Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 43
الربع رقم 2
quran-border  ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك ادنى ان تقر اعينهن ولا يحزن ويرضين بما اتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج ولو اعجبك حسنهن الا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين اناه ولكن اذا دعيتم فادخلوا فاذا طعمتم فانتشروا ولا مستانسين لحديث ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق واذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان عند الله عظيما ان تبدوا شيئا او تخفوه فان الله كان بكل شيء عليما
Page Number

1

{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)} أخرج ابن جرير عن ابن عباس {ترجي من تشاء} يقول: تؤخر. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {ترجي من تشاء منهن} قال: أمهات المؤمنين {وتؤوي} يعني نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ويعني بالارجاء يقول: من شئت خليت سبيله منهن، ويعني بالايواء يقول: من أحببت أمسكت منهن. وقوله: {ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن} يعني بذلك النساء اللاتي أحلهن الله له من بنات العمة، والخال، والخالة، وقوله: {اللاتي هاجرن معك} يقول: إن مات من نسائك التي عندك أحد، أو خليت سبيلها، فقد أحللت لك مكان من مات من نسائك اللاتي كن عندك، أو خليت سبيلها، فقد أحللت لك أن تستبدل من اللاتي أحللت لك، ولا يصلح لك أن تزاد على عدة نسائك اللاتي عندك شيئاً. وأخرج ابن مردويه عن مجاهد قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة فخشينا أن يطلقهن فقلن: يا رسول الله اقسم لنا من نفسك ومالك ما شئت، ولا تطلقنا فأنزل الله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} إلى آخر الآية. قال: وكان المؤويات خمسة: عائشة. وحفصة. وأم سلمة. وزينب. وأم حبيبة. والمرجآت أربعة: جويرية. وميمونة. وسودة. وصفية. وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن المسيب عن خولة بنت حكيم قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوّجها فارجأها فيمن أرجا من نسائه. وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عليه في قسم أزواجه، يقسم بينهن كيف شاء، وذلك قوله الله {ذلك أدنى أن تقر أعينهن} إذا علمن أن ذلك من الله. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف شاء، فلذلك قال الله: {ذلك أدنى أن تقر أعينهن} إذا علمن أن ذلك من الله. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف شاء، فلذلك قال الله: {ذلك أدنى أن تقر أعينهن} إذا علمن أن ذلك من الله. وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي. أن امرأة من الأنصار وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت فيمن ارجىء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة، لم يكن لرجل أن يخطبها حتى يتزوّجها أو يتركها. وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير عن الحسن وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة قالت: كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: كيف تهب نفسها؟ فلما أنزل الله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك} قلت: ما أرى ربك الا يسارع في هواك. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل! فأنزل الله في نساء النبي صلى الله عليه وسلم {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} فقال عائشة رضي الله عنها: أرى ربك يسارع في هواك. وأخرج ابن سعد عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نزلت {ترجي من تشاء منهن} قلت: إن الله يسارع لك فيما تريد. وأخرج ابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن الشعبي رضي الله عنه قال: كن وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل ببعضهن وارجأ بعضهن، فلم يقربن حتى توفي، ولم ينكحن بعده. منهن أم شريك فذلك قوله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}. وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي زيد رضي الله عنه قال: همَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق من نسائه، فلما رأين ذلك أتينه فقلن: لا تخل سبيلنا وأنت في حل فيما بيننا وبينك، افرض لنا من نفسك ومالك ما شئت، فأنزل الله: {ترجي من تشاء منهن} نسوة. يقول: تعزل من تشاء فارجأ منهن واوى نسوة، وكان ممن أرجىء ميمونة. وجويرية. وأم حبيبة. وصفية. وسودة. وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما شاء، وكان ممن آوى عائشة. وحفصة. وأم سلمة. وزينب. فكانت قسمته من نفسه وماله بينهن سواء. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب رضي الله عنه في قوله: {ترجي من تشاء} قال: هذا أمر جعله الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في تأديبه نساءه، لكي يكون ذلك أقر لأعينهن، وأرضى في عيشتهن، ولم نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أرجأ منهن شيئاً، ولا عزله بعد أن خيرهن فاخترنه. وأخرج ابن سعد عن ثعلبة بن مالك رضي الله عنه قال: هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق بعض نسائه، فجعلنه في حل فنزلت {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}. وأخرج الفريابي وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ترجي من تشاء منهن} قال: تعتزل من تشاء منهن لا تأتيه بغير طلاق {وتؤوي إليك من تشاء} قال: ترده إليك {ومن ابتغيت ممن عزلت} أن تؤويه إليك إن شئت. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ترجي} قال: تؤخر. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يطلق، كان يعتزل. وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذه الآية {ترجي من تشاء منهن} فقلت لها: ما كنت تقولين؟ قالت: كنت أقول له: إن ذاك إلي فإني لا أريد أن أوثر عليك أحداً.

{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)} أخرج الفريابي والدارمي وابن سعد وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عن زياد رضي الله عنه قال: قلت لأبي رضي الله عنه: أرأيت لو أن ازواج النبي صلى الله عليه وسلم متن أما يحل له أن يتزوج؟ قال: وما يمنعه من ذلك! قلت: قوله: {لا يحل لك النساء من بعد} فقال: إنما أحل له ضرباً من النساء، ووصف له صفة، فقال: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك} [ الأحزاب: 50] إلى قوله: {وامرأة مؤمنة} ثم قال: {لا تحل لك النساء من بعد} هذه الصفة. وأخرج عبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات قال: {لا تحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك} فأحل له الفتيات المؤمنات {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} [ الأحزاب: 50] وحرم كل ذات دين إلا الإِسلام وقال: {يا أيها النبي إنا أحللنا أزواجك} [ الأحزاب: 50] إلى قوله: {خالصة لك من دون المؤمنين} [ الأحزاب: 50] وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء». وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: كان عكرمة رضي الله عنه يقول {لا تحل لك النساء من بعد} هؤلاء التي سمى الله تعالى له إلا بنات عمك، وبنات عماتك، وبنات خالك، وبنات خالاتك. وأخرج الفريابي وأبو داود وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {لا تحل لك النساء من بعد} ما بينت لك من هذه الأصناف بنات عمك، وبنات عماتك، وبنات خالك، وبنات خالاتك، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي فأحل له من هذه الأصناف أن ينكح ما شاء. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لا تحل لك النساء من بعد} يهوديات ولا نصرانيات لا ينبغي أن يكن أمهات المؤمنين {إلا ما ملكت يمينك} قال: هي اليهوديات والنصرانيات لا بأس أن يشتريها. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {لا تحل لك النساء من بعد} قال: يهودية ولا نصرانيه. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {لا تحل لك النساء من بعد} قال: «نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوّج بعد نسائه الأول شيئاً». وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لا تحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه. وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال: لما خيرهن الله فاخترن الله ورسوله قصره عليهن فقال: {لا تحل لك النساء من بعد}. وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال: لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه اخترن الله ورسوله، فأنزل الله: {لا تحل لك النساء من بعد} هؤلاء التسع التي اخترنك، فقد حرم عليك تزويج غيرهن. وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم، وذلك قول الله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي من طريق عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم لقوله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}. وأخرج ابن سعد عن ابن عباس، مثله. وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في قوله: {لا تحل لك النساء من بعد} قال: حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه، فلم يتزوج بعدهن. وأخرج ابن سعد عن سليمان بن يسار رضي الله عنه قال: لما تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكندية، وبعث في العامريات، ووهبت له أم شريك رضي الله عنها نفسها قالت أزواجه: لئن تزوج النبي صلى الله عليه وسلم الغرائب ما له فينا من حاجة، فأنزل الله تعالى حبس النبي صلى الله عليه وسلم على أزواجه، وأحل له من بنات العم، والعمة، والخال، والخالة، ممن هاجر ما شاء، وحرم عليه ما سوى ذلك إلا ما ملكت اليمين غير المرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي أم شريك. وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي ذر رضي الله عنه {لا تحل لك النساء من بعد} قال: من المشركات إلا ما سبيت فملكته يمينك. وأخرج البزار وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل: تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك من امرأتي؟ فأنزل الله: {ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن} قال: فدخل عيينة بن حصن الفزاري على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة بلا اذن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين الاستئذان؟ قال: يا رسول الله ما استأذنت على رجل من الأنصار منذ أدركت، ثم قال: من هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه عائشة أم المؤمنين قال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق؟ قال: يا عيينة: إن الله حرم ذلك. فلما ضن خرج قالت عائشة رضي الله عنها: من هذا؟ قال: أحمق مطاع، وأنه على ما ترين لسيد في قومه». وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله: {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: كانوا في الجاهلية يقول الرجل للرجل الآخر وله امرأة جميلة: تبادل امرأتي بامرأتك وأزيدك إلى ما ملكت يمينك؟ وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله: {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: ذلك لو طلقهن لم يحل له أن يستبدل، وقد كان ينكح بعد ما نزلت هذه الآية ما شاء قال: ونزلت وتحته تسع نسوة، ثم تزوج بعد أم حبيبة رضي الله عنها بنت أبي سفيان، وجويرية بنت الحارث. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن زيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: قصره الله على نسائه التسع اللاتي مات عنهن قال علي: فاخبرت علي بن الحسين رضي الله عنه فقال: لو شاء تزوج غيرهن، ولفظ عبد بن حميد فقال: بل كان له أيضاً أن يتزوج غيرهن. وأخرج عبد بن حميد عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم نزلت هذه الآية {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: كان يومئذ يتزوج ما شاء. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وكان الله على كل شيء رقيباً} أي حفيظاً.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53) إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54)} أخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن أنس رضي الله عنه قال: «لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش رضي الله عنها دعا القوم، فطعموا ثم جلسوا يتحدثون، وإذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، فلما قام قام من قام، وقعد ثلاثة نفر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل، فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا، فانطلقت فجئت، فاخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل، فذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه، فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي...}». وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتى باب امرأة عرس بها، فإذا عندها قوم، فانطلق فقضى حاجته، فرجع وقد خرجوا، فدخل وقد أرخى بيني وبينه ستراً، فذكرته لأبي طلحة فقال: لئن كان كما تقول لينزلن في هذا شيء. فنزلت آية الحجاب». وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أنس رضي الله عنه قال: «كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذن، فجئت يوماً لأدخل، فقال علي: مكانك يا بني إنه قد حدث بعدك أمر، لا تدخل علينا إلا بإذن». وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «دخل رجل على النبي صلى الله عليه وسلم، فأطال الجلوس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم مراراً كي يتبعه ويقوم، فلم يفعل، فدخل عمر رضي الله عنه فرأى الرجل وعرف الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى الرجل المقعد فقال: لعلك آذيت النبي صلى الله عليه وسلم، ففطن الرجل فقام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قمت مراراً كي يتبعني فلم يفعل، فقال عمر رضي الله عنه: لو اتخذت حجاباً، فإن نساءك لسن كسائر النساء، وهو أطهر لقلوبهن. فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي...}. فأرسل إلى عمر رضي الله عنه فأخبره بذلك». وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً في قعب، فمر عمر فدعاه فأكل، فاصابت أصبعه أصبعي فقال عمر: أوه لو أطاع فيكن ما رأتكن عين. فنزلت آية الحجاب. وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال: نزل حجاب رسول الله في عمر. أكل مع النبي طعاماً، فاصاب يده بعض أيدي نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر بالحجاب. أخرج ابن سعد وابن جرير وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: ما بقي أحد أعلم بالحجاب مني، ولقد سألني أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت: نزل في زينب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} إلى قوله: {غير ناظرين إناه} قال: غير متحينين طعامه {ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا} قال: كان هذا في بيت أم سلمة رضي الله عنها أكلوا ثم أطالوا الحديث، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يخرج ويدخل. ويستحي منهم والله لا يستحي من الحق {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب} قال: بلغنا أنهم أمروا بالحجاب عند ذلك {لا جناح عليهن في آبائهن} قال: فرخص لهن أن لا يحتجبن من هؤلاء. وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: كانوا يجيئون، فيدخلون بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فيجلسون، فيتحدثون ليدرك الطعام، فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه} ليدرك الطعام {ولا مستأنسين لحديث} ولا تجلسوا فتحدثوا. وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {غير ناظرين إناه} قال: الانا: النضيج. يعني إذا أدرك الطعام قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر: ينعم ذاك الانا الغبيط كما *** ينعم غرب المحالة الجمل وأخرج ابن جرير عن مجاهد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم ومعه بعض أصحابه، فاصابت يد رجل منهم يد عائشة رضي الله عنها، فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت آية الحجاب». وأخرج ابن جرير عن عائشة رضي الله عنها، أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا برزن إلى المناصع! وهو صعيداً فيح. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: أحجب نساءك، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فخرجت سودة رضي الله عنها بنت زمعة ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر رضي الله عنه بصوته ألا قد عرفناك يا سودة حرصاً على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله تعالى الحجاب. قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي...}. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {غير ناظرين إناه} قال: غير متحينين نضجه {ولا مستأنسين لحديث} بعد أن تأكلوا. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {إناه} قال: نضجه. وأخرج ابن أبي حاتم عن سليمان بن أرقم رضي الله عنه في قوله: {ولا مستأنسين لحديث} قال: نزلت في الثقلاء. وأخرج الخطيب عن أنس رضي الله عنه قال: كانوا إذا طعموا جلسوا عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يجيء شيء، فنزلت {فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث}. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وإذا سألتموهن متاعاً} قال: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عليهن الحجاب. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {وإذا سألتموهن متاعاً} قال: حاجة. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: فضل الناس عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأربع: بذكره الاسارى يوم بدر أمر بقتلهم، فأنزل الله: {لولا كتاب من الله سبق...} [ الأنفال: 68]. وبذكره الحجاب أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن فقالت له زينب رضي الله عنها: وانك لتغار علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا؟ فأنزل الله: {وإذا سألتموهن متاعاً}. وبدعوة النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم أيد الإِسلام بعمر» وبرأيه في أبي بكر كان أول الناس بايعه. وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض إلى بيته بادروه، فأخذوا المجالس، فلا يعرف بذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ببسط يده إلى الطعام مستحياً منهم، فعوتبوا في ذلك، فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي...}. وأخرج ابن سعد عن أنس رضي الله عنه قال: نزل الحجاب مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها، وذلك سنة خمس من الهجرة، وحجب نساؤه من يومئذ وأنا ابن خمس عشرة. وأخرج ابن سعد عن صالح بن كيسان قال: نزل حجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه في ذي القعدة، سنة خمس من الهجرة. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله...} قال: نزلت في رجل هم أن يتزوّج بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعده قال سفيان: ذكروا أنها عائشة رضي الله عنها. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل: لئن مات محمد صلى الله عليه وسلم لأتزوجن عائشة. فأنزل الله: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله...}. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً يقول: إن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت فلانة من بعده، فكان ذلك يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل القرآن {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله...}. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: بلغنا أن طلحة بن عبيد الله قال: أيحجبنا محمد عن بنات عمنا، ويتزوج نساءنا من بعدنا، لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده. فنزلت هذه الآية. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال: قال طلحة بن عبيد الله: لو قبض النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة رضي الله عنها. فنزلت {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله..}. وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله...} قال: نزلت في طلحة بن عبيد الله لأنه قال: إذا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة رضي الله عنها. وأخرج البيهقي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لو قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة. أو أم سلمة. فأنزل الله: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله..}. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن رجلاً أتى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فكلمها وهو ابن عمها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا فقال: يا رسول الله إنها ابنة عمي، والله ما قلت لها منكراً، ولا قالت لي قال النبي صلى الله عليه وسلم: قد عرفت ذلك أنه ليس أحد أغير من الله، وأنه ليس أحد أغير مني، فمضى ثم قال: يمنعني من كلام ابنة عمي لأَتَزَوَّجَنَّها من بعده. فأنزل الله هذه الآية، فاعتق ذلك الرجل رقبة، وحمل على عشرة ابعرة في سبيل الله، وحج ماشياً في كلمته». وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت: «خطبني علي رضي الله عنه، فبلغ ذلك فاطمة رضي الله عنها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أسماء متزوجة علياً فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ما كان لها أن تؤذي الله ورسوله». وأخرج البيهقي في السنن عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال لامرأته: إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة، فلا تتزوجي بعدي، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا، فلذلك حرم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده، لأنهن أزواجه في الجنة. وأخرج ابن سعد عن أبي امامة بن سهل بن حنيف في قوله: {إن تبدوا شيئاً أو تخفوه} قال: أن تتكلموا به فتقولون: نتزوج فلانة لبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، أو تخفوا ذلك في أنفسكم، فلا تنطقوا به يعلمه الله. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن شهاب رضي الله عنه قال: بلغنا أن العالية بنت ظبيان طلقها النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم نساؤه على الناس، فنكحت ابن عم لها وولدت فيهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله: {إن تبدوا شيئاً} قال: مما يكرهه النبي صلى الله عليه وسلم {أو تخفوه في أنفسكم فإن الله كان بكل شيء عليماً} يقول: فإن الله يعلمه.

33:53