Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 47
الربع رقم 2
quran-border  ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون واشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت وهو اعلم بما يفعلون وسيق الذين كفروا الى جهنم زمرا حتى اذا جاءوها فتحت ابوابها وقال لهم خزنتها الم ياتكم رسل منكم يتلون عليكم ايات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا ابواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا حتى اذا جاءوها وفتحت ابوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوا من الجنة حيث نشاء فنعم اجر العاملين
Page Number

1

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)} أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قال رجل من اليهود بسوق المدينة: والذي اصطفى موسى على البشر. فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه قال: أتقول هذا وفينا رسول الله؟ فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قال الله: {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} فاكون أوّل من يرفع رأسه، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله عز وجل». وأخرج أبو يعلى والدارقطني في الأفراد وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سئل جبريل عليه السلام عن هذه الآية {فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} من الذين لم يشإ الله أن يصعقهم؟ قال: هم الشهداء مقلدون باسيافهم حول عرشه، تتلقاهم الملائكة عليهم السلام يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت، أزمتها الدر برحائل السندس والإستبرق، نمارها ألين من الحرير، مدَّ خطاها مدَّ أبصار الرجل، يسيرون في الجنة يقولون عند طول البرهة؛ انطلقوا بنا إلى ربنا ننظر كيف يقضي بين خلقه؟ يضحك اليهم إلهي، وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه». وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن أبي هريرة {فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال: هم الشهداء ثنية الله تعالى. وأخرج سعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله: {إلا من شاء الله} قال: هم الشهداء ثنية الله، متقلدي السيوف حول العرش. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وأبو نصر السجزي في الابانة وابن مردويه عن أنس قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين استثنى الله؟ قال جبريل، وميكائيل، وملك الموت، واسرافيل، وحملة العرش. فإذا قبض الله أرواح الخلائق قال لملك الموت: من بقي؟ وهو أعلم فيقول: رب سبحانك.... ! رب تعاليت ذا الجلال والاكرام بقي جبريل، وميكائيل، واسرافيل، وملك الموت. فيقول: خذ نفس ميكائيل. فيقع كالطود العظيم. فيقول: يا ملك الموت من بقي؟ فيقول سبحانك رب.. ! ذا الجلال والاكرام بقي جبريل وملك الموت. فيقول مت يا ملك الموت، فيموت فيقول يا جبريل من بقي فيقول: سبحانك.. ! يا ذا الجلال والاكرام بقي جبريل وهو من الله بالمكان الذي هو به. فيقول: يا جبريل ما بد من موتك. فيقع ساجداً يخفق بجناحيه يقول: سبحانك رب... ! تباركت وتعاليت ذا الجلال والاكرام، أنت الباقي وجبريل الميت الفاني، ويأخذ روحه في الخفقة التي يخفق فيها، فيقع على حيز من فضل خلقه على خلق ميكائيل كفضل الطود العظيم». وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أنس رفعه في قوله: {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله...} قال: فكان ممن استثنى الله جبريل، وميكائيل، وملك الموت، فيقول الله- وهو أعلم: يا ملك الموت من بقي؟ فيقول بقي وجهك الكريم، وعبدك جبريل، وميكائيل، وملك الموت. فيقول: توفَّ نفس ميكائيل. ثم يقول- وهو أعلم- يا ملك الموت من بقي؟ فيقول بقي وجهك الكريم، وعبدك جبريل، وملك الموت. فيقول، توف نفس جبريل. ثم يقول- وهو أعلم- يا ملك الموت من بقي؟ فيقول: بقي وجهك الباقي الكريم، وعبدك ملك الموت وهو ميت. فيقول: مت. ثم ينادي أنا بدأت الخلق، وأنا أعيده فأين الجبارون المتكبرون؟ فلا يجيبه أحد. ثم ينادي لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد، فيقول هو لله الواحد القهار {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}. وأخرج ابن المنذر عن جابر {فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال: استثنى موسى عليه السلام لأنه كان صعق قبل. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه {إلا من شاء الله} قال: هم حملة العرش. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: ما يبقى أحد إلا مات، وقد استثنى والله أعلم مثنياه. وأخرج أحمد ومسلم عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال في أمتي، فيمكث فيهم أربعين يوماً، أو أربعين عاماً، أو أربعين شهراً، أو أربعين ليلة، فيبعث الله عيسى بن مريم عليه السلام كأنه عروة بن مسعود الثقفي، فيطلبه فيهلكه الله تعالى، ثم يلبث الناس بعده سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يبعث الله ريحاً باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من الإِيمان إلا قبضته حتى لو كان أحدهم في كبد جبل لدخلت عليه. يبقى شرار الناس في خفة الطير، وأحلام السباع. لا يعرفون معروفاً، ولا ينكرون منكراً، فيتمثل لهم الشيطان فيقول: الا تستجيبون؟ فيأمرهم بالأوثان فيعبدوها وهم في ذلك دارة أرزاقهم، حسن عيشهم. ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا صغى. وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق، ثم لا يبقى أحد إلا صعق. ثم يرسل الله مطراً كأنه الطل، فتنبت منه أجساد الناس {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} ثم يقال: أيا أيها الناس هلموا إلى ربكم {وقفوهم إنهم مسئولون} [ الصافات: 24] ثم يقال: اخرجوا بعث النار فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فذلك {يوم يجعل الولدان شيباً} [ المزمل: 17] وذلك {يوم يكشف عن ساق} [ القلم: 42]». وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين النفختين أربعون. قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوماً؟ قال: أبيت قالوا: أربعون شهراً؟ قال: أبيت قالوا: أربعون عاماً؟ قال: أبيت ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإِنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة». وأخرج أبو داود في البعث وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ينفخ في الصور والصور كهيئة القرن، فصعق من في السموات ومن في الأرض. وبين النفختين أربعون عاماً، فيمطر الله في تلك الأربعين مطراً، فينبتون من الأرض كما ينبت البقل، ومن الإِنسان عظم لا تأكله الأرض. عجب ذنبه ومنه يركب جسده يوم القيامة». وأخرج ابن أبي عاصم في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب ينبت، ويرسل الله ماء الحياة فينبتون منه نبات الخضر، حتى إذا خرجت الأجساد، أرسل الله الأرواح فكان كل روح أسرع إلى صاحبه من الطرف، ثم ينفخ في الصور {فإذا هم قيام ينظرون}». وأخرج ابن المبارك عن الحسن قال: بين النفختين أربعون سنة. الأولى يميت الله بها كل حي، والأخرى يحيي الله بها كل ميت. وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عمرو، «أن أعرابياً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن {الصور} فقال: قرن ينفخ فيه». وأخرج مسدد وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: {الصور} كهيئة القرن، ينفخ فيه. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن حبان وابن خزيمة وابن المنذر والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه، ينتظر أن يؤمر فينفخ؟ قال المسلمون: كيف نقول يا رسول الله؟ قال: قالوا {حسبنا الله ونعم الوكيل} [ آل عمران: 173] على الله توكلنا». وأخرج أبو الشيخ وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعداً ينظر العرش، مخافة أن يؤمر بالصيحة قبل أن يرتد إليه طرفه، كأن عينيه كوكبان دريان». وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وهو صاحب الصور يعني اسرافيل». وأخرج ابن ماجة والبزار وابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن صاحبي الصور بايديهما قرنان يلاحظان النظر حتى يؤمران». وأخرج البزار والحاكم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من صباح إلا وملكان موكلان بالصور ينتظران متى يؤمران فينفخان». وأخرج أحمد والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «النافخان في السماء الثانية. رأس أحدهما بالمشرق. ورجلاه بالمغرب. ينتظران متى يؤمران أن ينفخا في الصور فينفخا». وأخرج عبد بن حميد والطبراني في الأوسط بسند حسن عن عبد الله بن الحارث قال: كنت عند عائشة رضي الله عنها، وعندها كعب رضي الله عنه، فذكر اسرافيل عليه السلام فقالت عائشة: أخبرني عن إسرافيل عليه السلام؟ قال: له أربعة أجنحة. جناحان في الهواء، وجناح قد تسرول به، وجناح على كاهله، والقلم على أذنه. فإذا نزل الوحي كتب القلم، ودرست الملائكة، وملك الصور أسفل منه جاث على إحدى ركبتيه، وقد نصب الأخرى، فالتقم الصور، فحنى ظهره وطرفه إلى إسرافيل ضم جناحيه أن ينفخ في الصور. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي بكر الهذلي قال: إن ملك الصور الذي وكل به إحدى قدميه لفي الأرض السابعة، وهو جاث على ركبتيه، شاخص ببصره إلى إسرافيل عليه السلام، ما طرف. منذ خلقه الله ينظر متى يشير إليه، فينفخ في الصور. وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال: خلق الله الصور من لؤلؤة بيضاء في صفاء الزجاجة، ثم قال للعرش: خذ الصور فتعلق به، ثم قال كن فكان إسرافيل، فأمره أن يأخذ الصور فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة، ونفس منفوسة، لا يخرج روحاً من ثقب واحد، وفي وسط الصور كوة كاستدارة السماء والأرض. وإسرافيل عليه السلام واضع فمه على تلك الكوة. ثم قال له الرب عز وجل: قد وكلتك بالصور فأنت للنفخة وللصيحة، فدخل إسرافيل في مقدمة العرش، فادخل رجله اليمنى تحت العرش، وقدَّم اليسرى ولم يطرف منذ خلقه الله تعالى لينظر ما يؤمر به. وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أوس بن أوس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه نفخة الصور، وفيه الصعقة». وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كأني أنفض رأسي من التراب أول خارج، فالتفت فلا أرى أحداً إلا موسى متعلقاً بالعرش، فلا أدري أممن استثنى الله أن لا تصيبه النفخة فبعث قبلي؟». وأخرج ابن جرير عن السدي {فصعق} قال: مات {إلا من شاء الله} قال: جبريل، وإسرافيل، وملك الموت، ثم نفخ فيه أخرى، قال: في الصور. وأخرج عبد بن حميد عن أبي عمران الجوني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما بعث الله إلى صاحب الصور فأخذه، فأهوى بيده إلى فيه، فقدم رجلاً وأخر رجلاً حتى يؤمر فينفخ، فاتقوا النفخة». وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {فإذا هم قيام ينظرون}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتاني ملك فقال: يا محمد اختر نبياً ملكاً أو نبياً عبداً قال: فأومأ إلى جبريل أن تواضع فقلت: نبياً عبداً، فأعطيت خصلتين. ان جعلت أول من تنشق عنه الأرض. وأول شافع، فارفع رأسي فاجد موسى آخذاً بالعرش فالله أعلم أصعق لهذه الصعقة الأولى، أم أفاق قبلي؟ {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}». وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم عن أبيه قال: كنت جالساً عند عكرمة فذكروا الذين يغرقون في البحر، فقال عكرمة: الحمد لله الذين يغرقون في البحار، فلا يبقى منهم شيء إلا العظام، فتقبلها الأمواج حتى تلقيها إلى البر، فتمكث العظام حيناً حتى تصير حائلة نخرة، فتمر بها الإِبل فتأكلها، ثم تسير الإِبل فتبعر، ثم يجيء بعدهم قوم فينزلون فيأخذون ذلك البعر، فيوقدونه في تلك النار، فتجيء ريح فتلقي ذلك الرماد على الأرض، فإذا جاءت النفخة قال الله: {فإذا هم قيام ينظرون} فخرج أولئك وأهل القبور سواء. وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن العاصي قال: ينفخ في الصور النفخة الأولى من باب ايليا الشرقي. أو قال الغربي. والنفخة الثانية من باب آخر. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بين النفختين أربعون يقول الحسن فلا ندري أربعين سنة أو أربعين شهرا أو أربعين ليلة» وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين النفختين أربعون قال أصحابه: فما سألناه عن ذلك وما زاد غير أنهم كانوا يرون من رأيهم أنها أربعون سنة قال: وذكر لنا أنه يبعث في تلك الأربعين مطر يقال له مطر الحياة حتى تطيب الأرض وتهتز وتنبت أجساد الناس نبات البقل ثم ينفخ النفخة الثانية فإذا هم قيام ينظرون» وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة في قوله ونفخ في الصور «قال: الصور مع إسرافيل عليه السلام وفيه أرواح كل شيء يكون فيه ثم نفخ فيه نفخة الصعقة فإذا نفخ فيه نفخة البعث قال الله» بعزتي ليرجعن كل روح إلى جسده «قال: ودارة منها أعظم من سبع سموات ومن الأرض فحلق الصور على إسرافيل وهو شاخص ببصره إلى العرش حتى يؤمر بالنفخة فينفخ في الصور» وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله ونفخ في الصور «قال: الأولى من الدنيا والأخيرة من الآخرة» وأخرج عبد بن حميد وعلي بن سعيد في كتاب الطاعة والعصيان وأبو يعلى وأبو الحسن القطان في المطولات وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو موسى المديني كلاهما في المطولات وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في البعث والنشور عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وعنده طائفة من أصحابه: «إن الله تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص بصره إلى السماء فينظر متى يؤمر فينفخ فيه قلت: يا رسول الله وما الصور؟ قال: القرن قلت فكيف هو؟ قال: عظيم والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه لعرض السموات والأرض فينفخ فيه النفخة الأولى فيصعق من في السموات ومن في الأرض ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون لرب العالمين فيأمر الله إسرافيل عليه السلام في النفخة الأولى أن يمدها ويطولها فلا يفتر وهو الذي يقول الله ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق [ص 15] فيسير الله الجبال فتكون سرابا وترتج الأرض بأهلها رجا فتكون كالسفينة الموسقة في البحر تضربها الرياح تنكفأ بأهلها كالقناديل المعلقة بالعرش تميلها الرياح وهي التي يقول الله {يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة}[النازعات 5- 8] فيميد الناس على ظهرها وتذهل المراضع وتضع الحوامل وتشيب الولدان وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع وتولي الناس به مدبرين ينادي بعضهم بعضا فبينما على ذلك إذ تصدعت الأرض كل صدع من قطر إلى قطر فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل ثم انشقت وانتثرت نجومها وخسف شمسها وقمرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والأموات لا يعلمون شيئا من ذلك فقلت: يا رسول الله فمن استثنى الله حين يقول ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله؟ قال: أولئك الشهداء وإنما يصل الفزع إلى الأحياء وهم أحياء عند ربهم يرزقون ووقاهم الله فزع ذلك اليوم وآمنهم منه وهو الذي يقول الله {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} [الحج 1] إلى قوله {ولكن عذاب الله شديد} [الحج 2] فينفخ الصور فيصعق أهل السمموات وأهل الأرض إلا من شاء الله فإذا هم خمود ثم يجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول: يا رب قد مات أهل السموات وأهل الأرض إلا من شئت فيقول- وهو أعلم- فمن بقي؟ فيقول: يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقي حملة عرشك وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وبقيت أنا فيقول الله: ليمت جبريل وميكائيل وإسرافيل وينطق الله العرش فيقول: يا رب تميت جبريل وميكائيل وإسرافيل؟ فيقول الله له: اسكت فإني كتبت الموت على من كان تحت عرشي فيموتون ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول: يا رب قد مات جبريل وميكائيل وإسرافيل فيقول الله عز وجل- وهو أعلم- فمن بقي؟ فيقول: يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقيت أنا فيقول الله له: ليمت حملة عرشي. فيموتون ويأمر الله العرش فيقبض الصور ثم يأتي ملك الموت الرب عز وجل فيقول: يا رب مات حملة عرشك فيقول الله- وهو أعلم- فمن بقي؟ فيقول: يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقيت أنا فيقول الله له: أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار الصمد الذي لم يلد ولم يولد كان آخرا كما كان أولا طوى السموات والأرض كطي السجل للكتاب ثم قال بهما فلفهما ثم قال: أنا الجبار أنا الجبار أنا الجبار ثلاث مرات ثم هتف بصوته لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد ثم يقول لنفسه: {لله الواحد القهار يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} [إبراهيم 48] فبسطها وسطحها ثم مدها مد الأديم العكاظي {لا ترى فيها عوجا ولا أمتا} [طه 107] ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة فإذا هم في هذه المبدلة من كان في بطنها كان في بطنها ومن كان على ظهرها كان على ظهرها ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش فيأمر الله السماء أن تمطر فتمطر أربعين يوما حتى يكون الماء فوقكم إثني عشر ذراعا ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت فتنبت نبات؟ الطوانيت كنبات البقل حتى إذا تكاملت أجسامهم وكانت كما كانت قال الله: ليحيى حملة العرش فيحيون ويأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه ثم يقول الله: ليحيى جبريل وميكائيل فيحييان ثم يدعو الله بالأرواح فيؤتى بهن توهج أرواح المؤمنين نورا والأخرى ظلمة فيقبضهن الله جميعا ثم يلقيها في الصور ثم يأمر إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض فيقول: وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد فتدخل في الخياشيم ثم تمشي في الأجساد كما يمشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم وأنا أول من تنشق الأرض عنه فتخرجون منها سراعا إلى ربكم تنسلون مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر حفاة عراة غلفا غرلا فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا فينزل أهل سماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف إلى السموات السبع ثم ينزل الجبار {في ظلل من الغمام} [البقرة 210] والملائكة يحمل عرشه يومئذ ثمانية وهم اليوم أربعة أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والأرضون والسموات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم لهم زجل بالتسبيح فيقولون: سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت سبحان الحي الذي لا يموت سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض ثم يهتف بصوته فيقول: يا معشر الجن والإنس إني قد أنصت لكم منذ يوم خلقكم إلى يومك هذا. أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فأنصتوا إلي فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ثم يأمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم ثم يقول {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم} [يس 60]إلى قوله {وامتازوا اليوم أيها المجرمون}[ يس 59] فيميز بين الناس وتجثو الأمم قال {وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها}[الجاثية 28] ويقفون موقفا واحدا مقدار سبعين عاما لا يقضى بينهم فيبكون حتى تنقطع الدموع ويدمعون دما ويعرقون عرقا إلى أن يبلغ ذلك منهم أن يلجمهم العرق وأن يبلغ الأذقان منهم فيصيحون ويقولون: من يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقضي بيننا فيقولون: ومن أحق بذلك من أبيكم آدم عليه السلام فيطلبون ذلك إليه فيأبى ويقول: ما أنا بصاحب ذلك ثم يستفزون الأنبياء نبيا نبيا كلما جاؤا نبيا أبى عليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى يأتوني فأنطلق حتى أتي فأخر ساجدا قال: أبو هريرة رضي الله عنه وربما قال قدام العرش حتى يبعث إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني فيقول لي: يا محمد فأقول: نعم يا رب: ما شأنك؟- وهو أعلم- فأقول: يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجع فأقف مع الناس فيقضي الله بين الخلائق فيكون أول من يقضى فيه في الدماء ويأتي كل من قتل في سبيل الله يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون: يا ربنا قتلنا فلان وفلان فيقول الله- وهو أعلم- أقتلتم؟ فيقولون: يا ربنا قتلنا لتكون العزة لك فيقول الله لهم: صدقتم فيجعل لوجوههم نورا مثل نور الشمس ثم توصلهم الملائكة إلى الجنة ويأتي من كان قتل على غير ذلك يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون: يا ربنا قتلنا فلان وفلان فيقول: لم؟- وهو أعلم- فيقولون: لتكون العزة لك فيقول الله: تعستم ثم ما يبقى نفس قتلها إلا قتل بها ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها وكان في مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء رحمه ثم يقضي الله بين من بقي من خلقه حتى لا يبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها الله تعالى للمظلوم من الظالم حتى إنه ليكلف يومئذ شائب اللبن للبيع الذي كان يشوب اللبن بالماء ثم يبيعه فيكلف أن يخلص اللبن من الماء فإذا فرغ الله من ذلك نادى نداء أسمع الخلائق كلهم: ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله فلا يبقى أحد عبد من دون الله شيئا إلا مثلت له آلهة بين يديه ويجعل يومئذ من الملائكة على صورة عزير ويجعل ملك من الملائكة على صورة عيسى فيتبع هذا اليهود وهذا النصارى ثم يعود بهم آلهتهم إلى النار. فهي التي قال الله {لوكان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون}[الأنبياء 99] فإذا لم يبق إلا المؤمنون وفيهم المنافقون فيقال لهم: يا أيها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون. فيقولون: والله ما لنا إله إلا الله وما كنا نعبد غيره فيقال لهم: الثانية والثالثة فيقولون: مثل ذلك فيقول: أنا ربكم فهل بينكم وبين ربكم آية تعرفونه بها؟ فيقولون: نعم فيكشف عن ساق ويريهم الله ما شاء من الآية أن يريهم فيعرفون أنه ربهم فيخرون له سجدا لوجوههم ويخر كل منافق على قفاه يجعل الله أصلابهم كصياصي البقر ثم يأذن الله لهم فيرفعون رؤوسهم ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم كدقة الشعر وكحد السيف عليه كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان دونه جسر دحض مزلة فيمرون كطرف العين وكلمح البرق وكمر الريح وكجياد الخيل وكجياد الركاب وكجياد الرجال فناج مسلم وناج مخدوش ومكدوش على وجهه في جهنم فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة فدخلوها فو الذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم إذ دخلوا الجنة فدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشىء الله في الجنة واثنتين آدميتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما في الدنيا فيدخل على الأولى منهن في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ عليه سبعون زوجا من سندس واستبرق ثم إنه يضع يده بين كتفيها فينظر إلى يدها من صدرها ومن وراء ثيابها ولحمها وجلدها وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في الياقوتة كبدها له مرآة فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء لا يفتران ولا يألمان فبينما هو كذلك إذ نودي فيقال له: إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل وإن لك أزواجا غيرها فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة كلما جاء واحدة قالت له: والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ولا شيئا في الجنة أحب إلي منك قال وإذا وقع أهل النار في النار وقع فيها خلق من خلق الله أوبقتهم أعمالهم فمنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه النار في جسده كله إلا وجهه حرم الله صورهم على النار فينادون في النار فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا حتى يخرجنا من النار؟ فيقولون: ومن أحق بذلك من أبيكم آدم؟ فينطلق المؤمنون إلى آدم فيقولون: خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وكلمك فيذكر آدم ذنبه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بنوح فإنه أول رسل الله فيأتون نوحا عليه السلام ويذكرون ذلك إليه فيذكر ذنبا فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بإبراهيم فإن الله اتخذه خليلا فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه فيذكر ذنبا فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بموسى فإن الله قربه نجيا وكلمه وأنزل عليه التوراة. فيؤتى موسى فيطلب ذلك إليه فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى بن مريم عليه السلام فيؤتى عيسى بن مريم عليه السلام فيطلب ذلك إليه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن فأنطلق حتى آتي باب الجنة فآخذ بحلقة الباب فاستفتح فيفتح لي فأخر ساجدا فيأذن لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد اشفع تشفع وسل تعطه فإذا رفعت رأسي قال لي- وهو أعلم- ما شأنك؟ فأقول: يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني فأقول يا رب من وقع في النار من أمتي؟ فيقول الله: أخرجوا من عرفتم صورته فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد ثم يأذن الله بالشفاعة فلا يبقى نبي ولا شهيد إلا شفع فيقول الله: أخرجوا من وجدتم في قلبه زنة دينار من خير فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد وحتى لا يبقى في النار من عمل خيرا قط ولا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع حتى أن إبليس ليتطاول في النار لما يرى من رحمة الله رجاء أن يشفع له ثم يقول الله: بقيت وأنا أرحم الراحمين فيقبض قبضة فيخرج منها ما لا يحصيه غيره فينبتهم على نهر يقال له نهر الحيوان فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل فما يلي الشمس أخضر وما يلي الظل أصفر فينبتون كالدر مكتوب في رقابهم: الجهنميون عتقاء الرحمن لم يعملوا لله خيرا قط يقول مع التوحيد فيمكثون في الجنة ما شاء الله وذلك الكتاب في رقابهم ثم يقولون: يا ربنا امح عنا هذا الكتاب فيمحوه عنهم»

{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)} أخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {وأشرقت الأرض} قال: أضاءت {ووضع الكتاب} قال: الحساب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {وأشرقت الأرض بنور ربها} قال: فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه {وجيء بالنبيين والشهداء} قال: الذين استشهدوا. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجيء بالنبيين والشهداء} قال: النبيون الرسل {والشهداء} الذين يشهدون بالبلاغ، ليس فيهم طعان ولا لعان. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجيء بالنبيين والشهداء} قال: يشهدون بتبليغ الرسالة، وتكذيب الأمم إياهم.

39:69

{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)} أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن جهنم إذا سيق إليها أهلها تلفحهم بعنق منها لفحة لم تدع لحماً على عظم إلا ألقته على العرقوب». وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين} قال: بأعمالهم أعمال السوء. والله أعلم.

39:71

{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)} أخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على صورة أشد كوكب دري في السماء إضاءة». وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبيهقي في البعث والضياء في المختارة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: يساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان، فعمدوا إلى احداهما فشربوا منها، فذهب ما في بطونهم من أذى أو قذى وبأس، ثم عمدوا إلى الأخرى فتطهروا منها، فجرت عليهم نضرة النعيم، فلن تغير أبشارهم بعدها أبداً ولن تشعث أشعارهم كأنما دهنوا بالدهان، ثم انتهوا إلى خزنة الجنة فقالوا {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} ثم تلقاهم الْوِلْدَان يطوفون بهم كما يطيف أهل الدنيا بالحميم، فيقولون: ابشر بما أعد الله لك من الكرامة، ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين، فيقول: قد جاء فلان باسمه الذي يدعى به في الدنيا فتقول: أنت رأيته؟ فيقول: أنا رأيته، فيستخفها الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها، فإذا انتهى إلى منزله نظر شيئاً من أساس بنيانه فإذا جندل اللؤلؤ فوقه أخضر، وأصفر، وأحمر، من كل لون. ثم رفع رأسه فنظر إلى سقفه فإذا مثل البرق. ولولا أن الله تعالى قدر أنه لا ألم لذهب ببصره. ثم طأطأ برأسه فنظر إلى أزواجه {وأكواب موضوعة. ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة} [ الغاشية: 14-16] فنظر إلى تلك النعمة، ثم اتكأ على أريكة من أريكته، ثم قال: {الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله...} [ الأعراف: 43]. ثم ينادي منادٍ: تحيون فلا تموتون أبداً، وتقيمون فلا تظعنون أبداً، وتصحون فلا تمرضون أبداً. والله تعالى أعلم. أما قوله تعالى: {وفتحت أبوابها}. أخرج البخاري ومسلم والطبراني عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون». وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنة، وللجنة أبواب فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد. فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله فهل يدعى أحد منها كلها؟ قال: نعم وأرجو أن تكون منهم». وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو يعلى والطبراني والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للجنة ثمانية أبواب: سبعة مغلقة، وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه». وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: للجنة ثمانية أبواب: باب للمصلين، وباب للصائمين، وباب للحاجين، وباب للمعتمرين، وباب للمجاهدين، وباب للذاكرين، وباب للشاكرين. وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل عمل أهل من أبواب الجنة يدعون منه بذلك العمل». وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة دعي الإِنسان بأكبر عمله، فإذا كانت الصلاة أفضل دعي بها، وإن كان صيامه أفضل دعي به، وإن كان الجهاد أفضل دعي به. فقال أبو بكر رضي الله عنه: أحد يدعى بعملين؟ قال: نعم. أنت». وأخرج الطبراني في الأوسط والخطيب في المتفق والمفترق عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة باباً يقال له الضحى، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى؟ هذا بابكم فادخلوه برحمة الله». وأخرج أحمد عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين مصراعين من مصاريع الجنة أربعون عاماً، وليأتين عليهم يوم وأنه لكظيظ». وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر. أو كما بين مكة وبصرى». وأخرج ابن أبي شيبة عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه أنه خطب فقال: إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لمسيرة أربعين عاماً، وليأتين على أبواب الجنة يوم وليس منها باب إلا وهو كظيظ. وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال: ما بين مصراعي الجنة أربعون خريفاً للراكب المجد، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلمي قال إن الرجل ليوقف على باب الجنة مائة عام بالذنب عمله، وإنه ليرى أزواجه وخدمه. وأخرج أحمد والبزار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله». وأخرج الطيالسي والدارمي عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مفاتيح الجنة الصلاة». وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي ومسلم وأبو داود وابن ماجة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما منكم من أحد يسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له من الجنة ثمانية أبواب؛ من أيها شاء دخل». وأخرج النسائي والحاكم وابن حبان عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة». وأخرج أحمد وابن جرير والبيهقي عن عتبة بن عبد الله السلمي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية. من أيها شاء دخل». وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له بنتان، أو أختان، أو عمتان، أو خالتان، فَعَالَهُنَّ فتحت له أبواب الجنة». وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة اتقت ربها، وحفظت فرجها، فتحت لها ثمانية أبواب الجنة فقيل لها: ادخلي من حيث شئت». وأخرج أبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حفظ على أمتي أربعين حديثاً ينفعهم الله بها قيل له: أدخل من أي أبواب الجنة شئت». وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {سلام عليكم طبتم} قال: كنتم طيبين بطاعة الله.

{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)} أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وأورثنا الأرض} قال: أرض الجنة. وأخرج هناد عن أبي العالية رضي الله عنه مثله. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {نتبوأ من الجنة حيث نشاء} قال: انتهت مشيئتهم إلى ما أعطوا. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أرض الجنة قال: «هي بيضاء نقية». وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال: أرض الجنة رخام من فضة. وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} قال: مديرين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} قال: محدقين به. وأخرج ابن عساكر عن كعب رضي الله عنه قال: جبل الخليل، والطور، والجودي. يكون كل واحد منهم يوم القيامة لؤلؤة بيضاء تضيء ما بين السماء والأرض. يعني يرجعن إلى بيت المقدس حتى يجعلن في زواياه، ويضع عليها كرسيه حتى يقضى بين أهل الجنة والنار {والملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق}. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} قال: افتتح أول الخلق بالحمد، وختم بالحمد. فتح بقوله: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض} وختم بقوله: {وقيل الحمد لله رب العالمين}. وأخرج عبد بن حميد عن وهب رضي الله عنه قال: من أراد أن يعرف قضاء الله في خلقه فليقرأ آخر سورة الزمر.