Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 8
الربع رقم 1
quran-border  وما اصابكم يوم التقى الجمعان فباذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله او ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ اقرب منهم للايمان يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم والله اعلم بما يكتمون الذين قالوا لاخوانهم وقعدوا لو اطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن انفسكم الموت ان كنتم صادقين ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما اصابهم القرح للذين احسنوا منهم واتقوا اجر عظيم الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
Page Number

1

{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)} {أَصَابَكُمْ} (166)- مَا أَصَابَكُمْ يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ يَوْمَ أحُدٍ، حِينَمَا التَقَيْتُمْ بِعَدوكُمْ فِي مَيْدَانِ المَعْرَكَةِ، وَمَا حَلَّ بِكُمْ مِنْ هَزِيمَةٍ وَقَتْلٍ، إنَّمَا كَانَ بِإِذْنِ اللهِ وَقَدَرِهِ وَقَضَائِهِ السَّابِقِ، الذِي جَعَلَ المُسَببَاتِ نَتَائِجَ لأسْبَابِهَا، فَكُلُّ عَسْكَرٍ يَعْصِي قَائِدَهُ، وَيَكْشِفُ ظَهْرَهُ لِعَدُوِّهِ يُصَابُ بِمِثْلِ مَا أُصِبْتُمْ بِهِ، وَأَكْثَر مِنْهُ، وَللهِ الحِكْمَةُ البَالِغَةُ فِي ذَلِكَ، لأنَّ الشَّدَائِدَ تَكْشِفُ عَنْ حَقِيقَةِ المُؤْمِنِينَ الذِينَ صَبَرُوا وَثَبَتُوا، وَلَمْ يَتَزَلْزَلُوا أَمَام العَدُوِّ. الجَمْعَانِ- هُمَا جَيْشَا المُؤْمِنِينَ وَالمُشْرِكِينَ يَوْمَ أحُدٍ. بِإِذْنِ اللهِ- بِإرَادَتِهِ الأزَلِيَّةِ.

{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167)} {قَاتِلُواْ} {لاتَّبَعْنَاكُمْ} {يَوْمَئِذٍ} {لِلإِيمَانِ} {بِأَفْوَاهِهِم} (167)- وَالشَّدَائِدُ تُظهِرُ المافِقِينَ الذِينَ تَبَطَّنُوا بِالكُفْرِ، وَأَظْهَرُوا الإِيمَانَ، مِنْ جَمَاعَةِ ابْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، الذِينَ رَجَعُوا إلَى المَدِينَةِ قَبْلَ المَعْرَكَةِ، فَلَحِقَ بِهِمْ رِجَالٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ يَدْعُونَهُمْ لِلْعَوْدَةِ إلَى الصَّفِّ، وَيُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى القِتَالِ وَمُسَاعَدَةِ المُسْلِمِينَ، وَإكْثَارِ عَدَدِهِمْ أمَامَ المُشْرِكِينَ (أو ادْفَعُوا)، فَرَدُّوا مُتَعَلِّلِينَ: لَوْ نَعْلَمُ أنَّكُمْ سَتَلْقَونَ حَرْباً لاتَّبَعْنَاكُمْ، وَلَكِنَّنَا فِي قُلُوبِهِمْ يَعْتَقِدُونَ غَيْرَهُ. وَهُمْ حِينَما قَالُوا هَذَا القَوْل كَانُوا فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ أقرْبَ لِلْكُفْرِ مِنْهُمْ إلَى الإِيمَانِ، وَاللهُ أعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ فِي قُلُوبِهِمْ وَفِي نُفُوسِهِمْ مِنَ الكُفْرِ وَالكَيْدِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَسَيُعَاقِبُهُمْ عَلَيهِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

{الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)} {لإِخْوَانِهِمْ} {فَادْرَءُوا} {صَادِقِينَ} (168)- وَهَؤُلاءِ المُنَافِقُونَ الذِين قَعَدُوا عَنِ الجِهَادِ، هُمُ الذِينَ قَالُوا عَنْ إِخْوَانِهِم الذِينَ قُتِلُوا فِي المَعْرَكَةِ: لَوْ سَمِعُوا مَشُورَتَنَا فِي القُعُودِ، وَعَدَمِ الخُرُوجِ لَمَا قُتِلُوا مَعَ مَنْ قُتِلَ. وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَيهِمْ مُسْتَنْكِراً قَوْلَهُمْ هَذَا: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: لَوْ كَانَ القُعُودُ يَسْلَمُ بِهِ الشَّخْصُ مِنَ القَتْلِ وَالمَوْتِ، فَيَنْبَغِي عَلَيْكُمْ إلا تَمُوتُوا. وَلَكِنَّ المَوْتَ آتٍ لا بُدَّ مِنْهُ، فَادْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ المَوْتَ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي قَوْلِكُمْ. ادْرَؤُوا- ادْفَعُوا.

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} {أَمْوَاتاً} (169)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنِ الشُّهَدَاءِ بِأَنَّهُمْ قُتِلُوا فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَلَكِنَّ أَرْوَاحَهُمْ حَيَّةٌ تُرْزَقُ عِنْدَ اللهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ، لَهَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهَا أنْ تَرْجِعَ إلى الدُّنْيا إلا الشَّهِيدُ، فَإنَّهُ يَسُرُّهُ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنيا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى مِمَّا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ». وَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ: عَلَيهِمْ ألا يَنْخَدِعُوا بِمَا يَقُولُهُ المُنَافِقُونَ، وَمَا يَفْعَلُونَهُ، فَهُمْ يُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنيا عَلَى الآخِرَةِ، لارْتِيَابِهِمْ فِي البَعْثِ وَالحِسَابِ فِي الآخِرَةِ، فَالشُّهَدَاءُ أحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ رِزْقاً حَسَناً يَعْلَمُهُ هُوَ.

{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)} {آتَاهُمُ} (170)- وَيَكُونُ الشُّهَدَاءِ فِي سَبِيلِ اللهِ فَرِحِينَ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَالغَبْطَةِ، التِي مَنَّ اللهُ بِهَا عَلَيهِمْ، مُسْتَبْشِرِينَ بِإِخْوانِهِمْ الذِينَ يُقْتَلُونَ بَعْدَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَنَّهُمْ يَقْدَمُونَ عَلَيْهِمْ حِينَمَا يَسْتَشْهِدُونَ، لا يَخَافُونَ مِمَّا أَمَامَهُمْ، وَلا يَحْزَنُونَ عَلَى مَا تَرَكُوهُ فِي الدُّنيا. الاسْتِبْشَارِ- السُّرُورُ الحَاصِلُ بِالبِشَارَةِ. الذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ- البَاقُونَ عَلَى قَيْدِ الحَيَّاةِ.

{يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} (171)- وَهُمْ مُسْتَبْشِرُونَ مِنْ تَلَقِّيهِمْ مَا يُفِيضُهُ اللهُ عَلَيهِمْ مِنَ النِّعْمَةِ وَالفَضْلِ وَالثَّوَابِ، وَمِنْ يَقِينِهِمْ بِأنَّ اللهَ لا يُضَيِّعُ أجْرَ المُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ.

{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)} (172)- بَعْدَ أنِ انْصَرَفَتْ قُرَيْشٌ مِنْ مَيْدَانِ المَعْرَكَةِ يَوْمَ أحُدٍ مُتَّجِهَةً إلَى مَكَّةَ، نَدِمَتْ عَلَى الانْصِرَافِ قَبْلَ اسْتِئْصَالِ شَأفَةِ المُسْلِمِينَ، وَالقَضَاءِ عَلَيْهِمْ، فَفَكَّرُوا فِي العَوْدَةِ إلى المَدِينَةِ. وَعَلِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَنَدَبَ المُسْلِمِينَ لِلْخُرُوجِ وَرَاءَ المُشْرِكِينَ لِيَثْنِيَهُمْ عَنِ التَّفْكِيرِ فِي العَوْدَةِ، وَأمَرَ بِألا يَخْرُجَ مَعَهُ إلا مَنْ شَهِدَ أحُداً، فَتَسَارَعَ النَّاسُ إلَى الخُرُوجِ مَعَهُ عَلَى مَا هُمْ عَلَيهِ مِنْ جِرَاحٍ. وَقَدْ وَعَدَ اللهُ مَنْ أحْسَنَ مِنْ هَؤُلاءِ المُسْتَجِيبِينَ لِلْرَسُولِ صلى الله عليه وسلم وَاتَّقَى أجْراً عَظِيماً. القَرْحُ- الجِرَاحُ. الإِحْسَانُ- القِيَامُ بِالعَمَلِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ.

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)} {إِيمَاناً} (173)- وَخَافَتْ قُرَيشٌ أنْ يَجْمَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أهْلَ المَدِينَةِ مِمَّنْ لَمْ يَشْتَرِكُوا فِي المَعْرَكَةِ، وَيَخْرُجَ وَرَاءَهُمْ، فَأَرْسَلُوا إلَيهِ بَعْضَ نَاقِلِي الأخْبَارِ لِيُهَوِّلُوا عَلَيهِ، لِيَكُفَّ عَنِ اللِّحَاقِ بِهِمْ، وَقَالَ نَاقِلُوا الأَخْبَار لِلْمُسْلِمِينَ: إنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ (النَّاسَ) قَدْ حَشَدُوا لَكُمْ، وَجَمَعُوا قُوَاهُمْ، فَاحْذَرُوهُمْ، وَاخْشَوْهُمْ، فَلَمْ يَزِدْ هَذَا القَوْلُ هَؤُلاءِ المُؤْمِنِينَ- الذِينَ اسْتَجَابُوا لِلْرَسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ وَخَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُلَبِّينَ دَعْوَتَهُ، رَاغِبِينَ فِي نَيْلِ رِضْوَانِ رَبِّهِمْ وَنَصْرِهِ- إلا إِيمَاناً بِرَبِهِمْ، وَثِقَةً بِوَعْدِهِ وَنَصْرِهِ وَأجْرِهِ، وَرَدُّوا عَلَى مُخَاطِبِيِهِمْ قَائِلِينَ: إِنَّهُمْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ، وَهُوَ حَسْبُهُمْ. جَمَعُوا لَكُمْ- حَشَدُوا لَكُمْ قُوَاهُمْ.