Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 9
الربع رقم 2
quran-border  الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيرا واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت ايمانكم ان الله لا يحب من كان مختالا فخورا الذين يبخلون ويامرون الناس بالبخل ويكتمون ما اتاهم الله من فضله واعتدنا للكافرين عذابا مهينا
Page Number

1

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)} {قَوَّامُونَ} {أَمْوَالِهِمْ} {فالصالحات} {قَانِتَاتٌ} {حَافِظَاتٌ} {واللاتي} (34)- مِنْ شَأْنِ الرَّجُلِ أنْ يَقُومَ عَلَى المَرْأَةِ بِالحِمَايَةِ وَالرِّعَايَةِ، وَلِذَلِكَ فَرَضَ اللهُ تَعَالَى الجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَالجِهَادُ مِن أخَصِّ شُؤُونِ الحِمَايَةِ. وَقَدْ فَضَّلَ اللهُ الرِّجَالَ عَلَى النِّسَاءِ فِي الخِلْقَةِ، وَأعْطَاهُمْ مَا لَمْ يُعْطَ النِّسَاءُ مِنَ الحَوْلِ وَالقُوَّةِ، كَمَا فَضّلَهُمْ بِالقُدْرَةِ عَلَى الإِنْفَاقِ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ أَمْوالِهِمْ، فَإِنَّ فِي المُهُورِ تَعْوِيضاً لِلْنِّسَاءِ، وَمُكَافَأَةً لَهُنَّ عَلَى الدُّخُولِ تَحْتَ رِئَاسَةِ الرَّجُلِ، وَقَبُولِ القِيَامَةِ عَلَيْهِنَّ. وَالقِيَامَةُ تَعْنِي الإِرْشَادَ وَالمُرَاقَبَةَ فِي تَنْفِيذِ مَا تُرْشِدُ إلَيْهِ النِّسَاءُ، وَمُلاحَظَةَ أَعْمَالِهِنَّ، وَمِنْ ذَلِكَ حِفْظُ المَنْزِلِ، وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ إلا بِإِذْنٍ، وَالانْصِرَافَ إلى وَظِيفَتِهِنَّ الفِطْرِيَّةِ مِنْ حَمْلٍ وَرَضَاعٍ وَتَرْبِيَّةٍ. وَالنِّسَاءُ الصَّالِحَاتُ مُطِيعَاتٌ لأَزْوَاجِهِنَّ، حَافِظَاتٌ لِمَا يَجْرِي بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ فِي خِلْوَاتِهِمْ، لا يُطْلِعْنَ عَلَيهِ أَحَداً، وَيَحْفَظْنَّ أَنْفُسَهُنَّ مِنْ أَيْدِي العَابِثِينَ، وَعَلَيْهِنَّ أنْ يَحْفَظَنَّ أَمْوَالَ أَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الضَيَاعِ، وَهَذا الصِنْفُ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ لِلْرِّجَالِ عَلَيِهِنَّ سُلْطَانُ التَّأديب. أمَّا اللَّوَاتِي تَخْشَوْنَ مِنْهُنَّ أنْ لا يَقُمْنَ بِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى الوَجْهِ الذِي تَرْضَونَ، فَعَلَى الرِّجَالِ مُعَامَلَتُهُنَّ، مُبْتَدِئِينَ بِالوَعْظِ وَالإِرْشَادِ، وَالتَّذْكِيرِ بِوَاجِبَاتِهِنَّ، فَقَدْ يَكْفِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ، فَجَرِّبُوا الهَجْرَ فِي المَضْجَعِ، وَالإِعْرَاضِ عَنْهُنَّ، فَقَدْ يُفِيدُهُنَّ ذَلِكَ فَيَفِئْنَ إلى الصَّوَابِ. وَإذَا لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ فَجَرِّبُوا الضَّرْبَ غَيْرَ المُبَرِّحِ وَغَيْرَ المُؤْذِي، وَهَذا لا يَلْجَأُ إلَيْهِ إلا إذَا يَئِسَ الرَّجُلُ مِنْ رُجُوعِ المَرْأَةِ عَنْ نُشُوزِهَا إلا بِهِ. وَإذَا أَطَاعَتِ المَرْأَةُ زَوْجَهَا فِيمَا يُرِيدُهُ مِنْهَا، مِمَّا أَبَاحَهُ اللهُ لَهُ مِنْها، فَلا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْها، وَلَيْسَ لَهُ ضَرْبَهَا، وَلا هُجْرَانَها، وَلا إِسَاءَةُ مُعَامَلَتِهَا. وَيُهَدِّدُ اللهُ تَعَالَى الرِّجَالَ إذا بَغَوْا عَلَى النِّسَاءِ بَغْيِرِ سَبَبٍ، وَيُعْلِمُهُمْ بِأنَّهُ وَليُّهُنَّ، وَأنَّهُ سَيَنْتَقِمُ مِمَّنْ يَبْغِي عَلَيْهِنَّ. قَوَّامُونَ- قِيَامَ الوُلاةِ المُصْلِحِينَ عَلَى الرَّعِيَّةِ. قَانِتَاتٌ- مُطِيعَاتٌ لأَزْوَاجِهِنَّ. حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ- صَائِنَاتٌ لِلْعِرْضِ وَالمَالِ فِي الغَيْبَةِ. بِمَا حَفِظَ اللهُ- لَهُنَّ مِنْ حُقُوقِهِنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. النُّشُوزُ- عَدَمِ المُطَاوَعَةِ.

{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)} {إِصْلاحاً} (35)- إذَا وَقَعَ الشِقَاقُ بَيْنَ الزَّوْجِينِ، أَسْكَنَ القَاضِي الزَّوْجَةَ إلَى جَنْبِ ثِقَةٍ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهَا، وَيَمْنَعُ مِنْهُمَا الظالِمَ مِنْ ظُلْمِهِ، فَإنْ تََفَاقَمَتِ الخُصُومَةُ بَيْنَهُما، وَصَارَتْ تُهَدِّدُ بِالانْفِصَالِ، بَعَثَ القَاضِي ثِقَةً مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَةِ وَثِقَةً مِنْ أَهْلِ الزَّوْجِ، لِيَجْتَمِعَا وَيَنْظُرا فِي أَمْرِهِمَا، وَيَفْعَلا مَا فِيهِ المَصْلَحَةُ مِمَّا يَرَيَانِهِ مِنَ التَّفْرِيقِ أوْ التَّوْفِيقِ، وَالشَّارِعُ أَمْيَلُ إلَى التَّوْفِيقِ، لِذَلِكَ قَالَ إنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما، فَهَذِهِ الأَحْكَامُ إنَّمَا شَرَعَهَا اللهُ العَلِيمُ بِأَحْوالِ العِبَادِ وَأَخْلاقِهِمْ، وَالخَبِيرُ بِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ وَبِأَسْبَابِهِ.

{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)} {وبالوالدين إِحْسَاناً} و {اليتامى} {والمساكين} {أَيْمَانُكُمْ} (36)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَبِعَدَمِ الإشْرَاكِ بِهِ، وَبِالعَمَلِ بِمَا أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ أَوْصَاهُمْ بِالإِحْسَانِ إلَى الوَّالِدَينِ، فَقَدْ جَعَلَهُمَا اللهُ سَبباً لِخُرُوجِ الإِنْسَانِ مِن العَدَمِ. ثُمَّ أَمَرَ بِالإِحْسَانِ إلَى ذَوِي القُرْبَى، مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالإِحْسَانِ إلى اليَتَامَى الذِينَ فَقَدُوا آبَاءَهُمْ، وَمَنْ يُنْفِقُونَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ بِالإِحْسَانِ إلَى المَسَاكِينِ (وَهُمُ المُحْتَاجُونَ الذِينَ لا يَجِدُونَ مَنْ يَقُومُ بِكِفَايَتِهِمْ)، فَأَمَرَ اللهُ بِمُسَاعَدَتِهِمْ بِمَا تَتِمُّ بِهِ كِفَايَتُهُمْ. ثُمَّ أَمَرَ بِالإِحْسَانِ إلى الجَارِ الجَنْبِ، وَهُوَ الجَارِ الذِي لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ، كَمَا أَمَرَ تَعَالَى بِالإِحْسَانِ إلَى الصَّاحِبِ بِالجَنْبِ، وَهُوَ الرَّفِيقُ الصَّالِحُ فِي الحِلِّ وَالسَّفَر، وَابْنِ السَّبِيلِ وَهُوَ الضَّيْفُ عَابِرُ السَّبِيلِ مَارّاً بِكَ فِي سَفَرٍ فَقَدْ أَمَرَ اللهُ بِالإِحْسَانِ إِلَيْهِ. كَمَا أَمَرَ اللهُ النَّاسَ بِالإِحْسَانِ إلى الأَرِقَّاءِ الذِين تَحْتَ أَيْدِيهِمْ. ثُمَّ أَضَافَ تَعَالَى إلى ذَلِكَ، أنَّهُ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فِي نَفْسِهِ، مُعْجَباً مُتَكَبِّراً فَخُوراً عَلَى النَّاسِ، يَرَى أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُمْ، فَهُوَ فِي نَفْسِهِ كَبِيرٌ وَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَقِيرٌ. الجَارِ الجُنُبِ- البَعِيدِ سَكَناً أوْ نِسْبَةً. الصَّاحِبِ بِالجَنْبِ- الرَّفِيقِ فِي أَمْرٍ حَسَنٍ. مُخْتالاً- مُتَكَبِّراً مُعْجَباً بِنَفْسِهِ. فَخُوراً- كَثيرَ التَّطَاوُلِ وَالتَّعَاظُمِ بِالمَنَاقِبِ.

{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)} {آتَاهُمُ} {لِلْكَافِرِينَ} (37)- قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي الآيَةِ السَّابِقَةِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُخْتَالِينَ الفَخُورِينَ، وَهُنَا يَصِفُ تَعَالَى هَؤُلاءِ المُخْتَالِينَ الفَخُورِينَ فَيَقُولُ: إنَّهُمْ هُمُ الذِينَ يَبْخَلُونَ بِأَمْوَالِهِمْ أنْ يُنْفِقُوهَا فِيمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، مِنْ بِرِّ الوَالِدَينِ، وَالإحْسَانِ إلَى الأَقَارِبِ وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ، وَالجَارِ وَابْنِ السَبِيلِ، وَمَا مَلَكَتِ الأَيْمَانُ مِنَ الأَرِقَاءِ، وَلا يُؤَدُّونَ حَقَّ اللهِ، وَلا يَكْتَفُونَ بِالتَّكَبُّرِ وَالبُخْلِ، وَإنَّمَا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبُخْلِ أَيْضاً. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ قَبْلَكُمْ، أَمَرَهُمْ بِالقَطِيْعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالفُجُورِ فَفَجَرُوا». وَالبَخِيلِ جَحُودٌ لِنِعْمَةِ اللهِ فَلا تَظْهَرُ عَلَيهِ، وَلا تَبِينُ فِي مَأْكَلِهِ، وَلا فِي مَلْبَسِهِ، فَهُو كَاتِمٌ لَمَا آتَاهُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ، كَافِرٌ بِنِعْمَتِهِ، وَقَدْ أَعَدَّ اللهُ لِلْكَافِرِينَ بِنِعَمِهِ عَذَاباً مُهِيناً. (وَيَشْمَلُ البُخْلُ المَقْصُودُ فِي هَذِهِ الآيَةِ البُخْلَ بِلَيِّنِ الكَلامِ، وَالنُّصْحَ في التَّعْلِيمِ، وَإِنْقَاذَ المُشْرِفِ عَلَى التَّهْلُكَةِ).