Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 7
الربع رقم 4
quran-border  ولئن متم او قتلتم لالى الله تحشرون فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين ان ينصركم الله فلا غالب لكم وان يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون وما كان لنبي ان يغل ومن يغلل يات بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون افمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله وماواه جهنم وبئس المصير هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين اولما اصابتكم مصيبة قد اصبتم مثليها قلتم انى هذا قل هو من عند انفسكم ان الله على كل شيء قدير
Page Number

1

{وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)} {وَلَئِنْ} (158)- وَبِأيِّ سَبَبٍ كَانَ هَلاكُكُمْ، فَإِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إلى اللهِ لِيَجْزِيَكُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ مَا تَسْتَحِقُّونَ، فَآثِرُوا مَا يُقَرِّبُكُمْ إلَى رَبِّكُمْ، وَيُحَقِّقُ لَكَ رِضَاهُ، فَعَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ اللهِ وَالجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ.

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} (159)- لَقَدْ كَانَ مِنَ أَصْحَابِكَ مَا يَسْتَحِقُّ المَلامَةَ وَالتَّعْنِيفَ، بِمُقْتَضَى الطَّبِيعَةِ البَشَرِيَّةِ، إذْ تَخَلَّوْا عَنْكَ حِينَ اشْتِدَادِ الحَرْبِ، وَشَمَّرُوا لِلْهَزِيمَةِ وَالحَرْبِ قَائِمَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ لِنْتَ لَهُمْ، وَعَامَلْتَهُمْ بِالحُسْنَى، لِرَحْمَةٍ أوْدَعَها اللهُ فِي قَلْبِكَ، وَخَصَّكَ بِهَا. وَقَدْ مَدَحَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِحُسْنِ الخُلُقِ فِي أَكْثَرِ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ العَزِيزِ. ثُمَّ قَالَ لَوْ كُنْتَ خَشِناً جَافِياً فِي مُعَامَلَتِهِمْ لَتَفَرَّقُوا عَنْكَ، وَلَنَفَرُوا مِنْكَ، وَلَمْ يَسْكُنُوا إلَيْكَ، وَلَكِنَّ اللهَ جَمَعَهُمْ عَلَيْكَ، وَأَلانَ جَانِبَكَ لَهُمْ تَأَلُّفاً لِقُلُوبِهِمْ. ثُمَّ أمَرَ اللهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَهَفَوَاتِهِمْ، وَأنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُم الله، وَأنْ يُشَاوِرَهُمْ فِي الأَمْرِ تَطِييباً لِقُلُوبِهِمْ، وَشَحْذاً لِهِمَمِهِمْ. ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ. فَإذا شَاوَرْتَهُمْ فِي الأَمْرِ، وَعَزَمْتَ عَلَى إِنْفَاذِهِ، فَتَوكَّلْ عَلَى اللهِ فِيهِ، لأنَّ اللهَ يُحِبُّ مَنْ يَتَوكَّلُ عَلَيْهِ، وَيَثِقُ بِنَصْرِهِ. فَبِمَا رَحْمَةٍ- فَبِسَبَبِ رَحْمَةٍ عَظِيمَةٍ رُكِّبَتْ فِيكَ. الفَظُّ- الخَشِنُ أوِ الشَّرِسُ الأَخْلاقِ. الغَلِيظُ- القَاسِي. انْفَضَّ القَوْمُ- تَفَرَّقُوا.

{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)} (160)- النَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، فَإِنْ قَدَّرَ اللهُ نَصْرَكُمْ فَلَنْ يَغْلِبَكُمْ أَحَدٌ، كَمَا وَقَعَ يَوْمَ بَدْرٍ، حِينَ عَمِلْتُمْ بِسُنَّتِهِ. وَإنْ قَدَّرَ خُذْلانَكُمْ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ مِنَ الفَشَلِ وَالتَّنَازُعِ وَالعِصْيَانِ، كَمَا جَرَى يَوْمَ أحُدٍ، فَلا نَاصِرَ لَكُمْ مِنْ دُونِهِ. وَعَلَى المُؤْمِنِينَ أنْ يَتَوَكَّلُوا عَلَى اللهِ، وَأنْ يُسَلِّمُوا أمُورَهُمْ إليهِ. فَلا غَالِبَ لَكُمْ- فَلا قَاهِرَ.

{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)} {القيامة} (161)- يُنَزِّهُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيةِ رَسُولَهُ الكَرِيمَ عَنْ أخْذِ شَيءٍ مِنَ المَغْنَمِ خِلْسَةً (عَنِ الغُلُولِ)، وَعَنِ الخِيَانَةِ فِي أَدَاءِ الأَمَانَةِ، فَقَالَ تَعَالَى: مَا يَنْبَغِي لِنَبيٍّ أنْ يَغُلَّ لأنَّ اللهَ عَصَمَهُ مِنْ ذَلِكَ وَيُهَدِّدُ اللهُ تَعَالَى مِنْ يَغُلُّ بأنَّهُ سَيَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ وَهُوَ يَحْمِلُ مَا غَلَّ لِيُحَاسَبَ عَلَيهِ، وَاللهُ لا يَظْلِمُ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ. (هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ فِي قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ فُقِدَتْ يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ المَغْنَمِ، فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ لَعَلَّ رَسُولَ اللهِ أَخَذَهَا). الغُلُولُ- الخِيانَةُ فِي المَغْنَمِ وَأخْذُ شَيءٍ مِنْهُ خِلْسَةً.

{أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162)} {رِضْوَانَ} {وَمَأْوَاهُ} (162)- لا يَسْتَوي مَنِ اتَّبَعَ أمْرَ اللهِ فِيمَا شَرَعَهُ، وَتَرَكَ الغُلُولَ وَغَيْرَهُ مِنَ الفَوَاحِشِ وَالمُنْكَرَاتِ، حَتَّى زَكَتُ نَفْسُهُ، فَاسْتَحَقَّ رِضْوَانَ اللهِ، وَجَزيلَ ثَوَابِهِ، مَعَ مَنِ اسْتَحَقَّ غَضَبَ اللهِ بِفِعْلِ الخَطَايا، وَارْتِكَابِ الذُّنُوبِ: مِنْ سَرِقَةٍ، وَخِيَانَةِ أَمَانَةٍ، وَغُلُولِ، وَقَتْلٍ، وَسَلْبٍ.. فَكَانَ جَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً. بَاءَ بِسَخَطٍ- رَجَعَ مُتَلَبِّساً بِغَضَبٍ شَدِيدٍ.

{هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)} {دَرَجَاتٌ} (163)- يُخَبِّرُ اللهُ تَعَالَى أنَّ أهْلَ الخَيْرِ الذِينَ اسْتَحَقُّوا رِضْوَانَ اللهِ، وَأهَلَ الشَّرِّ الذِينَ بَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ، مُتَفَاوِتُونَ فِي مَنَازِلِهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ، وَاللهُ بَصِيرٌ عَالِمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ، وَسَيُوَفِّيهِمْ أَعْمَالَهُمْ، وَلا يَظْلِمُهُمْ خَيْراً فَعلُوهُ، وَلا يَزيدُهُمْ شَرّاً لَمْ يَفْعَلُوهُ.

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)} {يَتْلُواْ} {آيَاتِهِ} {الكتاب} {ضَلالٍ} (164)- مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَى المُؤْمِنِينَ أنْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ جِنْسِهِمْ، وَمِنْ أهْلِ بَلَدِهِمْ وَلُغَتِهِمْ (مَنْ أنْفُسِهِمْ)، لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ مُخَاطَبَتِهِ وَمُجَالَسَتِهِ، وَالانْتِفَاعِ بِصُحْبَتِهِ وَسُؤَالِهِ عَمَّا سَيْتَشْكِلُ عَلَيْهِمْ فِي أمُوِر دِينِهِمْ، وَيَتْلُو عَلَيهِم القُرآنَ (آياتِ اللهِ) وَيَأمُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ، لِتَزْكُوَ أنْفُسُهُم، وَتَطْهُرَ مِنْ أرْجَاسِ الجَاهِليَّةِ، وَيُعَلِّمُهُمُ القُرآنَ (الكِتَابَ) وَالسُّنَّةَ (الحِكْمَةَ) فَقَدْ كَانُوا قَبْلَ هَذا الرَّسُولِ فِي غَيٍّ وَجَهَالَةٍ (ضَلالٍ) ظَاهِرَيْنِ لِكُلِّ أحَدٍ. مِنْ أنْفُسِهِمْ- مِنْ جَنْسِهِمْ وَلُغَتِهِمْ وَقَوْمِهِمْ. الضَّلالَةُ- الجَهَالَةُ. يُزَكِّيهِمْ يُطَهِّرُهُمْ مِنْ أرْجَاسِ الجَاهِلِيَّةِ.

{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)} {أَصَابَتْكُمْ} (165)- لا تَعْجَبُوا يَا أيُّهَا المُؤْمِنُونَ مِمَّا حَلَّ بِكُمْ فِي مَعْرَكَةِ أحُدٍ، فإنَ خِذْلانَكُمْ فيها لَمْ يَبْلُغْ مَبْلَغَ ظَفَرِكُمْ فِي بَدْرٍ، فَقد كَانَ ظَفَرُكُمْ فِي بَدْرٍ ضِعْفَيْ نَصْرِهِم في أحُدٍ، فَقَدْ قُتِلَ مِنْكُمْ سَبْعُونَ رجلاً في أحُدٍ، وَقَتَلْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ سَبْعِينَ رَجُلاً فِي بَدْرٍ وَأسَرْتُمْ سَبْعِينَ رَجلاً، أيْ مِثْلَي مَا أضَعْتُم، وَأنتم الآنَ تَتَسَاءَلُونَ كَيْفَ حَدَثَ هذا؟ فَأنْتُمْ تُدَافِعُونَ عَنِ الإِسلامِ، وَهُمْ يُدَافِعُونَ عَنِ الشِّرْكِ. فَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: إنَّ مَا حَدَثَ كَانَ مِنْ عِنْدِ أنْفُسِكُمْ، إذَ كَانَ سَبَبَهُ فَشَلُكُمْ، وَتَنَازُعُكُمْ فِي الأمْرِ، وَمُخَالَفَتُكُمْ أمْرَ رَسُولِكُمْ، فَقَدْ كَانَ مِنْ رَأي الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم عَدَمُ الخُرُوجِ مِنَ المَدِينَةِ، فَإذا جَاءَ المُشْرِكُونَ إلَيْكُمْ قَاتَلْتُمُوهُمْ عَلَى أبْوَابِها، وَظُهُورُكُمْ مَحْمِيَّةٌ، فَطَالَبَ بَعْضُكُمْ بِالخُرُوجِ، وَرَجَعَ ثُلْثُ الجَيْشِ الإِسْلامِيِّ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَهَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلا. ثُمَّ إنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الرُّمَاةَ بِلُزُومِ أمَاكِنِهِمْ، وَبِعَدَمِ تَرْكِهَا مَهْمَا كَانَتْ نَتِيجَةُ المَعْرَكَةِ، فَتَرَكُوهَا حِينَما لاحَتْ بَشَائِرُ النَّصْرِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ هُجُومُ فُرْسَانِ المُشْرِكِينَ مِنَ الخَلْفِ، فَتَبَدَّلَ نَصْرُ المُسْلِمِينَ إلَى هَزِيمَةٍ. وَاللهُ قَدِيرٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، وَهُوَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلا مُعَقِّبَ عَلَى حُكْمِهِ، فَهُوَ القَادِرُ عَلَى نَصْرِكُمْ، إنْ أطَعْتُمْ وَثَبَتُّمْ وَصَبَرتُمْ، وَهُوَ القَادِرُ عَلَى التَّخَلِّي عَنْكُمْ إنْ خَالَفْتُمْ وَعَصَيْتُمْ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ رَبَطَ المُسَبباتِ بِالأسْبَابِ، وَلا يَشُذُّ عَنْ ذَلِكَ مُؤْمِنٌ وَلا كَافِرٌ. المُرَادُ بِالمُصِيبَةِ- مَا أَصَابَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ. مِثْلَيْهَا- ضِعْفَيهَا. مِنْ عِنْدِ أنْفُسِكُمْ- بِشُؤْمِ مَعْصِيَتِكُمْ، وَسُوءِ تَصَرُّفِكُمْ. أنَّى هَذَا- مِنْ أَيْنَ لَنَا هَذَا الخِذْلانُ.