Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 7
الربع رقم 3
quran-border  وليمحص الله الذين امنوا ويمحق الكافرين ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ولقد كنتم تمنون الموت من قبل ان تلقوه فقد رايتموه وانتم تنظرون وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين وما كان لنفس ان تموت الا باذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الاخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين وكاين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين
Page Number

1

{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)} {آمَنُواْ} {الكافرين} (141)- وَيُدَاوِلُ اللهُ الأيَّامَ بَيْنَ النَّاسِ لِيَمِيزَ المُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، مِنَ المُنَافِقِينَ، وَلِتَطْهُرَ نُفُوسُ بَعْضِ ضُعَفَاءِ المُؤْمِنِينَ مِن كُدُورَتِهَا، فَتَصْفُوَ مِمَّا شَابَهَا وَخَالَطَهَا، وَلا يَكُونُ ذَلِكَ إلا بِالتَّجَارِبِ الكَثِيرَةِ، وَالامْتِحَانِ بِالشَّدَائِدِ، وَلِيَكُونَ الجِهَادُ وَالحَرْبُ فِي سَبيلِ اللهِ وَسِيلةً لِتَدْمِيرِ الكَافِرِينَ الذِينَ إذا ظَفِرُوا بَغَوا وَبَطِرُوا. التَّمْحِيصُ- التَّنْقِيَة مِنَ الشَّوَائِبِ. المَحْقُ- النُّقْصَانُ، وَأصْلُهُ المُحْوُ وَالإِبَادَةُ.

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)} {جَاهَدُواْ} {الصابرين} (142)- وَلا تَحْسَبُوا أَنَّكُمْ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَبِرَكُمُ اللهُ تَعَالَى وَيُمَحِّصَكُمْ فِي الشَّدَائِدِ وَالجِهَادِ لِيَرَى صِدْقَ إيمَانِكُمْ، وَيَرَى مَنْ يَسْتَجِيبُ للهِ، وَيُخْلِصُ فِي طَاعَتِهِ، وَقِتَالِ أَعْدَائِهِ، وَيَصْبِرُ عَلَى مَكَارِهِ الحُرُوبِ. جَاهَدَ- احْتَمَلَ المَشَقَّةَ فِي مُكَابَدَةِ الشَّدَائِدِ، وَيُقْصَدُ بِالجِهَادِ هُنَا الدِّفَاعُ عَنِ الدِّينِ وَأهْلِهِ.

{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} (143)- يُخَاطِبُ اللهُ تَعَالَى مَنْ شَهِدَ وَقْعَةِ أحُدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَمْ يَشْهَدُوا بَدْراً، وَكَانُوا يَتَحَرَّقُونَ شَوْقاً لِلْقِتَالِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيَكُونَ لَهُمْ يَومٌ كَيَوْمِ بَدْرٍ، وَقَدْ أَلَحُّوا عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي الخُرُوجِ إلَى أحُدٍ لِيُقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ. وَيَقُولُ تَعَالَى لِهَؤُلاءِ: لَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْنَ المَوْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ قَبْلَ أنْ تُلاقُوا القَوْمَ فِي مَيْدَانِ المَعْرَكَةِ، فَهَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْنَ فَمَا بَالُكُمْ دَهِشْتُمْ عِنْدَمَا وَقَعَ المَوْتُ فِيكُمْ؟ وَمَا بَالُكُمْ تَحْزَنُونَ وَتَضْعُفُونَ عَنْ لِقَاءِ مَا كُنْتُمْ تُحِبُّونَ وَتَتَمَنَّوْنَ؟

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)} {أَفإِنْ} {أَعْقَابِكُمْ} {الشاكرين} (144)- لَمَّا انْهَزَمَ المُسْلِمُونَ يَوْمَ أحُدٍ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ، أُشِيعَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قُتِلَ، فَحَصَلَ ضَعْفٌ فِي صُفُوفِ المُسْلِمِينَ، وَتَأَخُّرٌ عَنِ القِتَالِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيةَ، وَفِيهَا يُذَكِّرُ المُسْلِمِينَ بِأَنَّ مُحَمَّداً بَشَرٌ قَدْ سَبَقَتُهُ رُسُلٌ، مِنْهُمْ مَنْ مَاتَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ، ثُمَّ يُنْكِرُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ ضَعُفَ مِنْهُمْ، حِينَ سَمَاعِ إِشَاعَةِ قَتْلِ الرَّسُولِ، ضَعْفَهُ، فَقَالَ لَهُمْ: أَفَإِنْ مَاتَ مُحَمَّدٌ، أوْ قُتِلَ، تَرَاجَعْتُمْ وَنَكَصْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ؟ وَمَنْ يَتَرَاجَعُ وَيَنْكُصْ عَلَى عَقِبَيْهِ، فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيئاً، لأنَّ اللهَ غَنِيٌ عَنِ العَالَمِينَ، أمّا الذِينَ امْتَثَلُوا لأمْرِ اللهِ، وَقَاتَلُوا عَنْ دِينِهِ، وَاتَّبَعُوا رَسُولَهُ، فَهَؤُلاءِ هُمُ الشَّاكِرُونَ، وَسَيَجْزِيهِمْ رَبُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ. انْقَلَبَ عَلَى عَقِبَيْهِ- رَجَعَ إلَى الوَرَاءِ، وَنَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ.

{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)} {كِتَاباً} {الآخرة} {الشاكرين} (145)- لا يَمُوتُ أحَدٌ إلا بِقَدَرِ اللهِ، وَحَتَّى يَسْتَوْفِيَ المُدَّةَ التِي جَعَلَهَا اللهُ لَهُ أَجَلاً (كِتَاباً مُؤَجَّلاً)، فَلا يَتَقَدَّمُ عَنْهُ وَلا يَتَأَخَّرُ. وَإِذَا كَانَ مَحْيَا الإِنْسَانِ وَمَمَاتُهُ بِإِذْنِ اللهِ فَلا مَحَلَّ لِلْخَوْفِ وَالجُبْنِ، وَلا عُذْرَ فِي الوَهَنِ وَالضَّعْفِ. وَفِي هَذِهِ الآيَةِ تَشْجِيعٌ لِلْجُبَنَاءِ عَلَى القِتَالِ. فَإِنَّ الإِقدَامَ وَالإِحْجَامَ لا يُنْقِصَانِ مِنْ عُمْرِ الإِنْسَانِ، وَلا يَزِيْدَانِ فِيهِ. وَمَنْ كَانَ عَمَلُهُ لِلْدُّنيا فَقَطْ نَالَهُ مِنَها مَا قَدَّرَهُ اللهُ لَهُ مِنْ ثَوَابِها، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصْيبٌ. وَمَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ ثَوَابَ الآخِرَةِ أَعْطَاهُ اللهُ مِنْ ثَوَابِهَا، وَأَعْطَاهُ مَعَها مَا قَسَمَهُ لَهُ فِي الدُّنيا مِنْ نَصِيبٍ. وَاللهُ يَجْزِي الشَّاكِرِينَ الذِينَ يَعْرِفُونَ أنْعُمَ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَيَسْتَعْمِلُونَهَا فَي الأَعْمِالِ الصَّالِحَةِ. وَيُعْطِيهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ بِمِقْدَارِ شُكْرِهِمْ وَعَمَلِهِمْ. المُؤَجَّلُ- ذُو الأَجَلِ أوِ المُدَّةِ.

{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)} {وَكَأَيِّن} {قَاتَلَ} {الصابرين} (146)- فِي هَذِهِ الآيَةِ يُسَلِّي اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ عَمَّا وَقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ يَوْمَ أحُدٍ، فَقَالَ لَهُمْ: كَمْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ وَهُوَ يُقَاتِلُ، وَكَانَ مَعَه جَمَاعَاتٍ كَثِيرَةٌ (رِبِّيُّونَ) مِمَّنْ آمَنُوا بِهِ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ، فَمَا وَهِنُوا، وَمَا ضَعُفُوا بَعْدَ قَتْلِ النَّبِيِّ، وَمَا اسْتَكَانُوا، وَمَا اسَتَذَلُّوا لِمَا أصَابَهُمْ فِي الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَفِي سَبِيلِ إِعْلاءِ دِينِهِ، وَإِنَّمَا صَبَرُوا عَلَى قِتَالِ الأَعْدَاءِ، وَلَمْ يَهْرُبُوا مُوَلِّينَ الأَدْبَارَ، لأنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا فِي سَبِيلِ نَبِيِّهِمْ، فَعَلَيْكُمْ أيُّهَا المُسْلِمُونَ أنْ تَعْتَبِرُوا بِأولَئِكَ الرِّبِّيِّينَ، وَتَصْبِرُوا كَمَا صَبَرُوا فَإنَّ دِينَ اللهِ وَاحِدٌ، وَسُنَّتَهُ فِي خَلْقِهِ وَاحِدَةٌ. رِبِّيُّونَ- جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ. الوَهْنُ- ضَعْفٌ يَلْحَقُ النَّفْسَ. الضَّعْفُ- اخْتِلالُ قُوَّةِ الجِسْمِ. الاسْتِكَانَةُ- الخُضُوعُ لِلْخَصْمِ.

{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)} {الكافرين} (147)- فَاحْتَسَبَ هَؤُلاءِ المُؤْمِنُونَ (الرِّبِّيُّونَ) اللهَ عِنْدَ اشْتِدَادِ الخَطْبِ، وَهُمْ يُقَاتِلُونَ أَعْدَاءَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ قَوْلٍ عِنْدَ نُزُولِ الكَوَارِث إلا الدُّعَاءُ إلَى اللهِ أنْ يَغْفِرَ لَهُمْ بِجِهَادِهِمْ مَا كَانُوا ألمُّوا بِهِ مِنْ ذنُوبٍ، وَتَجَاوُزَوا فِيهِ حُدُودَ الشَّرائعِ، وَأن يُثَبِّتَ أقْدَامَهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ القَوِيمِ، حَتَّى لا تُزَحْزِحَهُم الفِتَنُ، وَلا يَعْرُوهُمُ الفَشَلُ حِينَ مُقَابَلَةِ الأعْدَاءِ فِي سَاحَةِ الحَرْبِ. الإِسْرَافُ- مُجَاوَزَةُ الحَدِّ.

{فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)} {فَآتَاهُمُ} {الآخرة} (148)- فَآتَاهُمُ اللهُ النَّصْرَ وَالظَّفَرَ عَلَى الأَعْدَاءِ، وَهُمَا ثَوَابُ الدُّنْيا، وَجَمَعَ لَهُمْ، إلَى ذَلِكَ الظَّفَرِ، حُسْنَ ثَوابِ الآخِرَةِ، وَهُوَ الفَوْزُ بِرُضْوَانِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وَاللهُ يُحِبُّ الذِينَ يُحْسِنُونَ العَمَلَ، لأَنَّهُمْ يُقِيمُونَ سُنَّتَهُ فِي أَرْضِهِ، وَيُظْهِرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ أَنَّهُمْ جَدِيرُونَ بِخِلافَةِ اللهِ فِيهَا.