Loading...
السورة
الأية
الجزء

الحزب رقم 19
الربع رقم 4
quran-border  ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم يا ايها الذين امنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وان خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ان شاء ان الله عليم حكيم قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بافواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله انى يؤفكون اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون
Page Number

1

9:25

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)} أخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد عامي هذا أبداً إلا أهل العهد وخدمكم». وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه في قوله: {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} إلا أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الذمة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إنما المشركون نجس} أي أخباث {فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} وهو العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه. نادى علي رضي الله عنه بالأذان، وذلك لتسع سنين من الهجرة، وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام المقبل حجة الوداع لم يحج قبلها ولا بعدها منذ هاجر، فلما نفى الله تعالى المشركين عن المسجد الحرام شق ذلك على المسلمين، فأنزل الله: {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله} فأغناهم الله تعالى بهذا الخراج: الجزية الجارية عليهم يأخذونها شهراً شهراً وعاماً عاماً، فليس لأحد من المشركين أن يقرب المسجد الحرام بعد عامهم ذلك إلا صاحب الجزية أو عبد رجل من المسلمين. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المشركون يجيئون إلى البيت ويجيئون معهم بالطعام يَتَّجِرون فيه، فلما نهوا عن أن يأتوا البيت قال المسلمون: فمن أين لنا الطعام؟ فأنزل الله: {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} قال: فأنزل الله عليهم المطر وكثر خيرهم حين ذهب المشركون عنهم. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: لما نزلت {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} شق على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: من يأتينا بطعامنا وبالمتاع؟ فنزلت {وإن خفتم عيلة...} الآية. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نفى الله تعالى إلى المشركين عن المسجد الحرام ألقى الشيطان في قلوب المؤمنين فقال: من أين تأكلون وقد نفى المشركون وانقطعت عنكم العير؟ قال الله تعالى {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} فأمرهم بقتال أهل الكفر وأغناهم من فضله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال: قال المؤمنون: قد كنا نصيب من متاجر المشركين. فوعدهم الله تعالى أن يغنيهم من فضله عوضاً لهم بأن لا يقربوا المسجد الحرام، فهذه الآية من أول براءة في القراءة وفي آخرها التأويل. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال: لا يدخل الحرم كله مشرك، وتلا هذه الآية. وأخرج عبد الرزاق والنحاس في ناسخه عن عطاء رضي الله عنه في قوله: {فلا يقربوا المسجد الحرام} قال: يريد الحرم كله. وفي لفظ: لا يدخل الحرم كله مشرك. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {وإن خفتم عيلة} قال: الفاقة. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {فسوف يغنيكم الله من فضله} قال: أغناهم الله تعالى بالجزية الجارية. وأخرج أبو الشيخ عن الأوزاعي رضي الله عنه قال: كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن يمنع أن يدخل اليهود والنصارى المساجد، وأتبع نهيه {إنما المشركون نجس}. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه {إنما المشركون نجس} فمن صافحهم فليتوضأ. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صافح مشركاً فليتوضأ، أو ليغسل كفيه». وأخرج ابن مردويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده قال: «استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام، فناوله يده فأبى أن يتناولها فقال: يا جبريل ما منعك أن تأخذ بيدي؟! فقال: إنك أخذت بيد يهودي فكرهت أن تمس يدي يداً قد مستها يد كافر، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ، فناوله يده فتناولها». وأخرج ابن مردويه وسمويه في فوائده عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا، ومن كان بينه وبين رسول صلى الله عليه وسلم أجل فأجله مدته». وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: لا يدخل المسجد الحرام مشرك، ولا يؤدي مسلم جزية». وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عمر بن العزيز قال: آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قال: «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا يبقى بأرض العرب دينان». وأخرج عبد الرزاق عن ابن جريج رضي الله عنه قال: «بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى عند موته بأن لا يترك يهودي ولا نصراني بأرض الحجاز، وأن يمضي جيش أسامة إلى الشام، وأوصى بالقبط خيراً فإن لهم قرابة». وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه قال: اخرجوا المشركين من جزيرة العرب. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال: إن آخر كلام تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: «اخرجوا اليهود من أرض الحجاز، وأهل نجران من جزيرة العرب». وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيت لأخرجن المشركين من جزيرة العرب، فلما ولي عمر رضي الله عنه أخرجهم».

{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)} أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أنزل الله تعالى في العام الذي نبذ فيه أبو بكر رضي الله عنه إلى المشركين {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس} فكان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع بها المسلمون، فلما حرم الله تعالى على المشركين أن يقربوا المسجد الحرام وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عنهم من التجارة التي كان المشركون يوافون بها، فأنزل الله تعالى {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} فأجل في الآية الأخرى التي تتبعها الجزية، ولم تكن تؤخذ قبل ذلك فجعلها عوضاً مما منعهم من موافاة المشركين بتجاراتهم، فقال: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} إلى قوله: {صاغرون} فلما أحق ذلك للمسلمين عرفوا أنه قد عوضهم أفضل ما كانوا وجدوا عليه مما كان المشركون يوافون به من التجارة. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القتال قتالان: قتال المشركين حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، وقتال الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله فإذا فاءت أعطيت العدل». وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله...} الآية. قال: نزلت هذه حين أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه بغزوة تبوك. وأخرج ابن المنذر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال: أنزلت في كفار قريش والعرب {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} [ البقرة: 193] وأنزلت في أهل الكتاب {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} إلى قوله: {حتى يعطوا الجزية} فكان أول من أعطى الجزية أهل نجران. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجزية عن يد قال «جزية الأرض والرقبة، جزية الأرض والرقبة». وأخرج النحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} قال: نسخ بهذا العفو عن المشركين. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال من يليه من العرب أمره بجهاد أهل الكتاب. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} يعني الذين لا يصدقون بتوحيد الله {ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله} يعني الخمر والخنزير {ولا يدينون دين الحق} يعني دين الإِسلام {من الذين أوتوا الكتاب} يعني من اليهود والنصارى أوتوا الكتاب من قبل المسلمين أمة محمد صلى الله عليه وسلم {حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} يعني يذلون. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {عن يد} قال: عن قهر. وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه في قوله: {عن يد} قال: من يده ولا يبعث بها مع غيره. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سنان رضي الله عنه في قوله: {عن يد} قال: عن قدرة. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {عن يد وهم صاغرون} قال: ولا يلكزون. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه في قوله: {وهم صاغرون} قال: غير محمودين. وأخرج ابن أبي حاتم عن المغيرة رضي الله عنه. أنه بعث إلى رستم فقال له رستم: إلام تدعو؟ فقال له: أدعوك إلى الإِسلام، فأن أسلمت فلك ما لنا وعليك ما علينا. قال: فإن أبيت؟ قال: فتعطي الجزية عن يد وأنت صاغر. فقال: لترجمانه: قل له ما إعطاء الجزية فقد عرفتها فما قولك وأنت صاغر؟ قال: تعطيها وأنت قائم وأنا جالس والسوط على رأسك. وأخرج أبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه أنه قال لأهل حصن حاصرهم الإِسلام: أو الجزية وأنتم صاغرون قالوا: وما الجزية؟ قال: نأخذ منكم الدراهم والتراب على رؤوسكم. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن سلمان رضي الله عنه. أنه انتهى إلى حصن فقال: إن أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أنتم أبيتم فأدوا الجزية وأنتم صاغرون، فإن أبيتم فأنبذناكم على سواء إن الله لا يحب الخائنين. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: أحب لأهل الذمة أن يتعبوا في أداء الجزية لقول الله تعالى {حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون}. وأخرج ابن أبي شيبة عن مسروق رضي الله عنه قال: «لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً أو عدله معافر». وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس أهل هجر، ومن يهود اليمن ونصاراهم من كل حالم دينار. وأخرج ابن أبي شيبة عن بجالة قال: لم يأخذ عمر رضي الله عنه الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر. وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن بن محمد بن علي رضي الله عنهم قال: «كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإِسلام، فمن أسلم قبل منه ومن أبى ضربت عليهم الجزية، حتى أن لا تؤكل لهم ذبيحة ولا ينكح منهم امرأة». وأخرج مالك والشافعي وأبو عبيد في كتاب الأموال وابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه. أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار الناس في المجوس في الجزية فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «سنوا بهم سنة أهل الكتاب». وأخرج ابن المنذر عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: لولا أني رأيت أصحابي أخذوا من المجوس ما أخذت منهم، وتلا {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} الآية. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. أنه سئل عن أخذ الجزية من المجوس؟ فقال: والله ما على الأرض أحد أعلم بذلك مني إن المجوس كانوا أهل كتاب يعرفونه وعلم يدرسونه، فشرب أميرهم الخمر فسكر فوقع على أخته، فرآه نفر من المسلمين فلما أصبح قالت أخته: إنك قد صنعت بي كذا وكذا وقد رآك نفر لا يسترون عليك. فدعا أهل الطمع فأعطاهم ثم قال لهم: قد علمتم أن آدم عليه السلام قد أنكح بنيه بناته، فجاء أولئك الذين رأوه فقالوا: ويل للأبعد إن في ظهرك حد الله فقتلهم أولئك الذين كانوا عنده، ثم جاءت امرأة فقالت له: بلى قد رأيتك لها: ويحاً لبغي بني فلان... ! قالت: أجل، والله لقد كانت بغية ثم تابت فقتلها، ثم أسرى على ما في قلوبهم وعلى كتبهم فلم يصبح عندهم شيء. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال: قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذه الجزيرة من العرب على الإِسلام لم يقبل منهم غيره، وكان أفضل الجهاد، وكان بعد جهاد آخر على هذه الأمة في شأن أهل الكتاب {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله...} الآية. وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في سننه عن مجاهد رضي الله قال: يقاتل أهل الأوثان على الإِسلام، ويقاتل أهل الكتاب على الجزية. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا ومنهم من لا يحل لنا، وتلا {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه، ولفظ ابن مردويه: لا يحل نكاح أهل الكتاب إذا كانوا حرباً، ثم تلا هذه الآية. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال له: آخذ الأرض فأتقبلها أرضا خربة فأعمرها وأؤدي خراجها فنهاه ثم قال: لا تعمدوا إلى ما ولاه الله هذا الكافر فتخلعه من عنقه وتجعله في عنقك، ثم تلا {قاتلوا الذين لا يؤمنون} إلى {صاغرون}.

{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)} أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم، ونعمان بن أوفى، وأبو أنس، وشاس بن قيس، ومالك بن الصيف، فقالوا: كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزيراً ابن الله؟ وإنما قالوا: هو ابن الله من أجل أن عزيراً كان في أهل الكتاب، وكانت التوراة عندهم يعلمون بها ما شاء الله تعالى أن يعلموا، ثم أضاعوها وعملوا بغير الحق، وكان التابوت فيهم فلما رأى الله تعالى أنهم قد أضاعوا التوراة وعملوا بالأهواء رفع الله عنهم التابوت، وأنساهم التوراة، ونسخها من صدورهم، وأرسل عليهم مرضاً فاستطلقت بطونهم منهم حتى جعل الرجل يمشي كبده حتى نسوا التوراة ونسخت من صدورهم، وفيهم عزير كان من علمائهم فدعا عزير الله عز وجل وابتهل إليه أن يرد إليه الذي نسخ من صدره، فبينما هو يصلي مبتهلاً إلى الله تعالى نزل نور من الله فدخل جوفه، فعاد إليه الذي كان ذهب من جوفه من التوراة، فأذن في قومه فقال: يا قوم قد آتاني الله التوراة ردها إليّ، فعلق يعلمهم فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا وهو يعلمهم، ثم إن التابوت نزل عليهم بعد ذلك وبعد ذهابه منهم، فلما رأوا التابوت عرضوا ما كانوا فيه على الذي كان عزير يعلمهم فوجدوه مثله، فقالوا: والله ما أوتي عزير هذا إلا أنه ابن الله. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {وقالت اليهود عزير ابن الله} قال: قالها رجل واحد اسمه فنحاص. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كن نساء بني إسرائيل يجتمعن بالليل فيصلين ويعتزلن ويذكرن ما فضل الله تعالى به على بني إسرائيل وما أعطاهم، ثم سلط عليهم شر خلقه بختنصر فحرق التوراة وخرب بيت المقدس، وعزير يومئذ غلام فقال عزير: أو كان هذا؟! فلحق الجبال والوحش فجعل يتعبد فيها، وجعل لا يخالط الناس، فإذا هو ذات يوم بامرأة عند قبر وهي تبكي فقال: يا أمة الله اتقي الله واحتسبي واصبري، أما تعلمين أن سبيل الناس إلى الموت؟! فقالت: يا عزير اتنهاني أن أبكي وأنت خلفت بني إسرائيل ولحقت بالجبال والوحش؟ قالت: إني لست بامرأة ولكني الدنيا، وأنه سينبع في مصلاك عين وتنبت شجرة، فاشرب من العين وكل من ثمرة الشجرة، فإنه سيأتيك ملكان فاتركهما يصنعان ما أرادا. فلما كان من الغد نبعت العين ونبتت الشجرة فشرب من ماء العين وأكل من ثمرة الشجرة، وجاء ملكان ومعهما قارورة فيها نور فأوجراه ما فيها، فألهمه الله التوراة فجاء فأملاه على الناس، فقالوا عند ذلك: عزير بن الله، تعإلى الله عن ذلك علواً كبيراً. وأخرج أبو الشيخ عن كعب رضي الله عنه قال: دعا عزير ربه عز وجل أن يلقي التوراة كما أنزل على موسى عليه السلام في قلبه، فأنزلها الله تعالى عليه، فبعد ذلك قالوا: عزير ابن الله. وأخرج أبو الشيخ عن حميد الخراط رضي الله عنه. أن عزيراً كان يكتبها بعشرة أقلام في كل أصبع قلم. وأخرج أبو الشيخ عن الزهري رضي الله عنه قال: كان عزير يقرأ التوراة ظاهراً، وكان قد أعطي من القوة ما ان كان ينظر في شرف السحاب، فعند ذلك قالت اليهود: عزير ابن الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: إنما قالت اليهود عزير ابن الله لأنهم ظهرت عليهم العمالقة فقتلوهم وأخذوا التوراة، وهرب علماؤهم الذين بقوا فدفنوا كتب التوراة في الجبال، وكان عزير يتعبد في رؤوس الجبال لا ينزل إلا في يوم عيد، فجعل الغلام يبكي يقول: رب تركت بني إسرائيل بغير عالم؟ فلم يزل يبكيهم حتى سقط أشفار عينيه، فنزل مرة إلى العيد فلما رجع إذا هو بامرأة قد مثلت له عند قبر من تلك القبور تبكي، تقول: يا مطعماه يا كاسياه... ! فقال لها: ويحك من كان يطعمك أو يكسوك أو يسقيك قبل هذا الرجل؟! قالت: الله. قال: فإن الله حي لم يمت. قالت: يا عزير فمن كان يعلم العلماء قبل بني إسرائيل؟ قال: الله. قالت: فلم تبكي عليهم؟ فلما عرف أنه قد خصم ولى مدبراً. فدعته فقالت: يا عزير إذا أصبحت غداً فائت نهر كذا وكذا فاغتسل فيه، ثم أخرج فصل ركعتين فإنه يأتيك شيخ فما أعطاك فخذه. فلما أصبح انطلق عزير إلى ذلك النهر فاغتسل فيه ثم خرج فصلى ركعتين، فأتاه شيخ فقال: افتح فمك. ففتح فمه فألقمه فيه شيئاً كهيئة الجمرة العظيمة مجتمع كهيئة القوارير ثلاث مرات، فرجع عزير وهو من أعلم الناس بالتوراة فقال: يا بني إسرائيل إني قد جئتكم بالتوراة. فقالوا له: ما كنت كذاباً؟؟ فعمد فربط على كل أصبع له قلماً، ثم كتب بأصابعه كلها فكتب التوراة، فلما رجع العلماء أخبروا بشأن عزير، واستخرج أولئك العلماء كتبهم التي كانوا رفعوها من التوراة في الجبال، وكانت في خواب مدفونة فعرضوها بتوراة عزيز، فوجدوها مثلها فقالوا: ما أعطاك الله إلا وأنت ابنه. وأخرج ابن مردويه وابن عساكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث أشك فيهن. فلا أدري أعزير كان نبياً أم لا، ولا أدري أَلعن تبعاً أم لا، قال: ونسيت الثالثة». وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد شجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه وكسرت رباعيته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ رافعاً يديه يقول: «إن الله عز وجل اشتد غضبه على اليهود أن قالوا عزير ابن الله، واشتد غضبه على النصارى إن قالوا المسيح ابن الله، وإن الله اشتد غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي». وأخرج ابن النجار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عزير: يا رب ما علامة من صافيته من خلقك؟ فأوحى الله إليه: أن أقنعه باليسير وأدَّخر له في الآخرة الكثير. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {يضاهئون قول الذين كفروا من قبل} قال: قالوا مثل ما قال أهل الأديان. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يضاهئون قول الذين كفروا من قبل} يقول: ضاهت النصارى قول اليهود قبلهم فقالت النصارى: المسيح ابن الله. كما قالت اليهود: عزير ابن الله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {قاتلهم الله} قال: لعنهم الله، وكل شيء في القرآن قتل فهو لعن. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {قاتلهم الله} قال: كلمة من كلام العرب.

{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)} أخرج ابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في سورة براءة {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} فقال: «أما أنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه». وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن أبي البختري رضي الله عنه قال: سأل رجل حذيفة رضي الله عنه فقال: أرأيت قوله تعالى {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه. وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في شعب الإِيمان عن حذيفة رضي الله عنه {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم} قال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم أطاعوهم في معصية الله. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {اتخذوا أحبارهم} اليهود {ورهبانهم} النصارى {وما أمروا} في الكتاب الذي أتاهم وعهد إليهم {إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} سبح نفسه أن يقال عليه البهتان. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال: {أحبارهم} قراؤهم {ورهبانهم} علماؤهم. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال: الأحبار من اليهود، والرهبان من النصارى. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي. مثله. وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال: الأحبار العلماء، والرهبان العباد.