Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 9
الربع رقم 4
quran-border  وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم اهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا الذين امنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا اولياء الشيطان ان كيد الشيطان كان ضعيفا الم تر الى الذين قيل لهم كفوا ايديكم واقيموا الصلاة واتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال اذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله او اشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا اخرتنا الى اجل قريب قل متاع الدنيا قليل والاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا اينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك وارسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا
Page Number

1

{وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)} {تُقَاتِلُونَ} {والولدان} (75)- يُحَرِّضُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ فِي سَبِيلِ إِعْلاءِ كَلِمَتِهِ، وَفِي سَبِيلِ إِنْقَاذِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ المَوْجُودِينَ فِي مَكَّةَ، مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، المُتَبَرِّمِينَ بِالمَقَامِ فِيهَا، وَيَقُولُ لَهُمْ: أَيُّ عُذْرٍ لَكُمْ يَمْنَعُكُمْ مِنْ أَنْ تُقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لِتُقِيمُوا التَّوْحِيدَ، وَتَنْصُرُوا العَدْلَ وَالحَقَّ، وَفِي سَبِيلِ إنْقَاذِ إِخْوَانِكُمُ المُسْتَضْعَفِينَ الذِينَ يَسْتَذِلُّهُمُ الطُّغَاةُ الكَفَرَةُ فِي مَكَّةَ، وَهُمْ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ تِلْكَ البَلْدةِ (القَرْيَةِ) الظَّالِمِ أّهْلُها، وَأنْ يُسَخِّرَ لَهُمْ مِنْ عِنْدِهِ مَنْ يَنْصُرُهُمْ، وَيُنْقِذُهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ.

{الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)} {آمَنُواْ} {يُقَاتِلُونَ} {الطاغوت} {فقاتلوا} {الشيطان} (76)- الذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ إِعْلاءِ كَلِمَةِ اللهِ، وَنَشْرِ دِينِهِ، لا يَبْتَغُونَ غَيْرَ رِضْوَانِ اللهِ. أمَّا الذِينَ كَفَرُوا، فَإِنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ (الطَّاغُوتِ)، الذِينَ يُزَيِّنُ لَهُمُ الكُفْرَ، وَيُمَنِّيهِمُ النَّصْرَ. وَكَيْدُ الشَّيْطَانِ ضَعيفٌ، وَهُوَ لا يَسْتَطِيعُ نَصْرَ أَوْلِيَائِهِ. أمَّا أَوْلِيَاءُ اللهِ فَهُمُ الأَعِزَّةُ، لأنَّ اللهَ حَامِيهِمْ وَنَاصِرُهُمْ وَمُعِزُّهُمْ، وَلِذَلِكَ فَعَلَى المُؤْمِنِينَ، أَوْلِيَاءِ اللهِ، أنْ لا يَخَافُوا أَعْدَاءَهُمُ الكُفَّارَ، لأنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُؤْمِنِينَ المُخْلِصِينَ. الطَّاغُوتِ- الشَّيْطَانِ أوِ البَاطِلِ.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)} {الصلاة} {وَآتُواْ} {الزكاة} {مَتَاعُ} {والآخرة} (77)- كَانَ المُؤْمِنُونَ فِي بِدْءِ أَمْرِ الإِسْلامِ، فِي مَكَّةَ، مَأْمُورِينَ بِالصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَبِمُواسَاةِ الفُقَرَاءِ، وَكَانُوا مَأْمُورِينَ بِالعَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُشْرِكِينَ، وَالصَّبْرِ إلَى حِينٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّقُونَ شَوْقاً إلَى القِتَالِ، وَيَتَمَنَّوْنَ لَوْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَهُمْ بِالقِتَالِ، لِيَنْتَصِفُوا مِنْ أَعْدَائِهِمْ، وَيَشْفُوا غَلِيلَهُمْ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَكُنِ الحَالُ إذْ ذَاكَ مُنَاسِباً لِلْقِتَالِ لأَسْبَابٍ كَثِيرَةٍ: مِنْهَا قِلَّةُ عَدَدِهِمْ، وَمْنَهَا كَوْنُهُمْ فِي بَلَدٍ حَرَامٍ، لِذَلِكَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالجِهَادِ إلا بَعْدَ أنْ خَرَجُوا إلى المَدِينَةِ، وَصَارَ لَهُمْ فِيها دَارُ مَنَعَةٍ وَأَنْصَارٌ. وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَمَّا أُمِرُوا بِمَا كَانُوا يَتَمَنَّوْنَهُ (وَهُوَ القِتَالُ) جَزِعَ بَعْضُهُمْ جَزَعاً شَدِيداً، وَخَافُوا مِنْ لِقَاءِ النَّاسِ فِي مَيْدَانِ الحَرْبِ، وَقَالُوا: رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا القِتَالَ الآنَ؟ لَوْلا أخَّرْتَ فَرْضَهُ إلى وَقْتٍ آخَرَ (أو لَوْ تَأخَّرْتَ فِي فَرْضِهِ عَلَيْنَا حَتَّى نَمُوتَ مَوْتاً طَبِيعِياً حَتْفَ أُنُوفِنَا)، فَإِنَّ فِيهِ سَفْكَ الدِّمَاءِ، وَيُتْمَ الأَوْلادِ، وَتَأييمَ النِّسَاءِ.. فَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: مَتَاعُ الدُّنْيَا مَهْمَا عَظُمَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الحَيَاةِ الأُخْرَى، وَحَيَاةُ النَّاسَ فِي الدُّنْيا قَصِيرَةٌ، وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِلْمُتَّقِينَ، لأَنَّهُمْ سَيَكُونُونَ خَالِدِينَ فِي الجَنَّاتِ، يَنْعَمُونَ بِرِضْوَانِ رَبِّهِمْ. وَقُلْ لَهُمْ: إِنَّهُمْ سَيُوَفَّون أَعْمَالَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً وَلَوْ قَلَّ، وَلَوْ كَانَ فَتِيلاً. (وَقِيلَ إنَّ هَذِهِ الآيَةَ تَتَعَلَّقُ بِالأَنْصَارِ مِنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، الذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ دَائِمٌ قَبْلَ الإِسْلامِ، فَلَمَّا دَخَلُوا الإِسْلامَ أَلَّفَ اللهُ بَيْنَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِكَفِّ أَيْدِيهِمْ عَنِ القِتَالِ وَالعُدْوَانِ، وَطَلَبَ إلَيْهِمْ إِقَامَةَ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ لِتَصْفُوَ نُفُوسُهُمْ، إلى أن اشْتَدَّتِ الحَاجَةُ إلى القِتَالِ لِدَفْعِ الأَذَى عَنِ المُسْلِمِينَ، فَفَرَضَ اللهُ القِتَالَ، فَكَرِهَهُ المُنَافِقُونَ وَالضُّعَفَاءُ). الفَتِيلُ- خَيْطٌ رَفِيعُ فِي بَاطِنِ نَوَاةِ التَّمْرِ.

{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78)} {فَمَالِ هؤلاء} (78)- يَخْبِرُ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ بِأَنَّهُمْ صَائِرُونَ إلى المَوْتِ لا مَحَالَةَ، وَلا يَنْجُو مِنْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلَوْ كَانُوا مُقِيمِينَ فِي حُصُونٍ مَبْنِيَّةٍ، قَوِيَّةِ البُنْيَانِ وَالتَّحْصِينِ وَلِلنَّاسِ أَجَلٌ مَحْتُومٌ، وَوَقْتٌ مَعْلُومٌ، لا يَتَقَدَّمُونَ عَنْهُ وَلا يَتَأَخَّرُونَ، سَواءٌ أَجَاهَدُوا وَتَعَرَّضُوا لِمَخَاطِرَ الحُرُوبِ، أَوْ قَعَدُوا فِي بُيُوتِهِمْ، فَلا يُقَدِّمُ الجِهَادَ أَجَلاً. وَلا يُؤَخِّرُ القُعُودُ أَجَلاً فَلِمَاذَا يَكْرَهُونَ القِتَالَ، وَيَجْبُنُونَ وَيَتَمَّنْونَ البَقَاءَ، أَلَيْسَ هَذَا بِضَعْفٍ فِي العَقْلِ وَالدِّينِ؟ ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى شَأناً آخَرَ مِنْ شُؤُونِهِمْ فِيهِ دَلالَةٌ عَلى الحَمَقِ وَضَعْفِ الإِدْرَاكِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ إذَا أَصَابَتْهُمْ سَنَةُ خَيرٍ وَخِصْبٍ وَرِزْقٍ كَثِيرٍ، وَكَثْرَةِ أَمْوالٍ وَأَوْلادٍ.. قَالُوا: هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَهُوَ الذِي أَكْرَمَهُمْ بِها، لأنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ مِنْهُ. وَإذَا أَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَدْبٌ وَنَقْصٌ فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ أَو مَوْتِ أَوْلادٍ قَالُوا: هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ، وَبِسَبَبِ اتِّبَاعِنَا لَكَ، وَإيمَانِنَا بِمَا أتَيْتَنَا بِهِ، وَتَرْكِنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيهِ آبَاءَنَا. فَقُلْ لَهُمْ: كُلُّ مَا يُصِيبُ النَّاسَ، مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍ، هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَبِتَقْدِيرِهِ، اخْتِبَاراً وَابْتِلاءً، فَمَا لِهَؤُلاءِ القَائِلِينَ وَكَأَنَّهُمْ لا يَفْهَمُونَ مَا يَقُولُونَ، وَلا مَا يُقَالُ لَهُمْ؟ بُرُوجٍ- حُصُونٍ وَقِلاعٍ أوْ قُصُورِ. مُشَيَّدَةِ- مُحْكَمَةِ البِنَاءِ.

{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)} {وَأَرْسَلْنَاكَ} (79)- يُخَاطِبُ اللهُ تَعَالَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَيَقْصُدُ بِالخِطَابِ مَنْ أُرْسِلَ النَّبِيُّ إلَيْهِم، فَيَقُولُ: مَا أَصَابَكَ يا ابْنَ آدَمَ، مِنْ خَيْرٍ وَحَسَنَةٍ، فَهُوَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيكَ، فَهُوَ الذِي سَخَرَ لَكَ المَنَافِعَ التِي تَتَمَتَّعُ بِهَا، وَتحَسُنُ لَدَيْكَ. وَكُلَّمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَهُوَ مِنْ نَفْسِكَ، فَإنَّكَ بِمَا أُوتِيتَ مِنْ قُدْرَةٍ عَلى العَمَلِ وَالاخْتِيَّارِ، فِي دَرْءِ المَفَاسِدِ، وَجَلَبِ المَنَافِعِ، وَتَرْجِيحِ بَعْضِ المَقَاصِدِ عَلى بَعْضِ... قَدْ تُخْطئُ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَسُوؤُكَ، وَمَا يَنْفَعُكَ، لأنَّكَ لا تَضْبُطُ إرَادَتَكَ وَهَوَاكَ، وَلا تُحِيطُ بِالسُّنَّنِ وَالأَسْبَابِ، فَأَنْتَ تُرَجِّحُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، إمَّا بِالهَوَى، وإمَّا قَبْلَ أنْ تُحِيطَ خَبَراً بِمَعْرِفَةِ النَّافِعِ والضَّارِّ، فَتَقَعُ فِيمَا يَسُوءُ. وَقَدْ أَرْسَلَكَ رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ للنَّاسِ لِتُبْلِغَهُمْ شَرَائِعَ رَبِّهِمْ، وَأَوَامِرَهُ، وَنَوَاهِيَهُ، وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، وَهَوُ عَالِمٌ بِمَا تُبْلِغُهُمْ إيَّاهُ، وَبِمَا يَرُدُّونَ عَلَيْكَ بِهِ.