Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 8
الربع رقم 4
quran-border  واللاتي ياتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن اربعة منكم فان شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت او يجعل الله لهن سبيلا واللذان ياتيانها منكم فاذوهما فان تابا واصلحا فاعرضوا عنهما ان الله كان توابا رحيما انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الان ولا الذين يموتون وهم كفار اولئك اعتدنا لهم عذابا اليما يا ايها الذين امنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن الا ان ياتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا
Page Number

1

{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)} {واللاتي} {الفاحشة} {نِّسَآئِكُمْ} {يَتَوَفَّاهُنَّ} (15)- كَانَ الحُكْمُ فِي ابْتِدَاءِ الإِسْلامِ أنَّ المَرْأَةَ إذَا زَنَتْ، وَثَبَتَ زِنَاهَا بِالبَيِّنَةِ العَادِلَةِ، وَهِيَ شَهَادَةُ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ مِنَ الرِّجَالِ العُدُولِ، حُبِسَتْ فِي بَيْتٍ فَلا تُمَكَّنُ مِنَ الخُرُوجِ حَتَّى تَمُوتَ. وَبَقِيَ الحُكْمُ كَذَلِكَ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَةَ النُّورِ فَنَسَخَهَا بِالجَلْدِ لِلْبِكْرِ، وَبِالرَّجْمِ لِلثَّيِّبِ، وَفْقاً لِمَا جَاءَ فِي السُنَّةِ، فَكَانَتْ هِيَ السَّبِيلُ التِي يَجْعَلُهَا اللهُ لِلْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ يَجْعَل اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً}. الفَاحِشَةَ- هِيَ الزِّنَى فِي هَذِهِ الآيَةِ وَهِيَ لُغَةً الفِعْلُ القَبِيحُ.

{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)} {واللذان} {يَأْتِيَانِهَا} {فَآذُوهُمَا} (16)- نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الرَّجُلَينِ إذَا فَعَلا اللّوَاطَةَ، وَكَانَ الحُكْمُ أنَّهُ إذَا ثَبَتَ الفِعْلُ عَلَى الرَّجُلينِ آذَاهُما المُسْلِمُونَ بِالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَالتَّعْيِيرِ، وَهَذا العِقَابُ يُنْزَلُ بِهِما إذا لَمْ يَتُوبا وَيُصْلِحَا، فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحا عَمَلَهُمَا وَغَيَّرا أَحْوَالَهما، بِالإِقْبَالِ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ مِنْ أدْرَانِ المَعَاصِي التِي فَرَطَتْ مِنْهُما، فَيَأمُرُ اللهُ تَعَالَى بِالكَفِّ عَن إِيْذَائِهِمَا بِالقَوْلِ وَالفِعْلِ، لأنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَى العَبْدِ التَّائِبِ، وَهُوَ وَاسِعُ الرَّحْمَةِ. وَبَقِيَ الحُكْمُ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَ بِآيَةِ الجَلْدِ مِنْ سُورَةِ النُّور، وَبِالسُّنَّةِ فِي رَجْمِ المُحْصَنِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَعْمَلْ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولِ بِهِ» وَمِنَ المُفَسِّرينَ مَنْ قَالَ إنَّ المَقْصُودَ هُنا الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ اللّذَانِ يَرْتَكِبَانِ جَرِيمَةَ الزِّنى. فَإذَا ثَبَتَ الفِعْلَ عَلَيْهِما، كَانَ عَلَى المُسْلِمينَ أنْ يُؤْذُوهُمَا بِالتَّوبِيخِ وَالتَّأنِيبِ، وَالأوَّلُ أَظْهَرُ.

{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)} {بِجَهَالَةٍ} {فأولئك} (17)- إنَّ التَوْبَةَ التِي أَوْجَبَ اللهُ تَعَالَى عَلى نَفْسِهِ الكَرِيمَةِ قُبُولَها بِوَعْدِهِ كَرَماً مِنْهُ وَتَفْضُّلاً، لَيْسَت إلا لمَنْ يَجْتَرِحَ السَّيِّئَاتِ بِجَهَالةٍ تُلابِسُ النَّفْسَ مِنْ ثَوْرَةِ غَضَبٍ، أوْ تَغَلُّبِ شَهْوَةٍ، ثُمَّ لا يَلْبَثُ أنْ يَنْدَمَ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ، وَيُنِيبُ إلى رَبِّهِ، وَيَتُوبُ وَيُقْلِعَ عَنْهَا. فَأولَئِكَ الذِينَ فَعَلُوا الذُّنُوبَ بِجَهَالَةٍ وَتَابُوا بَعْدَ زَمَنٍ قَلِيلٍ، يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِم، لأنَّ الذُنُوبَ لَمْ تَتَرَسَّخُ فِي نُفُوسِهِمْ وَلَم يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ. وَاللهُ تَعَالَى عَلِيمٌ بِضَعْفِ عِبَادِهِ، وَأَنَّهُم لا يَسْلَمُونَ مِنْ عَمَلِ السُّوءِ، فَشَرَعَ بِحِكْمَتِهِ قَبولَ التَّوْبَةِ، فَفَتَحَ لَهُمْ بَابَ الفَضِيلةِ، وَهَدَاهُمْ إلى مَحْوِ السَّيِّئَةِ. السُّوءَ- هُوَ العَمَلُ القَبِيحُ الذِي يَسُوءُ فَاعِلَهُ إذَا كَانَ عَاقِلاً سَوِيَّ الفِطْرَةِ. الجَهَالَةُ- الجَهْلُ وَتَغَلُّبُ السَّفَهِ عَلَى النَّفْسِ عِنْدَ ثَوْرَةِ الشَّهْوَةِ أوِ الغَضَبِ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهَا الحِلْمُ وَتَنْسَى الحَقَّ. يَعْمَلُونَ السُّوءَ- يَفْعَلُونَ مَا يَسُوءُ.

{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)} {الآن} {أولئك} (18)- أمَّا الذِينَ يَفْعَلُونَ السَّيِّئَاتِ، وَيَسْتَمِرُّونَ فِي فِعْلِهَا وَهُمْ مُصِرُّونَ عَلَيها، وَلا يَتُوبُونَ حَتَّى آخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ حَيَاتِهِم، أيْ حَتَّى يَحْضُرُهُمْ مَلَكُ المَوْتِ، فَيَقُولُونَ: تُبْنَا الآنَ، وَالذِين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ، فَهَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ يَتَوَعَّدُهُمُ اللهُ تَعَالَى بِالعَذَابِ الأَلِيمِ المُوجِعِ الذِي أَعَدَّهُ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ. (وَجَعَلَ اللهُ تَوْبَةَ التَّائِبِ وَهُوَ عَلى فِرَاشِ المَوْتِ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)} {يَا أَيُّهَا} {آمَنُواْ} {آتَيْتُمُوهُنَّ} {بِفَاحِشَةٍ} (19)- كَانَ النَّاسُ قَبْلَ الإِسْلامِ يَجْعَلُونَ النِّسَاءَ كَالمَتَاعِ فَإذا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِياؤُهُ أَحَقُّ بِامْرَأَتِهِ يَتَزَوَّجُونَها بِدُونِ مَهْرٍ وَلا رِضَاً مِنْهَا، وَكَأنَّهَا شَيءٌ مِنْ مِيرَاثِ الرَّجُلِ المُتَوَفَّى، فَإنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَها، وَإنْ شَاؤُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاؤُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا، فَكَانُوا أَحَقَّ بِهِا مِنْ أَهْلِها، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ لإِبْطَالِ هَذا التَّعَامُلِ الجَائِرِ. وَفِي هَذِهِ الآيَةِ يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ بِعَدَمِ الإِضْرَارِ بِالمَرْأَةِ، وَبِعَدَمِ مُضَايَقَتِهَا (عَضْلِهَا) فِي العِشْرَةِ لِتَتْرُكَ لِلْرَجُلِ مَا دَفَعَهُ لَها مِنْ مَهْرٍ، أوْ بَعْضِ حُقُوقِهَا عَلَيهِ، أَوْ شَيْئاً مِنْ حُقُوقِهَا فِي المِيْرَاثِ، عَلى سَبِيلِ القَهْرِ وَالإِضْرَارِ. أمَّا إذَا زَنَتِ المَرْأَةُ فَكَانَ لِلرَّجُلِ أنْ يَسْتَرْجِعَ مِنْهَا الصَّدَاقَ الذِي دَفَعَهُ إلَيها، وَأنْ يُضَاجِرَهَا حتَّى تَتْرُكَهُ (أيْ أنَّ لَهُ عَضْلَهَا فِي هَذِهِ الحَالَةِ). أمَّا فِي غَيْرِ حَالَةِ الزِّنَى فَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى الرِّجَالَ بِمُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ بِالمَعْرُوفِ، أيْ مَعَ طِيبِ قَوْلٍ، وَحُسْنِ فِعْلٍ، حَتَّى وَلَوْ كَرِهُوهُنَّ، فَقَدْ يَكْرَهُ الإِنسَانُ شَيْئاً وَيَجْعَلُ اللهُ لَهُ فِيهِ خَيراً كَثِيراً، كَأنْ تَلِدَ لَهُ المَرْأةُ وَلَداً يَنْبُغُ أو يَسُودُ، أوْ يَكُونُ ذَا شَأنٍ أوْ أنْ يَنْصَلِحَ حَالُها فَتَكُونَ سَبباً فِي سَعَادَته. العَضْلُ- التَّضْييقُ وَالشِّدَّةُ لِلمُضَارَّةِ. الفَاحِشَةُ- الفِعْلَةُ الشَّدِيدَةُ القُبْحِ. المُبَيِّنَةُ- الظَّاهِرَةُ الفَاضِحَةُ. كَرْهاً- مُكْرَهَاتٍ عَلَيهِ.