوجها من الصادقين. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين} قال: فإن هي اعترفت رجمت، وإن هي أبت يدرأ عنها العذاب قال: عذاب الدنيا {أن تشهد أربع شهادات بالله إِنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين}. ثم يفرق بينهما وتعتد عدة المطلقة. وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب قال: لا يجتمع المتلاعنان أبداً. وأخرج عبد الرزاق عن علي وابن مسعود. مثله. وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي قال: اللعان أعظم من الرجم. وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال: وجبت اللعنة على أكذبهما. وأخرج البزار عن جابر قال: ما نزلت آية التلاعن إلا لكثرة السؤال. وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أبي هريرة قال: «لما نزلت هذه الآية قال سعد بن عبادة: إني لو رأيت أهلي ومعها رجل أنتظر حتى آتي بأربعة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. قال: والذي بعثك بالحق لو رأيته لعاجلته بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار اسمعوا ما يقول سيدكم ان سعداً لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني». وأخرج ابن ماجة وابن حبان والحاكم وابن مردويه عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة «أيما امرأة أدخلت على قوم ما ليس منهم فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته. وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين».

24:6

24:6

24:6

24:6