Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 9
الربع رقم 2
quran-border  والله اعلم باعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بالسنتهم وطعنا في الدين ولو انهم قالوا سمعنا واطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم واقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا يا ايها الذين اوتوا الكتاب امنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل ان نطمس وجوها فنردها على ادبارها او نلعنهم كما لعنا اصحاب السبت وكان امر الله مفعولا ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما الم تر الى الذين يزكون انفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به اثما مبينا الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين امنوا سبيلا
Page Number

1

{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45)} {بِأَعْدَائِكُمْ} (45)- وَاللهُ تَعَالَى يَعْلَمُ أَنَّ هَؤُلاءِ اليَهُودَ أَعْدَاؤُكُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْكُمْ بِهِمْ، وَهُوَ يُحَذِّرُكُمْ مِنْهُمْ، وَكَفَى بِاللهِ وَلِيّاً لِمَنْ لَجَأَ إلَيْهِ، وَكَفَى بِهِ نَصِيراً لِمَنِ اسْتَنْصَرَهُ.

{مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46)} {وَرَاعِنَا} (46)- يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ أَعْرَفُ مِنْهُمْ بِأَعْدَائِهِمُ اليَهُودَ (الذِينَ هَادُوا)، وَإنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ يُمِيلُونَ الكَلامَ عَنْ مَعْنَاهُ، وَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهِ (يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ) وَيُرِيدُونَ بِهِ غَيْرَ المَقْصُودِ بِهِ، وَهُمْ إنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ عَنْ قَصْدٍ مِنْهُمْ، افْتِرَاءً عَلَى اللهِ، وَرَغْبَةً فِي إِيْذَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَيَقُولُونَ: سَمِعْنَا مَا قُلْتَ يَا مُحَمَّدُ، وَنَحْنُ لا نُطِيعُكَ فِيهِ. وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الكُفْرَ وَالعِنَادَ لأَنَّهُمْ مُتَوَلُّونَ عَنْ كِتَابِ اللهِ، بَعْدَمَا عَقَلُوهُ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيهِمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الإِثْمِ وَالعُقُوبَةِ عِنْدَ اللهِ. وَيَقُولُونَ: اسْمَعْ مَا نَقُولُ لَكَ لا سَمِعْتَ (أَيْ لا أَسْمَعَكَ اللهُ دُعَاءً)، وَهُمْ يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ الدُّعَاءِ عَلَى النَّبِيِّ، مَعْ أَنَّهُمْ يُحَاوِلُونَ إِيهَامَ مَنْ حَوْلَهُمْ بِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الدُّعَاءَ لَهُ. مَعْ أنَّ المُسْلِمِينَ حِينَمَا كَانُوا يَقُولُونَ هَذِهِ العِبَارَةَ إنَّمَا كَانُوا يَقْصِدُونَ بِهَا الدُّعَاءَ (لا أَسْمَعَكَ اللهُ مَكْرُوهاً). وَكَانَ اليَهُودُ يَقُولُونَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (رَاعِنَا)، وَهُمْ يُوهِمُونَ مَنْ حَوْلَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ (أَرْعِنَا سَمْعَكَ)، أيْ انْتَبِهْ لِمَا نَقُولُ لَكَ. وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يَلُوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ فَيَبْدُو وَكَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ سَبَّ النَّبِيِّ وَوَصْفَهُ بِالرُّعُونَةِ (وَرَاعِينُو بِالعِبْرِيَّةِ تَعْنِي الشِّرِّيرَ) وَهُمْ إنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ اسْتِهْزَاءً بالدِّينِ الذِي يُبَلِّغُهُ النَّبِيُّ عَنْ رَبِهِ إلى عِبِادِ اللهِ. ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا لِلْنَّبِيِّ: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرَنا، لَكَانَ ذَلِكَ خَيْراً لَهُمْ وَأَفْضَلَ، وَلَكِنَّ اللهَ لَعَنَهُمْ وَطَرَدَهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ، وَصَرْفِهِمْ عَنِ الخَيْرِ وَالهُدَى، فَلا يُؤْمِنُونَ إِيْمَاناً نَافِعاً لَهُمْ. (وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَى المَقْطَعِ الأَخِيرِ: إنَّهُمْ لا يُؤْمِنُ مِنْهُمْ بِالإِسْلامِ إلا قَلِيلُونَ). يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ- يُغَيِّرُونَهُ أَوْ يَتَأَوَّلُونَهُ بِالبَاطِلِ. اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمِعٍ- قَصَدَ بِهِ اليَهُودُ الدُّعَاءَ عَلَى النَّبِيِّ. رَاعِنَا- قَصَدُوا بِهَا الإِسَاءَةَ إِلَيْهِ. لَيَاً بِألْسِنَتِهِمْ- مَيْلاً بِأَلْسِنَتِهِمْ إلى جَانِبِ السُّوءِ مِنَ القَوْلِ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47)} {يَا أَيُّهَآ} {الكتاب} {آمِنُواْ} {أَصْحَابَ} (47)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى أَهْلَ الكِتَابِ، مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، بِالإِيْمَانِ بِمَا أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم مِنَ الكِتَابِ العَظِيمِ، الذِي فِيهِ تَصْدِيقُ الأَخْبَارِ التِي جَاءَتْ فِي كُتُبِهِمْ، مِنْ تَقْرِيرِ التَّوْحِيدِ، وَالابْتِعَادِ عَنِ الشِّرْكِ، وَمِنَ التَّبْشِيرِ بِمُحَمَّدٍ وَشَرِيعَتِهِ، وَيَتَّهَدَّدُهُمْ، إنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، بِأنَّ اللهَ قَدْ يُعَاقِبُهُمْ بِطَمْسِ وُجُوهِهِمْ، فَلا يَبْقَى لَهُمْ سَمْعاً وَلا بَصَراً وَلا أَنْفاً، وَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ إلى جِهَةِ ظُهُورِهِمْ، فَيَمْشُونَ القَهْقَرَى إلى الوَرَاءِ، أوْ يَلْعَنُهُمْ كَمَا لَعَنَ الذِينَ اعْتَدُوا فِي السَّبْتِ، بِالاحْتِيالِ فِي صَيْدِ الأَسْمَاكِ، وَقََدْ مَسَخَهُمُ اللهُ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ. وَأَمَرَ اللهُ تَعَالَى مَفْعُولٌ لا يُخَالَفُ وَلا يُمَانَعُ، وَهُوَ وَاقِعٌ لا مَحَالَةَ فَاحْذَرُوهُ. نَطْمِسُ وُجُوهاً- نَمْحُوَهَا أَوْ نَتْرُكَهُمْ فِي الضَّلالَةِ.

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)} (48)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى العِبَادَ بِأَنَّهُ لا يَغْفِرُ لِعَبْدٍ جَاءَ اللهُ مُشْرِكاً بِعِبَادَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَنَّهُ يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الذُّنُوبِ، لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ ارْتَكَبَ ذَنْباً عَظِيماً، لا يَسْتَحِقُّ مَعَهُ الغُفْرَانَ. وَالشِّرْكُ ضَرْبَانِ: - شِرْكٌ فِي الأُلُوهِيَّةِ- وَهُوَ الشُّعُورُ بِسْلَطَةٍ وَرَاءَ الأسْبَابِ وَالسُّنَنِ الكَوْنِيَّةِ لِغَيْرِ اللهِ. - شِرْكٌ فِي الرّبُوبِيَّةِ- وَهُوَ الأَخْذُ بِشَيءٍ مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ عَنْ بَعْضِ البَشَرِ دُونَ الوَحْي.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)} (49)- نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي اليَهُودِ وَالنَّصَارَى حِينَ قََالُوا: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأحِبَّاؤُهُ، وَحِينَ قَالُوا: لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إلا مَنْ كَانَ هُوداً أوْ نَصَارَى. (وَقِيلَ إنَّها نَزَلَتْ فِي ذَمِّ مَدْحِ النَّفْسِ، وَتَزْكِيَةِ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِصُورَةٍ عَامَّةٍ). فَقَالَ تَعَالَى: ألا تَعْجَبُ، يَا مُحَمَّدُ، مِنْ هَؤُلاءِ الكَافِرِينَ الذِينَ نُبَيِّنُ لَهُمْ سُوءَ عَمَلِهِمْ، فَيَرَوْنَهُ حَسَناً، وَيُثْنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مُزَكِّينَ إيَّاهَا، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ المَرْجِعْ فِي تَقْدِيرِ أَفْعَالِ العِبَادِ، لأنَّهُ العَالَمُ بِحَقَائِقِ الأمُورِ وَغَوامِضِهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا يَكْتُمُهُ النَّاسُ وَمَا يُعْلِنُونَهُ، وَهُوَ لا يَتْرُكُ لأحَدٍ شَيئاً مِنَ العَمَلِ، وَلَوُ كَانَ مِقْدَارَ الفَتِيلِ فِي شِقِّ نَوَاةِ التَّمْرَةِ، إلا وَيَحْتَسِبُهُ لَهُ. الفَتِيلُ- الخَيْطُ الرَّفِيعُ فِي شِقِّ نَواةِ التَّمْرَةِ. يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ- يَمْدَحُونَهَا بِالبَرَاءَةِ مِنَ الذُّنُوبِ.

{انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50)} (50)- انْظُرْ يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ يَفْتَرِي هَؤُلاءِ الكَذِبَ عَلَى اللهِ، فِي تَزْكِيَّةِ أَنْفُسِهِمْ، وَادِّعَائِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَأَنَّهُمْ لَنْ تَمَسَّهُمُ النَّارُ إلا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ، وَكَفَى بِهَذَا الذِي يَقُولُونَهُ وَيَفْعَلُونَهُ كَذِباً ظَاهِراً.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)} {الكتاب} {والطاغوت} {آمَنُواْ} (51)- جَاءَ بَعْضُ رُؤَسَاءِ اليَهُودِ إلَى قُرَيْشٍ فَسَألْتَهُمْ قُرَيْشٍ: أَهُمْ، وَمَا هُمْ عَلَيهِ مِنَ الكُفْرِ وَعِبَادَةِ الأَصْنَامِ، خَيْرٌ أَمْ مُحَمَّدٌ وَمَا هُوَ عَلَيهِ مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ؟ فَقَالَ اليَهُودُ: بَلْ قُرَيْشٌ أهْدَى سَبيلاً. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ، يَعِيبُ فِيهَا عَلَى اليَهُودِ قَوْلَهُمْ هذا، وَتَفْضِيلَهُمُ الكُفْرَ، وَعِبَادَةَ الأَصْنَامِ، عَلَى هُدَى اللهِ، وَدِينِهِ الحَقِّ. الجِبْتِ- أَصْلَهُ الجِبْسُ- وَهُوَ الرَّدِيءُ الذِي لا خَيْرَ فِيهِ أوِ السِّحْرُ وَالأَصْنَامُ وَالكُهَّانُ وَالخُرَافَاتُ. الطَّاغُوتِ- مَا تَكُونُ عِبَادَتُهُ وَالإِيمَانُ بِهِ سَبَباً لِلطُّغْيَانِ وَالخُرُوجِ مِنَ الحَقِّ، مِنْ مَخْلُوقٍ يُعْبَدُ، أَوْ رَئِيسٍ يُقَلَّدُ، أَوْ هَوىً يُتَّبَعُ. وَقِيلَ إنَّهُ الشَّيْطَانُ.