{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42)} {لِلسُّحْتِ} الرشوة، أو رشوة الحكم، أو الاستعجال على المعاصي، أو ما فيه العار من الأثمان المحرمة كثمن الكلب والخنزير والخمر وعَسْب الفحل وحلوان الكاهن. والسحت من الاستئصال، لأنه يستأصل الدين والمررءة. {فَإِن جَآءُوكَ} اليهوديان الزانيان، خُيّر الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن يحكم بينهما بالرجم، أو يدع، أو قرظي ونضيري قتل أحدهما الآخر فخير في الحكم بينهما بالقود والتخيير محكم، أو منسوخ بقوله تعالى: {وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ الله} [المائدة: 49] قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. |
{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43)} {فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} بالرجم، أو بالقَوَد. {مِن بَعْدِ ذَلِكَ} بعد حكم التوراة، أو بعد حكمك. {وَمَآ أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} في تحكيمك أنه من عند الله تعالى مع جحدهم نبوتك، أو في توليهم عن حكم الله غير راضين به. |
{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} {هُدىً} دليل. {وَنُورٌ} بيان. {النَّبِيُّونَ} جماعة أنبياء منهم محمد، أو محمد وحده صلى الله عليه وسلم وإن ذكر بلفظ الجمع، والذي حكم به رجم الزاني، أو القود، أو الحكم بكل ما فيها ما لم يرد نسخ، أو تخصيص. {لِلَّذِينَ هَادُواْ} اللام بمعنى «على» وفي الحكم بها على غير اليهود خلاف. {وَالأَحْبَارُ} العلماء واحدهم، «حبر» بالكسر والفتح من التحبير وهو التحسين، لأن العالم يحسن الحسن، ويقبح القبيح، أو يحسن العلم. {اسْتُحْفِظُواْ} استودعوا، أو حفظوا. {وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ} على حكم النبيّ صلى الله عليه وسلم في التوراة. فلا تخشوهم في كتمان ما أُنزلت أو في الحكم به. {ثَمَناً قَلِيلاً} أجراً على كتمانها، أو أجراً على تعليمها. {وَمَن لَّمْ يَحْكُم} نزلت والآيتان التي بعدها في اليهود دون المسلمين، أو نزلت في أهل الكتاب، وهي عامة في سائر الناس، أو أراد بالكافرين المسلمين، وبالظالمين: اليهود، وبالفاسقين: النصارى، أو من لم يحكم به جاحداً كفر، وإن كان غير جاحد ظلم وفسق. |
{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)} {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} نزلت في القرظي والنضيري قتل أحدهما الآخر. {كَفَّارَةٌ} للمجروح، قال الرسول صلى الله عليه وسلم «من جرح في جسده جراحة فتصدّق بها كفّر عنه من ذنوبه بمثل ما تصدّق به» أو للجارح لقيامه مقام أخذ الحق، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. |