Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 5
الربع رقم 4
quran-border  الم الله لا اله الا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وانزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس وانزل الفرقان ان الذين كفروا بايات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام ان الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء لا اله الا هو العزيز الحكيم هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله وما يعلم تاويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا وما يذكر الا اولو الالباب ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب ربنا انك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ان الله لا يخلف الميعاد
Page Number

1

{الم (1)} {ألِف. لام. مِيم}. (1)- وَتُقْرَأ مُقَطَّعَةً كُلُّ حَرْفٍ عَلَى حِدَةٍ. سَبَقَتِ الإِشَارَةُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ البَقَرَةِ إلى شَرْحِ مَعَانِي الحُروفِ الوَارِدَةِ فِي أوَائِلِ السُّورِ، وَنَعُودُ فَنَقُولُ إنَّهُ مِنَ الأفْضَل أنْ نَقُولَ: اللهُ أعْلَمُ بِمُرَادِهِ.

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} (2)- يُخْبِرِ اللهُ تَعَالَى بِأنَّهُ مُتَفَرِّدُ بِالألُوهِيَّةِ لِجَميعِ خَلْقِهِ، وَهُوَ الحَيُّ فِي نَفْسِهِ الذِي لا يَمُوتُ أبَداً، القَيِّمُ عَلَى أَمْرِ العَالَمِ، يُدَبِّرُهُ وَيُصَرِّفُهُ. الحَيُّ- الدَّائِمُ الحَيَاةِ بِلا زَوَالٍ. القَيُّومُ- الدَّائِمُ القِيَامِ بِتَدْبِيرِ خَلْقِهِ.

{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3)} {الكتاب} {التوراة} (3)- وَهُوَ تَعَالَى الذِي أنْزَلَ عَلَيكَ القُرْآنَ، يَا مُحَمَّدُ، مُشْتَمِلاً عَلَى الحَقِّ فِي كُلِّ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ أصُولِ الشَّرائِعِ التِي تَضَمَّنَتْهَا الكُتُبُ السَّابِقَةُ، وَمُصَدِّقاً لها. فَهِيَ تُصَدِّقُه بِمَا أخْبَرَتْ عَنْهُ، وَبَشَّرَتْ بِهِ، مِنَ الوَعْدِ بِإرْسَالِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولاً مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى، وَبِإنْزالِ القُرْآنِ عَلَيْهِ. وَهُوَ يُصَدِّقُهَا لأَنَّهُ وَافَقَ مَا أَخْبَرَتْ عَنْهُ. وَاللهُ هُوَ الذِي أنْزَلَ التَّورَاةَ عَلَى مُوسَى، وَالإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى، عَلَيهِمَا السَّلامُ.

{مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4)} (4)- وَقَدْ أنْزَلَهُمَا اللهُ مِنْ قَبلِ هذا القُرآنِ لِهدَايَةِ النَّاسِ إلى الحَقِّ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الإِيمَانُ بِمُحَمَّدٍ وَرِسَالَتِهِ، حِينَ يُبْعَثُ. وَأنْزَلَ الفُرْقَانَ- وَهُوَ مَا يُفْرَقُ بِهِ بَيْنَ الهُدَى والضَّلالَةِ، وَالحَقِّ وَالبَاطِلِ، بِمَا يَذْكُرُهُ اللهُ مِنَ الحُجَجِ وَالبَيِّنَاتِ القَاطِعَاتِ- وَيَرَى بَعْضُ المُفَسِّرِينَ أنَّ المُرَادَ بِالفُرْقَانِ (التَوْرَاةُ). وَإنَّ الذِينَ كَفَروا، وَجَحَدُوا بِآيَاتِ اللهِ النَّاطِقَةِ بِتَوْحِيدِهِ، وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لا يَلِيِقُ بِعِزَّةِ جَلالِهِ، فَكَذَّبُوا بِالقُرْآنِ، ثُمَّ بِسَائِرِ الكُتُبِ تَبْعاً لِذَلِكَ، وَأنْكَرُوها، لُهُمْ عَذَابٌ شَديدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاللهُ مَنيعٌ، عَزِيزُ الجَانِبِ، يَنْتَقِمُ مِمَّنْ جَحَدَ بِآيَاتِهِ، وَكَذَّبَ رَسُلَهُ. الفُرْقَانَ- مَا يَفْرُقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ.

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)} (5)- يُعْلِمُ اللهُ النَّاسَ أنَّهُ عَلِيمٌ لا يَخْفَى عَليهِ شَيءٌ مِنْ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ، وَأنَّهُ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَجَهْرَهُمْ، فَلا يَخْفَى عَلَيهِ حَالُ الصَّادِقِ فِي إِيمَانِهِ، وَلا حَالُ الكَافِرِ، وَلا حَالُ المُنَافِقِ.

{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)} (6)- وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الذِي يَخْلُقُكُمْ فِي الأرْحَامِ، وَيَجْعَلُكُمْ عَلَى صُوَرٍ مُتَغَايرَةٍ: مِنَ النُّطَفِ إلى العَلَقِ إلى المُضَغِ... وَمِنْ ذَكَرٍ وَأنْثَى، وَجَميلٍ وَقبيحٍ، وَشَقيٍّ وَسَعِيدٍ.. لا إلهَ إلا هُوَ، وَلا رَبَّ غَيْرُهُ، وَهُوَ العَزِيزُ الذِي لا شَرِيكَ لَهُ، المُتَفَرِّدُ بِالخَلْقِ وَالتَّصْوِيرِ، وَهُوَ الحَكِيمُ فِي تَدْبِيرِهِ.

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)} {الكتاب} {آيَاتٌ} {مُّحْكَمَاتٌ} {مُتَشَابِهَاتٌ} {تَشَابَهَ} {الراسخون} {آمَنَّا} {أُوْلُواْ} {الألباب} (7)- وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الذِي أنْزَلَ القُرآنَ عَلَى عَبْدِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ مِنْ حِكْمَتِهِ أنْ جَعَلَ مِنْهُ آيَاتِ مُحْكَمَاتٍ مُحَدَّدَةَ المَعْنَى، بَيِّنَةَ المَقَاصِدِ، هِيَ الأصْلُ وَإليهَا المَرْجِعُ (أمُّ الْكِتَابِ). وَجَعَلَ مِنْهُ آيَاتٍ مُتَشَابِهَاتٍ، يَدِقُّ فَهْمُ مَعْنَاهَا عَلَى كَثيرٍ مِنَ النَّاسِ، وَتَشْتَبِهُ عَلَى غَيْرِ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ. فَيَأخُذُونَ المُتَشَابِهَ الذِي يَسْتَطِعُونَ تَحْرِيفَهُ لِيَسْتَخْدِمُوهُ فِي الوُصُولِ إلى أغْراضِهِم الفَاسِدَةِ مِنْ إضْلالِ النَّاسِ لاحْتِمَالِ لَفْظِهِ لِمَا يَصْرِفُونَهُ إلَيْهِ. امَّا المُحْكَم فَإنَّهُمْ لا يَسْتَطِعُونَ الإفَادَةَ مِنْهُ لأنَّهُ دَامِغٌ لَهُمْ، وَحُجَّةٌ عَلَيهِم. امَّا الذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ عَنِ الحَقِّ، فَإنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ المُتَشَابِهَ رَغْبَةً مِنْهُمْ فِي إثَارَةِ الفِتْنَةِ، وَيَسْتَعِينُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا فِي غَرَائِزِ النَّاسِ وَطِبَاعِهِمْ مِنْ شَكٍّ فِيمَا لَمْ يَصْل إليهِ عِلْمُهُمْ، وَلا يَنَالُهُ حِسُّهُمْ. كَالإِحْيَاءِ بَعْدَ المَوْتِ، وَجَميعِ شُؤُونِ الَعالَمِ الآخَر. وَيَأخُذُونَ المُتَشَابِهَ عَلَى ظَاهِرِهِ دُونَ نَظَرٍ إلى المُحْكَمِ، وَيَرْجِعُونَ فِي تَفْسِيرِ المُحْكَمِ إلى أهْوَائِهِمْ، دُونَ نَظَرٍ إلى المُحْكَمِ، وَيَرْجِعُونَ فِي تَفْسِيرِ المُحْكَمِ إلى أهْوَائِهِمْ، وَتَقَالِيدِهِمْ، لا إلى الأصْلِ المُحْكَمِ الذِي بُنِيَ عَلَيهِ الاعْتِقَادُ. وَتَأوِيلُ المُتَشَابِهِ مِنَ القُرَآنِ لا يَعْلَمُهُ إلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ، المُتَمَكِّنُونَ مِنْهُ. (وَقَالَ بَعْضُ المُفَسِرينَ المُتَقَدِّمِينَ: إنَّ المَفْهُومَ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ: أنَّه لا يَعْلَمُ تَفْسِيرَ المَتَشَابِهِ إلاّ اللهُ. أمَّا الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ فَعِبَارَةٌ مُسْتَأنَفَةٌ). وَهَؤُلاءِ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمَ يَرُدُّونَ المُتَشَابِهَ إلى المُحْكَمِ، وَيُؤْمِنُونَ بِهذَا وَهذا عَلَى حَقٌّ وَصِدْقٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَلا يُفَرِّقُونَ بَينَ مُحْكَمِ القُرَآنِ وَمُتَشَابِهِهِ. وَلا يَعْقِلُ ذَلِكَ وَلا يَفْهَمُهُ إلاّ أصْحَابُ العُقُولٍ السَّلِيمَةِ التِي لا تَخْضَعُ لِتَأثِيرِ الهَوَى والشَّهَواتِ. وَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ فَقَالَ عَنْهُمْ: «مَنْ بَرَّتْ يَمِينُهُ، وَصَدَقَ لِسَانُهُ، وَاسْتَقَامَ قَلْبُهُ، وَمَنْ عَفَّ بَطْنُهُ وَفَرْجُهُ، فَذَلِكَ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ» أَخْرَجَهُ ابْنُ أبي حَاتِمٍ.

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)} (8)- وَهَؤُلاءِ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ، مَعَ إيمَانِهِمْ بِالمُتَشَابِهِ، فَإنَّهُمْ يَسْألُونَ اللهَ أنْ يَحْفَظَهُمْ مِنَ الزَّيْغِ بَعْدَ الهِدَايَةِ، وَأنْ يَهَبَهُمْ الثَّبَاتَ عَلَى مَعْرِفَةِ الحَقِيقَةِ، وَالاسْتِقَامَةَ عَلَى الطَّرِيقَةِ، وَيَقُولُونَ: رَبَّنا لا تُحِلْ قُلُوبَنا عَنِ الهُدَى بَعْدَ أنْ أقَمْتَها عَلَيْهِ، وَامْنَحْنَا مِنْ عِنْدِكَ رَحْمَةً تُثَبِّتُ بِهَا قُلُوبَنَا، وَتَزِيدُنا بِهَا إيمَاناً وَيَقِيناً، إنَّكَ يَا رَبِّ أنْتَ المُعْطِي الوَهَّابُ. الوَهَّابُ- الكَثِيرُ العَطَاءِ. لاتُزِغْ قُلُوبَنا- لا تُمِلْها عَنِ الحَقِّ وَالهُدَى.

{رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)} (9)- وَيُتَابعُ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ دُعَاءَهُمْ قَائِلِينَ: يَا رَبِّ إنَّكَ سَتَجْمَعُ النَّاسَ لِلْجَزاءِ، يَوْمَ المَعَادِ الذِي لا رَيْبَ فِي أنَّهُ وَاقِعٌ وَآتٍ، وَتَفْصِلُ بَيْنَهُمْ، وَتَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِيما اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَتَجْزِي كُلاً مِنْهُمْ عَلَى عَمَلِهِ، وَإنَّكَ يَا رَبّ لا تُخْلِفُ المِيعَادَ.