Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 10
الربع رقم 3
quran-border  والذين امنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا وعد الله حقا ومن اصدق من الله قيلا ليس بامانيكم ولا اماني اهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا واتخذ الله ابراهيم خليلا ولله ما في السماوات وما في الارض وكان الله بكل شيء محيطا ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون ان تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وان تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فان الله كان به عليما
Page Number

1

4:117

{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)} أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: قالت العرب: لا نبعث ولا نحاسب، وقالت اليهود والنصارى {لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى} [ البقرة: 111]. وقالوا {لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة} [ البقرة: 80] فأنزل الله: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به}. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مسروق قال: احتج المسلمون وأهل الكتاب فقال المسلمون: نحن أهدى منكم. وقال أهل الكتاب: نحن أهدى منكم. فأنزل الله: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} فانفلج عليهم المسلمون بهذه الآية {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن...} [ النساء: 124] الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مسروق قال: تفاخر النصارى وأهل الإسلام فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم. وقال هؤلاء: نحن أفضل منكم. فأنزل الله: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بالله منكم. وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم، ونبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله. فأنزل الله: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} إلى قوله: {ومن أحسن ديناً} الآية. فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: التقى ناس من المسلمين واليهود والنصارى فقالت اليهود للمسلمين: نحن خير منكم، ديننا قبل دينكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن على دين إبراهيم، ولن يدخل الجنة إلا من كان يهودياً. وقالت النصارى مثل ذلك. فقال المسلمون: كتابنا بعد كتابكم، ونبينا بعد نبيكم، وديننا بعد دينكم، وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم فنحن خير منكم، نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا. فرد الله عليهم قولهم فقال: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به} ثم فضل الله المؤمنين عليهم فقال: {ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً} [ النساء: 125]. وأخرج ابن جرير من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال: تخاصم أهل الأديان فقال أهل التوراة: كتابنا أول كتاب وخيرها، ونبينا خير الأنبياء. وقال أهل الإنجيل نحواً من ذلك، وقال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام، وكتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وأمرنا أن نعمل بكتابنا ونؤمن بكتابكم، فقضى الله بينهم فقال: {ليس بأمانيكم ولا أمانيِّ أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به} ثم خير بين أهل الأديان ففضل أهل الفضل فقال: {ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن...} [ النساء: 125] الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق جويبر عن الضحاك قال: افتخر أهل الأديان، فقالت اليهود: كتابنا خير الكتب وأكرمها على الله، ونبينا أكرم الأنبياء على الله موسى خلا به وكلمه نجيا، وديننا خير الأديان. وقالت النصارى: عيسى خاتم النبيين، آتاه الله التوراة والإنجيل، ولو أدركه محمد تبعه، وديننا خير الدين. وقالت المجوس وكفار العرب: ديننا أقدم الأديان وخيرها. وقال المسلمون: محمد رسول الله خاتم الأنبياء وسيد الرسل، والقرآن آخر ما نزل من عند الله من الكتب، وهو أمير على كل كتاب، والإسلام خير الأديان، فخير الله بينهم فقال: {ليس بأمانيكم ولا أمانيِّ أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به} يعني بذلك اليهود والنصارى والمجوس وكفار العرب، ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً، ثم فضل الإسلام على كل دين فقال: {ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله} [ النساء: 125] الآية. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال: قال أهل التوراة: كتابنا خير الكتب أنزل قبل كتابكم، ونبينا خير الأنبياء. وقال أهل الإنجيل مثل ذلك، وقال أهل الإسلام: كتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا، فقضى الله بينهم فقال: {ليس بأمانيكم ولا أمانيِّ أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به} وخير بين أهل الأديان فقال: {ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه} [ النساء: 125] الآية. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح قال: جلس أناس من أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الإيمان، فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم. وقال هؤلاء: نحن أفضل. فقال الله: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به} ثم خص الله أهل الأديان فقال: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى} [ النساء: 124]. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} قال: قريش وكعب بن الأشرف. وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، إن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قالت اليهود والنصارى: لا يدخل الجنة غيرنا. وقالت قريش: لا نبعث. فأنزل الله: {ليس بأمانيكم ولا أمانيِّ أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به} والسوء: الشرك. وأخرج أحمد وهناد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن جرير وأبو يعلى وابن المنذر وابن حبان وابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة عن أبي بكر الصديق. أنه قال: «يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به} فكل سوء جزينا به؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تنصب، ألست تمرض، ألست تحزن، ألست تصيبك اللأواء؟ قال: بلى. قال: فهو ما تجزون به». وأخرج أحمد والبزار وابن جرير وابن مردويه والخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عمر قال: سمعت أبا بكر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا». وأخرج ابن سعيد والترمذي الحكيم والبزار وابن المنذر والحاكم عن ابن عمر. أنه مر بعبدالله بن الزبير وهو مصلوب فقال: رحمك الله يا أبا خبيب، سمعت أباك الزبير يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا». وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن المنذر عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر ألا أقرئك آية نزلت عليّ؟» قلت: بلى يا رسول الله، فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انفصاماً في ظهري حتى تمطيت لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مالك يا أبا بكر؟» قلت: بأبي وأمي يا رسول الله، وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة». وأخرج ابن جرير عن عائشة عن أبي بكر قال: لما نزلت {من يعمل سوءاً يجز به} قال أبو بكر: يا رسول الله كل ما نعمل نؤاخذ به؟ فقال: «يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا... فهو كفارة». وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن مسروق قال: «قال أبو بكر: يا رسول الله ما أشد هذه الآية {من يعمل سوءاً يجز به} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء». وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عائشة أن رجلاً تلا هذه الآية {من يعمل سوءاً يجز به} قال: إنا لنجزى بكل ما عملناه هلكنا إذن، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «نعم، يجزى به المؤمن في الدنيا في نفسه، في جسده، فيما يؤذيه». وأخرج أبو داود وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي «عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله إني لأعلم أشد آية في القرآن قال» ما هي يا عائشة؟ قلت: {من يعمل سوءاً يجز به} فقال: هو ما يصيب العبد من السوء حتى النكبة ينكبها، يا عائشة من نوقش هلك، ومن حوسب عذب. فقلت: يا رسول الله أليس الله يقول {فسوف يحاسب حساباً يسيراً} قال: ذاك العرض، يا عائشة من نوقش الحساب عن هذه الآية {من يعمل سوءاً يجز به} قال: «إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في الغط عند الموت». وأخرج أحمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها». وأخرج ابن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن أبي المهلب قال: رحلت إلى عائشة في هذه الآية {من يعمل سوءاً يجز به} قالت: هو ما يصيبكم في الدنيا. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال: لما نزلت {من يعمل سوءاً يجز به} شق ذلك على المسلمين، وبلغت منهم ما شاء الله، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «سددوا وقاربوا، فإن في كل ما أصاب المسلم كفارة، حتى الشوكة يُشَاكَهَا، والنكبة ينكبها» وفي لفظ عند ابن مردويه: بكينا وحزنا وقلنا: يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من شيء! قال: «أما والذي نفسي بيده إنها لكما نزلت، ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا، إنه لا يصيب أحد منكم من مصيبة في الدنيا إلا كفر الله بها خطيئته، حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه». وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن، حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته». وأخرج أحمد ومسدد وابن أبي الدنيا في الكفارات وأبو يعلى وابن حبان والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال: «قال رجل: يا رسول الله أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها؟ قال: كفارات. قال أبي: وإن قلت؟ قال: وإن شوكة فما فوقها». وأخرج ابن راهويه في مسنده عن محمد بن المنتشر قال: قال رجل لعمر ابن الخطاب: إني لا أعرف أشد آية في كتاب الله. فأهوى عمر فضربه بالدرة وقال: مالك نقبت عنها؟ فانصرف حتى كان الغد قال له عمر: الآية التي ذكرت بالأمس؟ فقال: {من يعمل سوءاً يجز به} فما منا أحد يعمل سوءاً إلا جزي به. فقال عمر: لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب حتى أنزل الله بعد ذلك، ورخص وقال: {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً} [ النساء: 110]. وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه والبيهقي عن أمية بنت عبدالله قالت: سألت عائشة عن هذه الآية {من يعمل سوءاً يجز به} فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد بعد أن سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا عائشة هذه مبايعة الله العبد بما يصيبه من الحمى والحزن والنكبة، حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها تحت ضبنه، حتى إن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير». وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير والبيهقي عن زياد بن الربيع قال: قلت لأبي بن كعب: آية في كتاب الله قد أحزنتني قال: ما هي؟ قلت {من يعمل سوءاً يجز به} قال: ما كنت أراك إلا أفقه مما أرى، إن المؤمن لا تصيبه مصيبة، عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا نحبة نملة إلا بذنب، وما يعفوه الله عنه أكثر حتى اللدغة والنفحة. وأخرج هناد وأبو نعيم في الحلية عن إبراهيم بن مرة قال: جاء رجل إلى أبي فقال: يا أبا المنذر آية في كتاب الله قد غمتني، قال: أي آية؟ قال: {من يعمل سوءاً يجز به} قال: ذاك العبد المؤمن، ما أصابته من نكبة مصيبة فيصبر، فليقى الله عز وجل ولا ذنب له. وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح قال: لما نزلت {من يعمل سوءاً يجز به} قال أبو بكر: جاءت قاصمة الظهر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما هي المصيبات في الدنيا». وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس. إن ابن عمر لقيه حزيناً فسأله عن هذه الآية {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به} فقال: ما لكم ولهذه، إنما هذه للمشركين، قريش وأهل الكتاب. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {من يعمل سوءاً يجز به} يقول: من يشرك يجز به وهو السوء {ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً} إلا أن يتوب قبل موته، فيتوب الله عليه. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد والحكيم الترمذي والبيهقي عن الحسن في قوله: {من يعمل سوءاً يجز به} قال: إنما ذاك لمن أراد الله هوانه، فأما من أراد الله كرامته فإنه يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون. وأخرج البيهقي عن أنس قال: «أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم شجرة، فهزها حتى تساقط من ورقها ما شاء الله أن يتساقط، ثم قال: الأوجاع والمصيبات أسرع في ذنوب بني آدم مني في هذه الشجرة». وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وفي ولده وماله حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة». وأخرج أحمد عن السائب بن خلاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها». وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والحكيم الترمذي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة». وأخرج أحمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وجع، فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه، فقالت عائشة: لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الصالحين يشدد عليهم، وأنه لا يصيب مؤمناً نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت به عنه خطيئة ورفع له بها درجة». وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المؤمن من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه». وأخرج أحمد وهناد في الزهد معاً عن أبي بكر الصديق قال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء، حتى في النكبة وانقطاع شسعه، والبضاعة تكون في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في ضبنه. وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: «النبيون، ثم الأمثل من الناس، فما يزال بالعبد البلاء حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة». وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن معاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفَّر الله عنه به من سيئاته». وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صداع المؤمن، أو شوكة يشاكها، أو شيء يؤذيه، يرفعه الله بها يوم القيامة درجة، ويكفر عنه بها ذنوبه». وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بريدة الأسلمي. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أصاب رجلاً من المسلمين نكبة فما فوقها- حتى ذكر الشوكة- إلا لإحدى خصلتين: إلا ليغفر الله من الذنوب ذنباً لم يكن ليغفر الله له إلا بمثل ذلك، أو يبلغ به من الكرامة كرامة لم يكن يبلغها إلا بمثل ذلك». وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود قال: إن الوجع لا يكتب به الأجر، إنما الأجر في العمل، ولكن يكفِّر الله به الخطايا. وأخرج ابن سعد والبيهقي عن عبدالله بن أياس بن أبي فاطمة عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيكم يحب أن يصح فلا يسقم؟ قالوا: كلنا يا رسول الله قال: أتحبون أن تكونوا كالحمير الضالة» وفي لفظ: الصيالة، «ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلاء، وأصحاب كفارات؟ والذي نفسي بيده إن الله ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلا لكرامته عليه، وإن العبد لتكون له الدرجة في الجنة لا يبلغها بشيء من عمله حتى يبتليه بالبلاء ليبلغ به تلك الدرجة». وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن خالد السلمي عن أبيه عن جده وكانت له صحبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله». وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل لتكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه ذلك». وأخرج البيهقي من طريق أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: مر موسى عليه السلام على رجل في متعبد له، ثم مر به بعد ذلك وقد مزقت السباع لحمه، فرأس ملقى، وفخذ ملقى، وكبد ملقى، فقال موسى: يا رب عبدك كان يطيعك فابتليه بهذا؟! فأوحى الله إليه: يا موسى إنه سألني درجة لم يبلغها بعمله، فابتليه بهذا لأبلغه بذلك الدرجة. وأخرج البيهقي عن عائشة: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما ضرب من مؤمن عرق إلاَّ حَطَّ الله به عنه خطيئة، وكتب له به حسنة، ورفع له به درجة». وأخرج البيهقي عن أبي هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفِّر كل ذنب». وأخرج البيهقي عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صدع في سبيل الله ثم احتسب غفر الله له ما كان قبل ذلك من ذنب». وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن يزيد بن أبي حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الصداع والمليلة بالمرء المسلم حتى يدعه مثل الفضة البيضاء». وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عامر أخي الخضر قال: إني لبأرض محارب إذا رايات وألوية فقلت: ما هذا؟! قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجلست إليه وهو في ظل شجرة قد بسط له كساء وحوله أصحابه، فذكروا الأسقام فقال: «إن العبد المؤمن إذا أصابه سقم ثم عافاه الله كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل من عمره، وإن المنافق إذا مرض وعوفي كان كالبعير عقله أهله ثم أطلقوه، لا يدري فيما عقلوه ولا فيما أطلقوه. فقال رجل: يا رسول الله ما الأسقام؟ قال: أو ما سقمت قط؟! قال: لا. قال: فقم عنا فلست منا». وأخرج البيهقي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد يصرع صرعة من مرض إلا بعثه منه طاهراً». وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته: يا ملائكتي إذا قيدت عبدي بقيد من قيودي فإن أقبضه أغفر له، وإن أعافه فجسده مغفور لا ذنب له» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لَيُجرِّبَ أحدكم البلاء- وهو أعلم- كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار، فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز، فذلك الذي نجاه الله من السيئات، ومنهم من يخرج كالذهب دون ذلك، فذلك الذي يشك بعض الشك، ومنهم من يخرج كالذهب الأسود، فذلك الذي قد افتتن». وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي من طريق بشير بن عبدالله بن أبي أيوب الأنصاري عن أبيه عن جده قال: عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأنصار، فأكبَّ عليه فسأله فقال: يا نبي الله ما غمضت منذ سبع ليال، ولا أحد يحضرني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي أخي اصبر، أي أخي اصبر تخرج من ذنوبك كما دخلت فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ساعات الأمراض يذهبن ساعات الخطايا». وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا». وأخرج البيهقي عن الحكم بن عتبة رفعه قال: «إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له من العمل ما يكفر ذنوبه، ابتلاه الله بالهم يكفر به ذنوبه». وأخرج ابن عدي والبيهقي وضعفه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليبتلي عبده بالبلاء والألم حتى يتركه من ذنبه كالفضة المصفاة». وأخرج البيهقي عن المسيب بن رافع. أن أبا بكر الصديق قال: إن المرء المسلم يمشي في الناس وما عليه خطيئة. قيل: ولم ذلك يا أبا بكر؟ قال: بالمصائب والحجر والشوكة والسشع ينقطع. وأخرج أحمد عن أبي الدرداء «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الصداع والمليلة لا يزال بالمؤمن وإن ذنبه مثل أحد فما يتركه وعليه من ذلك مثقال حبة من خردل». وأخرج أحمد عن خالد بن عبدالله القسري عن جده يزيد بن أسد. أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «المريض تحات خطاياه كما يتحات ورق الشجر». وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال: ما يسرني بليلة أمرضها حمر النعم. وأخرج ابن أبي شيبة عن عياض بن غضيف قال: دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح نعوده، فإذا وجهه مما يلي الجدار، وامرأته قاعدة عند رأسه قلت: كيف بات أبو عبيدة؟ قالت: بات بأجر. فأقبل علينا بوجهه فقال: إني لم أَبِتْ بأجر، ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة. وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال: إن المؤمن يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كفارة لسيئاته ومستعتباً فيما بقي، وإن الفاجر يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كالبعير عقله أهله، لا يدري لمَ عقلوه ثم أرسلوه فلا يدري لمَ أرسلوه. وأخرج ابن أبي شيبة عن عمار. أنه كان عنده أعرابي، فذكروا الوجع فقال عمار: ما اشتكيت قط؟ قال: لا. فقال عمار: لست منا، ما من عبد يبتلى إلا حط عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها، وإن الكافر يبتلى فمثله مثل البعير عُقِل فلم يدرِ لمَ عَقِلْ، وأُطْلِقَ فلم يدرِ لمَ أُطْلِقَ. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {من يعمل سوءاً يجز به} قال: الشرك. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير. مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {من يعمل سوءاً يجز به} قال: الكافر، ثم قرأ {وهل يجازى إلا الكفور} [ سبأ: 17].

{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)} أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مسروق قال: لما نزلت {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب...} [ النساء: 123] الآية. قال أهل الكتاب: نحن وأنتم سواء. فنزلت هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} ففجلوا عليهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي في قوله: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال: أبى أن يقبل الإيمان إلا بالعمل الصالح. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه فسأله عن هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات} قال: الفرائض. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال: قد يعمل اليهودي والنصراني والمشرك الخير، فلا ينفعهم في الدنيا. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال: إنما يتقبل الله من العمل ما كان في الإيمان. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: النقير هي النكتة التي تكون في ظهر النواة. وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي قال: (القطمير) القشرة التي تكون على النواة والفتيل الذي يكون في بطنها و(النقير) النقطة البيضاء التي في وسط النواة.

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)} أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام، كتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وديننا خير الأديان. فقال الله تعالى {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن}. وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله اصطفى موسى بالكلام، وإبراهيم بالخلة». وأخرج ابن جرير والطبراني في السنة عن ابن عباس قال: إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمداً بالرؤية. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن الضريس عن معاذ بن جبل. أنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ {واتخذ الله إبراهيم خليلاً} فقال رجل من القوم: لقد قرت عين أم إبراهيم. وأخرج الحاكم وصححه عن جندب: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يتوفى: «إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً». وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن مسعود قال: إن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، وإن صاحبكم خليل الله، وإن محمداً سيد بني آدم يوم القيامة. ثم قرأ {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} [ الإسراء: 79]. وأخرج الطبراني عن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الأنبياء يوم القيامة كل اثنين منهم خليلان دون سائرهم. قال فخليلي منهم يومئذ خليل الله إبراهيم». وأخرج الطبراني والبزار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة قصراً من درة لا صدع فيه ولا وهن، أعده الله لخليله إبراهيم عليه السلام نزلاً». وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم؟!. وأخرج الترمذي وابن مردويه عن ابن عباس قال: «جلس ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرونه، فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم، وإذا بعضهم يقول: إن الله اتخذ من خلقه خليلاً فإبراهيم خليله. وقال آخر: ماذا بأعجب من أن كلم الله موسى تكليماً. وقال آخر: فعيسى روح الله وكلمته. وقال آخر: آدم اصطفاه الله. فخرج عليهم فسلم فقال: قد سمعت كلامكم وعجبكم ان إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسى كليمه، وعيسى روحه وكلمته، وآدم اصطفاه الله ربه كذلك، ألا وإني حبيب الله ولا فخر، وأنا أول شافع، وأول مشفع ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتحها الله، فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر». وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات قال: أوحى الله إلى إبراهيم: أتدري لم اتخذتك خليلاً؟ قال: لا يا رب. قال: لأني اطلعت إلى قلبك فوجدتك تحب أن ترزأ ولا ترزأ. وأخرج ابن المنذر عن ابن أبزى قال: دخل إبراهيم عليه السلام منزله، فجاءه ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه، فقال له إبراهيم: بإذن من دخلت؟ قال: بإذن رب المنزل. فعرفه إبراهيم فقال له ملك الموت: إن ربك اتخذ من عباده خليلاً. قال إبراهيم: ونحن ذلك! قال: وما تصنع به؟ قال: أكون خادماً له حتى أموت. قال: فإنه أنت. وبأي شيء اتخذني خليلاً؟ قال: بأنك تحب أن تعطي ولا تأخذ. وأخرج البيهقي في الشعب عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً؟ قال: لإطعامه الطعام يا محمد». وأخرج الديلمي بسند واهٍ عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس: «يا عم أتدري لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً؟ هبط إليه جبريل فقال: أيها الخليل هل تدري بم استوجبت الخلة؟ فقال: لا أدري يا جبريل! قال: لأنك تعطي ولا تأخذ». وأخرج الحافظ أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في فضائل العباس عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله اصطفى من ولد آدم إبراهيم اتخذه خليلاً، واصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزاراً، ثم اصطفى من ولد نزار مضر، ثم اصطفى من مضر كنانة، ثم اصطفى من كنانة قريشاً، ثم اصطفى من قريش بني هاشم، ثم اصطفى من بني هاشم بني عبد المطلب، ثم اصطفاني من بني عبد المطلب». وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه وابن عساكر والديلمي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{اتخذ الله إبراهيم خليلاً} وموسى نجياً، واتخذني حبيباً، ثم قال: وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيِّي». وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب قال: أوّل من يكسى يوم القيامة إبراهيم قبطيتين والنبي صلى الله عليه وسلم حلة حبرة وهو عن يمين العرش. والله أعلم.

4:125

{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)} أخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: {ويستفتونك في النساء...} الآية. قال كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر، ولا يورثون المرأة. فلما كان الإسلام قال: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} في أوّل السورة في الفرائض. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه، ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئاً، فلما نزلت المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس، وقالوا: أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال، والمرأة التي هي كذلك، فيرثان كما يرث الرجل؟ فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء، فانتظروا فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا: لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه بد، ثم قالوا: سلوا... فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} في أول السورة، في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن. قال سعيد ابن جبير: وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال رغب فيها ونكحها واستأثر بها، وإذا لم تكن ذات جمال ومال أنكحها ولم ينكحها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئاً، كانوا يقولون: لا يغزون ولا يغنمون خيراً، ففرض الله لهن الميراث حقاً واجباً. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم في الآية قال: كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها، وحبسوها من التزويج حتى تموت فيرثوها، فأنزل الله هذا. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيرغب أن ينكحها ولا يعطيها مالها رجاء أن تموت فيرثها، وإن مات لها حميم لم تعط من الميراث شيئاً، وكان ذلك في الجاهلية، فبين الله لهم ذلك، وكانوا لا يورثون الصغير والضعيف شيئاً، فأمر الله أن يعطى نصيبه من الميراث. وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: كان جابر بن عبدالله له ابنة عم عمياء، وكانت دميمة، وكانت قد ورثت من أبيها مالاً، فكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها رهبة أن يذهب الزوج بمالها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وكان ناس في حجورهم جوار أيضاً مثل ذلك، فأنزل الله فيهم هذا. وأخرج ابن أبي شيبة من طريق السدي عن أبي مالك في قوله: {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهم ما كتب لهم وترغبون أن تنكحوهن} قال: كانت المرأة إذا كانت عند ولي يرغب عن حسنها لم يتزوّجها ولم يترك أحداً يتزوّجها {والمستضعفين من الولدان} قال: كانوا لا يورثون إلا الأكبر فالأكبر. وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير في قوله: {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} قال: ما يتلى عليكم في أول السورة من المواريث، وكانوا لا يورثون امرأة ولا صبياً حتى يحتلم. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن عائشة في قوله: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} إلى قوله: {وترغبون أن تنكحوهن} قالت: هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووراثها قد شركته في ماله حتى في العذق، فيرغب أن ينكحها، ويكره أن يزوّجها رجلاً فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها، فنزلت هذه الآية. وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم عن عائشة قالت: ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهن، فأنزل الله: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} قالت: والذي ذكر الله أنه يتلى عليكم في الكتاب، الآية الأولى التي قال الله: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} قالت: وقول الله: {وترغبون أن تنكحوهن} رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال: كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوّجها أبداً، فإن كانت جميلة وهويها تزوّجها وأكل مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبداً حتى تموت، فإذا ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه، وكانوا لا يورثون الصغار ولا البنات وذلك قوله: {لا تؤتونهن ما كتب لهن} فنهى الله عنه، وبيَّن لكل ذي سهم سهمه، صغيراً كان أو كبيراً. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيها دمامة، فيرغب عنها أن ينكحها، ولا ينكحها رغبة في مالها. وأخرج القاضي إسماعيل في أحكام القرآن عن عبد الملك بن محمد بن حزم. أن عمرة بنت حزم كانت تحت سعد بن الربيع فقتل عنها بأحد، وكان له منها ابنة، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تطلب ميراث ابنتها، ففيها نزلت {ويستفتونك في النساء...} الآية. وأخرج ابن المنذر من طريق ابن عون عن الحسن وابن سيرين في هذه الآية قال أحدهما: ترغبون فيهن، وقال الآخر: ترغبون عنهن. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن في قوله: {وترغبون أن تنكحوهن} قال: ترعبون عنهن. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبيدة {وترغبون أن تنكحوهن} قال: ترغبون عنهن.