Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 42
الربع رقم 3
quran-border  واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا ليسال الصادقين عن صدقهم واعد للكافرين عذابا اليما يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا اذ جاءوكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا واذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا واذ قالت طائفة منهم يا اهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستاذن فريق منهم النبي يقولون ان بيوتنا عورة وما هي بعورة ان يريدون الا فرارا ولو دخلت عليهم من اقطارها ثم سئلوا الفتنة لاتوها وما تلبثوا بها الا يسيرا ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الادبار وكان عهد الله مسئولا
Page Number

1

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8)} أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم} قال: في ظهر آدم {وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً} قال: أغلظ مما أخذه من الناس {ليسأل الصادقين عن صدقهم} قال: المبلغين من الرسل المؤدين. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم...} الآية. قال: أخذ الله على النبيين خصوصاً أن يصدق بعضهم بعضاً، وأن يتبع بعضهم بعضاً. وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن أبي مريم الغساني رضي الله عنه: «أن أعرابياً قال: يا رسول الله ما أول نبوّتك؟ قال: أخذ الله مني الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم، ثم تلا {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً} ودعوة أبي إبراهيم قال: {وابعث فيهم رسولاً منهم} [ البقرة: 129] وبشارة المسيح ابن مريم، ورأت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامها: أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام». وأخرج الطيالسي والطبراني وابن مردويه عن أبي العالية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خلق الله الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين، وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فأما أصحاب اليمين فاستجابوا إليه فقالوا: لبيك ربنا وسعديك قال: {ألست بربكم؟ قالوا: بلى} [ الأعراف: 172] فخلط بعضهم ببعض فقال قائل منهم: يا رب لم خلطت بيننا فإن {لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون} [ المؤمنون: 63] قال: أن يقولوا يوم القيامة {إنا كنا عن هذا غافلين} [ الأعراف: 172] ثم ردهم في صلب آدم عليه السلام فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها، فقال قائل: فما العمل إذاً؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعمل كل قوم لمنزلتهم، فقال: ابن الخطاب رضي الله عنه: إذن نجتهد يا رسول الله». وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قيل يا رسول الله متى أخذ ميثاقك؟ قال: وآدم بين الروح والجسد». وأخرج ابن سعد رضي الله عنه قال: «قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: متى استنبئت؟ قال: وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق». وأخرج البزار والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قيل يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد». وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن ميسرة الفخر رضي الله عنه قال: «قلت يا رسول الله متى كنت نبياً؟ قال: وآدم بين الروح والجسد». وأخرج الحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قيل للنبي صلى الله عليه وسلم متى وجبت لك النبوّة؟ قال: بين خلق آدم ونفخ الروح فيه». وأخرج أبو نعيم عن الصنابحي قال: «قال عمر رضي الله عنه: متى جعلت نبياً؟ قال: وآدم منجدل في الطين». وأخرج ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء رضي الله عنه قال: «قلت يا رسول الله متى جعلت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد». وأخرج ابن سعد عن مطرف بن الشخير رضي الله عنه «أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى كنت نبياً؟ قال: وآدم بين الروح والطين». وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح}. قال: بدىء بي في الخير. وكنت آخرهم في البعث». وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول «كنت أول الأنبياء في الخلق، وآخرهم في البعث». وأخرج ابن أبي عاصم والضياء في المختارة عن أبي بن كعب {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أولهم نوح، ثم الأول فالأول». وأخرج الحسن بن سفيان وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والديلمي وابن عساكر من طريق قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم...} قال «كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث، فبدئ به قبلهم». وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خيار ولد آدم خمسة: نوح. وإبراهيم. وموسى. وعيسى. ومحمد، وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما {ميثاقهم} عهدهم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم} قال: إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم. وأخرج أبو نعيم والديلمي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس من عالم إلا وقد أخذ الله ميثاقه يوم أخذ ميثاق النبيين، يدفع عنه مساوىء عمله لمحاسن عمله، إلا أنه لا يوحي إليه».

33:7

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)} أخرج الحاكم وصححه وابن مردويه وابن عساكر وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل من طرق عن حذيفة قال: «لقد رأيتنا ليلة الأحزاب، ونحن صافون قعود، وأبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة اليهود أسفل نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة، ولا أشد ريحاً منها، أصوات ريحها أمثال الصواعق، وهي ظلمة ما يرى أحد منا اصبعه، فجعل المنافقون يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون {إن بيوتنا عورة وما هي بعورة} فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له، يتسللون ونحن ثلثمائة أو نحو ذلك، إذ استقبلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً رجلاً حتى مر علي، وما علي جنة من العدو، ولا من البرد إلا مرط لامرأتي، ما يجاوز ركبتي، فأتاني وأنا جاث على ركبتي فقال: من هذا؟ قلت: حذيفة فتقاصرت إلى الأرض فقلت: بلى يا رسول الله كراهية أن أقوم فقال: قم. فقمت فقال: إنه كان في القوم خبر، فأتني بخبر القوم قال: وأنا من أشد الناس فزعاً، وأشدهم قراً، فخرجت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته، قال: فو الله ما خلق الله فزعاً ولا قراً في جوف إلا خرج من جوفي، فما أجد منه شيئاً، فلما وليت قال: يا حذيفة لا تحدث في القوم شيئاً حتى تأتيني، فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم، نظرت في ضوء نار لهم توقد، واذا برجل أدهم ضخم يقول بيده على النار، ويمسح خاصرته ويقول: الرحيل... الرحيل... ثم دخل العسكر فإذا في الناس رجال من بني عامر يقولون: الرحيل... الرحيل يا آل عامر لا مقام لكم، وإذا الرحيل في عسكرهم ما يجاوز عسكرهم شبراً فوالله أني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم، ومن بينهم الريح يضربهم بها، ثم خرجت نحو النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انتصفت في الطريق أو نحو ذلك، إذا أنا بنحو من عشرين فارساً متعممين، فقالوا: اخبر صاحبك أن الله كفاه القوم، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يشتمل في شملة يصلي، وكان إذا حز به أمر صلى، فأخبرته خبر القوم أني تركتهم يرتحلون. فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذا جاءتكم جنود...}». وأخرج الفريابي وابن عساكر عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: قال رجل: لو أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحملته ولفعلت. فقال حذيفة: لقد رأيتني ليلة الأحزاب ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في ليلة باردة ما قبله ولا بعده برد كان أشد منه، فحانت مني التفاتة، فقال: «ألا رجل يذهب إلى هؤلاء فيأتينا بخبرهم- جعله الله معي يوم القيامة- قال: فما قام منه انسان قال: فسكتوا، ثم عاد... فسكتوا، ثم قال: يا أبا بكر، ثم قال: استغفر الله رسوله، ثم قال: إن شئت ذهبت فقال: يا عمر فقال: استغفر الله رسوله، ثم قال: يا حذيفة فقلت: لبيك. فقمت حتى أتيت، وإن جنبي ليضربان من البرد، فمسح رأسي ووجهي، ثم قال: ائت هؤلاء القوم حتى تأتينا بخبرهم، ولا تحدث حدثاً حتى ترجع، ثم قال: اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته، حتى يرجع. قال فلان: يكون أرسلها كان أحب إلي من الدنيا وما فيها. قال: فانطلقت، فأخذت أمشي نحوهم كأني أمشي في حمام قال: فوجدتهم قد أرسل الله عليهم ريحاً، فقطعت أطنابهم، وذهبت بخيولهم، ولم تدع شيئاً إلا أهلكته، قال: وأبو سفيان قاعد يصطلي عند نار له، قال فنظرت إليه، فأخذت سهماً، فوضعته في كبد قوسي قال:- وكان حذيفة رامياً- فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم» لا تحدثن حدثاً حتى ترجع «قال: فرددت سهمي في كنانتي قال: فقال رجل من القوم: الا فيكم عين للقوم؟ فأخذ كل بيد جليسه، فأخذت بيده جليسي فقلت: من أنت؟ قال: سبحان الله! أما تعرفني؟ أنا فلان ابن فلان فإذا رجل من هوازن، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر، فلما أخبرته ضحك حتى بدت أنيابه في سواد الليل، وذهب عني الدفء فأدناني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنامني عند رجليه، وألقى علي طرف ثوبه، فإن كنت لألزق بطني وصدري ببطن قدميه، فلما أصبحوا هزم الله الأحزاب، وهو قول {فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها}». وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود} قال: كان يوم أبي سفيان يوم الأحزاب. وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله هل من شيء نقول: فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال: «نعم. قولوا: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، قال: فضرب الله وجوه أعدائه بالريح فهزمهم الله بالريح». وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن مجاهد {إذ جاءتكم جنود} قال: الأحزاب. عيينة بن بدر، وأبو سفيان، وقريظة. {فأرسلنا عليهم ريحاً} قال: يعني ريح الصبا أرسلت على الأحزاب يوم الخندق حتى كفأت قدورهم على أفواهها، ونزعت فساطيطهم حتى اظعنتهم {وجنوداً لم تروها} يعني الملائكة قال: ولم تقاتل الملائكة يومئذ. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وابن مردويه وأبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما كانت ليلة الأحزاب جاءت الشمال إلى الجنوب قالت: انطلقي فانصري الله ورسوله، فقالت الجنوب: إن الحرة لا تسري بالليل، فغضب الله عليها وجعلها عقيماً، فأرسل الله عليهم الصبا، فأطفأت نيرانهم، وقطعت أطنابهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور، فذلك قوله: {فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها}». وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا لم يقاتل من أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، وتهب الرياح». وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عائشة في قوله: {إذ جاءُوكم من فوقكم ومن أسفل منكم} قالت: كان ذلك يوم الخندق. وأخرج ابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده قال: «خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام الأحزاب، فخرجت لنا من الخندق صخرة بيضاء مدوّرة، فكسرت حديدنا وشقت علينا، فشكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ المعول من سلمان، فضرب الصخر ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتي المدينة، حتى لكأن مصباحاً في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكبر المسلمون، ثم ضربها الثانية، فصدعها وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، فكبر وكبر المسلمون، ثم ضربها الثالثة، فصدعها وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، وكبر وكبر المسلمون، فسألناه فقال: أضاء لي في الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء لي في الثانية قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء لي في الثالثة قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، فابشروا بالنصر. فاستبشر المسلمون وقالوا: الحمد لله موعد صادق بأن وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الأحزاب فقال المسلمون: {هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً} وقال المنافقون: الا تعجبون! يحدثكم ويعدكم ويمنيكم الباطل، يخبر أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وإنها تفتح لكم، وإنكم تحفرون الخندق ولا تستطيعون أن تبرزوا، وأنزل القرآن {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً}». وأخرج ابن إسحاق وابن مردويه عن ابن عباس قال: أنزل الله في شأن الخندق، وذكر نعمه عليهم، وكفايته إياهم عدوهم بعد سوء الظن، ومقالة من تكلم من أهل النفاق {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها} وكانت الجنود التي أتت المسلمين. أسد. وغطفان. وسليما. وكانت الجنود التي بعث الله عليهم من الريح الملائكة فقال: {إذ جاءُوكم من فوقكم ومن أسفل منكم} فكان الذين جاؤوهم من أسفل منهم قريشاً، وأسداً، وغطفان فقال: {هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً، وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً} يقول: معتب بن قشير ومن كان معه على رأيه {وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي} يقول أوس بن قيظي ومن كان معه على مثل رأيه {ولو دخلت عليهم من أقطارها} إلى {وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً} ثم ذكر يقين أهل الايمان حين أتاهم الأحزاب فحصروهم وظاهرهم بنو قريظة، فاشتد عليهم البلاء، فقال: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب} إلى {إن الله كان غفوراً رحيماً} قال: وذكر الله هزيمة المشركين، وكفايته المؤمنين، فقال: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم...}. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عروة بن الزبير ومحمد بن كعب القرظي قالا: قال معتب بن قشير: كان محمداً يرى أن يأكل من كنز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط، وقال أوس بن قيظي في ملأ من قومه من بني حارثة {إن بيوتنا عورة} وهي خارجة من المدينة: إئذن لنا فنرجع إلى نسائنا وأبنائنا وذرارينا، فأنزل الله على رسوله حين فرغ منهم ما كانوا فيه من البلاء يذكر نعمته عليهم، وكفايته إياهم بعد سوء الظن منهم، ومقالة من قال من أهل النفاق، {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها} فكانت الجنود: قريشاً، وغطفان، وبني قريظة. وكانت الجنود التي أرسل عليهم مع الريح الملائكة {إذ جاءُوكم من فوقكم} بنو قريظة {ومن أسفل منكم} قريش، وغطفان. إلى قوله: {ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً} يقول: معتب بن قشير وأصحابه {وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب} يقول: أوس بن قيظي ومن كان معه على ذلك من قومه. وأخرج ابن أبي شيبة عن البراء بن عازب قال: لما كان حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحفر الخندق، عرض لنا في بعض الجبل صخرة عظيمة شديدة لا تدخل فيها المعاول، فاشتكينا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها أخذ المعول، وألقى ثوبه وقال: «بسم الله، ثم ضرب ضربة فكسر ثلثها، وقال: الله أكبر. أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية، فقطع ثلثاً آخر فقال: الله أكبر. أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصور المدائن البيض، ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله. فقطع بقية الحجر وقال: الله أكبر. أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء». وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إذ جاءُوكم من فوقكم} قال عيينة بن حصن {ومن أسفل منكم} قال: سفيان بن حرب. وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة في قوله: {إذ جاءُوكم من فوقكم ومن أسفل منكم} قال: كان ذلك يوم الخندق. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إذ جاءُوكم من فوقكم ومن أسفل منكم} قال: نزلت هذه الآية يوم الأحزاب، وقد حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً فخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل أبو سفيان بقريش ومن معه من الناس حتى نزلوا بعفوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عيينة بن حصن أخو بني بدر بغطفان ومن تبعه حتى نزلوا بعفوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكاتبت اليهود أبا سفيان فظاهروه، فبعث الله عليهم الرعب والريح. فذكر أنهم كانوا كلما بنوا بناء قطع الله أطنابه، وكلما ربطوا دابة قطع الله رباطها، وكلما أوقدوا ناراً أطفأها الله، حتى لقد ذكر لنا أن سيد كل حي يقول: يا بني فلان هلم إلي. حتى إذا اجتمعوا عنده قال: النجاة... النجاة... أتيتم لما بعث الله عليهم الرعب. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {إذ جاءُوكم من فوقكم} قال: عيينة بن حصن في أهل نجد {ومن أسفل منكم} قال: أبو سفيان بن حرب في أهل تهامة، ومواجهتهم قريظة. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وإذ زاغت الأبصار} قال: شخصت الأبصار. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وبلغت القلوب الحناجر} قال: شخصت من مكانها فلولا أنه ضاق الحلقوم عنها أن تخرج لخرجت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله: {وبلغت القلوب الحناجر} قال: فزعها ولفظ ابن أبي شيبة قال: إن القلوب لو تحركت أو زالت خرجت نفسه، ولكن إنما هو الفزع. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {وتظنون بالله الظنونا} قال: ظنون مختلفة ظن المنافقون أن محمداً وأصحابه يستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله ورسوله حق أنه سيظهر على الدين كله. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وتظنون بالله الظنونا} قال: هم المنافقون يظنون بالله ظنوناً مختلفة. وفي قوله: {هنالك ابتلي المؤمنون} قال: محصوا. وفي قوله: {وإذ يقول المنافقون} تكلموا بما في أنفسهم من النفاق، وتكلم المؤمنون بالحق والإِيمان {قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله}. وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله قال: لما حفر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الخندق، وأصاب النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين جهد شديد، فمكثوا ثلاثاً لا يجدون طعاماً حتى ربط النبي صلى الله عليه وسلم على بطنه حجراً من الجوع. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال: قال المنافقون يوم الأحزاب حين رأوا الأحزاب قد اكتنفوهم من كل جانب، فكانوا في شك وريبة من أمر الله قالوا: إن محمداً كان يعدنا فتح فارس والروم، وقد حصرنا هاهنا حتى ما يستطيع يبرز أحدنا لحاجته. فأنزل الله: {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً}. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: حفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، واجتمعت قريش، وكنانة، وغطفان، فاستأجرهم أبو سفيان بلطيمة قريش، فاقبلوا حتى نزلوا بفنائه، فنزلت قريش أسفل الوادي، ونزلت غطفان عن يمين ذلك، وطليحة الأسدي في بني أسد يسار ذلك، وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على قتال النبي صلى الله عليه وسلم، فلما نزلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم تحصن بالمدينة، وحفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق، فبينما هو يضرب فيه بمعوله إذ وقع المعول في صفا، فطارت منه كهيئة الشهاب من النار في السماء، وضرب الثاني فخرج مثل ذلك، فرأى ذلك سلمان رضي الله عنه فقال: يا رسول الله قد رأيت خرج من كل ضربة كهيئة الشهاب، فسطع إلى السماء فقال: لقد رأيت ذلك؟ فقال: نعم يا رسول الله قال: تفتح لكم أبواب المدائن، وقصور الروم، ومدائن اليمن، ففشا ذلك في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فتحدثوا به، فقال رجل من الأنصار يدعى قشير بن معتب: أيعدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يفتح لنا مدائن اليمن، وبيض المدائن، وقصور الروم وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجته إلا قتل، هذا والله الغرور. فأنزل الله تعالى في هذا {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً}.

33:9

33:9

33:9

{وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13)} أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وإذ قالت طائفة منهم} قال: من المنافقين. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن المبارك عن هارون بن موسى قال: أمرت رجلاً فسأل الحسن رضي الله عنه {لا مُقام لكم} أو {لا مَقام لكم} قال: كلتاهما عربية قال ابن المبارك رضي الله عنه: المقام: المنزل حيث هو قائم. والمقام: الاقامة. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {لا مقام لكم} قال: لا مقاتل لكم ههنا، ففروا ودعوا هذا الرجل. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {لا مقام لكم فارجعوا} فروا ودعوا محمداً صلى الله عليه وسلم. وأخرج مالك وأحمد وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت بقرية تأكل القرى يقولون: يثرب. وهي المدينة. تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديدة». وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله، هي طابة. هي طابة. هي طابة». وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدعونها يثرب، فإنها طيبة يعني المدينة، ومن قال: يثرب، فليستغفر الله ثلاث مرات. هي طيبة. هي طيبة. هي طيبة». وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا} قال: إلى المدينة عن قتال أبي سفيان {ويستأذن فريق منهم النبي} قال: جاءه رجلان من الأنصار ومن بني حارثة، أحدهما يدعى أبا عرابة بن أوس، والآخر يدعى أوس بن قيظي، فقالا: يا رسول الله {إن بيوتنا عورة} يعنون أنها ذليلة الحيطان، وهي في أقصى المدينة، ونحن نخاف السرق فائذن لنا فقال الله: {ما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً}. وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله: {ويستأذن فريق منهم النبي} قال: هم بنو حارثة قالوا: بيوتنا مخلية نخشى عليها السرق. وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: إن الذين قالوا بيوتنا عورة يوم الخندق: بنو حارثة بن الحارث. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إن بيوتنا عورة} نخاف عليها السرق.

{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17) قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18)} أخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة {ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها} قال: لأعطوها يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على المدينة. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ولو دخلت عليهم من أقطارها} قال: من نواحيها {ثم سئلوا الفتنة لآتوها} قال: لو دعوا إلى الشرك لأجابوا. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ولو دخلت عليهم من أقطارها} قال: من أطرافها {ثم سئلوا الفتنة} يعني الشرك. وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولو دخلت عليهم من أقطارها} أي لو دخل عليهم من نواحي المدينة {ثم سئلوا الفتنة} قال: الشرك {لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيراً} يقول: لأعطوه طيبة به أنفسهم {وما تلبثوا بها إلا يسيراً} {ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل} قال: كان ناس غابوا عن وقعة بدر ورأوا ما أعطى الله سبحانه أهل بدر من الفضيلة والكرامة قالوا: لئن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلن، فساق الله إليهم ذلك حتى كان في ناحية المدينة. فصنعوا ما قص الله عليكم. وفي قوله: {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم....} قال: لن تزدادوا على آجالكم التي أجلكم الله، وذلك قليل وإنما الدنيا كلها قليل. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الربيع بن خثيم رضي الله عنه في قوله: {وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً} قال: ما بينهم وبين الأجل. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {قد يعلم الله المعوقين منكم} قال: المنافقين يعوقون الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {قد يعلم الله المعوقين منكم...} قال: هذا يوم الأحزاب، انصرف رجل من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد أخاه بين يديه شواء ورغيف فقال له: أنت هاهنا في الشواء والرغيف والنبيذ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرماح والسيوف. قال: هلم الي لقد بلغ بك وبصاحبك- والذي يحلف به- لا يستقي لها محمد أبداً قال: كذبت- والذي يحلف به- وكان أخاه من أبيه وأمه، والله لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم بأمرك، وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره، فوجده قد نزل جبريل عليه السلام بخبره، {قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلاً}. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {قد يعلم الله المعوقين منكم} قال: هؤلاء أناس من المنافقين كانوا يقولون: لاخوانهم: ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، ولو كانوا لحماً لالتهمهم أبو سفيان وأصحابه، دعوا هذا الرجل فإنه هالك {والقائلين لإخوانهم} أي من المؤمنين {هلم إلينا} أي دعوا محمداً وأصحابه فإنه هالك ومقتول {ولا يأتون البأس إلا قليلاً} قال: لا يحضرون القتال إلا كارهين. وان حضروه كانت أيديهم من المسلمين، وقلوبهم من المشركين.

33:14